تعدد الاحتلالات في فلسطين
د. اسعد عبدالرحمن
القبة نيوز- مع أن الصراع الفلسطيني/ الإسرائيلي يحدث ضمن منطقة جغرافية صغيرة نسبياً، فإنه يحظى باهتمام سياسي وإعلامي كبير نظراً لتورط عديد الأطراف الدولية فيه، بل وغالباً ما تنخرط دول عظمى في الصراع لحساسية العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط وغنى بلدانهما من الثروات الطبيعية الكثيرة، حتى باتت قضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي القضية والأزمة المركزية في المنطقة، وبالذات ببعديها العربي والإسلامي.
الاحتلال العسكري، يتم من قبل سلطة ما على إقليم مستقل، وعندئذ يعرّف الإقليم باسم الأرض المحتلة. غير أن ما تواجهه فلسطين التاريخية تعدى مسألة الاحتلال العسكري المعتاد الذي غالبا لا يطالب بالسيادة الدائمة على الأرض المحتلة، مع اقتصار حقوق المواطنة على السلطة المسيطرة التي لا تمنح سكان الأرض المحتلة جنسيتها. ومثل هذا الاحتلال، مارسته كثير من الإمبراطوريات والدول قديما وحديثا فنجدها تحتل الأرض لنهب خيراتها ولجعلها قاعدة لأمن "المركز" الذي جاءت منه جيوشها، وطبعا مع إخضاع شعوب وأراضي البلاد المحتلة وثرواتها للاستغلال. أما الاحتلال في فلسطين فقضية أخرى، حيث هي كثيرة أنواع الاحتلالات. وتتلخص هذه الأنواع بالأنماط التالية:
1) الاحتلال العسكري المباشر. ففي 1917، احتلت القوات البريطانية فلسطين وفرضت عليها حكما كولونياليا الأمر الذي أثار الابتهاج في أوروبا إذ وقعت القدس تحت السيطرة الغربية المسيحية لأول مرة منذ تشرين أول/ أكتوبر 1187. ومنذ بداية احتلالها، أعلنت بريطانيا أن من أهدافها تحقيق "وعد بلفور"، أي فتح باب هجرة اليهود إلى فلسطين وإقامة "بيت قومي" لهم فيها، بل وتشجيعهم ودعمهم كي تؤمن السيطرة على الضفة الشرقية لقناة السويس، وتمزق العرب بزراعة كيان غريب يضمن أيضا التخلص من اليهود المنبوذين في أوروبا عموما. حينئذ، تم تأسيس وتشكيل نويات/ منظمات ما أصبح يعرف لاحقا باسم "جيش الدفاع الإسرائيلي". ومن هذه المنظمات الإرهابية في فلسطين حرس المستعمرات/ "المستوطنات" (هاشومير)، ثم في 1921 (الهاجاناه وأداتها الفاعلة – البالماخ) وتمثل الذراع العسكرية للمنظمة الصهيونية العالمية، وكذلك (الأرغون) و(شتيرن) اللتان اعتبرتهما السلطات الإنجليزية منظمات إرهابية.
2) الاحتلال الاستعماري/ "الاستيطاني" الصهيوني المتمم لسابقه وهو الأخطر لأنه هدفه غرس نفسه بعد الاستيلاء على الأرض واستغلال سكانها واقتلاعهم من أراضيهم وديارهم بالإبادة أو التهجير. وهدف هذا النوع من الاستعمار تحويل فلسطين إلى "أرض بلا شعب" ليجعلها أرضا خالصة له من دون أهلها!. وقد توسع هذا "الاحتلال" في الضفة الغربية منذ 1967، حيث يتحين المستعمرون/ "المستوطنون"، بدعم من الحكومات الإسرائيلية، الفرص لتنفيذ مخططاتهم بأيديهم، بعد أن أوجدوا لأنفسهم بنية تنظيمية "شعبية"، وتوغلوا في معظم مفاصل الدولة الصهيونية، سواء كانت تشريعية أو حكومية أو قضائية بل حتى داخل المؤسسة العسكرية/ الأمنية الإسرائيلية. وقد تفاقم خطر هؤلاء بعد أن تعمق لديهم خطاب صهيوني ديني و/ أو قومي متطرف يبرر التطهير العرقي والديني، مستغلين وجود ممثليهم في الحكومة وزيادة عددهم في الجيش، إضافة إلى ازدياد الدعم الرسمي ممثلا بالحكومة والكنيست (البرلمان الإسرائيلي).
3) الاحتلال الاقتصادي المباشر وغير المباشر، بحيث يضمن سيطرة الاحتلال على الثروات. فبحسب تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" نهاية 2019، فإن "هذا الاحتلال حرم الفلسطينيين من استغلال موارد النفط والغاز في قطاع غزة والضفة الغربية. كما حرم الفلسطينيين من مليارات الدولارات، وفرص إنمائية.. هذه الخسائر ستزداد وسيتواصل ارتفاع التكاليف الاقتصادية للاحتلال على الاقتصاد الفلسطيني". كذلك، اغتصب الاحتلال الإسرائيلي مناحي الحياة ووسائلها، وأهمها المياه، فسيطر على مصادرها وحرم الفلسطينيين منها، وحارب المزارع الفلسطيني سواء في فلسطين 1948 أو في الضفة أو القطاع. وكل ذلك بهدف إلغاء الوجود الفلسطيني المرتبط أساسا بالأرض.
4) الاحتلال الثقافي ويهدف الى نهب ومسح تاريخ فلسطين، بل وذاكرة الفلسطيني المعتز بتاريخه ولغته وثقافته العربية. وتدرك الدولة الصهيونية جيدا بأنه ما لم يتم مسح هذه الذاكرة الحية، لن تتمكن يوما من الوصول الى غايتها بإلغاء الهوية العربية ـ الإسلامية للشعب الفلسطيني. ومن هنا تظهر خطورة "قانون القومية" الذي ينقل الحال من وضع عنصري "بالواقع" المعاش إلى حالة تكريس وتشريع "الواقع" العنصري، وبذلك يصبح الفلسطيني داخل أرضه غريبا لاجئا في محاولة نسف وجوده السياسي والثقافي كحقيقة قديمة/ جديدة على الأرض الفلسطينية التاريخية.
فلسطين التاريخية، كانت شاهدا على الوجود البشري والحضاري الفلسطيني المفعم بالحياة، وهذا ما ينقض الفكرة الصهيونية: "أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض"!!! ولذلك، يمارس الاحتلال العسكري/ و"الاستيطاني" سياسة التطهير العرقي حيث تتواصل حتى اليوم عبر عملية تطهير عرقي غير تقليدية ذات نفس طويل جوهره التوسع الاستعماري على الأرض وحتى لو أدى هذا التوسع إلى الإبادة، فالغاية الصهيونية هدفها احتلال وطن الشعب الفلسطيني، ليحل محلهم يهود الحركة الصهيونية بمختلف أطيافها.
الاحتلال العسكري، يتم من قبل سلطة ما على إقليم مستقل، وعندئذ يعرّف الإقليم باسم الأرض المحتلة. غير أن ما تواجهه فلسطين التاريخية تعدى مسألة الاحتلال العسكري المعتاد الذي غالبا لا يطالب بالسيادة الدائمة على الأرض المحتلة، مع اقتصار حقوق المواطنة على السلطة المسيطرة التي لا تمنح سكان الأرض المحتلة جنسيتها. ومثل هذا الاحتلال، مارسته كثير من الإمبراطوريات والدول قديما وحديثا فنجدها تحتل الأرض لنهب خيراتها ولجعلها قاعدة لأمن "المركز" الذي جاءت منه جيوشها، وطبعا مع إخضاع شعوب وأراضي البلاد المحتلة وثرواتها للاستغلال. أما الاحتلال في فلسطين فقضية أخرى، حيث هي كثيرة أنواع الاحتلالات. وتتلخص هذه الأنواع بالأنماط التالية:
1) الاحتلال العسكري المباشر. ففي 1917، احتلت القوات البريطانية فلسطين وفرضت عليها حكما كولونياليا الأمر الذي أثار الابتهاج في أوروبا إذ وقعت القدس تحت السيطرة الغربية المسيحية لأول مرة منذ تشرين أول/ أكتوبر 1187. ومنذ بداية احتلالها، أعلنت بريطانيا أن من أهدافها تحقيق "وعد بلفور"، أي فتح باب هجرة اليهود إلى فلسطين وإقامة "بيت قومي" لهم فيها، بل وتشجيعهم ودعمهم كي تؤمن السيطرة على الضفة الشرقية لقناة السويس، وتمزق العرب بزراعة كيان غريب يضمن أيضا التخلص من اليهود المنبوذين في أوروبا عموما. حينئذ، تم تأسيس وتشكيل نويات/ منظمات ما أصبح يعرف لاحقا باسم "جيش الدفاع الإسرائيلي". ومن هذه المنظمات الإرهابية في فلسطين حرس المستعمرات/ "المستوطنات" (هاشومير)، ثم في 1921 (الهاجاناه وأداتها الفاعلة – البالماخ) وتمثل الذراع العسكرية للمنظمة الصهيونية العالمية، وكذلك (الأرغون) و(شتيرن) اللتان اعتبرتهما السلطات الإنجليزية منظمات إرهابية.
2) الاحتلال الاستعماري/ "الاستيطاني" الصهيوني المتمم لسابقه وهو الأخطر لأنه هدفه غرس نفسه بعد الاستيلاء على الأرض واستغلال سكانها واقتلاعهم من أراضيهم وديارهم بالإبادة أو التهجير. وهدف هذا النوع من الاستعمار تحويل فلسطين إلى "أرض بلا شعب" ليجعلها أرضا خالصة له من دون أهلها!. وقد توسع هذا "الاحتلال" في الضفة الغربية منذ 1967، حيث يتحين المستعمرون/ "المستوطنون"، بدعم من الحكومات الإسرائيلية، الفرص لتنفيذ مخططاتهم بأيديهم، بعد أن أوجدوا لأنفسهم بنية تنظيمية "شعبية"، وتوغلوا في معظم مفاصل الدولة الصهيونية، سواء كانت تشريعية أو حكومية أو قضائية بل حتى داخل المؤسسة العسكرية/ الأمنية الإسرائيلية. وقد تفاقم خطر هؤلاء بعد أن تعمق لديهم خطاب صهيوني ديني و/ أو قومي متطرف يبرر التطهير العرقي والديني، مستغلين وجود ممثليهم في الحكومة وزيادة عددهم في الجيش، إضافة إلى ازدياد الدعم الرسمي ممثلا بالحكومة والكنيست (البرلمان الإسرائيلي).
3) الاحتلال الاقتصادي المباشر وغير المباشر، بحيث يضمن سيطرة الاحتلال على الثروات. فبحسب تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد" نهاية 2019، فإن "هذا الاحتلال حرم الفلسطينيين من استغلال موارد النفط والغاز في قطاع غزة والضفة الغربية. كما حرم الفلسطينيين من مليارات الدولارات، وفرص إنمائية.. هذه الخسائر ستزداد وسيتواصل ارتفاع التكاليف الاقتصادية للاحتلال على الاقتصاد الفلسطيني". كذلك، اغتصب الاحتلال الإسرائيلي مناحي الحياة ووسائلها، وأهمها المياه، فسيطر على مصادرها وحرم الفلسطينيين منها، وحارب المزارع الفلسطيني سواء في فلسطين 1948 أو في الضفة أو القطاع. وكل ذلك بهدف إلغاء الوجود الفلسطيني المرتبط أساسا بالأرض.
4) الاحتلال الثقافي ويهدف الى نهب ومسح تاريخ فلسطين، بل وذاكرة الفلسطيني المعتز بتاريخه ولغته وثقافته العربية. وتدرك الدولة الصهيونية جيدا بأنه ما لم يتم مسح هذه الذاكرة الحية، لن تتمكن يوما من الوصول الى غايتها بإلغاء الهوية العربية ـ الإسلامية للشعب الفلسطيني. ومن هنا تظهر خطورة "قانون القومية" الذي ينقل الحال من وضع عنصري "بالواقع" المعاش إلى حالة تكريس وتشريع "الواقع" العنصري، وبذلك يصبح الفلسطيني داخل أرضه غريبا لاجئا في محاولة نسف وجوده السياسي والثقافي كحقيقة قديمة/ جديدة على الأرض الفلسطينية التاريخية.
فلسطين التاريخية، كانت شاهدا على الوجود البشري والحضاري الفلسطيني المفعم بالحياة، وهذا ما ينقض الفكرة الصهيونية: "أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض"!!! ولذلك، يمارس الاحتلال العسكري/ و"الاستيطاني" سياسة التطهير العرقي حيث تتواصل حتى اليوم عبر عملية تطهير عرقي غير تقليدية ذات نفس طويل جوهره التوسع الاستعماري على الأرض وحتى لو أدى هذا التوسع إلى الإبادة، فالغاية الصهيونية هدفها احتلال وطن الشعب الفلسطيني، ليحل محلهم يهود الحركة الصهيونية بمختلف أطيافها.