الخصاونة يكتب: لا للتلقين ونعم لتعزيز التفكير الناقد
د.انيس الخصاونة
القبة نيوز-تخضع المناهج المدرسية في المملكة لعملية مراجعات وتعديلات متكررة أثارت جدلا واسع ،حيث يرى بعض المؤيدين لهذه المراجعات والتعديلات خطوات ضرورية وهامة في طريق تجويد العملية التعليمية ،وتحسين مخرجات المدارس والجامعات على اعتبار أن أبرز مدخلات الجامعات هم طلبة المدارس ومستوياتهم التعليمية.من جانب آخر ينظر بعض المعارضين لتعديلات المناهج بعين من الشك والريبة ويتهمون الحكومة بأنها تريد إفراغ المناهج والكتب المدرسية من بعض القيم الإسلامية التي تعظم من مقاصد الشريعة وتعاليم السنة النبوية الداعية إلى الذود عن حمى الإسلام والمسلمين ومقارعة أعداء الأمة.
ويذهب فريق المشككين بتطوير المناهج إلى اتهام وزارة التربية والتعليم وفريق الخبراء الذي يتولى هذه المهمة من خلال المجلس الأعلى للمركز الوطني لتطوير المناهج يتهمهم بمحاولة إسقاط اتجاهات علمانية على المناهج المدرسية ،وحذف سير كثير من الرموز الوطنية من الكتب المدرسية.
هنا ينبغي الإشارة إلى أن تطوير المناهج والكتب المدرسية والجامعية هي عملية مستمرة وضرورية لتتجاوب مع مجمل المستجدات البيئية والمعلوماتية والعلمية وحتى السياسية.وبالتالي فنحن لسنا دوما بحاجة للدفاع عن الذات عندما يتعلق الأمر بسعينا لتطوير المناهج خصوصا وأن جودة مخرجات مدارسنا وجامعاتنا ما زالت دون مستوى مخرجات أنظمة تربوية وجامعية في العالم المتقدم وحسبنا هنا أن نشير لضحالة الإبداعات وتدني مستويات الابتكار لدى خريجوا أنظمتنا التعليمية مدرسية كانت أو جامعية. مساهماتنا في الإبداعات والاكتشافات العالمية لا تذكر في حين أن دولا تتشابه مع وضع الأردن من حيث عدد السكان وندرة الموارد الطبيعية تحقق أرقام قياسية في الإبداع والابتكار والاختراعات والتقدم في شتى المناحي الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والصحية.
قضية إفراغ المناهج من القيم الإسلامية المنبثقة من القرآن الكريم والسنة النبوية لا تسهم في تطوير مخرجات المدارس والجامعات،لا بل فإن إدراج كثير من القيم الإسلامية يمكن أن تسهم في تهذيب الأخلاق ومقاومة المخدرات وبث روح التسامح وقبول الآخر. لكن من جانب آخر فإن التعليم عن طريق الحفظ والتلقين والتذكر يدمر العملية التعليمية برمتها ويخرج أجيال تفتقر إلى إعمال العقل ،واستخدام مهارات التحليل والتفكير الناقد والقياس والاستنباط وحل المشكلات(Critical Thinking and Problem Solving) ،وهذه المهارات كلها تشكل مصدر الإلهام والحفز والتعزيز للتجديد والابتكار.
مدارسنا وجامعاتنا ما زالت للأسف الشديد تغض الطرف عن استخدام الحفظ التلقين كوسيلة تعليمية وما بيع الكراسات في الجامعات والمدارس، وما بيع أسئلة الامتحانات المكررة في المكتبات في الشوارع المحاذية للمدارس والجامعات،وما الطريقة الاستبدادية التي يتم بها عرض وشرح المواد التعليمة في قاعات المدارس والجامعات، والتعامل مع النصوص والأفكار وكأنها نصوص قرآنية مقدسة غير قابلة للنقد ،كل ذلك يسهم في إضعاف المنتج الإبداعي للطلبة وإحباط ميولهم للتفكير خارج النصوص، كما ويضعف من قدراتهم على التعامل مع المواقف التي تخرج عن النصوص التي تعلموها.
التلقين آفة مجتمعية وهي عدو التعليم وعدو الإبداع وعدو للتفكير الإنساني الحر، ونعتقد أن التعامل مع هذه الآفة وتخفيف حجمها وانتشارها في التعليم المدرسي والجامعي لا يتم عن طريق تعديل المناهج فقط ،وإنما يستلزم ذلك جهدا وطنيا يتم من خلاله تدريب المدرسين على استخدام أساليب أكثر ديمقراطية لتنمي مهارات التحليل والتفكير الناقد، كما تعمل على احترام عقول الطلبة وقدراتهم ،وتتيح للمتعلمين أن يكونوا مشاركين لا متلقين،تفاعليين لا سلبيين، وتتيح أيضا لهم مساحات للاختلاف مع طروحات معلميهم ومع الأفكار والمعلومات المتداولة.
ولعلني هنا أشير إلى أنه أي جهد لتعديل المناهج وجعلها مصدر للإبداع ومشجعا للابتكار والتفكير الناقد يقتضي بالضرورة إعادة النظر بأساليب الاختبارات ونوعية الأسئلة المستخدمة لقياس القدرات والمهارات الذهنية للطلبة.كثير من أسئلة الاختبارات في المدارس والجامعات أسئلة مباشرة تنمي التلقين ،وتركز على التذكر واجترار المعلومات، وقلما تجد أسئلة تتيح قياس قدرة المتعلم على التفكير وإبداء الرأي والتحليل وحل المشكلات.وعليه فإن تحقيق تحصيل عالي في المدارس والجامعات يشكل مؤشرا على الحفظ والتذكر وليس على التفكير والتحليل . بعض الطلبة عندما يصدف أن يسأل في امتحان عن رأيه في عبارة أو مشكلة أو موقف افتراضي يلجأ للمحاججة بأنه لم يدرس هذا في الكتاب أو أن يحجم عن إبداء رأيه بالموافقة أو عدمها لمضمون الموقف الافتراضي.
أخيرا فإن نظام واسلوب التصحيح والعلامات في مؤسساتنا التعليمية ينبغي أن يتغير ،حيث أن هذا النظام يعزز التلقين ويكافئ الطلبة الأكثر حفظا وتلقينا واجترارا للمعلومات حتى لو كانت خاطئة.المعلم يعطي المعلومات ويجري الامتحان ويصحح في ضوء مدى انسجام المعلومات الراجعة مع تلك التي لقنها للطلبة ،وعليه فإن الطالب الأكثر تلقينا وحفظا هو الأكثر تحصيلا والأكثر فرصة في نيل بعثة أو وظيفة أو درجة.ندعو خبراء القياس والتقويم في كليات التربية في الجامعات الأردنية وفي مقدمتهم الدكتور تيسير النعيمي وزير التربية والتعليم للتفكير في وسائل جديدة أو تعديل وسائل القياس والتقويم في مدارسنا وجامعاتنا لتكون معززة وصديقة للتفكير الناقد ولإبداع وعدوة للحفظ والتلقين.
أخيرا فإننا نشد على أيدي الخبراء والإداريين و العاملين في مركز تطوير المناهج للجهد الذي يبذلونه ،وندعو وزارة التربية وإدارة المركز الوطني لتطوير المناهج ممثلة بالدكتور عزمي محافظة لعدم فسح المجال للاتجاهات العلمانية المتحررة لدى بعض أعضاء واستشاريي فريق خبراء المناهج أن تترك انعكاساتها على مضمون مناهج طلبتنا فهل من مدكر.......
ويذهب فريق المشككين بتطوير المناهج إلى اتهام وزارة التربية والتعليم وفريق الخبراء الذي يتولى هذه المهمة من خلال المجلس الأعلى للمركز الوطني لتطوير المناهج يتهمهم بمحاولة إسقاط اتجاهات علمانية على المناهج المدرسية ،وحذف سير كثير من الرموز الوطنية من الكتب المدرسية.
هنا ينبغي الإشارة إلى أن تطوير المناهج والكتب المدرسية والجامعية هي عملية مستمرة وضرورية لتتجاوب مع مجمل المستجدات البيئية والمعلوماتية والعلمية وحتى السياسية.وبالتالي فنحن لسنا دوما بحاجة للدفاع عن الذات عندما يتعلق الأمر بسعينا لتطوير المناهج خصوصا وأن جودة مخرجات مدارسنا وجامعاتنا ما زالت دون مستوى مخرجات أنظمة تربوية وجامعية في العالم المتقدم وحسبنا هنا أن نشير لضحالة الإبداعات وتدني مستويات الابتكار لدى خريجوا أنظمتنا التعليمية مدرسية كانت أو جامعية. مساهماتنا في الإبداعات والاكتشافات العالمية لا تذكر في حين أن دولا تتشابه مع وضع الأردن من حيث عدد السكان وندرة الموارد الطبيعية تحقق أرقام قياسية في الإبداع والابتكار والاختراعات والتقدم في شتى المناحي الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والصحية.
قضية إفراغ المناهج من القيم الإسلامية المنبثقة من القرآن الكريم والسنة النبوية لا تسهم في تطوير مخرجات المدارس والجامعات،لا بل فإن إدراج كثير من القيم الإسلامية يمكن أن تسهم في تهذيب الأخلاق ومقاومة المخدرات وبث روح التسامح وقبول الآخر. لكن من جانب آخر فإن التعليم عن طريق الحفظ والتلقين والتذكر يدمر العملية التعليمية برمتها ويخرج أجيال تفتقر إلى إعمال العقل ،واستخدام مهارات التحليل والتفكير الناقد والقياس والاستنباط وحل المشكلات(Critical Thinking and Problem Solving) ،وهذه المهارات كلها تشكل مصدر الإلهام والحفز والتعزيز للتجديد والابتكار.
مدارسنا وجامعاتنا ما زالت للأسف الشديد تغض الطرف عن استخدام الحفظ التلقين كوسيلة تعليمية وما بيع الكراسات في الجامعات والمدارس، وما بيع أسئلة الامتحانات المكررة في المكتبات في الشوارع المحاذية للمدارس والجامعات،وما الطريقة الاستبدادية التي يتم بها عرض وشرح المواد التعليمة في قاعات المدارس والجامعات، والتعامل مع النصوص والأفكار وكأنها نصوص قرآنية مقدسة غير قابلة للنقد ،كل ذلك يسهم في إضعاف المنتج الإبداعي للطلبة وإحباط ميولهم للتفكير خارج النصوص، كما ويضعف من قدراتهم على التعامل مع المواقف التي تخرج عن النصوص التي تعلموها.
التلقين آفة مجتمعية وهي عدو التعليم وعدو الإبداع وعدو للتفكير الإنساني الحر، ونعتقد أن التعامل مع هذه الآفة وتخفيف حجمها وانتشارها في التعليم المدرسي والجامعي لا يتم عن طريق تعديل المناهج فقط ،وإنما يستلزم ذلك جهدا وطنيا يتم من خلاله تدريب المدرسين على استخدام أساليب أكثر ديمقراطية لتنمي مهارات التحليل والتفكير الناقد، كما تعمل على احترام عقول الطلبة وقدراتهم ،وتتيح للمتعلمين أن يكونوا مشاركين لا متلقين،تفاعليين لا سلبيين، وتتيح أيضا لهم مساحات للاختلاف مع طروحات معلميهم ومع الأفكار والمعلومات المتداولة.
ولعلني هنا أشير إلى أنه أي جهد لتعديل المناهج وجعلها مصدر للإبداع ومشجعا للابتكار والتفكير الناقد يقتضي بالضرورة إعادة النظر بأساليب الاختبارات ونوعية الأسئلة المستخدمة لقياس القدرات والمهارات الذهنية للطلبة.كثير من أسئلة الاختبارات في المدارس والجامعات أسئلة مباشرة تنمي التلقين ،وتركز على التذكر واجترار المعلومات، وقلما تجد أسئلة تتيح قياس قدرة المتعلم على التفكير وإبداء الرأي والتحليل وحل المشكلات.وعليه فإن تحقيق تحصيل عالي في المدارس والجامعات يشكل مؤشرا على الحفظ والتذكر وليس على التفكير والتحليل . بعض الطلبة عندما يصدف أن يسأل في امتحان عن رأيه في عبارة أو مشكلة أو موقف افتراضي يلجأ للمحاججة بأنه لم يدرس هذا في الكتاب أو أن يحجم عن إبداء رأيه بالموافقة أو عدمها لمضمون الموقف الافتراضي.
أخيرا فإن نظام واسلوب التصحيح والعلامات في مؤسساتنا التعليمية ينبغي أن يتغير ،حيث أن هذا النظام يعزز التلقين ويكافئ الطلبة الأكثر حفظا وتلقينا واجترارا للمعلومات حتى لو كانت خاطئة.المعلم يعطي المعلومات ويجري الامتحان ويصحح في ضوء مدى انسجام المعلومات الراجعة مع تلك التي لقنها للطلبة ،وعليه فإن الطالب الأكثر تلقينا وحفظا هو الأكثر تحصيلا والأكثر فرصة في نيل بعثة أو وظيفة أو درجة.ندعو خبراء القياس والتقويم في كليات التربية في الجامعات الأردنية وفي مقدمتهم الدكتور تيسير النعيمي وزير التربية والتعليم للتفكير في وسائل جديدة أو تعديل وسائل القياس والتقويم في مدارسنا وجامعاتنا لتكون معززة وصديقة للتفكير الناقد ولإبداع وعدوة للحفظ والتلقين.
أخيرا فإننا نشد على أيدي الخبراء والإداريين و العاملين في مركز تطوير المناهج للجهد الذي يبذلونه ،وندعو وزارة التربية وإدارة المركز الوطني لتطوير المناهج ممثلة بالدكتور عزمي محافظة لعدم فسح المجال للاتجاهات العلمانية المتحررة لدى بعض أعضاء واستشاريي فريق خبراء المناهج أن تترك انعكاساتها على مضمون مناهج طلبتنا فهل من مدكر.......