حقوق الإنسان في الحصول على المياه: مشروع جر مياه الديسي
د.منى يعقوب هندية
القبة نيوز-درجت الأمم المتحدة حق الحصول على المياه النظيفة ضمن حقوق الإنسان الأساسية، معربة في الوقت نفسه عن «قلقها الشديد» لحرمان نحو 900 مليون إنسان في العالم من الحصول على مياه أمنة، مما يتسبب بموت أكثر من مليون شخص سنويا. أن الحق في الحصول على المياه والصرف الصحي جزء لا يتجزأ ولا يختلف عن الحق في الغذاء أو البحث عن الرزق والحق في الصحة، أو بشكل أساسي، «الحق في الحياة». وإن الوصول إلى الاحتياجات الأساسية من المياه هو حق رئيسي ومدعوم ضمنيًا وعلنيا من قبل القانون الدولي. ويجب التعامل مع الماء كسلعة اجتماعية وثقافية ?ا كسلعة اقتصادية بالدرجة الأولى. كما ينبغي أن تكون طريقة ضمان الحق في الماء مستدامة، تضمن إمكانية وصول ذلك الحق للأجيال الحالية والمقبلة.
لقد جعلت الحكومة من خياراتها منذ التسعينيات البدء بجر مياه الديسي وتولدت فكرة انشاء ناقل وطني ضخم (325 كم) يمر بعدة محافظات ليقوم بنقل 100 مليون متر مكعب في العام من المياه العذبة عالية الجودة من حقل الآبار في جنوب المملكة الى العاصمة عمان والى مواقع الطلب في بقية محافظات المملكة. ويعتبر تقييم مشروع جر مياه الديسي وأثاره على حقوق الإنسان معقداً نوعاً ما، بسبب عدم الاستقرار الجيوسياسي في المنطقة، الذي أدى الى نزوح اللاجئين الى الأردن مما زاد الضغط على النظام المائي، حيث أن إمدادات مياه الديسي سوف تستنفد قبل?عقود من وثائق تخطيط المشروع المقترحة للأسف (25 عاماً).
استطاع مشروع جر مياه الديسي تحقيق الأمن المائي المتمثل بمفهوم الحق في المياه لما لهذا المشروع من تأثير إيجابي، حيث شعر المواطن وبشكل ملحوظ بتحسن نوعية وكميات ضخ المياه في مناطق شرق وغرب عمان وأيضاً في باقي محافظات المملكة. وأثبت الأردن قدرته على حماية حق المواطنين في المياه بالرغم من التحديات كالتكلفة العالية للمشروع وشيخوخة البنية التحتية.
يشمل الحق في الماء حريات وحقوقاً في آن معاً. فإن العوامل الوارد ذكرها أدناه تحدد عدد من الالتزامات الأساسية المتعلقة بالحق في الماء:
الحق في المياه: التوافر والجودة والاستدامة:
ينبغي أن يكون إمداد الماء لكل شخص كافياً ومستمراً للاستخدامات الشخصية والمنزلية، وتتضمن هذه الاستخدامات الشرب، والإصحاح الشخصي، وغسيل الملابس، وإعداد الغذاء، والصحة الشخصية وصحة الأسرة. وينبغي أن تتمشى كمية الماء المتوفر لكل شخص مع المبادئ التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية (50 لتراً باليوم). أما من الناحية النوعية ينبغي أن يكون الماء اللازم لكل من الاستخدامات الشخصية أو المنزلية مأموناً، وبالتالي ينبغي أن يكون خالياً من الكائنات الدقيقة، والمواد الكيميائية والمخاطر الإشعاعية التي تشكل تهديداً لصحة الشخص. وهذ? ما تم تحقيقه من هذا المشروع. تم تصميم مشروع جر مياه الديسي لتخفيف الضغط على موارد المياه الجوفية المستنزفة وخدمة المواطنين بالكمية والنوعية. حيث تمتاز مياهه بالجودة العالية من حيث محتواها الكيماوي والبيولوجي والعضوي، حيث تفوق نوعيتها نوعية كثير من المياه المعبأة بسبب قلة الملوحة التي لا تتجاوز 300 جزء بالمليون وقلة العناصر المسببة لعسر المياه كالكالسيوم مثلاً.
وتبلغ كميات المياه القادمة من مشروع الديسي الى عمان حوالي 170 الف متر مكعب يومياً الامر الذي ساهم بشكل كبير في الحد من الازمة المائية، وتحسين الوضع المائي بشكل ملموس في العاصمة والمحافظات التي استفادت من مشروع الديسي بشكل غير مباشر، عندما تم تحويل المياه التي كانت تأتي منها الى عمان الى المحافظات نفسها مثل الكرك والزرقاء والرصيفة والمفرق وجرش وعجلون وإربد والرمثا وغيرها.
ومن الناحية الاستراتيجية فان المشروع جر مياه الديسي يضمن للأجيال القادمة حق الحصول على مياه الشرب، الامر الذي يخفف من استنزاف المصادر المائية الأخرى وزيادة تملحها.
الحق في المياه: الحوكمة والشفافية
وبموجب قانون سلطة المياه، يعاقب من يحفرون أبارا غير القانونية بغرامة تصل الى 7000 دينار وبالحبس مدة تصل الى 5 سنوات، غير ان الانفاذ شكل تحديا بالنسبة للسلطات. ان الاستناد الى الأنظمة والتعليمات المشددة لضمان عدم الاعتداء على خطوط المياه وتغليظ العقوبات، سوف يلعب دورا مهما في رفد خزينة الدولة بالأموال التي تمكنها من عمل صيانة مستدامة للبنية التحتية للمياه والتي تفي بمكون من الحق في الماء.
الحق في المياه: عدم التمييز
يجب أن يتمتع جميع المواطنين بإمكانية الوصول إلى الماء ومرافقه وخدماته، بمن فيهم أكثر الفئات ضعفاً أو تهميشاً بين السكان. فالمساواة بين المواطنين حق مصون في الدستور ومن ضمن هذه الحقوق حق حصوله على المياه دون تمييز. وهنا نركز على المشاريع الزراعية الكبيرة التي تستخدم مياه الديسي، والتي تستهلك كميات كبيرة من الماء مما يفاقم من حالة عدم المساواة، والاستفادة من هذا المشروع لهذه المشاريع الزراعية يشكل خرقاً لبند هام من بنود الدستور. حيث يهيمن القطاع الزراعي على الاستخدام المنزلي للمياه في الأردن، ويستخدم أكثر من?60٪ من المياه في البلاد ولا ينتج سوى 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي. وفي الوقت نفسه، تصل معدلات التسرب من شبكات المياه في المحافظات الشمالية حيث يتركز اللاجئون السوريون إلى ما يزيد على 50٪. إن معالجة أوجه القصور في التسرب والتوزيع سيعوض أي نقص، ويحقق بند المساواة.
يجب على الدول التأكد من أن الالتزام بإعمال حقوق الإنسان في المياه وخدمات الصرف الصحي القابلة للتقاضي، من خلال التأكد من أن الآليات القانونية المعمول بها ستمكن الأفراد والجماعات المتضررة من الطعن في أي فشل حكومي في اتخاذ تدابير واستراتيجيات معقولة أمام الهيئات القضائية و/ أو شبه القضائية.
ومن هنا، نؤكد على الحكومة والمؤسسات الأكاديمية ومركز حقوق الإنسان وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد والمجلس الاقتصادي الاجتماعي عمل دراسات مستمرة للتقييم وللتحقق من كفاءة المشاريع خصوصاً الكبرى المشغلة وذلك في إطار تقصي كفاءتها وتحقيق أهدافها ضمن المؤشرات الخاصة بحقوق الإنسان.
الراي
لقد جعلت الحكومة من خياراتها منذ التسعينيات البدء بجر مياه الديسي وتولدت فكرة انشاء ناقل وطني ضخم (325 كم) يمر بعدة محافظات ليقوم بنقل 100 مليون متر مكعب في العام من المياه العذبة عالية الجودة من حقل الآبار في جنوب المملكة الى العاصمة عمان والى مواقع الطلب في بقية محافظات المملكة. ويعتبر تقييم مشروع جر مياه الديسي وأثاره على حقوق الإنسان معقداً نوعاً ما، بسبب عدم الاستقرار الجيوسياسي في المنطقة، الذي أدى الى نزوح اللاجئين الى الأردن مما زاد الضغط على النظام المائي، حيث أن إمدادات مياه الديسي سوف تستنفد قبل?عقود من وثائق تخطيط المشروع المقترحة للأسف (25 عاماً).
استطاع مشروع جر مياه الديسي تحقيق الأمن المائي المتمثل بمفهوم الحق في المياه لما لهذا المشروع من تأثير إيجابي، حيث شعر المواطن وبشكل ملحوظ بتحسن نوعية وكميات ضخ المياه في مناطق شرق وغرب عمان وأيضاً في باقي محافظات المملكة. وأثبت الأردن قدرته على حماية حق المواطنين في المياه بالرغم من التحديات كالتكلفة العالية للمشروع وشيخوخة البنية التحتية.
يشمل الحق في الماء حريات وحقوقاً في آن معاً. فإن العوامل الوارد ذكرها أدناه تحدد عدد من الالتزامات الأساسية المتعلقة بالحق في الماء:
الحق في المياه: التوافر والجودة والاستدامة:
ينبغي أن يكون إمداد الماء لكل شخص كافياً ومستمراً للاستخدامات الشخصية والمنزلية، وتتضمن هذه الاستخدامات الشرب، والإصحاح الشخصي، وغسيل الملابس، وإعداد الغذاء، والصحة الشخصية وصحة الأسرة. وينبغي أن تتمشى كمية الماء المتوفر لكل شخص مع المبادئ التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية (50 لتراً باليوم). أما من الناحية النوعية ينبغي أن يكون الماء اللازم لكل من الاستخدامات الشخصية أو المنزلية مأموناً، وبالتالي ينبغي أن يكون خالياً من الكائنات الدقيقة، والمواد الكيميائية والمخاطر الإشعاعية التي تشكل تهديداً لصحة الشخص. وهذ? ما تم تحقيقه من هذا المشروع. تم تصميم مشروع جر مياه الديسي لتخفيف الضغط على موارد المياه الجوفية المستنزفة وخدمة المواطنين بالكمية والنوعية. حيث تمتاز مياهه بالجودة العالية من حيث محتواها الكيماوي والبيولوجي والعضوي، حيث تفوق نوعيتها نوعية كثير من المياه المعبأة بسبب قلة الملوحة التي لا تتجاوز 300 جزء بالمليون وقلة العناصر المسببة لعسر المياه كالكالسيوم مثلاً.
وتبلغ كميات المياه القادمة من مشروع الديسي الى عمان حوالي 170 الف متر مكعب يومياً الامر الذي ساهم بشكل كبير في الحد من الازمة المائية، وتحسين الوضع المائي بشكل ملموس في العاصمة والمحافظات التي استفادت من مشروع الديسي بشكل غير مباشر، عندما تم تحويل المياه التي كانت تأتي منها الى عمان الى المحافظات نفسها مثل الكرك والزرقاء والرصيفة والمفرق وجرش وعجلون وإربد والرمثا وغيرها.
ومن الناحية الاستراتيجية فان المشروع جر مياه الديسي يضمن للأجيال القادمة حق الحصول على مياه الشرب، الامر الذي يخفف من استنزاف المصادر المائية الأخرى وزيادة تملحها.
الحق في المياه: الحوكمة والشفافية
وبموجب قانون سلطة المياه، يعاقب من يحفرون أبارا غير القانونية بغرامة تصل الى 7000 دينار وبالحبس مدة تصل الى 5 سنوات، غير ان الانفاذ شكل تحديا بالنسبة للسلطات. ان الاستناد الى الأنظمة والتعليمات المشددة لضمان عدم الاعتداء على خطوط المياه وتغليظ العقوبات، سوف يلعب دورا مهما في رفد خزينة الدولة بالأموال التي تمكنها من عمل صيانة مستدامة للبنية التحتية للمياه والتي تفي بمكون من الحق في الماء.
الحق في المياه: عدم التمييز
يجب أن يتمتع جميع المواطنين بإمكانية الوصول إلى الماء ومرافقه وخدماته، بمن فيهم أكثر الفئات ضعفاً أو تهميشاً بين السكان. فالمساواة بين المواطنين حق مصون في الدستور ومن ضمن هذه الحقوق حق حصوله على المياه دون تمييز. وهنا نركز على المشاريع الزراعية الكبيرة التي تستخدم مياه الديسي، والتي تستهلك كميات كبيرة من الماء مما يفاقم من حالة عدم المساواة، والاستفادة من هذا المشروع لهذه المشاريع الزراعية يشكل خرقاً لبند هام من بنود الدستور. حيث يهيمن القطاع الزراعي على الاستخدام المنزلي للمياه في الأردن، ويستخدم أكثر من?60٪ من المياه في البلاد ولا ينتج سوى 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي. وفي الوقت نفسه، تصل معدلات التسرب من شبكات المياه في المحافظات الشمالية حيث يتركز اللاجئون السوريون إلى ما يزيد على 50٪. إن معالجة أوجه القصور في التسرب والتوزيع سيعوض أي نقص، ويحقق بند المساواة.
يجب على الدول التأكد من أن الالتزام بإعمال حقوق الإنسان في المياه وخدمات الصرف الصحي القابلة للتقاضي، من خلال التأكد من أن الآليات القانونية المعمول بها ستمكن الأفراد والجماعات المتضررة من الطعن في أي فشل حكومي في اتخاذ تدابير واستراتيجيات معقولة أمام الهيئات القضائية و/ أو شبه القضائية.
ومن هنا، نؤكد على الحكومة والمؤسسات الأكاديمية ومركز حقوق الإنسان وهيئة النزاهة ومكافحة الفساد والمجلس الاقتصادي الاجتماعي عمل دراسات مستمرة للتقييم وللتحقق من كفاءة المشاريع خصوصاً الكبرى المشغلة وذلك في إطار تقصي كفاءتها وتحقيق أهدافها ضمن المؤشرات الخاصة بحقوق الإنسان.
الراي