حكومة الجميلات
فهد الخيطان
القبة نيوز-تصدرت فنلندا عناوين الأخبار في الأسبوع الأخير،والسبب انتخاب الائتلاف الحزبي الحاكم الشابة سانا مارين والبالغة من العمر 34 عاما رئيسة للوزراء إلى جانب 13 وزيرة أكثر شبابا منها من بين حكومة مؤلفة من 19 وزيرا فقط لا غير.
سانا مارينا ليست الاستثناء الوحيد، فزعماء الأحزاب الخمسة المشاركة في الائتلاف الحكومي هن سيدات.
"حكومة الجميلات” كما وصفتها الصحافة العربية تحديدا، لن يفيدها جمال رئيستها ووزيراتها إذا لم تتمكن من تقديم حلول ناجحة لتحديات البطالة المتزايدة وإضرابات عمالية تعم البلاد وكانت السبب في استقالة سلفها الاشتراكي.
الرئيسة الشابة أعلنت فور توليها الحكم عن عزم حكومتها توفير 30 ألف فرصة عمل جديدة للحد من مشكلة البطالة.
ولا نعلم إن كانت السيدة مارين قد أخذت علما بقرار مماثل تبنته الحكومة الأردنية قبل أشهر وبنفس العدد أيضا. لكن أيا تكن المعطيات،ها نحن أخيرا نجد حكومة لدولة متقدمة في العالم تحذو حذونا!
وقبل التعديل الوزاري الأخير على حكومة الرزاز،كنا في الأردن نتجه لتأليف حكومات رشيقة ومصغرة على غرار حكومة فنلندا، لكننا عدنا عن هذا الخيار بعد اختبار غير موفق لتجربة دمج حقائب وزارية.
رغم ذلك يبقى شعار الحكومة الرشيقة هدفا لا ينبغي التنازل عنه في المستقبل. لم تنجح التجربة الأخيرة لأننا باختصار قدمنا العربة على الحصان؛ فقبل أن نشرع في الدمج يتعين إجراء عملية إصلاح إداري جذرية في الوزارات المستهدفة، وإيجاد فريق إداري كفؤ ومؤهل لحمل الصلاحيات عن الوزير ليتفرغ بدوره للتخطيط الاستراتيجي ورسم السياسات والإشراف على تنفيذها، ومن ثم يمكن لعملية دمج الوزارات ان تحقق غاياتها.
وما حصل في الأردن كان في الحقيقة مجرد إجراء شكلي تمثل بتحميل وزير واحد حقيبتين وزاريتين وأحيانا ثلاثة،بينما المطلوب فعليا هو دمج الهياكل الإدارية للوزارات بشكل كامل وصولا إلى 15 وزارة في أحسن الأحوال.
لكن في أحيان كثيرة كان التمثيل المناطقي والجهوي يعيق جهود ترشيق الكادر الوزاري، بحيث يضطر الرئيس المكلف لاستحداث مناصب وزارية لضمان تمثيل جميع المحافظات والمكونات الاجتماعية،في إطار تقليد راسخ يقوم على مبدأ المحاصصة.
وحتى الحكومات التي اتخذت سمة سياسية لم تتمكن من تجاوز هذا المبدأ، فتجاوزت بعض التشكيلات الوزارية حاجز الثلاثين وزيرا.
أما تشكيل حكومة بمتوسط أعمار يعادل فنلندا،فستكون غاية في الصعوبة أردنيا لا بل عربيا.في الدول المتقدمة يستند تشكيل الحكومات إلى أحزاب سياسية تفوز في الانتخابات،بخلاف الوضع القائم في بلادنا.يضاف إلى ذلك أن الثقافة السائدة ما تزال تنظر بعين الشك إلى قدرة الشباب قليلي الخبرة على تولي المناصب العليا.وشهدنا ضجة واسعة عندما أشرك رؤساء حكومات شبابا في حكوماتهم، ليس آخرها حكومة الرزاز.
والموضوع برمته جدلي،فثمة من يعتقد بأن القدرات القيادية لا ترتبط بالضرورة بعمر الوزير أو المسؤول،فيما يميل تيار آخر إلى اعتماد أصحاب الخبرة الطويلة لتولي المواقع القيادية.لكن في الحالتين لم يكن متوسط الأعمار حاسما فكم من وزراء "شيوخ" أخفقوا في مهماتهم، ووزراء شباب لم ينجحوا رغم اندفاعهم وحماسهم في تحقيق أثر ملموس.
(الغد)
سانا مارينا ليست الاستثناء الوحيد، فزعماء الأحزاب الخمسة المشاركة في الائتلاف الحكومي هن سيدات.
"حكومة الجميلات” كما وصفتها الصحافة العربية تحديدا، لن يفيدها جمال رئيستها ووزيراتها إذا لم تتمكن من تقديم حلول ناجحة لتحديات البطالة المتزايدة وإضرابات عمالية تعم البلاد وكانت السبب في استقالة سلفها الاشتراكي.
الرئيسة الشابة أعلنت فور توليها الحكم عن عزم حكومتها توفير 30 ألف فرصة عمل جديدة للحد من مشكلة البطالة.
ولا نعلم إن كانت السيدة مارين قد أخذت علما بقرار مماثل تبنته الحكومة الأردنية قبل أشهر وبنفس العدد أيضا. لكن أيا تكن المعطيات،ها نحن أخيرا نجد حكومة لدولة متقدمة في العالم تحذو حذونا!
وقبل التعديل الوزاري الأخير على حكومة الرزاز،كنا في الأردن نتجه لتأليف حكومات رشيقة ومصغرة على غرار حكومة فنلندا، لكننا عدنا عن هذا الخيار بعد اختبار غير موفق لتجربة دمج حقائب وزارية.
رغم ذلك يبقى شعار الحكومة الرشيقة هدفا لا ينبغي التنازل عنه في المستقبل. لم تنجح التجربة الأخيرة لأننا باختصار قدمنا العربة على الحصان؛ فقبل أن نشرع في الدمج يتعين إجراء عملية إصلاح إداري جذرية في الوزارات المستهدفة، وإيجاد فريق إداري كفؤ ومؤهل لحمل الصلاحيات عن الوزير ليتفرغ بدوره للتخطيط الاستراتيجي ورسم السياسات والإشراف على تنفيذها، ومن ثم يمكن لعملية دمج الوزارات ان تحقق غاياتها.
وما حصل في الأردن كان في الحقيقة مجرد إجراء شكلي تمثل بتحميل وزير واحد حقيبتين وزاريتين وأحيانا ثلاثة،بينما المطلوب فعليا هو دمج الهياكل الإدارية للوزارات بشكل كامل وصولا إلى 15 وزارة في أحسن الأحوال.
لكن في أحيان كثيرة كان التمثيل المناطقي والجهوي يعيق جهود ترشيق الكادر الوزاري، بحيث يضطر الرئيس المكلف لاستحداث مناصب وزارية لضمان تمثيل جميع المحافظات والمكونات الاجتماعية،في إطار تقليد راسخ يقوم على مبدأ المحاصصة.
وحتى الحكومات التي اتخذت سمة سياسية لم تتمكن من تجاوز هذا المبدأ، فتجاوزت بعض التشكيلات الوزارية حاجز الثلاثين وزيرا.
أما تشكيل حكومة بمتوسط أعمار يعادل فنلندا،فستكون غاية في الصعوبة أردنيا لا بل عربيا.في الدول المتقدمة يستند تشكيل الحكومات إلى أحزاب سياسية تفوز في الانتخابات،بخلاف الوضع القائم في بلادنا.يضاف إلى ذلك أن الثقافة السائدة ما تزال تنظر بعين الشك إلى قدرة الشباب قليلي الخبرة على تولي المناصب العليا.وشهدنا ضجة واسعة عندما أشرك رؤساء حكومات شبابا في حكوماتهم، ليس آخرها حكومة الرزاز.
والموضوع برمته جدلي،فثمة من يعتقد بأن القدرات القيادية لا ترتبط بالضرورة بعمر الوزير أو المسؤول،فيما يميل تيار آخر إلى اعتماد أصحاب الخبرة الطويلة لتولي المواقع القيادية.لكن في الحالتين لم يكن متوسط الأعمار حاسما فكم من وزراء "شيوخ" أخفقوا في مهماتهم، ووزراء شباب لم ينجحوا رغم اندفاعهم وحماسهم في تحقيق أثر ملموس.
(الغد)