لماذا يريدون مقابلة الأسد؟!
ماهر ابو طير
القبة نيوز-تتسرب المعلومات حول وفد سياسي أردني، برئاسة رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري، سيقوم بزيارة دمشق قريبا، وقد يلتقي الوفد الرئيس السوري، فلا تعرف إذا كانت فكرة الوفد شخصية، أم بوحي رسمي، من وراء حجاب؟!
هذا ليس أول وفد أردني يزور دمشق؛ إذ سبقته وفود من مستويات مختلفة، وبعضها التقى الرئيس السوري بشار الأسد، لكن طبيعة هذا الوفد، وتوقيت الزيارة، يثيران الانتباه حقا -إذا تمت فعليا- خصوصا أن في الوفد وزراء سابقين، ونوابا حاليين وأسماء معروفة، تتحرك في هذا التوقيت بالذات، وواضح أن الوفد يأمل مقابلة الرئيس السوري، لاعتبارات مختلفة، أقلها منح الزيارة قيمة مضاعفة.
الكل يعرف أن وفدا من هذا المستوى لا يمكن أن يذهب إلى دمشق من دون موافقة رسمية مسبقة، والكل أيضا يعرف أن حصول الوفد على ضوء أخضر، يعني ضمنيا محاولات من عمان الرسمية تليين الأجواء، جزئيا، بين البلدين لاعتبارات كثيرة.
علينا أن نقف مطولا عند تصريحين؛ أولهما لوزير الداخلية الأسبق، وهو سياسي مخضرم؛ أي سمير حباشنة، الذي تحدث عن أهمية العلاقات مع دمشق، لاعتبارات كثيرة، وهو محق فيما قاله، ثم ما كتبه أيمن علوش القائم بالأعمال السوري في عمان، سابقا، الذي أشار ضمنيا الى أن الوفد مرحب به، لكن تحسين العلاقات بحاجة الى خطوة سياسية، قاصدا هنا، زيارات على مستوى رسمي رفيع المستوى.
حين يتحدث علوش عن التمثيل السياسي، فهو يقصد فعليا التمثيل الرسمي، وكأنه يحض عمان على أن ترسل مسؤولا رسميا أعلى من حيث المستوى، لكن علوش لا يعرف أن عمان الرسمية ذاتها ما تزال منقسمة بشأن تقييمات الوضع السوري، وهناك أجنحة تتباين وجهات نظرها، فوق الضغوط الدولية التي تفرض اشتراطاتها على الأردن، وهي اشتراطات سلبية في كل الأحوال، وتؤدي الى خنقنا كليا.
في كل الأحوال، علينا أن نشير الى نقاط مهمة؛ أبرزها أن البرود والجفاء في العلاقات الرسمية بين البلدين، قد لا يكونان ممكن تجاوزهما بهذه البساطة، بسبب قناعة دمشق الرسمية أن الأردن كان جزءا من معسكر تمويل ودعم الفوضى في سورية، وبالتالي يبدو الموقف سلبيا للغاية، فيما مقابل ذلك تعتبر عمان أن دمشق الرسمية جزء من المعسكر الإيراني الأكبر، وأن الاقتراب منها أو الابتعاد عنها يخضع لحسابات إقليمية ودولية، وليس لمعايير ثنائية.
إضافة الى ما سبق، هناك ملفات بحاجة الى حل بين البلدين، قبيل الوصول الى سقف مختلف في العلاقة؛ أبرزها الملف الأمني السوري الأردني، وما يرتبط بطبيعة القوى داخل سورية، والملف التجاري والاقتصادي بين البلدين، والعراقيل المتبادلة، والإجراءات السورية كل فترة بحق أردنيين يزورون سورية، وبعضهم ما يزال معتقلا حتى الآن، وملف الأشقاء السوريين في الأردن الذين لا تبذل دمشق أي جهد حقيقي من أجل إعادة استيعابهم داخل سورية، وتتركهم ورقة ضغط على الأردن، ومع هذه الشكوك السورية المتواصلة بطبيعة الدور الأردني، وعلاقته بالعشائر السورية، جنوب سورية، وغير ذلك من نقاط شائكة.
هذا الكلام، ليس عرقلة لزيارة الوفد؛ إذ إن الأردن، اليوم، يعاني أيضا من إغلاقات مع كل جواره في العراق وسورية وفلسطين، وأمام هذه الإغلاقات تأتي زيارة الوفد التي قد تحقق اختراقا بسيطا يخفف من كلفة هذه الأوضاع الإقليمية على الأردن.
هناك شخصيات أردنية على صلة بدمشق الرسمية، واستطاعت حل إشكالات في تواقيت محددة، خصوصا ملف المعتقلين، ومعنى الكلام أن الأزمة مع دمشق ليست أزمة وفود غائبة، أو وفود قادمة، هي أزمة ثقة بين البلدين، تراكمت على مدى سنين طويلة، حتى قبيل الربيع العربي، وما جلبه الى هذه المنطقة، لكن اللجوء هذه المرة الى مستويات أعلى، يعني رسالة مختلفة، ويفترض كثيرون أن ترد دمشق عليها بطريقة مختلفة، بعيدا عن ذهنية الذي ينتظر اعتذارا، أو الذي يتباهى بعودة العرب لطرق بوابات دمشق، خصوصا أن الملف السوري ما يزال إقليميا-دوليا.
خلاصة الكلام إن خيارات عمان الرسمية غير مفتوحة كما تشاء، بعيدا عن معسكرها، ولا مساحات دمشق الرسمية حرة بعيدا عن معسكرها، أيضا، وبكل بساطة يرتبط المشهد بمعسكرين متضادين في المنطقة، وليس بعاصمتين فقط.(الغد)
هذا ليس أول وفد أردني يزور دمشق؛ إذ سبقته وفود من مستويات مختلفة، وبعضها التقى الرئيس السوري بشار الأسد، لكن طبيعة هذا الوفد، وتوقيت الزيارة، يثيران الانتباه حقا -إذا تمت فعليا- خصوصا أن في الوفد وزراء سابقين، ونوابا حاليين وأسماء معروفة، تتحرك في هذا التوقيت بالذات، وواضح أن الوفد يأمل مقابلة الرئيس السوري، لاعتبارات مختلفة، أقلها منح الزيارة قيمة مضاعفة.
الكل يعرف أن وفدا من هذا المستوى لا يمكن أن يذهب إلى دمشق من دون موافقة رسمية مسبقة، والكل أيضا يعرف أن حصول الوفد على ضوء أخضر، يعني ضمنيا محاولات من عمان الرسمية تليين الأجواء، جزئيا، بين البلدين لاعتبارات كثيرة.
علينا أن نقف مطولا عند تصريحين؛ أولهما لوزير الداخلية الأسبق، وهو سياسي مخضرم؛ أي سمير حباشنة، الذي تحدث عن أهمية العلاقات مع دمشق، لاعتبارات كثيرة، وهو محق فيما قاله، ثم ما كتبه أيمن علوش القائم بالأعمال السوري في عمان، سابقا، الذي أشار ضمنيا الى أن الوفد مرحب به، لكن تحسين العلاقات بحاجة الى خطوة سياسية، قاصدا هنا، زيارات على مستوى رسمي رفيع المستوى.
حين يتحدث علوش عن التمثيل السياسي، فهو يقصد فعليا التمثيل الرسمي، وكأنه يحض عمان على أن ترسل مسؤولا رسميا أعلى من حيث المستوى، لكن علوش لا يعرف أن عمان الرسمية ذاتها ما تزال منقسمة بشأن تقييمات الوضع السوري، وهناك أجنحة تتباين وجهات نظرها، فوق الضغوط الدولية التي تفرض اشتراطاتها على الأردن، وهي اشتراطات سلبية في كل الأحوال، وتؤدي الى خنقنا كليا.
في كل الأحوال، علينا أن نشير الى نقاط مهمة؛ أبرزها أن البرود والجفاء في العلاقات الرسمية بين البلدين، قد لا يكونان ممكن تجاوزهما بهذه البساطة، بسبب قناعة دمشق الرسمية أن الأردن كان جزءا من معسكر تمويل ودعم الفوضى في سورية، وبالتالي يبدو الموقف سلبيا للغاية، فيما مقابل ذلك تعتبر عمان أن دمشق الرسمية جزء من المعسكر الإيراني الأكبر، وأن الاقتراب منها أو الابتعاد عنها يخضع لحسابات إقليمية ودولية، وليس لمعايير ثنائية.
إضافة الى ما سبق، هناك ملفات بحاجة الى حل بين البلدين، قبيل الوصول الى سقف مختلف في العلاقة؛ أبرزها الملف الأمني السوري الأردني، وما يرتبط بطبيعة القوى داخل سورية، والملف التجاري والاقتصادي بين البلدين، والعراقيل المتبادلة، والإجراءات السورية كل فترة بحق أردنيين يزورون سورية، وبعضهم ما يزال معتقلا حتى الآن، وملف الأشقاء السوريين في الأردن الذين لا تبذل دمشق أي جهد حقيقي من أجل إعادة استيعابهم داخل سورية، وتتركهم ورقة ضغط على الأردن، ومع هذه الشكوك السورية المتواصلة بطبيعة الدور الأردني، وعلاقته بالعشائر السورية، جنوب سورية، وغير ذلك من نقاط شائكة.
هذا الكلام، ليس عرقلة لزيارة الوفد؛ إذ إن الأردن، اليوم، يعاني أيضا من إغلاقات مع كل جواره في العراق وسورية وفلسطين، وأمام هذه الإغلاقات تأتي زيارة الوفد التي قد تحقق اختراقا بسيطا يخفف من كلفة هذه الأوضاع الإقليمية على الأردن.
هناك شخصيات أردنية على صلة بدمشق الرسمية، واستطاعت حل إشكالات في تواقيت محددة، خصوصا ملف المعتقلين، ومعنى الكلام أن الأزمة مع دمشق ليست أزمة وفود غائبة، أو وفود قادمة، هي أزمة ثقة بين البلدين، تراكمت على مدى سنين طويلة، حتى قبيل الربيع العربي، وما جلبه الى هذه المنطقة، لكن اللجوء هذه المرة الى مستويات أعلى، يعني رسالة مختلفة، ويفترض كثيرون أن ترد دمشق عليها بطريقة مختلفة، بعيدا عن ذهنية الذي ينتظر اعتذارا، أو الذي يتباهى بعودة العرب لطرق بوابات دمشق، خصوصا أن الملف السوري ما يزال إقليميا-دوليا.
خلاصة الكلام إن خيارات عمان الرسمية غير مفتوحة كما تشاء، بعيدا عن معسكرها، ولا مساحات دمشق الرسمية حرة بعيدا عن معسكرها، أيضا، وبكل بساطة يرتبط المشهد بمعسكرين متضادين في المنطقة، وليس بعاصمتين فقط.(الغد)