الدستور، إعطاء الصفة الرسمية"لفكرة الحق"
أ.د نفيس مدانات
(الجزء الثالث)
يؤسف للتضاعف، في النصوص الدستورية، من النصوص الفلسفية غير الواضحة والمتناقضة، وكان "جورج بوردو" قد أكد عام 1956 بأن "هناك دستوراً بناءً على خيار سياسي يؤكد"1 أنه على مر قراراته، فإن المجلس الدستوري، يقوم بعمل إتصال، وتنسيق نصوصه منقصاً بذلك التناقضات كي ينتج "فكرة للحق"، بمعنى تقديم نظاماً إجتماعياً، الذي يعمل الدستور، كقاعدة قانونية لمشروع سياسي خاص ودقيق.
أ- تكريس مبادئ اقتصاد السوق
إن أول عنصر مكون لهذا المشروع هو تكريس اقتصاد المشروع الحر، من النظام الرأسمالي كمبدأ لتنظيم اقتصادي للمجتمع الفرنسي. والقرار الصادر في 16 يناير 1982 هو من هذه الناحية، بدون إبهام2. في حين أن المجلس كان بامكانه، لتقدير القانون الذي يحول الى القطاع العام مشاريع خاصة، أن يستند بشكل مشروع على مبدأ التأميم المعرف بالفقرة التاسعة من مقدمة دستور عام 1946، الذي يذكر المشرع بأن الملكية الخاصة هي حق "لا يمكن الإعتداء عليه ومقدس" حسب تعابير المادة 17 من إعلان عام 1789.
من غير الممكن تفسير هذا "على ضوء "ذاك""، رافضاً حتى الأخذ في الحساب مع ذلك ما يعترف به، أي تطور الغايات وشروط ممارسة حق الملكية، الذي بامكان المصلحة العامة، مع ذلك، أن تبرر وضع حدوداً عليه، والمجلس يكرس على العكس المفهوم الأكثر تقليدياً، حق الملكية. وبالرغم من التاريخ، هذا الحق كان دائماً، والتعبير هو دال على هذا الرفض للزمن، "قيمة دستورية كاملة" وهذا الحق يجب أن يكرس كحق "أساسي" أي، إذا كانت الكلمات لها معنى، كأساسي، وعلى وجه الخصوص كأساس للتنظيم الإقتصادي للمجتمع الفرنسي (2Bis) .
إن ثبات الإختيار الذي تبنيه من قبل المجلس يظهر أيضاً من خلال دسترث المبدأ الآخر الذي يستند عليه اقتصاد السوق، وحرية التعهد مشتركة باستمرار في القرار، فالى جانب حق الملكية يظهر المكمل الذي لا بد منه. متجاهلاً الرأي المسيطر للفقه كما الإجتهاد الثابت لمجلس الدولة التي تعترف بهذه الحرية، على أحسن ما يمكن، نوعية مبدأ قانوني عام، على أية حال، كان بإمكان المشرع أن يستبعده. والمجلس ربطه مباشرة بالمواد 2،4 من إعلان 1789، وهذا الأخير ينص فقط، فلا يخفى، بأن الحرية تتضمن عمل كل ما لا يؤذي الآخر! ودقة الخيط الدستوري الذي يربط حرية أن يعمل بهذه المادة، فإذا كانت تضعف مجادلة المجلس، تظهر، ضمناً، قوة تمسكه لصالح مبادئ اقتصاد السوق.3
بدون شك، بالإمكان أن تعترض بأن المجلس لا يستبعد- بشرط أنها ليست تحكمية أو مخالفة- القيود على مبدأ حرية العمل، بأنه، بالرغم من شدة موقفه الفقهي قد ترك يمر التأميم بنسبة 95% من قطاع البنوك لكل إنتاج الألمنيوم، الى الكيماوي المنجز، الى الإلكترونيات، الى آخره. أفضل أيضاً، اليس باللإمكان أن نستتج من قرارات 25،26 حزيران 19864 بأن المجلس، بتحليله التأميمات والحرمان- عمليتين تنبعان من أفكار سياسية مختلفة- إبتداءً من نفس المبادئ لا تعطي إمتيازاً لأي نظام اقتصادي خاص. ولكي يكون مغوياً وخصوصاً، عدما تعرض بقلم (جان ريفيرو). الا أن هذا التوازي مع ذلك قابل للمناقشة. في الحقيقة، إن قرار 1982 لا يعرف التأميم كحق دستوري يتوجب التوافق معه، فمثلاً مع حق الملكية، لكن كاستثناء، محدد بشكل ضيق ومراقب، الى هذا الحق وما يلا زمه، مبدأ حرية التعهد5. وبالمقابل، القرار 1986 الذي، في تبريراته، لم يظهر أبداً أن الحرمان بأنه استثناء، لم يفرض أي حدود حقيقية لنقل المشاريع للقطاع الخاص. وأن الإشارة الى "المرافق العامة الدستورية"، لا يمكن بديهياً أن تلعب هذا الدور، عندما نعرف أنها تحيل على المفهوم الإداري للمرفق العام بطبيعته، فكرة كانت قد أعدت في القضية (Bac d’Eloka)6. ومن أجل التعبير عن العداء من جانب الأحرار إزاء تدخلات الدولة في قطاعات أخرى غير العدالة، و التعليم والبوليس--فإن المرافق الأخرى أظهرت "من الطبيعي" بأن المبادهة الخاصة، هي ذات طبيعة خاصة، وكما كتب كوميسير الحكومة (ماتيه Matter) "فإذا كانت مشاريع للدولة، فهذا ليس الا عرضاً" فعندها، بالنسبة لهذه المرافق، التأميم (1981)، هو الإستثناء، العارض، الحرمان (1986)، والعودة الى النظام "الطبيعي" للأشياء؟ ومع ذلك، وبشكل دال، فإن المجلس يقول، في عام 1986، "للعودة للقطاع الخاص". وإذا استمرت هناك من 1982 الى 1986، فهي الآن معترف بها ومحمية دستورياً الملكية الخاصة وحرية التصرف، أي من القواعد الأساسية لاقتصاد السوق "كدستور إقتصادي"7 لمجتمعنا. (يتبع)
يؤسف للتضاعف، في النصوص الدستورية، من النصوص الفلسفية غير الواضحة والمتناقضة، وكان "جورج بوردو" قد أكد عام 1956 بأن "هناك دستوراً بناءً على خيار سياسي يؤكد"1 أنه على مر قراراته، فإن المجلس الدستوري، يقوم بعمل إتصال، وتنسيق نصوصه منقصاً بذلك التناقضات كي ينتج "فكرة للحق"، بمعنى تقديم نظاماً إجتماعياً، الذي يعمل الدستور، كقاعدة قانونية لمشروع سياسي خاص ودقيق.
أ- تكريس مبادئ اقتصاد السوق
إن أول عنصر مكون لهذا المشروع هو تكريس اقتصاد المشروع الحر، من النظام الرأسمالي كمبدأ لتنظيم اقتصادي للمجتمع الفرنسي. والقرار الصادر في 16 يناير 1982 هو من هذه الناحية، بدون إبهام2. في حين أن المجلس كان بامكانه، لتقدير القانون الذي يحول الى القطاع العام مشاريع خاصة، أن يستند بشكل مشروع على مبدأ التأميم المعرف بالفقرة التاسعة من مقدمة دستور عام 1946، الذي يذكر المشرع بأن الملكية الخاصة هي حق "لا يمكن الإعتداء عليه ومقدس" حسب تعابير المادة 17 من إعلان عام 1789.
من غير الممكن تفسير هذا "على ضوء "ذاك""، رافضاً حتى الأخذ في الحساب مع ذلك ما يعترف به، أي تطور الغايات وشروط ممارسة حق الملكية، الذي بامكان المصلحة العامة، مع ذلك، أن تبرر وضع حدوداً عليه، والمجلس يكرس على العكس المفهوم الأكثر تقليدياً، حق الملكية. وبالرغم من التاريخ، هذا الحق كان دائماً، والتعبير هو دال على هذا الرفض للزمن، "قيمة دستورية كاملة" وهذا الحق يجب أن يكرس كحق "أساسي" أي، إذا كانت الكلمات لها معنى، كأساسي، وعلى وجه الخصوص كأساس للتنظيم الإقتصادي للمجتمع الفرنسي (2Bis) .
إن ثبات الإختيار الذي تبنيه من قبل المجلس يظهر أيضاً من خلال دسترث المبدأ الآخر الذي يستند عليه اقتصاد السوق، وحرية التعهد مشتركة باستمرار في القرار، فالى جانب حق الملكية يظهر المكمل الذي لا بد منه. متجاهلاً الرأي المسيطر للفقه كما الإجتهاد الثابت لمجلس الدولة التي تعترف بهذه الحرية، على أحسن ما يمكن، نوعية مبدأ قانوني عام، على أية حال، كان بإمكان المشرع أن يستبعده. والمجلس ربطه مباشرة بالمواد 2،4 من إعلان 1789، وهذا الأخير ينص فقط، فلا يخفى، بأن الحرية تتضمن عمل كل ما لا يؤذي الآخر! ودقة الخيط الدستوري الذي يربط حرية أن يعمل بهذه المادة، فإذا كانت تضعف مجادلة المجلس، تظهر، ضمناً، قوة تمسكه لصالح مبادئ اقتصاد السوق.3
بدون شك، بالإمكان أن تعترض بأن المجلس لا يستبعد- بشرط أنها ليست تحكمية أو مخالفة- القيود على مبدأ حرية العمل، بأنه، بالرغم من شدة موقفه الفقهي قد ترك يمر التأميم بنسبة 95% من قطاع البنوك لكل إنتاج الألمنيوم، الى الكيماوي المنجز، الى الإلكترونيات، الى آخره. أفضل أيضاً، اليس باللإمكان أن نستتج من قرارات 25،26 حزيران 19864 بأن المجلس، بتحليله التأميمات والحرمان- عمليتين تنبعان من أفكار سياسية مختلفة- إبتداءً من نفس المبادئ لا تعطي إمتيازاً لأي نظام اقتصادي خاص. ولكي يكون مغوياً وخصوصاً، عدما تعرض بقلم (جان ريفيرو). الا أن هذا التوازي مع ذلك قابل للمناقشة. في الحقيقة، إن قرار 1982 لا يعرف التأميم كحق دستوري يتوجب التوافق معه، فمثلاً مع حق الملكية، لكن كاستثناء، محدد بشكل ضيق ومراقب، الى هذا الحق وما يلا زمه، مبدأ حرية التعهد5. وبالمقابل، القرار 1986 الذي، في تبريراته، لم يظهر أبداً أن الحرمان بأنه استثناء، لم يفرض أي حدود حقيقية لنقل المشاريع للقطاع الخاص. وأن الإشارة الى "المرافق العامة الدستورية"، لا يمكن بديهياً أن تلعب هذا الدور، عندما نعرف أنها تحيل على المفهوم الإداري للمرفق العام بطبيعته، فكرة كانت قد أعدت في القضية (Bac d’Eloka)6. ومن أجل التعبير عن العداء من جانب الأحرار إزاء تدخلات الدولة في قطاعات أخرى غير العدالة، و التعليم والبوليس--فإن المرافق الأخرى أظهرت "من الطبيعي" بأن المبادهة الخاصة، هي ذات طبيعة خاصة، وكما كتب كوميسير الحكومة (ماتيه Matter) "فإذا كانت مشاريع للدولة، فهذا ليس الا عرضاً" فعندها، بالنسبة لهذه المرافق، التأميم (1981)، هو الإستثناء، العارض، الحرمان (1986)، والعودة الى النظام "الطبيعي" للأشياء؟ ومع ذلك، وبشكل دال، فإن المجلس يقول، في عام 1986، "للعودة للقطاع الخاص". وإذا استمرت هناك من 1982 الى 1986، فهي الآن معترف بها ومحمية دستورياً الملكية الخاصة وحرية التصرف، أي من القواعد الأساسية لاقتصاد السوق "كدستور إقتصادي"7 لمجتمعنا. (يتبع)