إفريقيا تواجه تحدي ضمان الأمن الغذائي في ظل تقلبات مناخية متواترة
وما يزيد من خطورة هذا الوضع تحذير الخبراء من احتمال تراجع المنتوج الزراعي في إفريقيا بنسبة 20 بالمئة في أفق سنة 2050، وذلك بسبب تدهور جودة التربة والتصحر الناتجين عن الفيضانات وموجات الجفاف، في حين أنه من المرتقب أن يتضاعف عدد سكان القارة خلال الفترة نفسها.
وتهدد المجاعة حاليا نحو 45 مليون شخص في بلدان إفريقيا الجنوبية، بحسب ما أفادت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة الجمعة، في حين تغمر مياه الفيضانات جزءا من أراضي جمهورية إفريقيا الوسطى منذ الأسبوع الماضي.
ويؤكد سفير البلدان الإفريقية المعتمد لدى المؤتمر الدولي حول المناخ سيني نافو لوكالة فرانس برس أن القارة السمراء هي اليوم ضحية تقلبات مناخية حادة متواترة.
وتضم القارة السمراء "ثلثي الأراضي الصالحة للزراعة في العالم، لكنها تضم أيضا ستة من البلدان العشرة الأكثر هشاشة في مواجهة التقلبات المناخية"، كما يضيف نافو الذي يتولى أيضا مهمة أمين سر منظمة "ملاءمة الزراعة الإفريقية مع التقلبات المناخية" والتي تعقد الدورة الثانية لمؤتمرها بمدينة بنجرير جنوب المغرب.
-"ندرة الدقيق"-
ويكتسي ضمان الأمن الغذائي ورفع حجم الإنتاج الزراعي أهمية أكبر لارتباطه المباشر بضمان الاستقرار في بلدان القارة حيث تؤدي ندرة المواد الغذائية إلى نزوح السكان وأحداث عنف وتقلبات سياسية. ويشير نافو إلى أن التظاهرات التي شهدها السودان مطلع هذا العام وأطاحت بالرئيس السابق عمر البشير انطلقت احتجاجا على ارتفاع أسعار الخبز و"ندرة الدقيق".
ويذكر بأن أولى موجات نزوح الطوارق من شمال مالي جاءت بعد مواسم جفاف حاد وتراجع الموارد الطبيعية في سبعينات القرن الماضي.
ويرى خبير في الوكالة الفرنسية للتنمية من جهته، أن استتباب الأمن في منطقة الساحل بشكل دائم لا يمكن أن يتحقق دون معالجة الإشكالية الجوهرية المتمثلة في الإنتاج الزراعي. وتعاني هذه المنطقة من تزايد النزاعات بين مكوناتها (خصوصا بين السكان الرحل والسكان المستقرين) فضلا عن نشاط المنظمات الجهادية.
ويستطرد نافو "يجب أن نجعل الزراعة والرعي أكثر مقاومة في وجه المناخ، وإلا فإننا نسير نحو كوارث كبيرة. الخيار العسكري لا يمكن أن يكون الحل الوحيد".
ويرى أن الاستغلال المفرط للموارد الطبيعية يمكن أن يشكل "تربة خصبة" تولد العنف وتدفع نحو نزوح السكان، مشيرا إلى حالة بحيرة تشاد التي "تضاءلت كثيرا خلال 40 سنة".
وتجد تطلعات بلدان القارة إلى تطوير إنتاجها الزراعي شرعيتها أيضا في كونها لا تساهم سوى بنسبة ضئيلة في انبعاثات الغاز مقارنة مع باقي بلدان العالم (لا تزيد عن 4 بالمئة).
وتدور النقاشات في مؤتمر بنجرير على أربعة محاور ترتبط بتدبير الأراضي الزراعية، والموارد المائية، والوقاية من الكوارث الطبيعية من خلال أنظمة رصد وإنذار رقمية.
بالإضافة إلى سبل تمكين المزارعين من الحصول على تمويلات، وتمويل مشاريع تنمية مستدامة وتحافظ على البيئة بالنسبة للحكومات.
وأعدت أربعة بلدان إفريقية هي ساحل العاج ومالي والمغرب وزامبيا مخططات استثمار في هذا الصدد، ويتراوح حجم كل منها ما بين 300 إلى 400 مليون دولار.
وإلى جانب وزراء الزراعة الأفارقة يشارك في مؤتمر بنجرير ممولون دوليون وعلماء وممثلو منظمات غير حكومية. وينعقد على بعد أسابيع من افتتاح المؤتمر الدولي حول المناخ "كوب25 " في مدريد بين 2 و13 كانون الأول/ديسمبر.