استقلالية الجامعات الأردنية على المحك !
د. ليث كمال نصراوين
القبة نيوز- تناقلت وسائل الإعلام قبل أيام خبرا مفاده أن وزير التعليم العالي والبحث العلمي قد عمّم على الجامعات الأردنية بضرورة تعديل شروط التعيين فيها، ووقف العمل الإضافي، وعدم تكليف الإداريين بالتدريس، وعدم الابتعاث في تخصصات يتوفر فيها حملة دكتوراة متعطلين عن العمل.
إن مثل هذه الإجراء الحكومي يتنافى مع أبسط قواعد القانون الإداري ذات الصلة باستقلالية الجامعات في الأردن، والتي تعتبر هيئات لامركزية مرفقية تتمتع بالاستقلال المالي والإداري عن السلطة المركزية.
إن التعليم الجامعي في الأردن قائم على أساس الأخذ بأسلوب اللامركزية في إنشاء الجامعات وإدارتها، فالحكومة المركزية - ممثلة بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي - لا تشرف مباشرة على الجامعات في الأردن ضمن إطار المركزية الإدارية، بالتالي يفترض أن لا يكون لها أي سلطان قانوني للتدخل في كيفية إدارتها لشؤونها الداخلية.
فالجامعات في الأردن تنشأ بموجب قانون الجامعات رقم (18 (لسنة 2018 كمؤسسات رسمية أو خاصة تتمتع بالشخصية الاعتبارية، ويكون لها استقلال مالي وإداري عن الحكومة المركزية. ومن أبرز مظاهر الاستقلال الإداري للجامعات الأردنية حقها في أن تضع قواعد قانونية خاصة بها تنظم مهام عملها على الأصعدة المتعلقة بتعيين أعضاء هيئة التدريس فيها، وتكليفهم بالعمل الإضافي، وابتعاث الطلبة تبعا لحاجاتها الأكاديمية.
إن فقه القانون الإداري مستقر على أن العلاقة بين الهيئات اللامركزية المرفقية كالجامعات والإدارة المركزية تقوم على أساس الوصاية الإدارية، والتي تختلف في مضمونها وطبيعتها عن علاقة السلطة الرئاسية التي تتوافر بين الإدارة المركزية الموجودة في العاصمة والوحدات الإدارية التابعة لها المنتشرة في الأقاليم. فإذا كان الوزير يملك الحق في إصدار الأوامر إلى مديري الوحدات الإدارية التابعة لوزارته في المحافظات ضمن إطار السلطة الرئاسية، فإن الوصاية الإدارية لا تعطي الوزير الحق في أن يوجه أية أوامر إلى الجامعات بضرورة تعديل شرط التعيين فيها أو في ما يخص الإيفاد أو العمل الإضافي. فالجامعات هي هيئات لامركزية مرفقية، لا ترتبط بأية رابطة تبعية إدارية مع السلطة المركزية لكي يتم تبرير إصدار الأوامر والتعليمات الرئاسية لها.
وهذا المبدأ قد كرسته المحكمة الدستورية في قرارها التفسيري رقم (1 (لسنة 2015 الذي اعتبرت فيه أن رقابة الإدارة المركزية على الهيئات اللامركزية تسمى الوصاية الإدارية لتمييزها عن السلطة الرئاسية في حال الحكومة المركزية، وأن الوصاية الإدارية تعد استثناءً على الأصل العام المتمثل باستقلال الهيئات اللامركزية ماليا وإداريا، بالتالي فهي لا توجد إلا بنص صريح في القانون وفي حدود ذلك النص. كما تمتاز الوصاية الإدارية بأنها لا تعطي الحكومة المركزية حق توجيه أوامر ملزمة للهيئات اللامركزية، أو إصدار تعليمات تحكم سير العمل فيها.
إن حل مشكلة المتعطلين عن العمل يجب ألا يكون على حساب مخالفة المبادئ الدستورية والقانونية المتعلقة باستقلالية الجامعات في الأردن.
laith@lawyer.com
الرأي
إن مثل هذه الإجراء الحكومي يتنافى مع أبسط قواعد القانون الإداري ذات الصلة باستقلالية الجامعات في الأردن، والتي تعتبر هيئات لامركزية مرفقية تتمتع بالاستقلال المالي والإداري عن السلطة المركزية.
إن التعليم الجامعي في الأردن قائم على أساس الأخذ بأسلوب اللامركزية في إنشاء الجامعات وإدارتها، فالحكومة المركزية - ممثلة بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي - لا تشرف مباشرة على الجامعات في الأردن ضمن إطار المركزية الإدارية، بالتالي يفترض أن لا يكون لها أي سلطان قانوني للتدخل في كيفية إدارتها لشؤونها الداخلية.
فالجامعات في الأردن تنشأ بموجب قانون الجامعات رقم (18 (لسنة 2018 كمؤسسات رسمية أو خاصة تتمتع بالشخصية الاعتبارية، ويكون لها استقلال مالي وإداري عن الحكومة المركزية. ومن أبرز مظاهر الاستقلال الإداري للجامعات الأردنية حقها في أن تضع قواعد قانونية خاصة بها تنظم مهام عملها على الأصعدة المتعلقة بتعيين أعضاء هيئة التدريس فيها، وتكليفهم بالعمل الإضافي، وابتعاث الطلبة تبعا لحاجاتها الأكاديمية.
إن فقه القانون الإداري مستقر على أن العلاقة بين الهيئات اللامركزية المرفقية كالجامعات والإدارة المركزية تقوم على أساس الوصاية الإدارية، والتي تختلف في مضمونها وطبيعتها عن علاقة السلطة الرئاسية التي تتوافر بين الإدارة المركزية الموجودة في العاصمة والوحدات الإدارية التابعة لها المنتشرة في الأقاليم. فإذا كان الوزير يملك الحق في إصدار الأوامر إلى مديري الوحدات الإدارية التابعة لوزارته في المحافظات ضمن إطار السلطة الرئاسية، فإن الوصاية الإدارية لا تعطي الوزير الحق في أن يوجه أية أوامر إلى الجامعات بضرورة تعديل شرط التعيين فيها أو في ما يخص الإيفاد أو العمل الإضافي. فالجامعات هي هيئات لامركزية مرفقية، لا ترتبط بأية رابطة تبعية إدارية مع السلطة المركزية لكي يتم تبرير إصدار الأوامر والتعليمات الرئاسية لها.
وهذا المبدأ قد كرسته المحكمة الدستورية في قرارها التفسيري رقم (1 (لسنة 2015 الذي اعتبرت فيه أن رقابة الإدارة المركزية على الهيئات اللامركزية تسمى الوصاية الإدارية لتمييزها عن السلطة الرئاسية في حال الحكومة المركزية، وأن الوصاية الإدارية تعد استثناءً على الأصل العام المتمثل باستقلال الهيئات اللامركزية ماليا وإداريا، بالتالي فهي لا توجد إلا بنص صريح في القانون وفي حدود ذلك النص. كما تمتاز الوصاية الإدارية بأنها لا تعطي الحكومة المركزية حق توجيه أوامر ملزمة للهيئات اللامركزية، أو إصدار تعليمات تحكم سير العمل فيها.
إن حل مشكلة المتعطلين عن العمل يجب ألا يكون على حساب مخالفة المبادئ الدستورية والقانونية المتعلقة باستقلالية الجامعات في الأردن.
laith@lawyer.com
الرأي