مع اليهود وضد الصهيونية
حمادة فراعنة
القبة يوز-كنت سأواصل الكتابة عن المحطة الأميركية الثانية لخارطة طريق خطة إدارة الرئيس ترامب وفريقه، الساعية إلى فرض نتائج الاحتلال للأراضي المحتلة عام 1967، خاصة بعد إقرار ضم القدس الفلسطينية والجولان السوري، والقفز نحو الخطوة الثالثة لضم مستعمرات الضفة لخارطة المستعمرة الإسرائيلية، وتحويل عنوان القضية الفلسطينية من قضية شعب يتطلع إلى استعادة حقوقه بالاستقلال للمقيمين على أرض الوطن، وبالعودة إلى اللاجئين، وتحويل ذلك برمته إلى قضية معيشية وتحسين مستوى حياتهم بدون التخلص من الاحتلال وتبعاته بل عبر التكيف مع المستعمر وقبول سلبه وسرقته لوطنهم فلسطين .
ولكن ما تعرضت له الإعلامية منى حوا ابنة صفد الفلسطينية وتوقيفها عن العمل على خلفية فيلم الهولوكوست التلفزيوني، استفزني لسببين أولهما مهني حين دفعت ثمن إخلاصها لمهنتها وهي تُعالج قضية سياسية بدوافع مُحقة ونبيلة في استخلاصاتها، فهذا ظُلم وإجحاف لا يستقيم مع القيم الأخلاقية والمهنية، وثانيهما أن قرار التوقف عن العمل من مؤسسة عربية يعود لمدى نفوذ المستعمرة الإسرائيلية وأدواتها وتأثيرها، وهي حصيلة مستهجنة مرفوضة يجب عدم تمريرها وقبول نتائجها .
لقد نجحت الصهيونية في ربط اليهودية بالصهيونية، وكأن الصهيونية كحركة سياسية هي المعبرة عن طموح الطوائف اليهودية، رداً على العداء العنصري الذي عاني منه اليهود في أوروبا القيصرية والنازية والفاشية، فالظلم والاضطهاد الذي واجهه اليهود وعانوا منه خارج قيم حقوق الإنسان، ويعكس العداء المفرط غير المقبول ضدهم، وحقيقة الأمر أن الصهيونية ربطت توجهاتها مع الاستعمار الأوروبي الذي كان يتطلع إلى استعمار بلدان العالم الثالث الأسيوي والإفريقي، فعبرت عن رغبتها في بناء دولة لها أسوة بما فعل الفرنسيون بالجزائر، والأسبان في أميركا اللاتينية، وكما فعل الأوروبيون في عدد من البلدان الإفريقية، لقد نجحت في إقناع الأوروبيين الربط بينها كحركة سياسية وبين ما سمي بالمسألة اليهودية، بل وقد أقنعت العرب والمسلمين بهذا الربط، فبات التعامل مع اليهودي باعتباره صهيونياً، لا فرق بينهم، مع أن اليهود في غالبيتهم كانوا جزءاً من أمتنا العربية، وبعضهم لازال يحمل مواصفات المواطنة والانتماء العربي كما هم في المغرب وتونس واليمن، بينما الصهيونية مثلها مثل موجات الفرنجة الصليبية التي حملت اسم الصليب والادعاء أنها تعبير عن المسيحية وأتت لتحرير بلاد السيد المسيح وتطهيرها من عسف المسلمين العثمانيين، مع أن حقيقتها جاءت من أوروبا كحركة استعمارية ولذلك وقف المسيحيون العرب في طليعة النضال ضد حملات الفرنجة الأوروبية .
كما أن ادعاء الصهيونية في تمثيل اليهود، يشبه ادعاء تنظيمي القاعدة وداعش كحركات سياسية في تمثيل الإسلام والمسلمين وقيام نظام الخلافة على يدهم وجهادهم، وأنهم وحدهم من يحمل بُشرى الخلاص للإسلام والمسلمين وإعادته إلى سابق أمجاده، وأثبتوا بأفعالهم أنهم أشد الأطراف أذى للإسلام والمسلمين بأفعالهم المتطرفة التي لا تستجيب لمضمون الإسلام الحنيف، وقيم العصر الإنسانية، ومعاملة الأخر كما يستحق من الود والاحترام .
الصهيونية حركة سياسية تستعمر فلسطين، كانت ولا تزال، عبر جريمتين أولهما طردت نصف الشعب الفلسطيني خارج وطنه وترفض عودتهم إلى القرى والمدن التي نزحوا عنها بما يتعارض مع قرار الأمم المتحدة 194، وثانيهما أنها تضطهد النصف الأخر للشعب الفلسطيني من المسلمين والمسيحيين وحتى اليهود الذين يرفضون الصهيونية وأساليبها ويتضامنون مع الفلسطينيين أمثال النائب السابق دوف حنين والحالي عوفر كسيف والصحفيين عميرة هيس وجدعون ليفي والمؤرخين الجدد شلومو ساند وإيلان بابيه وأفي شلايم وتوم سيغف، ورئيس حركة بيتسيلم حجاي إلعاد وغيرهم ممن يتعرضون للمس والأذى والعزلة بسبب رفضهم للمشروع الصهيوني، وكشفهم حقيقة الصهيونية الاستعمارية العنصرية، ويؤمنون بعدالة المطالب الفلسطينية وشرعيتها ويحترمون نضال شعبها، بل يربطون مستقبل شعبهم وأمنهم وحياتهم مع حياة واستقرار وحرية الفلسطينيين كشركاء معهم .
المسلمون والمسيحيون واليهود، أصحاب عقيدة واحدة، وإن إختلفت اجتهاداتهم وكيفية الوصول إلى مرجعيتهم الربانية الواحدة، ومثلما لا تعبر الأحزاب والتنظيمات السياسية ذات المرجعية الإسلامية وحدها عن الإسلام، ومثلها الأحزاب والتنظيمات المسيحية وحدها لا تستطيع التعبير عن الدين المسيحي، كذلك هي الصهيونية وأحزابها السياسية لا تعبر عن اليهود واليهودية، بل هي تعمل على إستغلال اليهود وتوظيف اليهودية لمصلحة مشروعها السياسي على أرض فلسطين وتدفع بيهود العالم كي يدعموا هذا المشروع باعتباره خلاص اليهود من الاضطهاد الذي تعرضوا له من أوروبا الاستعمارية العنصرية .
ولو سلمنا جدلاً بصحة رغبة الصهيونية بخلاص اليهود من ظُلم القيصرية والنازية والفاشية الأوروبية، فلماذا توجيه ظلمها للشعب الفلسطيني واضطهاده وحرمانه حقه في الحياة والكرامة، وتعريضه للأساليب والأدوات القمعية والعنصرية والفاشية التي واجهت اليهود في أوروبا ؟؟.
الدستور
ولكن ما تعرضت له الإعلامية منى حوا ابنة صفد الفلسطينية وتوقيفها عن العمل على خلفية فيلم الهولوكوست التلفزيوني، استفزني لسببين أولهما مهني حين دفعت ثمن إخلاصها لمهنتها وهي تُعالج قضية سياسية بدوافع مُحقة ونبيلة في استخلاصاتها، فهذا ظُلم وإجحاف لا يستقيم مع القيم الأخلاقية والمهنية، وثانيهما أن قرار التوقف عن العمل من مؤسسة عربية يعود لمدى نفوذ المستعمرة الإسرائيلية وأدواتها وتأثيرها، وهي حصيلة مستهجنة مرفوضة يجب عدم تمريرها وقبول نتائجها .
لقد نجحت الصهيونية في ربط اليهودية بالصهيونية، وكأن الصهيونية كحركة سياسية هي المعبرة عن طموح الطوائف اليهودية، رداً على العداء العنصري الذي عاني منه اليهود في أوروبا القيصرية والنازية والفاشية، فالظلم والاضطهاد الذي واجهه اليهود وعانوا منه خارج قيم حقوق الإنسان، ويعكس العداء المفرط غير المقبول ضدهم، وحقيقة الأمر أن الصهيونية ربطت توجهاتها مع الاستعمار الأوروبي الذي كان يتطلع إلى استعمار بلدان العالم الثالث الأسيوي والإفريقي، فعبرت عن رغبتها في بناء دولة لها أسوة بما فعل الفرنسيون بالجزائر، والأسبان في أميركا اللاتينية، وكما فعل الأوروبيون في عدد من البلدان الإفريقية، لقد نجحت في إقناع الأوروبيين الربط بينها كحركة سياسية وبين ما سمي بالمسألة اليهودية، بل وقد أقنعت العرب والمسلمين بهذا الربط، فبات التعامل مع اليهودي باعتباره صهيونياً، لا فرق بينهم، مع أن اليهود في غالبيتهم كانوا جزءاً من أمتنا العربية، وبعضهم لازال يحمل مواصفات المواطنة والانتماء العربي كما هم في المغرب وتونس واليمن، بينما الصهيونية مثلها مثل موجات الفرنجة الصليبية التي حملت اسم الصليب والادعاء أنها تعبير عن المسيحية وأتت لتحرير بلاد السيد المسيح وتطهيرها من عسف المسلمين العثمانيين، مع أن حقيقتها جاءت من أوروبا كحركة استعمارية ولذلك وقف المسيحيون العرب في طليعة النضال ضد حملات الفرنجة الأوروبية .
كما أن ادعاء الصهيونية في تمثيل اليهود، يشبه ادعاء تنظيمي القاعدة وداعش كحركات سياسية في تمثيل الإسلام والمسلمين وقيام نظام الخلافة على يدهم وجهادهم، وأنهم وحدهم من يحمل بُشرى الخلاص للإسلام والمسلمين وإعادته إلى سابق أمجاده، وأثبتوا بأفعالهم أنهم أشد الأطراف أذى للإسلام والمسلمين بأفعالهم المتطرفة التي لا تستجيب لمضمون الإسلام الحنيف، وقيم العصر الإنسانية، ومعاملة الأخر كما يستحق من الود والاحترام .
الصهيونية حركة سياسية تستعمر فلسطين، كانت ولا تزال، عبر جريمتين أولهما طردت نصف الشعب الفلسطيني خارج وطنه وترفض عودتهم إلى القرى والمدن التي نزحوا عنها بما يتعارض مع قرار الأمم المتحدة 194، وثانيهما أنها تضطهد النصف الأخر للشعب الفلسطيني من المسلمين والمسيحيين وحتى اليهود الذين يرفضون الصهيونية وأساليبها ويتضامنون مع الفلسطينيين أمثال النائب السابق دوف حنين والحالي عوفر كسيف والصحفيين عميرة هيس وجدعون ليفي والمؤرخين الجدد شلومو ساند وإيلان بابيه وأفي شلايم وتوم سيغف، ورئيس حركة بيتسيلم حجاي إلعاد وغيرهم ممن يتعرضون للمس والأذى والعزلة بسبب رفضهم للمشروع الصهيوني، وكشفهم حقيقة الصهيونية الاستعمارية العنصرية، ويؤمنون بعدالة المطالب الفلسطينية وشرعيتها ويحترمون نضال شعبها، بل يربطون مستقبل شعبهم وأمنهم وحياتهم مع حياة واستقرار وحرية الفلسطينيين كشركاء معهم .
المسلمون والمسيحيون واليهود، أصحاب عقيدة واحدة، وإن إختلفت اجتهاداتهم وكيفية الوصول إلى مرجعيتهم الربانية الواحدة، ومثلما لا تعبر الأحزاب والتنظيمات السياسية ذات المرجعية الإسلامية وحدها عن الإسلام، ومثلها الأحزاب والتنظيمات المسيحية وحدها لا تستطيع التعبير عن الدين المسيحي، كذلك هي الصهيونية وأحزابها السياسية لا تعبر عن اليهود واليهودية، بل هي تعمل على إستغلال اليهود وتوظيف اليهودية لمصلحة مشروعها السياسي على أرض فلسطين وتدفع بيهود العالم كي يدعموا هذا المشروع باعتباره خلاص اليهود من الاضطهاد الذي تعرضوا له من أوروبا الاستعمارية العنصرية .
ولو سلمنا جدلاً بصحة رغبة الصهيونية بخلاص اليهود من ظُلم القيصرية والنازية والفاشية الأوروبية، فلماذا توجيه ظلمها للشعب الفلسطيني واضطهاده وحرمانه حقه في الحياة والكرامة، وتعريضه للأساليب والأدوات القمعية والعنصرية والفاشية التي واجهت اليهود في أوروبا ؟؟.
الدستور