facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

الأهمية الرمزية وبعض المسائل المتعلقة بالدفع بعدم المشروعية

الأهمية الرمزية وبعض المسائل المتعلقة بالدفع بعدم المشروعية

أ.د نفيس مدانات

مقدمة


القبة نيوز- إن مبدأ المشروعية يشكل الجزء الرئيسي في البناء القانوني والسياسي في البلاد التي تنتمي الى الليبرالية. فهو يدل أولاً بأن القانون يعرض على شكل نظام محكم ومتسلسل، يتضمن مستويات متواضعة بعضها فوق بعض وخاضعة بعضها لبعض: فالقواعد القانونية الدنيا لا تكون صحيحة الا بشرط أن تكون متوافقة، بشروط إصدارها ومضمونها، مع الحتميات الموجودة في قواعد أخرى، في مستوى أعلى، و هناك ميكانيكيات محكمة ومتخصصة منصوص عليها للتحقق من هذا التوافق، وعند الحاجة سحب القواعد التي وضعت مخالفة للحق أو القانون.
بوليس داخلي حقيقي في النظام القانوني، فمبدأ المشروعية ينظم بذلك شروط وضع النصوص القانونية ويعرف شروط اتصالها. لكن مبدأ المشروعية يتضمن أيضاً، وعلى العموم، إخضاع سلطة الدولة: وفعالية أجهزة الدولة المختلفة ستجد نفسها محاطة ومحكومة بالقانون: وبحاجة لصفة قانونية كي تعمل، فهم خاضعون لمجموعة من القواعد القانونية التي تفرض عليهم بشكل إجباري وتشكل في الوقت نفسه الأساس، والإطار والحدود لعملهم. فهو الضامن لنظام مؤسسي ليبرالي وديمقراطي، ومبدأ المشروعية يوجه بذلك ممارسة سلطة الدولة ويضمن تحديد سلطة الحكام.

ومبدأ المشروعية مع ذلك لا يمكن إنقاصه الى هذه الوظيفة الآلية: فهو يتصل أيضاً بنظام العقائد، فهو هدف أيضاً لاستثمار رمزي قوي، وأن الأخذ بعين الإعتبار لهذا البعد لا بد منه لإظهار مجموع الدلائل التي يغطيها. وهذ البعد الرمزي من الواضح أنه ليس خاص بمبدأ المشروعية، لكنه يغطي القانون كله، فالقاعدة القانونية، ليست أبداً هي نص فني بسيط لتأطير العلاقات الإجتماعية، بل ينقل مجموعة من التقدمات، كالقيم، والإستعارات، ويشارك كلية في نظام المراجع الرمزية التي يستند عليها النظام الإجتماعي. وهذا الإشباع يبدو وأنه الشرط نفسه لفعاليته: في الحقيقة إن القانون يستمد قوته الإلزامية من التزام الأشخاص الخاضعين له أكثر من قوة القسر، كما أن اجتياز العنف الرمزي يسمح بتوفير اللجوء الى القوة، من خلال ضمان الخضوع الطوعي الى القاعدة القانونية. لكن القانون هو أيضاً، وعلى العكس، وسيلة مفضلة للترسيخ الآيدولوجي¹. وإن القوة الفاعلة لحديث قانوني تقاس بمقدرته على جعله يعتقد حقيقة ما يصف، وحقيقة ما يعلن². إن النص القانوني يسعى للفرض عن طريق السلطة سلسلة من الإعتقادات، والتي تأكيدها لا يكون موضع شك: فيكفي فيها أن تكون "داخلة في القانون" كي لا تكون موضع احتجاج ومقدسة³. ومع مبدأ المشروعية مع ذلك، الرهان الرمزي هو هام بشكل خاص، بمقدار ما أن نلمس هنا أساس النظام القانوني.


1- كما يقول ذلك الأستاذ (Jacques Chevallier) عام 1979
2- كما يقول ذلك الأستاذ (D. Loschak) عم 1982
3- كما يقول ذلك الأستاذ (P. Legendre) عام 1974


وإن مبدأ المشروعية منذ الأصل غير منفصل عن رمزية القانون، التي قد استند عليها كما قد ساهم بالمقابل بتغذيتها: وإن تسلسل القواعد القانونية يقوم على الإعتقاد الراسخ تماماً في أساس القانون، محاط بهالة من الإمتياز المقدس وفي ملجأ من كل احتجاج، والمكان الممنوح للقانون في بناء النظام القانوني يساند تفوقه الوجودي. إن أزمة مبدأ المشروعية كذلك لا يمكن مواجهتها دون الإشارة الى هذا القوام الرمزي: انعكاساً للهزات التي تصيب النظام القانوني، وهي تعبر أيضاً عن تراجع الإعتقادات التي كانت تحيط من الناحية التقليدية بالقانون، لكن هذا العجز الرمزي يجب مهما كلف الأمر تعويضه تحت طائلة إفساد فعالية القانون.

بعض المسائل المتعلقة بالدفع بعدم المشروعية

منذ بداية القرن العشرين، كان الإجتهاد الإداري قد إعتبر أنه من الممكن إحالة قرار خاص اتخذ تطبيقاً لنظام غير مشروع للقاضي¹. أي أن مستدعين بإمكانهم الإحتجاج على مشروعية الأنظمة التي تعرض في مواجهتهم، بمناسبة تطبيقه عليهم، "والحل المخالف يؤدي الى جعل مشروعاً التطبيق غير المحدود لنصوص غير قانونية، وهذا ما هو مخالف للنظام العام"².
حتى إذا كان النظام غير المشروع الذي أفسد القرار المشتكى منه لم تتم الشكوى عليه في المهل القانونية، فإن القاضي سيعتبر هذه الوسيلة المستخرجة من عدم مشروعية النظام، وعند الإقتضاء، يلغي القرار المطعون به، وهذا القرار بالمقابل، كان من الواجب أن يحترم قواعد مهلة دعوى تجاوز السلطة، وهذه الوسيلة المستخرجة من عدم مشروعية قرار غير القرار المشتكي منه تعتبر كأنها دفع بعدم المشروعية³.
إن عدم المشروعية في نظام ما، يمكن ذكرها في كل وقت، حتى بعد سنوات من نشر النظام. وتجاه الأنظمة، إن الدفع بعدم المشروعية هو دائم.
ومع ذلك، هناك مطلبين يعبران عن العلاقة التي يجب أن تتواجد بين النظام النهائي والقرار المطعون به:
- فمن جهة، الدفع بعدم المشروعية لا يكون مقبولاً إذا كان القرار المطعون به ليس وسيلة تطبيق للنظام المذكور عدم مشروعيته.
- ومن جهة أخرى، ليس بالإمكان الإحتجاج بفائدة على مشروعية نصوص ما الا إذا كان القرار الخاص متخذ على أساسها. أي عندما تكون بعض النصوص فقط من النظام غير مشروعة، والمدعي لا يمكنه الحصول على الإلغاء للقرار المطعون به، إلا إذا كان متخذاً على أساس هذه النصوص.
وعلى إعتبار أنه يحتج على مشروعية قرار إداري، فإن الدفع بعدم االمشروعية يشابه بذلك دعوى تجاوز السلطة، لكن مع الخصوصية المشكوك فيها لوضع موضع الشبهه، ليس مشروعية القرار المطعون فيه، لكن قراراً آخراً جارٍ، المنسي والذي شوه بشكل نوعاً ما القرار المطعون به. والصعوبة الرئيسية والتي تبدو مباشرة، وهذا أن تضع موضع الشبهه قراراً أحياناً قديماً جداً، فالدفع بعدم المشروعية يقلب القديم جداً ألا وهو مبدأ عدم المساس بالقرارات الإدارية التي قد أصبحت نهائية،

1- C.E., 22 mars 1907, Dame Delpech, D. 1908 iii- 101
2- R. Odent, Contentieux administratif, cours I.E.P Polycopie, fac, III, P.1088.
3- C.E., 15 mai 1935, Munier, Rec.P.533.



بالتأكيد، إن الإنقلاب في قواعد مهل دعاوي المنازعات الإدارية⁴، فالرابط بين القرار المطعون به بالنظام الأصلي⁵، وظهور تبدلات في الظروف الواقعية⁶، ومشكلة القرارات التي ليست تنظيمية، وحديثاً ظهور نظرية العمليات المعقدة، قد ساهمت بشكل كبير في أن تجعل من الدفع بعدم المشروعية تقنية في المنازعات حساسة جداً في التعامل معها. لكن وهذا بآثارها حيث ظهر أخيراً أنها تغنيه بشل خاص.
كما أن القانون قد وضع السلطة الإدارية أمام مسؤولياتها، أي، أن نستخرج النتائج الإيجابية لقرار تنظيمي أعلن القاضي عدم مشروعيته، للإبقاء عليه أم لا في الآمرية القانونية.

1- السلطة الإدارية عليها التزام أن تستخرج
النتائج الإيجابية لعدم مشروعية قرار تنظيمي

يعتبر الفقه والإجتهاد، بأن إعلان عدم المشروعية، بالرغم من أنه قد قرره قرار قضائي (بناء على دفع بعدم المشروعية) فإن ذلك لا يؤدي الى الغاء القرار الإداري المحتج عليه عرضاً. فمن جهة، لأن هذا الإلغاء لم يطلب صراحة، ومن جهة أخرى لأن المهلة لدعوى تجاوز السلطة كانت قد فاتت.

والقرار الذي أعلن بأنه غير مشروع يبقى في الآمرية القانونية، وأن آثار الدفع بعدم المشروعية كان إذاً محدداً بحل الخصومة التي قد تم من خلالها طرحه.

عدالة جيدة، وهي عدم مساس القرارات الإدارية التي قد أصبحت نهائية، مرافعة للإبقاء على هذا الوضع. المدى، والآثار، للدفع بعدم المشروعية بذلك قد أنقصت على المستوى العملي، أما من الناحية النظرية فهي موضع احتجاج عليها⁷.

1- الإحتجاج على مبدأ
"القرار المعلنة عدم مشروعيته لم يلغ"
إن القرار التنظيمي، بالرغم من أن عدم مشروعيته قد قررها القاضي الإداري فإنه يبقى



4- Voir J.M. Auby, L’influence du Changement de circonstances sur la validité des actes administratifs unilateraux, R. D. P., 1959, P. 432.
5- C.E., 19 février 1967, société des Etablissements Petitjean, Rec. P. 63
6- مقالة J.M. Auby المشار اليها رقم (4)
7- انظر قرار محكمة العدل العليا الأردنية رقم 26/54 عدد 9 سنة 2 ص 687

في الآمرية القانونية وبالإمكان أن يتلقى تطبيقات أخرى، أي أن القرار المعلن عدم مشروعيته لم يلغ، وحتى مع أنه قد أعلن بأنه غير مشروع من قبل القاضي الإداري، يبقى النظام في داخل التسلسل القانوني كي ينتج آثاره بالتأكيد على مسؤولية الإدارة، لكن يجب أن يكون هناك دعوى تشل مفعوله⁸.
إن هذا الوضع قد كان غير مقبول لكل فكر قانوني متلاحم ومعقول. فلا يمكن، بدون أن نؤذي العقل الراجح العملي الإعتراف لقاضي بالقدرة على المعاقبة، عن طريق الدفع بعدم المشروعية بالتأكيد، نظاماً يرى بأنه غير مشروع بشكل واضح. وأن نسمح لنظام أن ينتج مفاعيله, المعاقبة أم لا، لصالح دعاوى قضائية افتراضية.
ومع ذلك، إن الغاء قرار إداري عن طريق الدفع بعدم المشروعية، إذا لم يكن موضع احتجاج عليه من الناحية القانونية، الا أنه يتضمن في نتائجه العملية نواقص يرى القاضي أنها لا يمكن التغلب عليها.
فما هي؟
إن الغاء قرار إداري عن طريق الدفع بعدم المشروعية، هونفس النتيجة التي نحصل عليها عند الغاء القرار الإداري عن طريق دعوى تجاوز السلطة. الا أن هناك اختلافات أساسية موجودة بين ميكانيكية دعوى تجاوز السلطة والدفع بعدم المشروعية والتي تعترض توحيد الآثار التي تنتج.
إن الغاء قرار تنظيمي بدعوى تجاوز السلطة له سلطة الشيء المحكوم به المطلقة⁹، ويفرض على الجميع وليس فقط على الأطراف (erga-omnes) أي (بذات الفعل) ويؤدي الى الإختفاء بأثر رجعي للقرار الذي يعد بأنه لم يوجد أبداً.
بينما الإعتراف بمشروعية دفعاً بعدم المشروعية ليس له نفس الآثار. فهي محددة بخصومة معينة تماماً وتسمح بشل تطبيق قرار تنظيمي تجاه قاعدة متخذة تطبيقاً له.
لهذ لا يمكننا أن نشبه دعوى تجاوز السلطة بدفع بعدم المشروعية. وهذا التشبيه خطير من الناحية العملية.
كما أن الفراغ القانوني العارض الذي ينتج عن الغاء قرار تنظيمي عن طريق الدفع بعدم المشروعية لا علاقة له مع ذلك الذي ينتج من الغاء عن طريق دعوى تجاوز السلطة. لهذا يجب الإبقاء على النص في الآمرية القانونية من جهة لأن



8- C.E., 8 Janvier 1960, Laiterie Saint – Cyprien, Rec. P. 10
9- C.E. 20 Novembre 1963, Ministre des Anciens Combatants C. Disset, Rec. P. 602



الإدارة باستطاعتها دائماً أن تطبقه، ومن جهة أخرى لأن مجلس الوزراء، الذي له السلطة التنظيمية، له السلطة، إذا أراد مع ذلك أن يبقي على النص، ومراجعة البرلمان بمشروع قانون.
والمحذور الأكثر أهمية، الذي يجعل احتمالي جداً تشبيه الدفع بعدم المشروعية بدعوى تجاوز السلطة يمكن أن يتعرض للمهل.
حيث أن الدفع بعدم المشروعية، الذي يمكن إثارته في كل وقت، له عملياً نفس نتائج الإلغاء عن طريق دعوى تجاوز السلطة، فإننا بذلك نفسد تماماً قاعدة مهل الدعاوى. فهذه أخطار حقيقية لا جدال فيها. وإن مجلس الدولة الفرنسي بقراره المسمى (ميقارد- Megard) كان قد أكد على ذلك بوضوحͦ¹.
وهذه المخاطر الحقيقية بدون جدال، كان مجلس الدولة الفرنسي قد تأمل في بداية أعوام الثمانينيات أن يخفف منها قليلاً، أو في كل الأحوال أن ينقص أهميتها.
وفي القرار (بارقين- Bargain) كان مجلس الدولة الفرنسي من خلال كوميسير الحكومة التابع له قد عرض بدقة تامة مسألة آثار عدم مشروعية نظام قد تقررت من خلال الدفع بعدم المشروعية¹¹. بالتأكيد هو شيء مزعج الإبقاء في النظام القانوني على نظاماً غير مشروع، لكن فيما وراء مسائل المهل، اليس من الأفضل استبعاده لصالح نص سابق؟
كذلك الا نخاطر أيضاً بأن نعيد الحياة لنصوص قديمة جداً الكل متفق تاماً على اعتبارها بأنها ملغاة نهائياً؟
وإن القرار (بارقين- Bargain) كان قد عرض المشكلة لكنه لم يقدم أجوبة تجدد. وبالمقابل القرار (Order National des Architectes) الصادر بتاريخ 29/04/1981 كان قد دفع التفكير أكثر الى الأمام وعلى الأخص لاستخراج موقفاً يقود الى الإحتجاج على المبدأ " القرار المعلنة عدم مشروعيته لم يلغ".
إذا كان حسب منطق (بارفين- Bargain)، يعتبر النظام المعلن عدم مشروعيته، عن طريق الدفع بعدم المشروعية، باقياً اذن يصبح هناك استحالة



10- 10- C.E., 5 févier 1971, Megard, Rec. P. 113
11- 11- C.E., 18 Janvier 1980, Bargain, Rec. P.29








أمام الإدارة أن تحيي من جديد نصاً سابقاً مشروعاً. لكن بما أن الإجتهاد كن قد كرس الالتزام بأن لا يطبق الا نصاً مشروعاً²¹، في مواجهة الإدارة، فهذه الأخيرة أي الإدارة سترى نفسها مجردة من إمكانية تطبيق كل قاعدة قانونية حتى إصدار قاعدة جديدة جرى إتخاذها بشكل قانوني. عندها يصبح هناك فراغ قانوني يخشى منه. وهذا ما حصل لدينا في عام 1963 حينما قام مجلس النواب بتنظيم شؤون الخدمة المدنية بقانون وطلب مجلس الوزراء تفسيراً من المجلس العالي لتفسير الدستور وأصدر قرار بأن قانون مجلس النواب باطل ويتوجب الغاؤه بقانون لأنه صدر خلافاً للمادة (120) من الدستور التي تعطي الصلاحية لمجلس الوزراء بتنظيم شؤون الخدمة المدنية بنظام مستقل، فما حصل أن أصبحت الخدمة المدنية بدون نظامها الذي كان ينظم شؤونها حيث أن قانون البرلمان كان قد نص على الغائه فاضطربت أوضاع الخدمة المدنية، وأعادت الحياة لنظام عام 1958، الى أن صدر نظاماً جديداً عام 1966.
والخيار المعروض على الإدارة من الآن فصاعداً هو بسيط: أما تطبيق القاعدة الأكثر حداثة، لكنها غير مشروعة، واما استخراج القاعدة الأكثر قدماً والمشروعة تماماً، لكن مع المخاطرة انه يمكن أن يؤدي الى أوضاع لا يمكن الخلاص منها. لكن أحد الكتاب يعتبر مع ذلك أنه ليس هناك عقبات كبرى.
وباستبعاد تطبيق النظام غير المشروع، سيجد القاضي نفسه أولاً أو آخراً أمام نصاً مشروعاً أو أمام غياب أي تنظيم. وفي الحالة الأولى يعود لهم أن يتحققوا فيما إذا كان القرار المقدم لهم يجد فعلاً أساساً مشروعاً في نص سابق كان قد الغي بصورة غير قانونية. وفي الحالة الثانية، فلا يستطيع الا أن يلغي وسيلة التطبيق المطعون فيها أمامه بسبب عدم وجود أساساً قانونياً لها. ومجلس الدولة الفرنسي لا يسلك غير ذلك في حالة الإلغاء لنظام من خلال دعوى تجاوز السلطة³¹.
وهل توصلنا الى تشويش آثار كل من دعوى تجاوز السلطة والدفع بعدم المشروعية، وكذلك لخراب فعالية مفهوم مهل الدعاوى؟
كلا," لأنه إذا كانت القاعدة بأن الإلغاء بدعوى تجاوز السلطة ينتج آثاره (erga- omnes) أي للجميع" ، و أن الحكم الذي يتحقق من عدم المشروعية لنص ما عن طريق الدفع بعدم المشروعية ليس له من ناحية مبدئية الا السلطة النسبية للأشياء المحكوم بها أي فقط بين طرفي الدعوى.
ونحن نرى أنه ليس هناك ما يمنع أن ننقل الى مجال الدفع بعدم المشروعية الحلول التي




12- C.E., 14 Novembre 1958, Ponard, Rec. P. 554
13- B. Genevois, note, A.J.D.A., 1981, P.434



تم التوصل اليها في حالة دعوى تجاوز السلطة.
إن القرار الصادر عن محكمة العدل العليا والذي يحمل الرقم (75/1969) كان قد أعاد الحياة لنص ملغى موجود في نظام، فهو في الحقيقة يذهب أبعد من القرار (154/65)⁴¹ الصادر أيضاً عن محكمة العدل العليا حيث أنه يقارب بين آثار الإلغاء بدعوى تجاوز السلطة والدفع لعدم المشروعية، إذ أنه يؤيد مبدأ "القرار المعلن عدم مشروعيته لم يلغ".
والشك إذاً باقياً للحالة إن النص السابق له قيمة تنظيمية. ولما كان القاضي الإداري غير مرتبط بإعلان عدم المشروعية السابق، ومن الناحية القانونية، النظام غير المشروع باقٍ، لكن في معظم الحالات، القاضي يتكيف مع الحل السابق.
ونحن نأمل أن يكون هناك نص قانوني يعالج آثار الدفع بعدم المشروعية في النقاط التالية:
1- أن يفرض على السلطة التنظيمية الإلتزام بإلغاء الأنظمة غير المشروعة، والتي تبدو عدم مشروعيتها منذ توقيعها (ab-initio) أوكانت نتيجة لتغيير الظروف اللاحقة على توقيعها، إذا طلب ذلك.
2- يرغم الإدارة بأن تسحب أو تلغي القرار الفردي الخاص المتخذ تطبيقاً لنظام تقرر أنه غير مشروع عن طريق الدفع بعدم المشروعية.


14- كان قد صدر عن محكمة العدل العليا الأردنية بخصوص فقدان الموظف العام لوظيفته بسبب تغيبه عن عمله بدون إذن حكمين تبعاً لدعوى تجاوز السلطة التي تقدم بها موظفون طعناً بقرارات إدارية صادرة عن إدارتهم، فاعتبر هذا القضاء العالي في الحكم رقم (154/65) "إن فقدان الوظيفة يعتبر من تاريخ صدور القرار لا من تاريخ الإنقطاع عن العمل، وإن القرار القاضي بإنهاء خدمة الموظف بأثر رجعي من تاريخ الإنقطاع عن العمل باطلاً من حيث رجعيه"
وعلى أثر صدور نظام الخدمة المدنية رقم 23 لسنة 166، الذي تضمن المادة (110) التي تنص على أن الموظف العام الذي تغيب عن عمله بدون إذن يعتبر فاقداً لوظيفته من تاريخ تغيبه بعد إنهاء إجازته لعدم وجود عذر شرعي يبرر التغيب".
وهنا نجد أن محكمة العدل العليا قد بدلت في موقفها، بحجة أن الموظف كان قد أخذ علماً بالمادة (110) من النظام، وذلك في قرارها رقم (75/1969).


الأستاذ الدكتور
نفيس صالح المدانات
D.E.A., Droit Public
دكتوراة الدولة/ فرنسا

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير