facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

حبيبتي "ستي":

حبيبتي ستي:

لارا مصطفى صالح

القبة نيوز-أحداث سيئة لا تحصى صادفتني في حياتي، انطبعت في ذهني فكونت لدي رؤية تشاؤمية للوجود،وصورة ضبابية للحياة، سلوكياتها، أخلاقها، خرافاتها، قوانينها، أحزانها وحتى أفراحها، فهي في غالب الأحيان أفراح ناقصة. ربما كان لتلك الأحداث الأثر الأكبر لحبي للعزلة بين الحين والآخر. ثم إن تلك الأحداث انعكست في طبيعتي، وكونت ما يظهر من شخصيتي، كإفراطي في جانب الجد، واستجابتي لأسباب الحزن أكثر من استجابتي لأسباب الفرح.

ربما لو ما رحلت، لما حدث شيء أبدا! هل تعلمين أن العيد لم يزرنا مطلقا منذ رحيلك. وأن عصبة من ذوي النفوس المنحطة فككوا العائلة الكبيرة طمعا في أراض وعقارات مزعومة، وبأنهم استنفذوا كل أشكال التزلف لاسترجاع مكانتهم بيد أن عطبا أصاب القلوب؟ هل أخبرك أولئك الذين يزعمون أن أرواح الموتى تشعر بالأحياء وتحيط بهم عن أحوال أبنائك بعد غيابك؟ خذي عندك، إلهام قد غادرتنا بعد رحيلك بفترة بسيطة. وقلب هيام شاب قبل الأوان؟ وابن اختك وزوج ابنتك الخال أبو صالح، رحل منذ أقل من شهر؟ وأما الخالة أم صالح، بكرك التي خطت سطور أمومتك الأولى، فهي تقبع في غرفة العناية المركزة منذ ما يزيد عن أسبوعين؟ ونسرين فقد زلقت قدمها وهي تغادر سيارتها وها هي فراشتك الصغيرة تسير على عكاز الآن؟ هل تعلمين أن الطبيب أخبر ناصرك أول أمس بأنه قد ورث من "سيدي" ورما في رئتيه؟ وهل تعلمين أن أمي قد تعبت!

حبيبتي "ستي": ثمة لحظات يهطل فيها المطر ثقيلا متجهما، كما لو كانت لحظات يأس كوني. وثمة لحظات خاصة في كوانين الذكريات قد يجتاحنا فيها صيف حنون وابتسامة تشبه ابتسامة سيدة في قلبها جرح عنيد، مطيع وخجول، ودمعة قريبة في حضن حلم جميل. وثمة قلوب مفعمة بالأمل، أجهز عليها البرد بعد رحيلك فكان أكثر إيلاما.

حبيبتي "ستي": غرفتك لا تزال على حالها، بل إن أمي قد تخلصت من مكتب أخي تامر الذي كان يعيق حركتك. ظننا أنك ستعودين قريبا فأردناها أكثر راحة لك. هي الآن مريحة بالفعل. وثيابك المطرزة برائحة الزعتر لا تزال في الخزانة بكامل بهائها.

حبيبتي "ستي".... قلبي يوجعني.

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير