الشاعر حماد يوقع "كوابيس منفى"
- تاريخ النشر : 2018-07-21 16:26:05 -
القبة نيوز- وقع الشاعر عيسى حماد مساء الأثنين الماضي وفي مقر رابطة الكتاب الأردنيين في اللويبدة ديوانه الشعري الثالث 'كوابيس منفى' الصادر عن دار دجلة للنشر والتوزيع حضر الحفل عدد من الأدباء والشعراء والمثقفين قدم خلالها الدكتور حسين البطوش قراءة نقدية والشاعر محمد خضير شهادة ابداعية في الديوان..ادار الحفل الشاعرة مي الأعرج يذكر ان الشاعر لديه ديوان بعنوان آه ياوحدي ووحدي صدر عام 2010 وديوان لمن هذا العناء والذي صدر عام 2013.
وفي ما يلي نص من فقرة من القراءة النقدية للديوان الدكتور حسين البطوش:
لاغرو أن تأتي كوابيس عيسى حماد عتبة نصية تحكي بذاتها ذاتَه من أجل تصوير همّه الجمعي الخارج عن أن يكون همّا فردياً .. فالكوابيس كلمة صيغت على منتهى الجموع التي لملمت في ثناياها تكسير جموع هذه الأمة المقلقة في تشظيها إلى جانب اختلافها فضلاً عن بعثرة شملها التي أقلّتنا على متن الخذلان والضعف إلى بلاد المنفى بتذكرة زمكانية سوداء جردتنا من ثرى أوطاننا العبق بدم الشهادة التي احتلت بونا واسعا في هذا الديوان الثري الذي انتصر إلى ديوان العرب بترجمة عروبة الشاعر ومشاعر الحبٍّ لديه كما وصفها أخي وصديقي المصمم والشاعر
محمد خضير من خلال زاوية تبئير داخلية تعاضد لها الراوي المشارك في لحظات وجدته الشخصية المحورية ... فهو الأقرب برؤاه إلى رسالة عيسى حماد واتجاهه الشعري المكرّس للانخراط مع واقع اجتماعي غير متوافق لديهما تماما وليس هذا - كما يبدو لي إلا من إيمانهما العميق بأن الأدب موسوعة اجتماعية عندما يمثل الحياة... والحياةُ في أوسع مقاييسها حقيقة اجتماعية تبثّ لغتها معاناة الشاعر بما يترجم أحاسيسنا وانفعالاتنا ولو بإشارات تلميحية إلى المعنى المراد في ذهنه وفق إبداع فني لم ينأ به عن عمود الشعر وهيبته، فضلاً عن جزالة اللفظ وعمق المعاني وبراعة التصوير إلى جانب بقية عناصر الشعرية بمؤدى انحرافات لغوية عن المعتاد القياسي والنمطي في حياتنا الذهنية؛ ما اثري النصّوص وفعّل شعريته إلى الحد الذي عصف به ذهن المتلقي وأثاره:
أَمْشي عَلَى المَاءِ بِي غَيْظٌ لَهُ أَلَمُ
وَلْهَانَ عُمْراً وَقَدْ زَلَّتْ بِيَ القَدَمُ
أَنْفَقْتُ عُمْري بِلَذَّاتٍ تُخَالِجُهَا
أَضْغَاثُ حُلْمٍ بِها الأَضْدَادُ تَزْدَحِمُ
هنا لا يخفى عليكم ترادف ألفاظ العربية للمعنى الواحد، بيد أنها تختلف رقة وجزالة، والبلاغة تقتضي أن نستعمل اللفظ الرقيق في موضعه، واللفظ الجزل في موضعه ما أمكن من قول فصيح ...، لهذا نجد الشاعر أحسن اختيار ألفاظه في هذه الأبيات كما كل الديوان لاسيما في قصائده الحماسية صوب الوطن والشهيد فالالفاظ الجزلة أنسب لها من الألفاظ الرقيقة (أمشي أسير أركض) (غيظ بالتنوين أشد من قوله عتب أو زعل أو حزن ) عالج قلة حروفها بالتنوين حرفاً رابعا بعد ما توسطت الياء كحرف لين غلظة الغين وثقل الظاء ما اكسبها جزالة فائقة ومن ذلك لفظة (أَنْفَقْتُ) افضل من أمضيت أو افنيت ف الانفاق بالارادة ولكن المضي بغير ارادة وافنيت قد تكون بسلوان او بغيره كارها ام راغبا بينما الانفاق فيه تدرج وارادة ووعي بقصدية ومن ذلك لفظة ( تخالجها ) افضل من تسايرها أو تحدوها.
ومن ذلك لفظة ( حلم ) ودتتها أحلام لتتوافق مع أضغاث ولكن استقام الوزن ب ( حلم ) والمعنى المراد يشي بأن وحدوية الحلم الواحد بأضغاثه تعدل حجم الكوابيس في المنفى بعدما زلَّ به الحلم تماما كما زلت به القدم فزلل قدم واحدة كفيلة بأن تطيح بك ... ومن ذلك لفظة ( الأضداد تزدحم ) فخامة الحروف تناسب هول الموقف الراهن في ساحته .. هنا يحسب للغة العربية كيف نختار الفاظنا المعبرة التي تحكي ألفاظها حكاية الصوت/ المشهد الدال على معناه من مثل قطّعت / قطعت التكثير شقَّت الثوب فرَّ الجاني: مكر مفر مقبل مدبر ...
وفيما يلي نص من الشهادة الابداعية التي قدمها الشاعر محمد خضير
الشِّعرُ، مِن قواميس الُّلغة... وفي رأيٍ غريبٍ تبنَّتهُ فئة قليلة، أنَّ الكلمة في الشِّعر تقسمُ إلى شريفةٍ ووضيعة، فالكلمةُ إذا قلَّ استعمالها صارت شريفة، وإذا كثُرَ استعمالها صارت وضيعةً مبتذَلة! وهذا رأي أرَى فيه الضِّيقَ المغادرَ لِسعَةِ الذوق. أما كوابيس حمّاد؛ فهي بنات مفردات كانت أغزر اطِّلاعاً، فلم يُقصِر همَّتَه على قضيته فحسب، بل شغلَ شعْرَه بكلِّ ما مسَّهُ شيء مِن عروبة وبعض حبٍّ.
ولعلَّ ما أفرده الجاحظ ذات فكرة بأنَّ «المعاني ملقاة على قارعة الطريق» إلا نقيض فلسفة تلك الفئة القليلة، فلا يعيبُ الشَّاعرَ الركونَ إلى ما سبقَ مِن قافيةٍ أو بحرٍ أو قضيَّة. ومِن أجل قطع الطريق على الآخر، بذَرَ الشاعر حمّاد بيتهُ:
الشِّعْرُ نَسْلُ خَيالِنا، ما مِنْ فَتىً إلا ويَحْمِـلُ مِـنْ أَبيهِ مَلامِـحا
على مدخل الديوان، فأنبتَ استهلالاً طيِّباً، يدلِّل على حِرفيَّة الشَّاعر التي تجاوز فيها مقولة: «العُنوان عتبة النَّص»، فصارَ البيت السابق عتبةً أخرى غَلَبت العُنوان وأشارت إلى موهبة الشَّاعر الذي تنقَّلَ بين كثيرٍ مِن البُحور، فابتلَّ دونَ أن يغرقَ في بحر النثيرة التي طغت على منتجات كثيرٍ ممن يدَّعون الشِّعْرَ الآن.
الشاعر عيسى حمّاد استطاع في مجموعته هذه أنْ ينتصرَ لديوان العَرب الذي يعيش في عطلةٍ مفتعلة بعد أنْ نحى كثيٌر مِن الشُّعراء إلى النثيرة التي ما زالت تبحث عن هُويتها، وما هذه العطلة سوى عدوى الترجمات التي أصابت معظم الأقلام الحالمة بالحداثة على حساب الأصل.
تابعوا القبة نيوز على