facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

البتراء منحوتة في الصخر وتنحت في الذاكرة

البتراء منحوتة في الصخر وتنحت في الذاكرة
البتراء (الأردن) - كشفت مصادر إخبارية أردنية عن تراجع عدد السيّاح الأجانب إلى مدينة البتراء أو ما يعرف بـ”المدينة الوردية” بنسبة 10.6 بالمئة خلال الشهور الخمسة الأولى من العام 2016 مقارنة بالعام 2015. وبحسب محمد النوافلة رئيس مجلس مفوّضي سلطة إقليم البتراء فإنه لم يشفع لمدينة البتراء الأردنية اختيارها في 2007 ضمن لائحة عجائب الدنيا السبع “الجديدة” التي تم التوصل إليها، بعد عملية تصويت شعبية استمرت عدة أشهر، وشارك فيها نحو 70 مليون شخص حول العالم، ولا إدراجها ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو. وأرجع النوافلة تراجع صناعة السياحة في البتراء، إلى الأحداث التي تمرّ بها المنطقة حيث قال “البتراء جزء من الأردن الذي هو جزء من العالم، فهو يؤثر ويتأثر بما حوله من اضطرابات تشهدها المنطقة.. التأثير طال الحركة السياحية برمتها”. وأشار النوافلة إلى أن الجهات الحكومية في البتراء تعمل في الوقت الحالي على إيجاد منتج جديد في المدينة، “وإحياء الفعاليات التي تسهم في استقطاب وتنشيط السياحة المحلية عوضا عن تراجع أعداد السياحة الوافدة”. وتأمل الجهات الحكومية في أن تكلّل جهودها في النهوض بالسياحة في المدينة الوردية بالنجاح، لا سيما وأن مدينة البتراء الواقعة في محافظة معان في جنوب الأردن مدينة أثرية وتاريخية تشتهر بعمارتها المنحوتة في الصخور، بالإضافة إلى أنها واحدة من أهم الوجهات السياحية لزعماء العالم. كما أن البتراء تعد في الوقت الراهن، رمزا للأردن، وأكثر الأماكن جذبا للسياح على مستوى المملكة، خصوصا وأنها تضم تنوعا ثقافيا وفنيا، عائدا إلى كونها كانت في القديم مركزا للتجارة الدولية. البتراء المدينة الأثرية المنحوتة في الصخور تعد واحدة من أهم الوجهات السياحية لزعماء العالم وقد لقبت البتراء بـ”سلع”، و”المدينة الوردية” و”مدينة الأنباط”، و”أثمن كنوز الأردن”، و”أجمل المواقع السياحية”، و”إحدى عجائب الدنيا السبع” وكل هذه الأسماء والألقاب التي أطلقت عليها نحتها العرب الأنباط في الصخر. وتقع هذه المدينة التاريخية التي بناها الأنباط في العام 400 قبل الميلاد، جنوب الأردن وتبعد 225 كيلومترا من العاصمة عمّان إلى الغرب من الطريق الرئيسي الذي يصل بين العاصمة ومدينة العقبة. ولولا مكتشفها جوهان بيركهارد الذي أخرجها إلى العالم سنة 1812 م لظلت دفينة صخورها. ويقام في البتراء سنويا ومنذ عام 2005، مهرجان البتراء السياحي الثقافي، لتشجيع السياحة الداخلية والعربية والتعريف بأهم معالم المدينة، علما وأنها تضمّ عددا كبيرا من الفنادق لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الزائرين لمحمية الآثار في المدينة. وتعتبر البتراء، التي نحتها العرب الأنباط في الصخر حيث تقع على منحدرات جبل المذبح بين مجموعة من الجبال الصخرية الشاهقة، نقطة وصل وتلاقٍ بين شبه الجزيرة العربية جنوبا وبلاد الشام شمالا إلى قلب أوروبا وحتى الصين عن طريق تجارة الحرير والتوابل. وتجمع هذه المدينة الأثرية عشاق المغامرة بمحبي التراث عند بوابة الدخول إليها، إذ لا يمكن الدخول إلى قلب المدينة إلا بالمسير عن طريق “السيق” وهو شقّ صخري هائل يتلوى بطول حوالي 1200 متر وبعرض يتراوح من 3 إلى 12 مترا، ويصل ارتفاعه إلى أكثر من 80 مترا من الصخور الملوّنة والمتنوعة الأشكال، وأرضية من الحصى. ويعتبر الجزء الأكبر من السيق الذي هو بمثابة الطريق الرئيس المؤدي لمدينة البتراء، طبيعيا، بينما الجزء الآخر منه نحته الأنباط، وينتهي السيق في الجهة المقابلة للخزنة. وعلى السائح قطع السيق سيرا على الأقدام على امتداد كيلومتر، لأنه لا يسمح باستعمال السيارات أيّا كان نوعها، وفي حال تعذّر على الزائر السير لا سيما إذا كان كبيرا في السنّ يسمح له باستئجار الخيول أو الجمال أو عربة تجرّها الخيول. وبإمكان السائح أن يمتع نظره أثناء السير بمشاهدة بقايا لقوس يمثل بوابة المدينة في بداية السيق، وبقنوات لجرّ المياه موجودة على جانبيه، وهي ممتدّة من عيون وادي موسى في الخارج إلى المدينة في الداخل. كما يمكن مشاهدة السدود الجانبية، التي أقيمت في مكان السدود النبطية الأصلية، لمنع تدفق المياه إلى السيق، وحجزها والاستفادة منها. ويحظى السائح كذلك بمشاهدة جزء من أرضية السيق المبلطة ببلاطات حجرية، بالإضافة إلى جوانبه التي زينت بالمنحوتات النبطية ومعظمها منحوتات تمثل آلهة، علما وأن تماثيل الآلهة ومحاريبها قريبة جدا من هذه القنوات بل وملاصقة لها أحيانا. كما يمكن أيضا مشاهدة مجموعة من المنحوتات على الجانب الأيسر من السيق تُعرف باسم “أصنام سابينوس”، وقد سُمّيت هذه المجموعة بهذا الاسم لوجود نقش باليونانية تحت الحنية الثانية على يسار الزائر وهو متجه إلى آخر السيق. وأول مشهد يقابل السائح في نهاية السيق هو مشهد لأشهر معالم البتراء وأكثرها أهمية ألا وهو “الخزنة المشهورة” واللوحة الفنية التي تعلوها والبالغ ارتفاعها 43 مترا وعرضها 30 مترا، والمثير للإعجاب والدهشة أن هذه اللوحة منحوتة في الصخر الوردي بحيث كلما أشرقت عليها الشمس تعكس ألوانا ساحرة. وتنطق هذه اللوحة بالقدرة الهندسية الدقيقة للعصور السابقة كما أنها شاهد على عظمة الحضارات القديمة، لا سيما وأنها صنفت على أنها تحفة فنية نادرة. وتعد الخزنة بوابة الولوج إلى المدينة ونقطة الانطلاق لاستكشاف كل نفائسها التاريخية والاستمتاع بها، حيث يوجد تنوع هندسي كبير نحت بكل دقة على الصخور الوردية كالمدافن المزيّنة بالنقوش الغريبة والتي ظلّت صامدة عبر التاريخ، والمسرح الذي يتّسع لأكثر من ثلاثة آلاف متفرج وهو مبنيّ على الطّراز الروماني. كما تنتشر في أنحاء المدينة المعابد وأماكن تقديم القرابين والشوارع المبلّطة المحفوفة بالأعمدة. وعلى مرتفع عال من مدينة البتراء نحت “الدير” الذي يعتبر من أبرز المواقع الرائعة في المدينة، وقد نحت من الصخر بأشكال فنية تحمل روح الإبداع والفن. ويمكن الوصول إلى هذا الدّير عن طريق سلالم وأدراج يبلغ عددها 800 درجة، ويحظى الزائر إذا ما تسنّى له الصعود حتى قمّة الدير بمشهد فريد يكشف سحر المدينة الوردية. ويحتاج السائح لاستكشاف المكان والتعرّف على بعض معالم المدينة إلى يومين أو أكثر، ويساعده على ذلك وجود متحفين بالمدينة “متحف البتراء الأثري” و”متحف البتراء النبطي”. ويعرض كلا المتحفين نماذج من الأدوات والقطع الأثرية التي وقع اكتشافها أثناء عمليّات البحث والتنقيب التي جرت وتجري في البتراء وما حولها من المناطق. ويلمس الزائر في هذه القطع الأثرية المتواجدة في المتحفين عراقة المدينة الصخرية، إذ يحتوي المتحف النبطي على ما يقارب الـ600 قطعة أثرية معروضة في خزائن العرض، حيث يتألّف من ثلاث قاعات رئيسية: القاعة الأولى تشتمل شرحا عن تاريخ الأنباط وجيولوجية البتراء، بالإضافة إلى قطع أثرية تعود إلى العصر الحجري الحديث. أما القاعة الثانية، فهي مخصصة للمكتشفات من الحفريات الأثرية، ومرتّبة حسب تسلسلها الزمني. كما تضمّ هذه القاعة نبذة تاريخية عن الزلازل والتجارة النبطية وطرق القوافل والبتراء في العصور الوسطى. أما القاعة الثالثة، فتحتوي على مجموعة من الأسرجة الفخارية حسب تطور صناعتها، والتماثيل البرونزية والفخارية والأطبـاق الملونة والعادية وقطع العملات، والحلي والمجوهرات، بالإضافة إلى بعض القطع الفخارية والجرار مختلفة الأحجام. وتوجد على مشارف السيق مدينة “وادي موسى”، وهي مدينة يتوقف فيها السياح المتجهون في طريقهم إلى آثار البتراء، ويوجد فيها أكثر من 50 فندقا ومنتجعا والكثير من محلات التحف والبازارات والمطاعم السياحية التي تقدم الخدمات لزوار المدينة الأثرية وللمنطقة. وعلى أبواب البتراء أقام السكان المحليون أكشاكا تعرض صناعات يدوية تراثية كالفخار والحليّ والزجاجات الملونة التي يمكن اقتناؤها كتذكارات جميلة. وعلى مقربة من المدينة يوجد جبل هارون الذي يعتقد أنه يضمّ قبر النبي هارون والينابيع التي ضرب موسى بعصاه الصخر فتفجرت، فللمدينة أهمية دينية وتاريخية. ويوجد مقام هارون في البتراء وعلى أحد قممها المطلّة على المدينة الأثرية بارتفاع 1353 مترا عن سطح البحر.    
تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )