الشرفات يكتب : طاهر المصري .. قراءة منصفة !
- تاريخ النشر : 2018-04-02 16:17:38 -
القبة نيوز - قد لا يكون محبذاً للقارئ الكتابة عن الأشخاص مهما علا قدرهم او ارتفع شأنهم في أذهان النخبة والعامة على حدٍ سواء لأعتبارات كثيرة ليس أقلها حالات الأنقلاب اللحظي والأنفلات الموسمي للساسة ، مما يجعل أمر الأشادة وكيل المديح ضرباً من ضروب المغامرة والمقامرة في آنٍ معاً ، وربما لأن قدر المخلصين في الشرق أن يخلدوا بعد رحليهم ، ولكن الذي دفعني لقول كلمة تنبع من الضمير قبل العقل هو مقال الصديق الاعلامي المخضرم معالي الأستاذ محمد داودية في حق رجل الدولة الأنيق الخلوق طاهر المصري .
قبل عام 2011 كنت اسير افكار بعيدة عن جوهر الرجل ومضمون فكره ورؤيته الوطنية ، بل كنت من الذين يأملون اسدال الستار على حياته السياسية لأسباب أدركت فيما بعد انها كانت محض افتراء ، الى أن عملنا معاً في لجنة الحوار الوطني التي كانت وليدة ظرف دقيق في منطقة يتقاذفها اللهب واللعب من كل جانب وتتهاوى اليها المخاطر من كل حدب وصوب ، فقاد اللجنة بروح وطنية صادقة ورؤية واثقة وحكمة ومهارة غابتا عن الكثير من الساسة ورجال الدولة وقتذاك .
طاهر المصري من الساسة القلائل الذين يمتلكون خطاباً واحداً في الظل والضوء ومنهجاً واحداً في التفسير والتبرير ، ونهجاً منسجماً في السلطة وخارجهاً وأداءً رفيعاً في الأداء العام وتمسك فريد بأخلاق رجل الدولة المخلص للعرش والوطن والناس ، والأهم انه لم يورث موقعه لأبنه مختاراً لا مضطراً وزاهداً لا راغباً ، وبقي يقول رأيه بوضوح في كل مظاهر الأزمة والخلل بشجاعة وأمانة وأخلاص .
طاهر المصري قارئ محترف للتجاذبات الأقليمية ومدرك للخيط الرفيع المتاح للسياسة الوطنية للتعاطي مع تلك التجاذبات ، ومهارة التحليل والتوصيف تلك يرافقها مقترحات اريد لها غير ذي مرة أن لا تسمع وحلول قيل عنها ظلماً انها لا تنفع ، وهو قاسم مشترك للفرقاء والحلفاء من القوى السياسية ووسيط نزيه بين كل هؤلاء والحكومات في مناسبات عديدة ، والأهم انه رجل دمث وصاحب خلق رفيع .
طاهر المصري رجل ديمقراطي بأمتباز ونصيراً للحوار ومؤمن بدور خلاق للمرأة والبرلمان ويتوسط المسافة بين الليبراليين والمحافظين ، وله تاريخ مشرق في أحترام دور البرلمان في الرقابة والحياة العام ، فقد آثر ذات يوم ان تستقبل حكومته على ان بكون وبالاً على الديمقراطية واستحقافانها الملتصقة وقتذاك مع مصالح الوطن العليا ، سيما وان الرجل يمتلك شخصية ثابتة رزينة تحظى بأحترام الخصوم قبل غيرهم ، شخصية لا تجيد القفز على المواقف والأحداث ولا تقبل به .
متطلبات الأنصاف تقتضي منا ان نعطي الرجل حقه فهو رجل ملم بتفاصيل القضية الفلسطينية وتداعياتها الداخلية وانعكاسها على الأمن الوطني الأردني والمصلحة الوطنية العليا ، ويدرك اهمية الدور الهاشمي والوصاية التاريخية في القدس والتي تشكل الضمانة الأهم وربما الوحيدة للحفاظ على عروبة وهوية القدس ، ويعلم اكثر من غيره ان العلاقة التاريخية بين الشعبين الأردني والفلسطيني ستبقى المعين الذي يستمد منه اهل فلسطين نضالهم لتحرير ارضهم واقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس العربية .
للرجل رؤية ثاقبة وبعيدة النظر في الشأن الداخلي ، فهو رجل ديمقراطي بطبعه وثقافته وتربيته الأسرية في عائلة سياسية بأمتياز ، يؤمن بأن الحرية والديمقراطية ومكافحة الفساد والعدالة والمساواة وسيادة القانون هي الضمانة الأهم للأمن الوطني ، وأن عدم قدرة الحكومات على ألتقاط مضامين التوجيهات السامية هي احدى عوامل الخلل في الأداء العام وحيثما وجد ، وأن مؤسسة العرش نزيهة منزهة عن عوامل الخلاف والأختلاف بين الاردنيين والحلَكم الأمين بين السلطات ، فهو لا يقول الا بما هو مؤمن به حقاً ويرى فيه مصلحة الوطن والحكم .
طاهر المصري مزيج من الحكمة والخلق والوضوح ورجل دولة من طراز فريد وصديق مخلص وفي صادق ووطني اصيل يرتقي دوماً فوق الجراح والأذى ، وما بين عمان والقدس مساحات خبرة وطنية من رجل دولة نثق به ونرى فيه الخير الكثير ، فقدر هذا الرجل ان يكون له من اسمه نصيب ....!!
تابعوا القبة نيوز على