الصراع اليمني ومخاوف الانفصال الجنوبي
القبة نيوز ألقى الخبير في شؤون اليمن والسعودية الدكتور عبدالله حميد الدين، باللوم على ما يحدث هناك على سياسة النظام السابق التي حولت اليمن إلى قوة عسكرية "لتصبح الدولة على شكل قبيلة، ولم يكن هناك مشروع بناء دولة، فعندما سقط النظام سقطت الدولة".
وشدد حميد الدين في الجلسة الأولى من الندوة العلمية التي نظمها معهد الإعلام الأردني الأربعاء بعنوان "فهم اليمن: الجغرافيا والصراع والتحولات"،"فهم اليمن-نظرة عامة"، التي أدارها عضو مجلس إدارة معهد الإعلام الأردني سائد كراجة، شدد على أن البعد الإنساني "لم يؤثر سياسيا على الأزمة اليمنية، مستشهدا بالحالة السورية، حيث صور القتلى والدمار لم يحرك الجانب السياسي قيد أنملة".
وحول الجنوب اليمني قال حميد الدين "إن هناك مشروع انفصال حقيقيا، فتهميش الجنوب أيضا ولّد رغبة لديهم بالعودة إلى سابق العهد قبل الوحدة، وإذا اصرّ الشمال على رفض الإنفصال، فهذا يعني أننا على أعتاب سبب آخر لحرب أهلية أخرى".
وفي جلسة أخرى حول "التغطية الإعلامية وأوضاع اليمن"، وأدارها د.إربيحات، قال الباحث اليمني الدكتور مراد العزاني "إن الإعلام يتميز بعدم التنوع وأصبح ضحية للوضع السياسي، الأمر الذي أدى إلى أن الإعلام صار مستقطباً ويتلاعب بالشعب اليمني، فكل قناة إعلامية تابعة لطرف معين تتهم الأطراف الأخرى بقتل الأبرياء، وكذلك تفعل القنوات الأخرى".
وأشار العزاني إلى أن المشهد الإعلامي في اليمن صار ضحية مفجعة لما يحدث، فقد قتل ما يقارب 21 صحفياً عام 2011 عدا عن إعتقال عدد آخر بتهمة الخيانة".
وأورد العزاني مثالاً على سوء التغطيات الصحفية في اليمن "بأن المعلومات شحيحة وغير دقيقة عن الوضع الصحي هناك، حيث عدم وجود صحفيين محترفين على الأرض، جعلت الأخبار ورغم أنها شحيحة لكنها أيضاً تحمل أجندات تجاه طرف من الأطراف، بعيداً عن الدقة والحيادية".
تناولت الجلسة الثالثة من الندوة الوضع الداخلي اليمني والصراع الجنوبي الشمالي وصعوبة تكوين كيانات سياسية قادرة على الانفصال عن الدولة اليمنية نظراً لهشاشة الهويات الوطنية والسياسية وعدم وجود جوامع تعزز هذه الهويات مقارنة بإقليم كردستان العراق.
الكاتب والباحث في شؤون اليمن عبد الناصر المودع نفى وجود نظام سياسي يمني جامع على الرغم من وجود معززات في الهوية الداخلية لليمنيين خصوصاً في الجنوب قائلاً: "كانت السلطات تتمدد ضمن حالة من اللامركزية في الدولة تشبة توسيع السلطات والنفوذ على العكس من الشمال الذي ظهرت فية الهوية السياسية بشكل أعمق"، مما خلق فجوة عميقة بين الجانبين صورة الوحدة اليمنية بين الجنوب والشمال على أنها ربح صافي للشمال وخسارة مغلقة للجنوب.
وأرجع المودع ذلك لتبني النخب السياسية والثقافية الجنوبية خطاب العنصرية والقروية البدائية تجاه الشمال وتعزيز هذه الصورة لدى الأوساط الشعبية باستغلال ضعف سيطرة الدولة اليمنية على مفاصل الجنوب، مما عزز التوجة نحو الحديث عن مشروع "الجنوب العربي" الانفصالي ككيان موازي للدولة اليمنية كمحاولة للانسلاخ عن الهوية الوطنية الجامعة.
وبتوصيفه لأسباب رواج هذا الفكر لدى البعض خلال المرحلة الحالية أكد أن متبني هذا التوجة يستغلون أحلام البعض في البحث عن الجنة الموعودة منذ تفكك الدولة في العام 2011 أملاً بتقسيم اليمن باستخدام سلاح الحوثيين وتأسيس قوة للإنفصاليين بخلق "واقع جديد على الأرض".
واختتم المودع حديثة بالتأكيد على وحدة اليمن وعدم نجاح الدعوات الرامية لانسلاخ الجنوب عن الوحدة العضوية للدولة اليمنية، فالشرعية تستمد عبر صناديق الاقتراع ووفقاً للعهود والمواثيق الدولية التي تؤكد وحدة الدولة اليمنية.
من جانبة تحدث نائب محافظة عدن العضو في المجلس الرئاسي للمجلس الانتقالي الجنوبي عدنان محمد الكاف عبر سكايب عن الحراك الجنوبي الانفصالي قائلاً: "الحراك الجنوبي في اليمن بدء في العام 2007 وكان أول حراك سلمي، لم يستخدم أي سلاح عدا ذلك الذي قمعت بة الدولة المطالبين بالعدالة والمساواة فكان الحراك مشتتاً على الرغم من إشراف العديد من المنظمات والهيئات عليه".
وشدد على أن شرعية الحراك الجنوبي تستمد من الشعب مالك القرار والسلطة ومن خلال دعم الأمم المتحدة لإجراء انتخابات وإخراج ممثلين حقيقيين عن الجنوب للحديث عنهم في أي مفاوضات قادمة.
وأشار إلى أحقية الحراك الجنوبي في تمثيل اليمنيين فهم من يحاربون في الجنوب وتلشمال دفاعاً عن اليمن قائلاً: "الجيش الوطني لم يتحرك والتقارير الدولية كانت واضحة تجاوة محاولات إفساد الدولة واستمرار الحرب".
وكان عميد معهد الإعلام الأردني الدكتور باسم الطويسي قال في بداية الندوة إن "المعهد يحاول دائماً إرساء تقاليد للحوارات العامة والمعرفية في القضايا الاستراتيجية المحلية والإقليمية والدولية"، وإن المعهد يحرص من خلال تنظيم مثل هذه الندوات "على الاستماع إلى كافة الأصوات بنزاهة وعدالة من أجل توفير مساحة أوسع من الفهم للإعلاميين والباحثين والطلبة".
وتأتي الندوة الحوارية لتسليط الضوء على القضايا الشائكة والراهنة في اليمن في وقت تعاني فيه البلاد من حروب وعدم الاستقرار وحرمان من التنمية والتحديث، وكذلك كمحاولة لرؤية المشهد بصورة أكثر وضوحاً وبحيادية وموضوعية وبدون تحيز من قبل المشاركين. السبيل- عهود محسن