مريم القادري تكتب :جلالة الملك ثباتٌ في المبدأ، وقيادةٌ تُنير درب الأمة

بقلم - مريم بسام بني بكار القادري
سطر جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم من عرشه الهاشمي درساً للتاريخ في العزّة والكرامة وان الموقف الثابت على الحق ليس خياراً عند العظماء إنما يولد معهم فالسيادة لا تستعار ولا تباع في سوق المصالح، والإيمان بالكلمة الصادقة أبلغ من السلاح ومواقف الحق لا تُشترى بالضغوط ولا تُقاس بحجم التهديد، والقائد يختار المبدأ سلاحاً، والكرامة رايةً لا تُنكّس مهما اشتدّ ليل السياسة ولا يُغيّر بوصلته مهما اشتدت العواصف ويبقى شامخا كالسنديان يسير بخطى الواثقين، يرسّخ مكانة بلاده كحصنٍ للعقل والاتزان في محيطٍ مضطربٍ بالاضطرابات والانقسامات ، ويحرس كرامة وطنه بصلابةٍ لا تلين في وجه التهديدات.
جلالة الملك،،، نبض العروبة الذي لا يخفت مهما طال ليل الظلم... صوته هو صدى الضمير الحر في عالمٍ مأزوم .فبينما آثر كثيرون الصمت، حمل جلالته لواء الحقيقة إلى المنابر الدولية، فهزّ ببياناته وخطاباته أروقة الأمم، وأعاد تعريف العدالة من منظورٍ إنسانيٍّ لا تُحرّكه المصالح، لم يُساوم، ولم يتردّد، بل واجه الضغوط الدولية بصلابةٍ تُدرَّس في فن القيادة، مؤكداً أن موقف الاردن هو تعبير عن هوية راسخة تُقدّس العدل وترفض الظلم. فبحنكته السياسية النادرة والراقية كشف للعالم زيف الرواية الإسرائيلية و أن ما يُسمّى "حربًا دفاعية" ما هو إلا عدوانٌ دمويٌّ يستهدف الإنسان قبل المكان وحرب إبادة.
أدار جلالته المشهد بلغة دبلوماسية في التواصل الإنساني؛ إذ خاطب العالم بلغة الصدق قبل السياسة والتي تُوقظ الضمائر قبل المصالح مُعيداً الاعتبار للحقيقة التي حاولت الدعاية الإسرائيلية طمسها .
ولم تكن مواقف جلالته شعاراتٍ تُقال، بل أعمالًا تُنفّذ على أرض الواقع فكانت المستشفيات الميدانية الأردنية في غزة شاهداً على وجعٍ أردنيٍّ يتقاسم الألم مع الأشقاء، ورسالةً تؤكد أن الهاشميين لا يعرفون الحياد في معارك الكرامة الإنسانية وان الكلمة الأردنية نبراساً للضمير الحي وصوتًا للحق.
وفي القدس، كانت الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية عهدا مقدسا لدى جلالته وسيف امانة لا يغمد يدافع عن هوية المدينة وقدسيتها في وجه محاولات التهويد ومشاريع الطمس فلم يتنازل عن حقها الذي ارتوى بدماء الأجداد .
وفي المشهد العربي المأزوم، كان جلالته ميزان الحكمة وصوت العقل يدعو إلى وحدة الصف ونبذ الانقسام، مُدركاً أن قوة الأمة في تماسكها، وأن التشرذم بابٌ للفوضى والانكسار فكانت رسائله للعرب نداءات إنقاذٍ أكثر منها بيانات سياسية، تُذكّر بأن الضعف ليس قدراً إذا اجتمعت الإرادة.
وفيما يخص الشأن الداخلي للأردن صاغ جلالته معادلةً نادرة مفادها بأن القوة بالحكمة، والسيادة بالثقة. فقد أثبتت القيادة الهاشمية أن الإيمان بالشعب هو السلاح الأصدق وان الثقة بين الملك وشعبه عقد وفاء تجدده المواقف قبل الكلمات فالبرغم من تزايد الأزمات الاقتصادية وضغط الإقليم، الا ان الأردن ظلّ متماسكاً ككتلة تستمد الصبر والعزيمة من قائدها الذي اختار الصراحة طريقاً، والعدالة نهجاً، والكرامة دستوراً لا يُمسّ فنجح في ادارة الملفات الدولية ببصيرةٍ نافذةٍ توازن بين المبادئ والمصالح ، ورفض ان يكون الأردن تابعاً او ساحةً لتصفية الحسابات، وحافظ على استقلال القرار الأردني، وأبقى الوطن واحة استقرارٍ في قلب الإقليم الملتهب.
واليوم.. اثبت جلالته كقائدٍ استثنائيٍّ يصوغ المستقبل بوعيٍ متقد بأنه لا يكتفي بإدارة الأزمات بل يُعيد تعريفها ولا يُلاحق الأحداث بل يسبقها، مستشرفاً دروب الغدّ بعين القائد الذي يعرف أن بناء الدولة لا يكتمل إلا بالعدل، وأن قوة الوطن تُقاس بثبات مواقفه لا بعدد جيوشه .
جلالة الملك... ليس مجرّد حاكم يناقش أزمة، بل مدرسةٌ في الصمود، وعقيدةٌ في الرجولة السياسية... هو القائد الذي يجعل من كل محنة سببا للثبات ومن كل تحدّي فرصة لترسيخ الصمود.
" ملكٌ ثابت، وشعبٌ مخلص، ووطنٌ لا يُقهر" رسالة من الأردن إلى العالم تدون في سجل الفخر والعز.