facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

الدكتور محمد الفرجات يكتب : إنذار خطي نحو ...مدن وقرى نظيفة ومسؤولة

الدكتور محمد الفرجات يكتب : إنذار خطي نحو ...مدن وقرى نظيفة ومسؤولة
بقلم - الدكتور محمد الفرجات

في الوقت الذي تتفاقم فيه تحديات النظافة العامة، وتزداد الشكاوى من تراكم النفايات والمخلفات أمام البيوت وعلى الأرصفة والشوارع، لا بد من حلول عملية تضع المسؤولية في مكانها الصحيح. فالمساحات العامة ملك للجميع، ونظافتها مرآة حضارية لمجتمعنا الأردني، لكنها تبدأ أولاً من أمام بيوتنا ومؤسساتنا.

إن أحد أنجع الأدوات التي يمكن أن تطبقها البلديات، ومعها كوادر وزارة البيئة والشرطة البيئية، هو "الإنذار الخطي". فالمبدأ بسيط وواضح:

كل من يترك أمام منزله أو محله أو أرضه مخلفات، أو يسيء للحيز العام بإهمال النظافة، يُعطى إنذارًا خطيًا رسميًا.

في نص الإنذار: "أزل المخالفة... أو نظف أمام منزلك خلال أسبوع. وإن لم تفعل، ستقوم كوادر البلدية أو الجهة المختصة بذلك، على أن تُرسل لك الفاتورة بالقيمة الحقيقية للتنظيف والإزالة."

بهذا الأسلوب تتحقق العدالة، ويتجسد مبدأ "من يتسبب بالمشكلة هو من يدفع كلفتها"، بدلًا من أن تتحمل الخزينة أو الجيران تبعات سلوك فردي.

تحديات الأنقاض:
من أكبر المعضلات التي تواجه مدننا وقرانا اليوم هي مخلفات البناء والأنقاض، حيث يقوم بعض المقاولين أو الأفراد برميها عشوائيًا في الأراضي الفارغة، أو على أطراف الطرق، أو حتى أمام البيوت. هذه الظاهرة لا تشوّه المشهد الحضري فقط، بل تسبب أضرارًا بيئية وصحية، وتعيق شبكات الصرف والري، بل وقد تشكل خطرًا على السلامة العامة.
الإنذار الخطي هنا يصبح أداة فعّالة، إذ يحدد المسؤول عن الأنقاض، ويُلزمه بإزالتها أو دفع الكلفة كاملة، مع إمكانية فرض غرامات تصاعدية في حال التكرار.

ضرورة وجود معايير وضوابط:
ولكي لا يتحول الإنذار الخطي إلى أداة اعتباطية أو بابًا للتجاوزات، فلا بد من وجود معايير دقيقة لتقدير وضبط المخالفة، مثل:

تحديد واضح لما يُعد مخالفة (نفايات منزلية، مخلفات تجارية، أنقاض بناء، إلخ).

وجود كود أو جدول تسعير معتمد لتكاليف الإزالة والتنظيف.

توثيق المخالفة بالصور والفيديو قبل وبعد، لضمان الشفافية.

إتاحة حق الاعتراض للمواطن خلال فترة زمنية محددة، عبر لجنة محايدة في البلدية أو وزارة البيئة، لضمان العدالة وتجنب التعسف.

الفوائد المتوقعة:
هذه الخطوة، لو تم تفعيلها بشكل جاد ومدروس، ستؤدي إلى:

1. ردع المخالفين: حيث لن يكون هناك تهاون أو تكرار للتجاوزات.
2. تعزيز ثقافة المسؤولية: فالمواطن سيفهم أن نظافة محيطه ليست خيارًا بل واجبًا.
3. تحقيق العدالة البيئية: إذ تُحمّل الكلفة على من أهمل أو لوث، وليس على عموم الناس.
4. التعامل مع الأنقاض بجدية: مما يقلل من التلوث البصري والبيئي.
5. تحسين صورة مدننا وقرانا: فالنظافة هي أول ما يراه الزائر والسائح، وهي بطاقة تعريف حضارية عنا.

إن الأردن وهو يسعى إلى تعزيز مكانته السياحية والبيئية، يحتاج إلى ثورة في الوعي والسلوك البيئي، تبدأ من تفاصيل صغيرة مثل نظافة مدخل البيت، لكنها تصنع الفرق على مستوى الوطن.
فالمدن النظيفة لا تُبنى بالشعارات فقط، بل بتطبيق حازم لمسؤوليات الأفراد، وبآليات ذكية مثل "الإنذار الخطي"، مقرونة بمعايير دقيقة وحق اعتراض يضمن العدالة
تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير