*"الليك" الثمن الغالي... عندما يبيع الرجل رجولته*

بقلم : نضال انور المجالي
في زمن أصبح فيه العالم قرية صغيرة، تتنافس على شاشاتها الصغيرة عروض من كل نوع، وتُقدم فيها الحياة على أنها مسرح مفتوح للجميع. ومن بين كل ما يُعرض، يبرز مشهدٌ غريبٌ ومُقلق في آن واحد: رجل يرتدي ملابس امرأة، يتقمص دورها، ويُقدم حركات مصطنعة، كل ذلك من أجل "لايك" أو بضع عملات رقمية تُلقى له من متابع افتراضي.
هذا السلوك، الذي قد يراه البعض مجرد محتوى ترفيهي ساخر، هو في حقيقته مؤشر خطير على أزمة هوية عميقة. فهل أصبحت الرجولة عبئًا ثقيلًا لدرجة أن التخلي عنها هو الطريق الأسرع للشهرة؟ إننا نشهد تحولًا في الأدوار الاجتماعية، حيث يُصبح المألوف غريبًا، والغريب مألوفًا، في سباق محموم نحو تحقيق أكبر عدد من المشاهدات.
إن رجلًا يرتدي ثوب والدته أو شقيقته، ليس مجرد ممثل كوميدي، بل هو رمز لما يمكن أن تفعله الرغبة في الشهرة. هذه الرغبة التي تدفعه لتجاهل كل ما يمثله من قيم ورجولة، وتجعله يُسقط هيبته ووقاره من أجل "لايك" زائل.
السؤال هنا، ليس عن الحاضر، بل عن المستقبل. هل سيفخر أبناء هذا الرجل، عندما يكبرون، بوالدهم الذي باع جزءًا من هويته ورجولته من أجل الشهرة؟ هل ستُشكل تلك المقاطع ذكرى جميلة أم وصمة عار يصعب محوها؟
إن مسؤوليتنا اليوم تتجاوز مجرد مشاهدة هذه المقاطع أو تمريرها بصمت. يجب أن يكون لدينا وعي حقيقي بمدى خطورة هذا المحتوى على الأجيال القادمة. فما نراه اليوم ترفيهًا، قد يُصبح غدًا معيارًا يُحتذى به، ويُفقد أبناءنا وبناتنا بوصلتهم الأخلاقية في تحديد ما هو صحيح وما هو خاطئ، وما هو جميل وما هو قبيح.
يجب أن نعيد للرجولة قيمتها وهيبتها، وأن نُعلم أبناءنا أن الرجولة ليست بالصوت الجهوري أو بالقوة العضلية، بل بالمسؤولية، والشهامة، وحماية العائلة والوطن. إنها بالموقف الثابت، والكلمة الصادقة، والاعتزاز بالذات، لا بالتخلي عنها من أجل "لايك" زائف.
حفظ الله الاردن والهاشمين