"كانت تُقلد فقط".. كشف متأخر يهز العائلات: ماذا لو كان التوحد يُختبئ بذكاء؟

القبة نيوز - أظهرت دراسة حديثة صادمة أن العديد من الفتيات يُحرمن من سنوات حاسمة من الدعم والعلاج، بعد أن يُكتشف اضطراب طيف التوحد لديهن بعد بلوغهن سن الرشد، في تأخير يُعيد طرح تساؤلات خطيرة حول طريقة تشخيصنا للمرض.
الدراسة، التي أجرتها شركة Epic Research وشملت سجلات أكثر من 338 ألف مريض تم تشخيصهم لأول مرة بالتوحد بين 2015 و2024، كشفت عن فجوة صادمة بين الجنسين:
بينما انخفض متوسط عمر التشخيص لدى الفتيان من 7 إلى 5 أعوام، ظل متوسط عمر التشخيص لدى الفتيات عند 8 أعوام، دون تحسن يُذكر.
والأكثر إثارة للقلق: أن 25% من الفتيات لم يُشخّصنَ إلا بعد بلوغهن 19 عامًا فأكثر، مقارنة بـ12% فقط من الفتيان.
لماذا تُكتشف الفتيات متأخرًا؟
الإجابة، وفق خبراء، تكمن في نموذج تشخيص قديم بُني على صورة نمطية لطفل ذكر يعاني من سلوكيات واضحة: تكرار الحركات، انسحاب اجتماعي حاد، أو تجاهل التفاعل. أما الفتيات، فغالبًا ما يُظهرن أعراضًا أكثر خفوتًا وهدوءًا، مثل تقليد السلوكيات الاجتماعية، أو إخفاء صعوباتهن، ما يجعلهن "يُنجحن" في التمويه — لكن الثمن باهظ.
يوضح الدكتور برايان هاريس، اختصاصي الصحة السلوكية في أورلاندو هيلث:
> "نحن نبحث عن التوحد بعيون مصممة لرؤية الذكور. الفتيات لا يصرخن باختلافهن، بل يُخبئنه. ونحن نفشل في السمع."
من 2 إلى 19: متى يبدأ الاكتشاف؟
رغم أن غالبية الآباء يلاحظون اختلافات في المهارات الاجتماعية عند أطفالهم منذ سن الثانية، فإن التشخيص لا يأتي غالبًا قبل سن الخامسة.
وتشير الدراسة إلى تحسن تدريجي في التشخيص المبكر، مع انخفاض متوسط العمر من 7 إلى 6 سنوات بين 2015 و2024، لكن هذا التقدم لم يشمل الجميع بالتساوي.
تغيرات ديموغرافية وغوص في الأسباب
البيانات كشفت أيضًا عن تحول ديموغرافي: أصبح التشخيص أكثر انتشارًا بين الأطفال الآسيويين، السود، واللاتينيين مقارنة بالبيض — نمط بدأ بالظهور منذ 2020، ويعكس ربما تحسن الوصول إلى الخدمات.
أما عن سبب ارتفاع التشخيصات من طفل من كل 10 آلاف في الستينيات إلى واحد من كل 31 طفلًا في 2022؟ فيرى الباحثون أن السبب جزئيًا في الوعي المتزايد، وتحسين الفحص، وتوسيع التعريف الطبي، بينما لا يستبعد البعض تأثيرات بيئية مثل النظام الغذائي أو التعرض للمواد الكيميائية.
التشخيص ليس نهاية المطاف
يؤكد البروفيسور رينهارت أن "التشخيص المبكر لا يعني فقط وضوحًا في الفهم، بل فرصة للتدخل، والدعم، ورسم مسار حياة أكثر استقرارًا".
ويضيف: "نحن بحاجة إلى أبحاث أعمق لفهم كيف يتحرك ويتطور كل طفل بطرقه الخاصة، حتى نُعالج الشخص، لا التشخيص."
---
في النهاية، قد تكون الفتاة التي تُعتبر "هادئة جدًا" أو "مُتقنة التمثيل الاجتماعي" ليست بحاجة للعلاج من "الانطواء"، بل إلى من يرى من وراء التمثيل… ويفهم أن الصمت لا يعني الصحة.