توسع استيطاني ومساع إسرائيلية لتحويل الضفة لكانتونات بلا كيان وطني

القبة نيوز- صادق الحكومة الوزارية الإسرائيلي المصغرة (الكابينت)، “سرًا” على بناء 22 مستوطنة جديدة، فيما جرت مناقشات مغلقة خلال الأسابيع الأخيرة، لتعزيز السيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية وتقسيمها إلى كانتونات، رداً على نية بعض الدول الاعتراف بدولة فلسطينية.
ولم تُحدّد صحيفة يديعوت أحرونوت التي أوردت الخبر أمس الثلاثاء، تاريخ مصادقة الكابينت على قرار بناء المستوطنات، لكنها أشارت إلى أن القرار يشمل إعادة إنشاء مستوطنتي “حومش” و”سانور”، اللتين تم تفكيكهما سابقاً في إطار خطة “فك الارتباط” عن قطاع غزة.
وتابعت الصحيفة أن الاقتراح تمت المصادقة عليه بمبادرة وزير جيش الاحتلال يسرائيل كاتس، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش.
وتصاعد الاستيطان بوضوح خلال السنوات الأخيرة، إذ كشفت حركة “السلام الآن” في بيانات استندت إلى معطيات المجلس الأعلى للتخطيط، أنه “في عام 2022 صُودق في إسرائيل على 4,427 خطة بناء في جميع أنحاء الضفة الغربية، ليرتفع عددها في عام 2023 إلى 12,349.
وبعد انخفاضها إلى 9,971 في عام 2024، فإنه في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2025 صُودق على 14,335 مخططاً للبناء الاستيطاني في الضفة”.
ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني، عقب فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية، أعلن سموتريتش عن مشروع قانون يسمح للمحاكم العسكرية الإسرائيلية بفرض غرامات على فلسطينيين لم يسددوا غرامات فرضتها محاكم عسكرية.
وفي خطوة منفصلة، يروّج عضو الكنيست عميت هليفي لإنشاء إدارة تتولى التعامل مع الآثار في الضفة الغربية وتكون تابعة لوزارة التراث، بعدما قوبل مشروع قانون بادر به لتطبيق صلاحيات سلطة الآثار الإسرائيلية في الضفة الغربية بمعارضة من المستوى المهني والسلطة نفسها.
السيادة على الضفة
من جانب آخر، قالت صحيفة يسرائيل هيوم العبرية”، وزير الشؤون الاستراتيجية في حكومة الاحتلال الإسرائيلي رون ديرمر، اقترح في مناقشات مغلقة خلال الأسابيع الأخيرة، تعزيز السيادة الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، فيما عرض رئيس مجلس ييشاع الاستيطاني يسرائيل غانتس على مسؤولين في الإدارة الأميركية فكرة تطبيق القانون الإسرائيلي في الضفة، وتقسيمها إلى كانتونات، وذلك رداً على نية بعض الدول الاعتراف بدولة فلسطينية.
وذكرت الصحيفة، أمس الثلاثاء، أن ديرمر طرح هذه الفكرة في إطار مناقشات داخلية في الحكومة، باعتبارها رد فعل على نية بعض الدول الغربية، وعلى رأسها فرنسا، الاعتراف من جانب واحد بدولة فلسطينية، فيما رفض مكتب ديرمر التعليق على ما ذكرته الصحيفة العبرية.
وأوضحت الصحيفة أنه بالتزامن مع ذلك، عرض رئيس مجلس ييشاع، الأسبوع الماضي، على مسؤولين في إدارة دونالد ترامب فكرة تطبيق القانون الإسرائيلي على أجزاء من الضفة الغربية على نطاق واسع. وحذّر غانتس خلال سلسلة لقاءات أجراها مع شخصيات مؤثرة في البيت الأبيض، ووزارتي الخارجية والجيش، من عواقب الاعتراف بدولة فلسطينية.
ووفقاً للمقترح الذي تم إعداده في مجلس ييشاع الاستيطاني، سيُطبق القانون الإسرائيلي على 65% من أراضي الضفة الغربية المحتلة، وسيعيش الفلسطينيون في 20 كانتوناً مستقلاً، بحيث لا يشكّلون كياناً وطنياً موحداً.
وأشار يسرائيل غانتس إلى أنه خلال “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تسلل من قطاع غزة إلى إسرائيل نحو ستة آلاف مسلّح، في إشارة منه إلى عناصر المقاومة، بينما يوجد في الضفة حوالي 40 ألف عنصر مسلّح تابع للسلطة الفلسطينية.
وأوضح ممثل المستوطنات للمسؤولين في إدارة ترامب أن الحدود بين إسرائيل وغزة تمتد على طول 20 كيلومتراً فقط، بينما يبلغ طول الخط الأخضر (الفاصل بين الضفة والداخل) 350 كيلومتراً، مضيفاً أن الموافقة الأميركية على هذه الخطوة هي السبيل الوحيد لمنع قيام دولة فلسطينية في المستقبل.
كما ربط غانتس بين جهود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لدفع موجة اعتراف دولية أحادية بالدولة الفلسطينية، وبين “الحاجة الملحة” لتطبيق السيادة الإسرائيلية، وقال إن “ماكرون يدفع إسرائيل نحو هذه الخطوة”.
وكانت الصحيفة ذاتها، نقلت عن وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر أنه وجّه رسالة مماثلة إلى نظرائه في بريطانيا وفرنسا ودول أخرى، محذراً من أنّ أي خطوات ضدّ إسرائيل ستقابل بإجراءات إسرائيلية، مثل “بسط السيادة” على مستوطنات الضفة الغربية وأجزاء من غور الأردن (وادي الأردن). ووفقاً للتقرير قال ساعر إنّ “أي تحركات أحادية ضد إسرائيل ستقابل بخطوات أحادية من إسرائيل”.
توتر إسرائيلي أوروبي
وتأتي هذه التحذيرات قبيل القمة الفرنسية السعودية المقرر عقدها في نيويورك الشهر المقبل، حيث من المتوقع أن يعمل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على تعزيز الاعتراف المنسق بالدولة الفلسطينية.
وارتفع منسوب التوتر بين إسرائيل وعدد من الدول الغربية، بعدما هدّد الاثنين الماضي الرئيس الفرنسي ورئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر ونظيره الكندي مارك كارني، باتخاذ “إجراءات ملموسة” ضد إسرائيل إذا لم توقف حربها التي استأنفتها على قطاع غزة، وترفع القيود المفروضة على المساعدات
. وذكر بيان مشترك للدول الثلاث، نشرته الحكومة البريطانية، أنّ “منع الحكومة الإسرائيلية إدخال المساعدات الإنسانية الأساسية إلى السكّان المدنيين أمر غير مقبول وينتهك القانون الإنساني الدولي”.
واستخدم البيان المشترك بعض المصطلحات للمرة الأولى، منتقداً “اللغة البغيضة التي استخدمها أعضاء الحكومة الإسرائيلية أخيراً، مهددين بأن المدنيين سيبدؤون بالانتقال من غزة بسبب يأسهم من تدميرها، فالتهجير القسري الدائم انتهاك للقانون الإنساني الدولي”.
وسبق الإعلان الفرنسي البريطاني الكندي المشترك، الذي لم تنضم إليه ألمانيا، دعوة سبع دول أوروبية، هي مالطا وأيرلندا وأيسلندا وسلوفينيا وإسبانيا والنرويج ولوكسمبورغ، في بيان مشترك صدر في 17 مايو/ أيار الحالي، إسرائيل لإنهاء إبادة غزة ومنع إدخال المساعدات إلى القطاع، مؤكدة أنها “لن تبقى صامتة تجاه الكارثة الإنسانية التي تجري أمام أعيننا في غزة”.