بلال حسن التل يكتب ….إلى دولة الرئيس: من المحلية إلى العالمية - مقترحات لتطوير الإعلام الأردني

طرحت في المقال السابق بعض الحلول لأزمة الإعلام الأردني، والتي ترتكز على بناء عقيدة وطنية للإعلام الأردني. يتطلب ذلك توحيد مرجعية الإعلام، مع إنشاء خلية تخطيط ومتابعة تضع الخطوط العريضة لمضامين الرسائل الإعلامية التي تعبر عن رؤى الدولة الأردنية ومواقفها وسياستها، وتعمل على إثرائها والارتقاء بها، ومتابعة تنفيذ ذلك وقياس أثره. يجب أن يتكون أعضاء هذه الخلية من أصحاب الفكر والرؤية والقدرة على بناء مضامين الرسائل الإعلامية، وترجمة ذلك من خلال استراتيجية وطنية للإعلام عابرة للحكومات، تنفذ عبر منظومة إعلامية متكاملة تشمل "المقروء، المسموع، المرئي، الإلكتروني، ووسائل التواصل الاجتماعي".
كما يجب بناء كتائب الإعلام الأردني من خلال إقامة علاقة دائمة ومنظمة مع مجموعة من الكتاب والإعلاميين ذوي المصداقية في مختلف المؤسسات الإعلامية، ومنحهم حرية الحركة وتزويدهم بالمعلومات، ليصبحوا قادرين على كتابة مقالات عميقة تؤثر في الرأي العام. يتطلب ذلك جلسات مصارحة ومكاشفة بين المسؤولين ونخبة من الإعلاميين، حسب الموضوع المطروح، بهدف إثراء المعلومات وليس بالضرورة للنشر، وهو تقليد كان معمولًا به في مراحل سابقة من تاريخ بلدنا.
من المداخل الأساسية لحل مشكلة الإعلام الأردني الرسمي هو تحريره من نظام الخدمة المدنية، ومن التوظيف على أساس الواسطة، وذلك من خلال وضع نظام عمل مهني ومالي خاص وموحد للمؤسسات الإعلامية، يتضمن وصفًا وظيفيًا لكل مهنة من المهن الإعلامية، ومواصفات دقيقة للعاملين في المؤسسات الإعلامية، أهمها الموهبة والثقافة بمكوناتها السياسية والتاريخية والقانونية، ثم الولاء والانتماء، مع التأكد من ذلك عبر امتحانات شفوية وتحريرية ومقابلات شخصية.
من المهم أيضًا لتطوير الإعلام إقرار مبدأ التدريب والتأهيل للإعلاميين العاملين من خلال مركز تدريب موحد على مستوى الدولة، يعمل عبر حقائب تدريبية موحدة، بهدف رفع مستوى الثقافة الوطنية للإعلاميين وزيادة مخزونهم من المعلومات عن الإنجازات الوطنية، وتزويدهم بالمهارات اللازمة للمهنة، وفي طليعتها اللغة العربية السليمة ولغة إضافية أخرى، وكذلك رفع مستوى ثقافتهم القانونية وقدرتهم على التميز بين القانون والنظام والتعليمات، وتحسين تعاملهم مع وسائل الإعلام الحديثة "الرقمية والإلكترونية"، وتشجيعهم على التخصص مع أهمية وضع مسميات مهنية. كل ذلك في إطار التعامل مع الإعلام كحالة إبداعية، مما يستدعي اختيار القيادات الإعلامية من أصحاب الانتماء الذين يتمتعون بالكفاءات والمهنية العالية.
معالجة أزمة الإعلام الأردني تتطلب مجموعة من الإجراءات العاجلة، أهمها:
- إنشاء منظومة تشريعية متكاملة لتنظيم العمل الإعلامي وحمايته.
- إعادة النظر في شروط التراخيص لتكون محددة ومخصصة.
- اشتراط رأس المال المدفوع مقدمًا.
- اشتراط أن تكون وسائل الإعلام مملوكة لشركات، على أن لا تقل مساهمة الصحفيين المسجلين في نقابة الصحفيين عن 20%.
- إعادة النظر في شروط القبول بنقابة الصحفيين وكذلك في جدول الهيئة العامة لإخراج من لا تنطبق عليه الشروط القانونية للعضوية.
- منع من ليس عضوًا في نقابة الصحفيين من تقديم نفسه كصحفي.
- تأسيس محكمة خاصة بالإعلام بكل أشكاله، وخاصة الإلكتروني، بحيث تكون قضايا الإعلام من القضايا المستعجلة.
- ضبط البرامج الصباحية وإعادة توجيهها.
- ضبط البرامج الحوارية والعمل على توظيفها لخدمة التنمية الشاملة.
- تنظيم الإعلام المجتمعي والإلكتروني.
- تنظيم مندوبي وسائل الإعلام الخارجية.
- تحديد مفهوم الكتابة الساخرة.
- إصدار التشريعات الناظمة والعقوبات الرادعة.
- إعادة النظر في مساهمات الضمان في المؤسسات الصحفية.
يجب إخراج الإعلام الأردني من بوتقته المغرقة بالمحلية، ليكون صوت الأردن في الإقليم والعالم. انتهى