facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

إقرار الاحتلال باستخدام المدنيين دروعًا بشرية.. صفعة على وجه القانون الدولي

إقرار الاحتلال باستخدام المدنيين دروعًا بشرية.. صفعة على وجه القانون الدولي

القبة نيوز-في ظل غياب المحاسبة القضائية لكيان الاحتلال وتجاوزه لأحكام القانون الدولي دون رادع، ومع استمرار السياسة الأمريكية بحماية إسرائيل والتغطية على كل جرائمها وإعطائها الضوء الأخضر لاختراق كل الأعراف والنظم الدولية وارتكاب جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني وفي القلب منه النساء والأطفال، في ظل هذا كله لا يجد الاحتلال أية موانع من أن يفعل ما يشاء بحق من شاء دون الخوف من أن يناله العقاب على ما يقوم به جنوده وضباطه في حق المدنيين العُزّل، حتى إن أحد ضباطه أقر مؤخرًا بأن جنود الاحتلال كانوا يستخدمون المدنيين الفلسطينيين دروعًا بشرية منذ بداية الحرب.

وأقر ضابط رفيع في وحدة قتالية بالجيش النظامي الإسرائيلي باستخدام جنود الاحتلال المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة دروعًا بشرية بصورة منتظمة، منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر/تشرين أول 2023.

وقال الضابط في مقال كتبه لصحيفة “هآرتس”، وطلب عدم نشر اسمه، إن الجنود يستخدمون المدنيين الفلسطينيين دروعًا بشرية في قطاع غزة ما لا يقل عن 6 مرات يوميًّا، مضيفًا أنه خدم في غزة لمدة 9 أشهر وعاين لأول مرة هذا الإجراء المسمى “بروتوكول البعوض” في ديسمبر/كانون الأول عام 2023.

وأوضح الضابط الإسرائيلي أنهم أجبروا الفلسطينيين على العمل دروعًا بشرية “لأن ذلك أسرع من وسائل أخرى متاحة، لكنها تستغرق وقتًا مثل إرسال كلب أو روبوت أو طائرة مسيرة”، مشيرًا إلى أن هذه الممارسة شائعة جدًّا، وأن أفراد القيادة الأعلى رتبة في الميدان كانوا على علم باستخدامها لأكثر من عام ولم يحاول أحد إيقافها، بل على العكس من ذلك، تم تعريفها بأنها “ضرورة عملياتية”.

المحاكم الدولية

ويكشف الضابط في مقاله عن احتفاظ كل فصيلة (إسرائيلية) في غزة تقريبًا بما يسمى “شاويش”، في إشارة إلى الدرع البشري، موضحًا أنه لا تدخل أي قوة مشاة منزلًا قبل أن يفتشه الشاويش، مما يعني أن هناك 4 دروع منها في كل سرية و12 في الكتيبة وما لا يقل عن 36 درعًا في اللواء، أي أن الجنود كانوا يشغلون ما وصفه الضابط الإسرائيلي بجيش فرعي من “العبيد”.

ويختم الضابط مقاله بالقول إنه لدى إسرائيل كل الأسباب للقلق من المحاكم الدولية، لأن هذا الإجراء جريمة يعترف بها حتى الجيش نفسه، وهي تحدث يوميًّا وأكثر شيوعًا بكثير مما يُقال للجمهور.

وفي أكتوبر/تشرين أول 2024 نقلت صحيفة نيويورك تايمز شهادات جنود إسرائيليين شاهدوا أو شاركوا في استخدام فلسطينيين معتقلين بغزة دروعًا بشرية، فيما أكد مسؤول في الحكومة الإسرائيلية استخدام الجيش روبوتات متفجرة.

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن ما لا يقل عن 11 فريقًا مكونًا من جنود وعناصر استخبارات إسرائيليين استخدموا الفلسطينيين دروعًا بشرية في 5 مدن بغزة، مشيرة إلى أن الجنود الإسرائيليين أرسلوا قَسْرا مدنيين فلسطينيين معتقلين إلى مناطق يعتقدون أن عناصر حركة حماس نصبوا كمائن فيها.

وذكرت أن الجنود الإسرائيليين أجبروا الفلسطينيين على استكشاف وتصوير شبكات الأنفاق التي اعتقدوا أن “عناصر حماس” ما زالوا مختبئين فيها، ونقل الأشياء التي يعتقدون أنها مفخخة في هذه الأنفاق، مثل المولدات الكهربائية وخزانات المياه، وفق الصحيفة.

 

ممارسة روتينية

وفي حديثهم إلى نيويورك تايمز، اعترف 7 جنود إسرائيليين بأنهم شاهدوا أو شاركوا في الممارسات المذكورة، مبينين أن استخدام المدنيين الفلسطينيين المحتجزين كدروع بشرية كان ممارسة روتينية وعادية ومنظمة وأن ذلك تم بمعرفة قادتهم.

وتحدثت الصحيفة أيضًا إلى 8 جنود ومسؤولين إسرائيليين على علم بالممارسة، بشرط عدم الكشف عن أسمائهم، بشأن استخدام الفلسطينيين كدروع بشرية في غزة.

وبتاريخ 24 أكتوبر/تشرين أول 2024 أقر أحد جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي باحتجاز أسرى فلسطينيين واستخدامهم دروعًا بشرية لـ”استكشاف “الأماكن الخطرة” في قطاع غزة، وقال: “احتجزت وحدتنا أسيرين فلسطينيين في غزة لاستخدامهما دروعا بشرية لاستكشاف أماكن خطرة، حيث مروا عبر الأنقاض وتحت تهديد السلاح إلى المباني المفخخة المحتملة وإلى الأنفاق المظلمة”.

ونقلت شبكة “سي إن إن” الإخبارية الأمريكية اليوم عن الجندي روايته عن كيفية استخدام وحدة المشاة في جيش الاحتلال فلسطينيين اثنين كدروع بشرية، قائلًا “أمرناهما بالدخول إلى المبنى قبلنا، فإذا كان هناك أي أفخاخ، فسوف ينفجرون وليس نحن”.

 

“أكثر أهمية”

وأوضح الجندي الإسرائيلي أنه تم إحضار صبي يبلغ من العمر 16 عامًا وشاب يبلغ من العمر 20 عامًا إلى وحدته في جيش الاحتلال، مشيرًا إلى أن “أيديهما كانت مقيدة خلف ظهرهما وكانا معصوبي العينين”.

وأكد الجندي أن التعليمات بهذا الشأن أتت من ضابط الاستخبارات الإسرائيلي الذي سلمهما؛ “حيث أمرني بأخذهما في الهجوم التالي واستخدامهما درعا بشرية وأخبرني أن لديهما صلة بحماس”.

وعندما تساءل الجندي عن هذه الممارسة، قال إن أحد قادته أخبره بأنه “من الأفضل أن ينفجر الفلسطيني وليس جنودنا”.

ولمدة يومين، اتبعت وحدته هذه الأوامر -حسب ما يقول الجندي- الذي رصد صورة مخيفة للمشهد قائلًا: “ظل الشاب الفلسطيني محاطًا بجنديين يأمرانه بالتقدم وعندما ذهبنا إلى مكان الهجوم، قبل أن يدخلوا المبنى، رفعنا القماش حتى يتمكن من الرؤية. وكان برفقتي أحد الجنود ممن يتحدثون العربية”.

وقال الجندي إنه ورفاقه رفضوا الاستمرار في هذه الممارسة بعد يومين وواجهوا قائدهم الأعلى بشأنها، لكن قائدهم، طالبهما منذ البداية بعدم “التفكير في القانون الدولي”، قائلا إن حياتهم “أكثر أهمية”.

وذكرت شبكة “سي إن إن أن شهادة الجندي الإسرائيلي و5 مدنيين فلسطينيين تظهر أنها كانت منتشرة على نطاق واسع في جميع أنحاء المنطقة في شمال غزة، ومدينة غزة، وخان يونس، ورفح. ويصف جميعهم كيف تم القبض عليهم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي وإجبارهم على دخول أماكن خطيرة محتملة قبل الجيش.

 

شهادات فلسطينيين

كما أوردت صحيفة “غارديان” بتاريخ 21 أكتوبر/تشرين أول 2024 أن 3 فلسطينيين أدلوا لها بشهاداتهم بشأن استخدامهم من جانب الجيش الإسرائيلي دروعا بشرية ضد الأفخاخ التي تنصبها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ضد المحتلين.

ونقلت الصحيفة عن أحد الفلسطينيين الثلاثة قوله إنه بعد أن أحرقوا منزل عائلته في شمال غزة فصلته القوات الإسرائيلية عن عائلته واحتجزته، وأخبرته أن لديها وظيفة معينة له، وخلال الأيام الـ11 التالية في أوائل يوليو/تموز الماضي قال الفلسطيني رامز سكافي البالغ من العمر 30 عامًا إنه أُرسل إلى منازل واحدًا تلو الآخر في منطقته الشجاعية التي يراقبها مرافقوه العسكريون الإسرائيليون.

ووفقا لروايته للصحيفة، فقد حولوه إلى درع بشري ضد الأفخاخ المتفجرة والمقاتلين الفلسطينيين.

وقال سكافي إنه حاول مقاومة استخدامه من قبلهم، لكنهم بدأوا يضربونه، وأخبره الضابط المسؤول أنه لا يحق له اتخاذ قرار، وأن عليه أن يفعل ما يريدون، وأن عمله سيكون البحث في المنازل وإخبارهم بمعلومات عن أصحابها، وبعد الضغط الشديد لم يتركوا له أي خيار.

 

كنت خائفًا جدًّا

وفي اليوم التالي قال قبل أن يخرج في دورية مع الجنود الإسرائيليين “كنت خائفًا جدًّا بسبب الدبابات أمامي والطائرات في السماء فوقي، وعندما لاحظ مرافقي خوفي أكدوا لي أنهم (الجنود الإسرائيليون) يعلمون أنك معنا”.

وذكر التقرير أنه وفقًا لمبلغين تحدثوا إلى مجموعة المحاربين القدامى المنشقين “كسر الصمت” فإن هذه الممارسة منتشرة على نطاق واسع.

ونقلت “غارديان” عن تحقيق أجرته صحيفة هآرتس الإسرائيلية في أغسطس/آب الماضي شهادات من جنود إسرائيليين قالوا إن الفلسطينيين الذين استخدموا دروعا يعرفون باسم “الشاويش”، وهي كلمة أصلها تركي وتعني “الرقيب”، وأشار الجنود إلى أنه كان تكتيكا مؤسسيا وافق عليه كبار الضباط، وقال مجند في وحدة قتالية “يتم ذلك بمعرفة قائد اللواء على الأقل”.

جريمة حرب

وكان عضو المكتب السياسي لحركة (حماس) عزت الرشق قد وصف استخدام جيش الاحتلال النازي، المعتقلين الفلسطينيين دروعًا بشرية خلال عملياته الإرهابية في قطاع غزة، بأنه جريمة حرب مكتملة الأركان، واعتبر ذلك انتهاكًا صارخًا لكل قوانين الحروب وحقوق الأسرى، واستهتارًا بكل المواثيق والقوانين والمعاهدات الدولية.

وتابع الرشق في تصريح صحفي سابق أن جريمة الدروع البشرية تضاف لسجل الجرائم والانتهاكات التي يتعرض لها المعتقلون الفلسطينيون في معسكرات الاعتقال النازية، والتي شملت كل أشكال الانتقام الوحشي مـن تجويع وإذلال وتنكيل.

ولفت إلى أن من تلك الانتهاكات أيضا الإهمال الطبي المتعمد، والحرمان من الغذاء والدَّواء، وتكسـير للأطراف، وقتل بطيء، وإعدامات ميدانية.

وطالب الرشق محكمة العدل الدولية، ومحكمة الجنايات الدولية بإضافة جرائم الدروع البشرية إلى ملف جرائم الحرب التي يُحاكم عليها قادة الاحتلال.

انتهاك القانون الدولي

وحسب موسوعة “ماكس بلانك” للقانون الدولي، فإن مصطلح الدروع البشرية يُستخدم في القانون الدولي الإنساني فيما يتعلّق بالمدنيين أو غيرهم من الأشخاص المحميين الذين يُستغلّ وجودهم أو تحركاتهم لجعل الأهداف العسكرية في مأمن من العمليات المعادية. وقد عرف تاريخ النزاعات المسلّحة أمثلة عديدة على اعتماد إستراتيجيات حربية تهدف إلى حماية الأهداف العسكرية باتخاذ المدنيين الذين يكون معظمهم من النّساء والأطفال دروعًا لتأمين أهداف عسكرية أو لتسهيل العمليات القتالية.

ويَحظُر القانون الدولي الإنساني استغلال المدنيين واتخاذهم دروعًا في النّزاعات المسلّحة، وهذا الحظر يستند إلى حماية المبادئ الأساسية التي يقوم عليها هذا القانون، وأهمّها مبدأ التمييز بين المقاتلين والمدنيين، ويعتبر التجاهل المتعمّد لهذا المبدأ انتهاكًا للمبدأ العام في حماية المدنيين المنصوص عليه في اتفاقيات جنيف المعقودة في 12 أغسطس/ آب 1949 التي تضمّ، علاوةً على ملحقاتها الإضافية، القواعدَ الأساسية للقانون الدولي الإنساني.

ومنعت اتفاقية جنيف الثالثة المتعلّقة بمعاملة أسرى الحرب في المادة 23 منها إرسالَ أي أسير حرب في أي وقت إلى منطقة يتعرّض فيها لنيران منطقة القتال، أو إبقاءَه فيها، أو استغلال وجوده لجعل بعض المواقع أو المناطق في مأمن من العمليات الحربية. وتشمل هذه الحماية أيضًا الأشخاص المحميين بموجب اتفاقية جنيف الرّابعة بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب، إذ نصّت المادة 28 منها على أنه “يُحظَر استغلال وجود أيّ شخص محمي لجعل بعض النّقاط أو المناطق بمنأى عن العمليات الحربيّة”.

وبحسب المادة الرابعة من اتفاقية جنيف الثالثة فإن الأشخاص المحميين هم “أولئك الذين يجدون أنفسهم في لحظة ما وبأي شكل كان، في حالة قيام نزاع أو احتلال، تحت سلطة طرف في النزاع ليسوا من رعاياه، أو دولة احتلال ليسوا من رعاياها”.

ووسّع البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لسنة 1977 من نطاق الأشخاص المشمولين بالحماية من اتخاذهم دروعًا بشرية ليشمل كل المدنيين، إذ نصّ في المادة 57-1 منه صراحةً على أنه “يُحظر استغلال وجود أو تحرّك السكان المدنيين أو الأفراد المدنيين لتحصين بعض النّقاط أو المناطق ضدّ العمليات العسكرية، وخاصة في محاولة حجب الأهداف العسكرية عن الهجمات أو حماية العمليات العسكرية أو تسهيلها أو إعاقتها. ولا يجوز لأطراف النّزاع توجيه تحركات السّكان المدنيين أو الأفراد المدنيين من أجل محاولة حجب الأهداف العسكرية عن الهجمات أو حماية العمليات العسكرية”.

أما المادة 58 من البروتوكول نفسه، فقد وضعت على عاتق أطراف النزاع السّعي جاهدة بقدر المستطاع إلى نقل من هم تحت سيطرتها من السّكان المدنيين والأفراد المدنيين والأعيان المدنية بعيدًا عن المناطق المجاورة للأهداف العسكرية، وذلك مع عدم الإخلال بالمادة 49 من الاتفاقية الرابعة، إضافةً إلى تجنّب إقامة أهداف عسكرية داخل المناطق المكتظة بالسكان أو بالقرب منها، واتخاذ كل الاحتياطات الأخرى اللازمة لحماية السّكان المدنيين والأفراد والأعيان المدنية الواقعة تحت سيطرتها من الأخطار النّاجمة عن العمليات العسكرية.

وتعدّ الأفعال التي تهدف إلى اتخاذ المدنيين وكلّ المشمولين بحماية اتفاقيات جنيف الأربع بملحقاتها دروعًا بشرية جريمة حرب وفق توصيف النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الذي نصّ في الفقرة الخامسة من المادة الثامنة منه على أنه يُعدّ من قبيل جرائم الحرب: “إرغام أيّ أسير حرب أو أي شخص آخر مشمول بالحماية على الخدمة في صفوف قوات دولة معادية”.

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير