facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

تدوير مفهوم الصدقة

تدوير مفهوم الصدقة






أصبح من الضروري أن يعاد تدوير مفهوم الصدقة في أذهان الناس وسلوكهم ، والاجتهاد بفتح مسارات جديدة لها، ذلك لتطور المجتمع وتعدد حاجات الناس وتنوعها، فلم تعد الصدقة الجارية محصورة ببناء المساجد أو إطعام فقير، فهذه المسارات وما شابهها من نعم الله علينا غُطت في مجتمعاتنا بالكامل، بل وزادت خصوصًا بناء المساجد التي تجاوز عددها الحد  المعقول عن الحاجة وأصبحت مدننا وقرانا وأحياؤنا تزدحم بها، واجتهدنا للأسف في تزيينها والتفاخر في بنائها، حتى أصبحنا نرى مساجد كثيرة بمئذنتين أو أكثر وقباب عديدة وبالداخل زخارف مبالغ بها، وأصبح بناء هذه المساجد تكلف مئات الآلاف، ولا يكتمل بها في غالب الأحيان أكثر من 4 صفوف نظرًا لقرب مسجد أو أكثر منها  يرتاده الناس.

بناء المساجد صدقة جارية عظيمة،  "إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ " مع هذا فتح الله  لنا مسارب كثيرة للصدقة، فتدريس  طالب فقير    أو التبرع بأجهزة غسيل كلى أو تمويل أبحاث ودراسات تفيد المجتمع أو تأسيس دور للأيتام.. أعظم عند الله من بناء مسجد في منطقة بها العديد من المساجد !!

هناك عشرات المسارات  للصدقة الجارية  يكون لها أثر فعال في بناء المجتمع وتعكس مفهوم الإسلام الحقيقي  للتعاضد والتماسك بين أفراده ومؤسساته..
 
وبالأشارة إلى التباهي  في بناء المساجد  وزخرفتها ورد في الأثر عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس بالمساجد". وأيضا قال صلى الله عليه وسلم
"يأتي على الناس زمان يتباهون بالمساجد ثم لا يعمرونها إلا قليلا".

لقد كان مسجد رسول الله في المدينه حتى وفاته ومن بعده الخلفاء مبنيا من جذع النخيل وسعفه، وكان مفروشا فوق التراب بحصير من الليف ، وقد كان باستطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبني مسجدا عظيما في المدينة المنورة  ولكنه لم يفعل وهذه إشارة أن المسجد ليس ببنائه وتزيينه بل بمعناه ومهمته ، 

 إن باب الله مفتوح لكل خير، ولا يقتصر على صدقات بعينها، فهنا لا بد من تدخل المرجعيات الفقهية لضبط مسارات الصدقة و إعادة شرح مفهومها للناس وأن لها مئات المسارات وليس محصورة ببناء مسجد أو إرسال طرود طعام في رمضان، فربما الصرف على تدريس طالب أو تأسيس دار أيتام أكثر برًا عند الله مما سبق..

وبالاشارة لهذا الواقع بات لزاما على العاملين في مجال الفقة أن يفعلوا فكرة الوقف في  مجال الصدقة الجارية كوقف التعليم في مراحله المختلفة او الوقف الصحي وغير هذه المجالات التي تعكس الهدف السامي لمفهوم الصدقة في الاسلام كما يعكس الغاية منها وعلة وجودها في تعاضد المجتمع وقوة تماسكه وتنتج فهما عميقا ومتطورا واجتهادا جريئا في مفاهيم الفقه ....
تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير