الخشمان مصر على معرفة الوزارات التي تدخلت واغضبت مدير الجمارك
القبة نيوز- اعتبر النائب زهير الخشمان، استقالة مدير عام الجمارك جلال القضاة صفعة مدوية على وجه التدخلات السياسية في المؤسسات السيادية.
وقال الخشمان في بيان له عبر الفيسبوك: في لحظة فارقة من مسيرته المهنية التي امتدت لأكثر من ثلاثة عقود، قدّم مدير عام الجمارك الأردنية، جلال سالم القضاة، استقالته، مشيرًا إلى تدخلات من بعض الوزراء في عمل الدائرة. هذه الاستقالة، رغم ظاهرها الفردي، هي انعكاس واضح لمعضلة أكبر تتعلق بالتوازن الدقيق بين السلطة السياسية واستقلالية المؤسسات.
واشار الى ان ما حدث هو تحذير صارخ لا يمكن تجاهله أو اعتباره حدثًا عابرًا. استقالة مسؤول بحجم مدير دائرة الجمارك، وهي مؤسسة سيادية تمثل عمودًا رئيسيًا من أعمدة الأمن الاقتصادي للدولة، تثير أسئلة جوهرية: كيف يمكن لدولة أن تبني مؤسسات قوية وفعالة إذا كانت تدخلات الجهات السياسية تعرقل عملها؟ وكيف يمكن أن نحافظ على الثقة العامة في أداء الجهاز الحكومي إذا غابت الحدود الفاصلة بين القرار الفني والقرار السياسي؟
وتابع: إن احترام استقلالية المؤسسات ليس مجرد مطلب إداري، بل هو ضرورة وطنية لضمان استقرار النظام العام. المؤسسات، وعلى رأسها دائرة الجمارك، ليست مجرد أدوات لتنفيذ السياسات الحكومية، بل هي كيانات سيادية يجب أن تُدار وفق معايير مهنية بحتة، بعيدًا عن أي نزاعات أو حسابات سياسية.
وأضاف: استقالة القضاة تمثل نقطة تحول؛ فهي ليست مجرد موقف شخصي نابع من التزامه بمبادئه المهنية، بل هي صرخة احتجاج ضد سياسات تتعارض مع جوهر العمل المؤسسي. هذه الحادثة تفتح الباب أمام مراجعة شاملة لآليات إدارة الدولة وعلاقة السلطة التنفيذية بمؤسساتها المختلفة.
وفي هذا السياق، أؤكد أنني سأكون مصرًا وبلا هوادة على معرفة أسماء الوزارات التي تدخلت في عمل دائرة الجمارك، وأطالب بفتح تحقيق شفاف يكشف للرأي العام كافة التفاصيل. لا يمكننا القبول بإبقاء هذه التدخلات طي الكتمان، فالمحاسبة العلنية هي الطريق الوحيد لاستعادة ثقة المواطنين بالدولة ومؤسساتها.
وأكد الخشمان أن بناء الدولة الحديثة لا يتحقق إلا عندما تُمنح المؤسسات استقلاليتها الكاملة لممارسة دورها دون قيود. التدخلات السياسية، مهما كانت دوافعها، تؤدي إلى إضعاف هذه المؤسسات وتجعلها رهينة لأجندات لا تخدم المصلحة العامة. لا يمكن بناء مستقبل مستقر إلا من خلال مؤسسات قادرة على اتخاذ قراراتها بحرية، دون أن تخضع لضغوط خارجية.
وزاد: اليوم، أكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة إلى وقفة حقيقية. على الحكومة أن تتحمل مسؤوليتها الكاملة تجاه ما حدث، ليس فقط في قضية الجمارك، بل في كل المؤسسات التي قد تواجه التحديات ذاتها. لا بد من وضع تشريعات واضحة تضمن استقلالية المؤسسات وتحميها من أي تدخل غير مبرر.
وبين أن الدولة القوية تُبنى بمؤسسات قوية، والمؤسسات القوية تحتاج إلى قيادة تمتلك الحرية لاتخاذ قراراتها وفقًا لمصالح الوطن. هذا هو التحدي الأكبر الذي يجب أن تواجهه الدولة بجدية وحزم.
وختم الخشمان، أن استقالة القضاة ليست النهاية، بل هي بداية لإعادة النظر في أسلوب إدارة مؤسسات الدولة. إذا لم نستفد من هذا الدرس، فإننا نخاطر بتهديد أسس النظام العام، وهو ثمن لا يمكننا تحمله في هذا الزمن الصعب.