ثقب الأوزون يتسع من جديد.. هل خسر العالم مكاسبه البيئية؟
القبة نيوز - مثلما ينمو الجليد البحري حول القارة القطبية الجنوبية ويتراجع كل عام، يفعل ثقب الأوزون ذلك فوق القارة، والعام الحالي، كبر هذا الثقب كثيرا.
والأوزون: غاز طبيعي توجد طبقة منه في الستراتوسفير، (الطبقة الثانية من الغلاف الجوي للأرض) لحمايتنا من الأشعة فوق البنفسجية للشمس، وفي العام 1985، تم اكتشاف ثقب في طبقته فوق القارة القطبية الجنوبية، وارتبط تفسير ذلك لاحقا بالاستخدام البشري للمواد المستنفدة لطبقة الأوزون، وبعض الأسباب المتعلقة بظروف المنطقة، ومنذ ذلك الحين، تتم مراقبة حجم الثقب.
ويتقلب حجم الثقب في المنطقة من آب (أغسطس) إلى تشرين الأول (أكتوبر) من كل عام، وعادة ما يصل إلى أقصى حجم بين منتصف أيلول (سبتمبر) ومنتصف تشرين الأول (أكتوبر)، بحسب برنامج "كوبرنيكوس" لمراقبة الأرض بالأقمار الاصطناعية، التابع للاتحاد الأوروبي، وفق ما نشر على موقع "الجزيرة نت".
وأظهرت قياسات صور الأقمار الاصطناعية التي تم التقاطها في 16 من أيلول (سبتمبر) الماضي، أن منطقة ثقب الأوزون قد وصلت إلى 26 مليون كيلومتر مربعا، أي ما يقرب من 3 أضعاف مساحة البرازيل.
وتقول أنتجي إينيس -العالمة البارزة في خدمة مراقبة الغلاف الجوي في "كوبرنيكوس"- في بيان صحفي نشره الموقع الرسمي لوكالة الفضاء الأوروبية: "إن ثقب الأوزون بدأ العام الحالي، بداية مبكرة واتسع بسرعة منذ منتصف آب (أغسطس)، مما يجعله أحد أكبر ثقوب الأوزون المسجلة على الإطلاق".
وكان الحد الأقصى المسجل لثقب الأوزون في المنطقة يعود إلى العام 2000، عندما وصل إلى ما يقرب من 28.4 مليون كيلومتر مربع، أي أن الثقب الحالي اقترب من الرقم القياسي.
كيف يتم تحديد حجم ثقب الأوزون؟
يتم تحديد التباين في حجم ثقب الأوزون إلى حد كبير من خلال، قوة الرياح القوية التي تتدفق حول منطقة القطب الجنوبي، حيث إن نطاق الرياح القوي يكون نتيجة مباشرة لدوران الأرض والاختلافات القوية في درجات الحرارة بين خطوط العرض القطبية والمعتدلة.
فإذا كان نطاق الرياح قويا، فإنه يعمل كحاجز، بحيث لم يعد من الممكن تبادل الكتل الهوائية بين خطوط العرض القطبية والمعتدلة، ثم تظل الكتل الهوائية معزولة فوق خطوط العرض القطبية وتبرد خلال فصل الشتاء.
وتعود مستويات الأوزون عادة إلى وضعها الطبيعي بحلول منتصف كانون الأول (ديسمبر)، بعد ارتفاع درجات الحرارة في طبقة الستراتوسفير في نصف الكرة الجنوبي، مما يؤدي إلى تباطؤ استنفاد الأوزون وإضعاف الدوامة القطبية، وفقا لكوبرنيكوس.
وتتم معالجة قياسات الأوزون الإجمالية لمطياف "تروبومي"، داخل الجزء الأرضي من مهمة القمر الاصطناعي "سنتينل-فايف بي"، وذلك في مركز الفضاء الجوي الألماني، باستخدام الخوارزميات التي طورها المركز الألماني لشؤون الفضاء الجوي والمعهد الملكي البلجيكي لعلم الطيران الفضائي.
هناك بعض التكهنات أن السلوك غير المعتاد لطبقة الأوزون في العام 2023، هو نتيجة لثوران بركان "هونغا تونغا" جنوبي المحيط الهادئ تحت الماء في كانون الثاني (يناير) من العام 2022.
وتقول أنتجي إينيس: "إن الكمية الهائلة من بخار الماء التي تم حقنها في الغلاف الجوي نتيجة ثوران البركان، ربما بدأت للتو في الوصول إلى المنطقة القطبية الجنوبية".
وتضيف: "من الممكن أن يكون بخار الماء قد أدى إلى تكوين متزايد للسحب الستراتوسفيرية القطبية، مما يسمح لمركبات الكلوروفلوروكربون بالتفاعل مع الأوزون، وتسريع استنفاد طبقته".
وكان التأثير الواسع لاستخدام هذه المركبات الضارة صناعيا في منتجات مثل الثلاجات وعلب الأيروسول في السبعينيات والثمانينيات، قد أدى إلى استنفاد طبقة الأوزون المرتفعة في الغلاف الجوي، مما سمح لطبقة الأوزون فوق القارة القطبية الجنوبية بالانفتاح، وفقا لكوبرنيكوس.
ويشير ستيفن أندرسن- مدير البحوث بمعهد الحكم والتنمية المستدامة (مؤسسة غير حكومية بأميركا)- إلى سبب تاريخي، وهو التأثير التراكمي لبعض المواد المستنفدة للأوزون، ويقول في تصريحات عبر البريد الإلكتروني "للجزيرة نت": "نعم، كان بركان هونغا تونغا، عاملا مساهما في ثقب الأوزون الكبير في القطب الجنوبي، لكن الكلور والبروم المتراكمين نتيجة قرن من الاستخدام المبالغ فيه للمواد الخطرة المستنفدة للأوزون هو المسؤول أيضا".
وتابع: "تتمتع بعض المواد المستنفدة للأوزون بعمر في الغلاف الجوي يزيد على 100 عام، وهذا يعني أن مركبات الكلوروفلوروكربون (CFCs) التي تم إطلاقها في السنوات الأولى بعد اختراعها العام 1929، ما تزال في الغلاف الجوي مما يستنزف الأوزون ويؤدي إلى تغير المناخ، كما أنه يعني أن مركبات الكربون الكلورية الفلورية وغيرها من المواد المستنفدة للأوزون المصنعة قرب نهاية مرحلة التخلص التدريجي من الإنتاج بموجب بروتوكول مونتريال، التي انبعثت بالفعل ستظل في الغلاف الجوي لمدة تصل إلى 100 عام أخرى من الآن، وأخيرا، فإن المواد المستنفدة للأوزون الموجودة في معدات التبريد والحماية من الحرائق والرغوة العازلة للحرارة سوف تستنزف طبقة الأوزون لمدة تصل إلى 100 عام، بعد الانبعاث ما لم يتم جمعها وتدميرها".