«الثوم يعالج السرطان!»... «يوتيوب» يكافح المعلومات الطبية المضللة
وبعد عام على ذلك، أكد «يوتيوب» عزمه الذهاب إلى أبعد من ذلك عبر ملاحقة المعلومات الكاذبة بشأن السرطان، مشيراً إلى أنّ الأشخاص الذين يُشخَّصون به «غالبًا ما يتصفّحون الإنترنت لمعرفة أعراض المرض ومسارات العلاج، وللشعور (بالانتماء إلى) مجموعة ما».
وحذّر الموقع من أنّ مستخدم الإنترنت الذي ينشر معلومات صحية كاذبة سيحذف مقطعه، وبعد 3 محاولات ستُحْظَر قناته أو حسابه، وهو قرار يمكن الطعن به، وفق الموقع.
ورأى عالم الاجتماع لوران كوردونييه من مؤسسة «ديكارت» الفرنسية المتخصّصة في القضايا المرتبطة بالمعلومات خلال حديث لوكالة الصحافة الفرنسية، أنّ «يوتيوب» «يمتثل فقط لالتزاماته!» مع أن المنصة تؤكد أن مشروعها طويل الأمد.
وأشار الخبير إلى دخول قانون الخدمات الرقمية الأوروبي حيز التنفيذ في 25 أغسطس (آب)، ويطلب من المنصات الرقمية الكبيرة اتخاذ تدابير ضد المعلومات المضللة والمحتوى غير المشروع.
وشكّك الباحث بفاعلية التدابير المعلنة، مؤكداً أنّ «ناشري المعلومات الصحية المضللة موجودون بقوة على موقع (يوتيوب) بالفرنسية»، لافتاً خصوصاً إلى انتشار إعلانات تحمل معلومات مضللة مثل تلك التي شوهدت في منتصف الصيف في مقاطع «ترفض ضرورة ترطيب الجسم خلال موجة الحر، بحجة أنّ سكان الصحراء يشربون القليل جداً» من السوائل.
وقالت الصحافية أنجي هولان، رئيسة الشبكة الدولية للتدقيق بصحة المعلومات التي تعد وكالة الصحافة الفرنسية جزءاً منها: «يضم موقع (يوتيوب) مضامين كثيرة لدرجة أنه من الصعب جداً تحديد ما إذا كانت جودة المعلومات تشهد تحسناً أم لا».
ففي كل دقيقة، يتلقى الموقع أكثر من 500 ساعة من المواد الجديدة، ويمثل اكتشاف المعلومات الخاطئة «تحدياً تكنولوجياً ضخماً» وفقًا لـ«يوتيوب»، خصوصاً أن مقاطع الفيديو القديمة يجب أيضًا أن تخضع للتدقيق بموجب القواعد الجديدة.
وأكد موقع «يوتيوب» أنه حذف بين يناير (كانون الثاني) ونيسان (أبريل) 2023 أكثر من 8.7 مليون مقطع فيديو، رُصد أكثر من 90 بالمائة منها بواسطة الذكاء الاصطناعي.
وقال الصحافي الإسباني كارلوس هيرنانديس إيتشيفاريا، من شركة «مالديتا» للتحقق من صحة المعلومات إن «الوسائل التلقائية تفشل فشلاً ذريعاً، خصوصاً عندما لا يكون الفيديو باللغة الإنجليزية». وشارك إيتشيفاريا في كتابة رسالة مفتوحة إلى موقع «يوتيوب» بشأن هذا الموضوع في يناير 2022.
كذلك انتقد إيتشيفاريا «الرقابة» التي يمارسها موقع «يوتيوب» عبر حذف مقاطع فيديو «دون أن يعرف مستخدمو الإنترنت سبب كون معلومة معينة خاطئة»، بينما تتوجه منصات أخرى إلى الحد من انتشار المحتوى الإشكالي على نطاق واسع أو إضافة سياق إلى هذه المواد.
إضافة إلى ذلك، أسفت أنجي هولان بدورها «لافتقار الموقع إلى الشفافية» في ما يتعلق بتحديد معاييره.
وقالت هولان التي تلقت شبكتها أموالاً من «غوغل» لمحاربة المعلومات المضللة إلى جانب منظمات أخرى لتدقيق صحة المعلومات بينها وكالة الصحافة الفرنسية: «من الصعب جداً معرفة ما يفعله موقع (يوتيوب)».
ويبرر «يوتيوب» نفسه موضحاً أنه لا يرغب في تقديم «إشعار» مُفصّل من شأنه أن يسهل مهمة مستخدمي الإنترنت الذين يرغبون في التحايل على قواعده.
وإلى جانب هذه الإجراءات، طوّر «يوتيوب» أدوات جديدة لتسليط الضوء على المحتوى الذي تنشره السلطات الصحية والمستشفيات. وفي فرنسا تُنشر معلومات في أسفل مقاطع الفيديو لمساعدة المستخدم على تحديد مصدرها.
وفي إطار المعركة اليومية ضد المعلومات المضللة في مجال الصحة، أعرب كليمان باستيه، من مجموعة «ليكستراكتور» l'Extracteur، عن «عدم ارتياحه لأننا نعهد إلى شركة خاصة مهمة تحديد ما يمكن قوله وما لا يمكن قوله، ومن هو الموثوق به في مواضيع معقدة إلى هذا الحد...».
ويخشى أن تؤدي سياسة «يوتيوب» «الفعالة بلا شك على المدى القصير»، إلى تعزيز نظريات المؤامرة على المدى الطويل التي ستجد «منصات أخرى للتعبير عن نفسها».