الوصاية الهاشمية سند سياسي وتاريخي للذود عن المقدسات في القدس الشريف
القبة نيوز – تعود الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس في بداياتها إلى مفصل تاريخي يرتبط بحادثة الإسراء والمعراج، ما أضفى بعدا روحانيا بمضمون سياسي متوثب همه الدفاع عن القدس وكل ارض عربية ضد كل ما يهدد وجودها.
ولعل ذلك يشكل وفق محللين، زندا مهما للحق العربي وهو يصارع الاحتلال على غير صعيد، فالوصاية الهاشمية، غدت اليوم محل اجماع دولي تسنده سياسة راشدة يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني في دفاعه المتواصل عن الارض العربية، وفي مقدمتها فلسطين وقلبها القدس الشريف.
وبين المحللون لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) أن الوصاية الهاشمية شريك مهم في دعم صمود المقدسيين، إذ تستند إلى قوة تاريخية وقانونية مهمة، وأن الوصاية والدور الأردني لا يقتصران على رعاية المقدسات فقط، بل في حقيقتهما يشكلان سندا لحماية الامة وثرواتها.
وثمن إمام المسجد الأقصى ورئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس الشيخ عكرمة صبري، في اتصال هاتفي مع (بترا) الدور الأردني بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني في دعم القدس، والاهتمام بالمقدسات الدينية، مؤكدا أن الهاشميين ارتبطوا تاريخيا جيلا بعد جيل، بعقد شرعي مع تلك المقدسات، فحفظوا لها مكانتها، وقاموا برعايتها.
وقال مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام الأب الدكتور رفعت بدر، إنه في اجواء احتفالات الأردن بمئوية المملكة جرى اللقاء السنوي الميلادي أخيرا بين جلالة الملك ورؤساء الكنائس في الأردن والقدس الشريف، وهو علامة على الوحدة الروحية القائمة بين عمان والقدس، وتجسيد الدور الهاشمي الذي يلعبه جلالة الملك والهاشميون على مدى مئة عام، في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف.
واضاف أنه تم التعبير خلال هذا اللقاء الميلادي، عن أهمية الدور الذي يلعبه جلالة الملك في المحافل الدولية، مثمنين دور جلالته في دعم ترميم كنيسة القيامة وكنيسة القبر المقدس، وكذلك دعم كل مشاريع الأوقاف والمسجد الأقصى وقبة الصخرة.
وبين بدر أن المسيحيين والمسلمين في القدس الشريف يجدون في النصرة الهاشمية سندا وظهرا في معاناتهم اليومية من جراء الاحتلال الاعتداء المتواصل، ومنع وصول المصلين إلى اماكن العبادة في فترة الأعياد.
وقال أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس عبدالله كنعان، إن جذور الوصاية الهاشمية التاريخية على المقدسات الإسلامية في القدس تعود في تاريخها إلى حادثة الاسراء والمعراج، وأن تاريخ الوصاية الهاشمية على المقدسات المسيحية يعود كذلك إلى العهدة العمرية التي عقدها الخليفة عمر بن الخطاب مع صفرونيوس بطريرك القدس عام638، لتستمر الادارات الإسلامية المتعاقبة، ومنها الأردنية الهاشمية بالتمسك بهذه العهدة وبدعوتها وقيمها المتعلقة بمفاهيم التسامح والتعايش، ليكون هذا الامتداد التاريخي الديني للوصاية دليلا على أهميتها ودورها في الحفاظ على الوضع التاريخي القائم في القدس طوال عقود طويلة.
وأشار إلى أنه في التاريخ الحديث فإن الوصاية الهاشمية تعود إلى عام 1915 حيث تمسك الشريف الحسين بن علي بكل شبر في فلسطين والقدس ضمن البلاد العربية الموحدة التي نادى باستقلالها، وذلك فيما عرف تاريخيا بمراسلات الحسين مكماهون، وفي عام 1917 وبعد رفض الشريف الحسين بن علي لوعد بلفور وتنازله عن ملكه في الحجاز بسبب هذا الموقف، خطب باسمه خليفة على منابر فلسطين والقدس، ثم تأكدت مبايعته عام 1924 بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، فكانت الإعمارات الهاشمية لها منذ عام 1924 وحتى اليوم.
وأوضح أن الأردن خلال ادارته للضفة الغربية الفلسطينية منذ عام 1948 استطاع دعم القطاعات فيها كافة، وبالاخص حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية والأوقاف فيها.
وبين أنه على الرغم من قرار فك الارتباط الاداري والقانوني عام 1988 الذي كان برغبة وطلب من منظمة التحرير الفلسطينية والدول العربية المشاركة في مؤتمر الرباط عام 1974، إلا أن الملك الحسين بن طلال رحمه الله استثنى المقدسات في القدس، وبذل الكثير من الجهود للحفاظ على الهوية الحضارية التاريخية والدينية والثقافية في مدينة القدس.
واضاف كنعان، انه بمراجعتنا للتاريخ الطويل من التضحيات الأردنية شعبا وقيادة هاشمية، نقرأ الكثير من محطات الكفاح في حروب عام 1948 وحروب عام 1967 بما في ذلك استشهاد الملك عبد الله الأول على أبواب المسجد الأقصى، وهو من وحد الضفتين وحفظ القدس وأهلها، وعلى نهجه كانت سياسة الملك طلال الذي زار القدس مرارا ورفع من معنويات الجيش الأردني المرابط فيها.
وبين أنه في عهد الحسين بن طلال تشكلت لجنة إعمار المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة عام 1954، وكان إعمار المسجد الأقصى المبارك بعد حريق عام 1969 ومناداته رحمه الله بمشروع المملكة العربية المتحدة عام 1972 بين الأردن والضفة الغربية الفلسطينية.
وأوضح أنه تم التاكيد على الوصاية الهاشمية في الاتفاقية الاردنية الاسرائيلية عام 1994 واتفاقية الوصاية عام 2013 الموقعة من جلالة الملك عبد الله الثاني بصفته صاحب الوصاية الهاشمية التاريخية والرئيس محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، وما تزال الوصاية تحظى بدعم عربي واسلامي وعالمي نظرا لاهميتها في حفظ الوضع التاريخي الراهن أو القائم.
وأشار إلى إشراف وزارة الأوقاف الاردنية على ادارة أوقاف القدس من خلال مديرية تتبع لها في القدس ومن خلال مجلس اوقاف القدس المعين من اعضاء من الاردن وفلسطين، وتمويل مشاريع الإعمار في المسجد الاقصى، والاهتمام بشؤون نحو الف موظف، تشرف وتدير المحاكم الشرعية في القدس ومعاهد فقهية ومدارس تزيد عن 50 مدرسة، وتنشط في جهود إعمار وصيانة بيوت المقدسيين ومحالهم التجارية وصيانة الاوقاف وتزويدها بالخدمات.
وأوضح انه تشكل بإرادة ملكية سامية مؤسسات رسمية تهتم بالقدس والمقدسات، وهي لجنة إعمار المسجد الاقصى وقبة الصخرة المشرفة عام 1954، واللجنة الملكية لشؤون القدس عام 1971، والصندوق الهاشمي لإعمار المسجد الاقصى وقبة الصخرة المشرفة عام 2007، كما تقوم وزارات التربية والتعليم والتعليم والعالي والثقافة والصحة وغيرها من الوزارات الأردنية بالتعاون مع القطاعات المختلفة في فلسطين والقدس وتقديم الدعم اللازم لها، وهناك 25 جمعية أهلية مقدسية في الأردن تقوم بانشطة وفعاليات داعمة للاهل في القدس، اضافة إلى النقابات؛ مثل لجنة "مهندسون لاجل القدس" التي تتبع نقابة المهندسين ولجنة اطباء لاجل القدس التي تتبع لنقابة الاطباء، وهناك لجنة الزكاة والمناصرة للشعب الفلسطيني والهيئة الخيرية الهاشمية وغيرها من المؤسسات الداعمة لفلسطين والقدس.
وبين أن الاردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني قدم العديد من المقترحات والقرارات الدولية لهيئة الامم المتحدة والمنظمات التابعة لها، مثل تسجيل المدينة القديمة واسوارها على قائمة التراث العالمي عام 1981، والتراث العالمي المهدد بالخطر عام 1982، واستطاع مع الاشقاء والاصدقاء في عام 2016 اصدار قرار من اليونسكو ينص على ان المسجد الاقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف ملك خالص للمسلمين وحدهم ولا علاقة لليهود به قطعيا.
وقال النائب السابق الدكتور هايل ودعان الدعجة إن الدبلوماسية الاردنية التي يقودها جلالة الملك حرصت على الاستمرار في فتح قنوات التواصل والاتصال بفواعل المنظومة الدولية، انتصارا للجانب الفلسطيني، وتأكيدا لحقوقه المشروعة، وهو يضع المجتمع الدولي امام مسؤولياته القانونية والاخلاقية والسياسية والتاريخية في التعاطي مع القضية الفلسطينية بشكل عام والقدس بشكل خاص، انطلاقا من الوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، والدور الأردني الديني والتاريخي في القدس الشريف، للحفاظ على الوضع القائم، والحيلولة دون تهويدها وتغيير هويتها وطابعها ومعالمها العربية والإسلامية والتاريخية.
رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة جدارا الدكتور محمد بني عيسى، قال: لقد اثبت التاريخ والوقائع أن الهاشميين كانوا دوما الاوفياء للقدس الشريف والاقصى المبارك، وتبذل المملكة بقيادتها الهاشمية على الصعيدين الاقليمي والدولي جهودا حثيثة وصادقة للحفاظ على هوية القدس.
وأوضح أن الأمن والقوة والمنعة للمملكة هي أمن وقوة لفلسطين ولأشقائها العرب، ما يستوجب منا التصدي لكل ما يهددها، وما يحاك ضدها من محاولات لزعزعة جبهتها الداخلية، فبوحدتنا الوطنية والتفافنا حول قيادتنا الهاشمية صمام امان، كفيل أن يبقي الأردن قويا وقادرا على الدفاع عن قضية الأمة الأولى.
--(بترا)