أزمة كورونا .. دروس وعبر
الإعلامي محمد الطراونة
القبة نيوز- صحيح أن جائحة فيروس كورونا الذي أرعب المعمورة يحمل في طياته اخطارا صحية واقتصادية واجتماعية وترك الآلاف من الوفيات ومثل ذلك من المصابين في العالم، إلا أنه في الأردن قوبل بإجراءات حازمة استثنائية وأساليب وقائية متطوره، فلم تتعامل الدولة مع تبعاته بانفعال واستعجال غير مدروس، بل جاءت الإجراءات بكل هدوء وروية ودراسات علمية محكمة، فانخرط الجميع حكومة وقوات مسلحة باسلة وأجهزة أمنية، وقطاعات طبية واقتصادية في ورشة عمل موحدة، تمركزت في موقع واحد، هو المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات، وجاءت الجهود متكاملة غير مشتتة، وضعت الخطط الكفيلة بمحاصرة هذا الوباء اللعين والحيلولة دون انتشاره، ومن هنا ندرك أهمية تأسيس هذا المركز الذي جاء شاهدا حيا على بعد نظر ورؤية ثاقبة من لدن جلالة الملك عبدالله الثاني صاحب الأمر والتوجيه باستحداث هذا المركز الوطني المرموق، وجاءت القرارات مدروسة مستندة إلى توصيات لجنة علمية مؤهلة، هي اللجنة الوطنية للاوبئة التي تضم خبراء ومختصين على مستوى عال من العلم والتميز فادارت المشهد بكل كفاءة، ومنها تنطلق التوصيات إلى القوات المسلحة والأجهزة الأمنية وأصحاب القرار من مختلف قطاعات الدولة، وعلى ضوء ذلك، يتم اتخاذ القرارات السليمة التي تتناسب مع تداعيات هذا الوباء والحد من اخطاره، وهنا جاءت أهمية التنسيق المحكم في إدارة الملف صحيا وإعلاميا وامنيا، ولمسنا الثمرة الإيجابية لهذه الإجراءات في التمكن من محاصرة هذا الوباء، واستوعب المواطنون هذه الإجراءات وتعاونوا معها على الرغم من قسوتها أحيانا لان الامر يستحق ذلك الاهتمام والدقة في التعامل، ومن هنا حالت هذه الإجراءات الاحترازية الاستثنائية دون انتشار هذا الوباء وكان الأردن، والحمد لله من أقل دول العالم في عدد الإصابات والوفيات مع تمنياتنا أن يحمي الله سبحانه وتعالى البشرية جمعاء من شرور هذا الوباء، نقول أن دروسا وعبرا كثيرة يمكن التوقف عندها شهدها الوطن في طريقة التعامل مع هذه الجائحة، فقد ظهر واضحا التميز والكفاءة التي تتميز بها الطاقات البشرية الأردنية المؤهلة في كافة المجالات، إضافة إلى بروز حجم التكافل والتضامن الاجتماعي الذي سجله الأردنيون، وتجلى في فزعتهم لهمة وطن وحساب الخير في وزارة الصحة والتنمية الاجتماعية والتي حرصت الحكومة على أن تشرف عليها لجان تضم شخصيات وطنية مشهودا لها بالكفاءة والنزاهة سخرت نفسها لعمل تطوعي تضامني مع جهود الحكومة وكافة قطاعات الدولة ووجهت الى الفئات والقطاعات الأكثر تضررا من هذه الازمة، وظهر واضحا أيضا حجم التفاف ابناء الشعب حول قيادتهم وقواتهم المسلحة وأجهزتهم الأمنية، من خلال تعاونهم مع إجراءاتها التي تستهدف الحفاظ على صحة وسلامة المواطنين، وشكل انتشارها في مختلف ربوع الوطن مصدر ارتياح نفسي للمواطنين، ولمسنا على أرض الواقع الهمة العالية، والكفاءة المتميزة التي اتصفت بها كوادرنا الطبية والتمريضية، وهي في الخندق الأول لمواجهة هذا الوباء، ومن هنا جاء تكريم جلالة الملك لهذه الكوادر وتواصل جلالته وجلالة الملكة رانيا العبدالله معهم في أول أيام الشهر الفضيل والاطمئنان على أحوالهم والثناء على جهودهم الجبارة في مواجهة هذا الوباء وحمايتنا من تداعياته، كل هذه الجهود الوطنية من الحكومة والقوات المسلحة والأجهزة الأمنية والقطاع الخاص اتت أكلها وأصبحنا نشعر بوادر أمل بانفراج هذه الأزمة وعودة وطننا الغالي إلى ممارسة حياته الطبيعية، تعود معه الحركة التعليمية والتجارية والاقتصادية الى دورتها العادية، كل ذلك يستلزم أن نبني على ما تم انجازه، وأن نواصل الالتزام والتقيد بالتعليمات الصادرة عن الجهات المعنية، حتى نصل إلى مرحلة يتم فيها الاعلان عن خلو الأردن من هذا الوباء اللعين وكذلك خلو العالم أجمع من هذه الجائحة المدمرة للصحة والاقتصاد ولقدرات الدول والشعوب وتجفيف مواردها ونسأل الله أن يعجل في زوال هذه الشدة وأن يحمي الوطن والإنسانية من أخطار هذا العدو الخفي الشرس.
الرأي
الرأي