وقاية أطبائنا وكوادرنا الطبية من متلازمة الاحتراق الذاتيّ
اللواء المتقاعد د.تيسير شواش
القبة نيوز- في هذه الظروف والأوقات الصعبة التي يمر بها أردننا الحبيب تنبغي الإشارة والإشادة لفئة طبية ونخبة ممتازة من أبناء الوطن تصدّت للخطر وشمرّت عن ذراع الجد والنشاط والعمل، وواجهت أشد أنوع التهديد والضغط النفسي الذي لم تشهد مثله البشرية في هذا القرن، وأعني بتلك الفئة الأطباء والممرضين وسائر أفراد الكوادر الطبية ممن نذروا أنفسهم فداءً للوطن والمواطن في أحلك الأوقات وأصعبها.
لقد ترك هؤلاء الأبطال أسرهم وأصدقائهم وجميع من يعرفون ليعايشوا ما يحدث واقعاً ملموساً، وممارسة عملية في المستشفيات، كل ساعة ودقيقة وثانية، يتصدون بأنفسهم وأرواحهم لعدو مجهول غادِر قد يتربّص بهم، لكن نداء الواجب ومعاني الوطنية التي فطروا عليها برزت بجلاء وقوة وعنفوان في هذه الأوقات بالذات لتؤكّد عمق إنسانيتهم وقوة انتمائهم لهذا الوطن العزيز ومليكه وشعبه.
لقد بيّنت الدراسات التي أُجرِيَت على الكوادر الطبية وخصوصاً في الأزمات ممن يعملون في الخط الأول وعلى تماس مع الخطر حيث يتَطَلّبَ عملهم التعامل مع المرضى والجرحى ويواجهوا خطر العدوى والمرض، يعملون ليل نهار تحت ضغط نفسي وجسدي شديد، مما قد يؤدي إلى استنزاف طاقاتهم الجسدية والعقلية ويرهقون مما قد ينتج عنه لدى البعض ردود فعل نفسية سلبية أسماها المختصون بالاحتراق الذاتي أو اكتئاب المهنة، وهذا ما أكدته عدد من الدراسات بشيوع هذه المتلازمة بين الأطباء والتمريض والكوادر الطبية الأخرى.
حديثاً، في العامين (2019-2020) تم نشر العديد من الدراسات في الصين حول التأثير النفسي لتعامل الكوادر الطبية مع فيروس كورونا في مدينة ووهان، حيث أشارت النتائج إلى وجود آثار نفسية سلبية لدى نسبة لا بأس بها من الكوادر الطبية.
ما هي متلازمة الاحتراق الذاتي أو اكتئاب المهنة؟
عرفت هذه المتلازمة منذ نهاية السبعينات حيث أجرى فرودنبرجر أبحاثاً على متلازمة الاحتراق النفسي (Burnout Syndrome) وشبهها بصورة الشمعة المحترقة، حيث أشار إلى نوع من أنواع الضغوط الخاصة المتعلقة بالعمل تحت مسمى الاحتراق النفسي وتوالت الدراسات والتعريفات من قبل العديد من العلماء وقد اختلفوا في تعريفها، ومن هذه التعريفات تعريف فرودنبرجر بأنها "حالة من الإرهاق المزمن، والكآبة والإحباط تنتج عن التفاني لقضية ما أو نمط حياة أو علاقة تفشل في تحقيق النتائج المتوقعة وتؤدي في نهاية الأمر إلى انخفاض الانخراط والأداء في العمل".
هذا واعتبرت محكات تشخيص الاضطرابات النفسية العالمية 2015 (International classification of Mental Disorder-10) و( Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders-5) أن هذه الأعراض ما هي إلا نوع من الاكتئاب المتعلق بطبيعة العمل (Job depression) وأياً كان مسماها فهي أعراض مؤثرة سلباً على الأداء والمعنويات.
إنّ كوادرنا الطبية البطلة الذين هم على تماس مع ضحايا جائحة كورونا و الأشخاص المشتبه بهم يدركون خطورة العمل في التعامل مع الضحايا ويدركون خطورة العدوى وعدم اكتشاف العلاج الفعال حالياً، مع ذلك يصرون على العمل ليل نهار ويبذلون قصارى جهدهم، وقد ينتابهم الإحباط أحياناً لعدم قدرتهم على مساعدة بعض الضحايا خصوصاً ممن استفحل المرض بهم ولم يتوفر لهم العلاج، يشاهدون الضحايا ومعاناتهم وموت البعض منهم يبذلون جهود جسدية وعقلية كبيرة، هم دائماً في حالة تأهب، ليس لديهم فترات راحة، منعزلون عن أسرهم، كل هذا يمثل مصادر ضغوطات مهما كان لديهم قدرة على التحمل ومع استمرار الضغط النفسي والجسدي قد تظهر لدى البعض منهم أعراض متلازمة الاحتراق الذاتي أو اكتئاب المهنة والذي يشتمل على الأعراض الرئيسية التالية وبدرجات متفاوتة الشدة:
الشعور بالإنهاك والضعف الجسمي، الشعور بأنه لا قيمة له ولما ينجزه، سرعة الاستثارة والغضب، ضعف التركيز، صعوبة النوم، الشعور بالإحباط، نقص الدافعية والحماس للعمل، الشعور بفقدان الأمل في الانتهاء من هذه المشكلة، الشعور بالملل وعدم السعادة، التذمر والجدال ولوم الآخرين.
إرشادات قد تساعد إذا ما ظهرت هذه الأعراض لديك أو لدى أحد زملائك أو زميلاتك بالعمل وهذا ما يجب على رؤساء الفرق الطبية تفعيلها
- عليك أن تتذكر أن هذه الأعراض هي ردود فعل طبيعية تظهر نتيجة الضغوطات التي تواجهها في عملك عليك تذكر أنك قادر على مواجهتها.
- يجب أن لا تزيد ساعات العمل عن 12 ساعة باليوم حتى لا تشعر بالإرهاق الجسدي.
- يجب أخذ فترات راحة خلال العمل وإجازة حسب ما ينظمه رئيس الفريق الطبي.
- ضرورة توفير بديل ليستلم عنك مهام العمل.
- يجب أن تواظب على تناول وجباتك بانتظام.
- حاول أن تسترخي ولو للحظات ومارس تمارين الاسترخاء وتنظيم النفس.
- إذا شعرت بالانزعاج عبر عن سبب انزعاجك لزملائك وعما تفكر به وتشعر به ولا تكبت مشاعرك فهم يفهمونك ويشاطرونك المعاناة، وهذا يساعد على تخفيف توترك، يفضل أن يشجع رئيس الفريق الطبي على الاجتماع وإجراء أسلوب التفريغ النفسي أسبوعياً
- قم بتهدئة نفسك وفكر بإيجابية وما قدمته لأبناء وطنك وفكر بنتائج عملك وإنجازك بشكل إيجابي وأبعد الأفكار السلبية عنك.
- عند زيارة الأسرة لا تنقل مشاكل العمل لهم.
- لا تحاول اللجوء إلى تناول أي من العقاقير المهدئة لما لها من تأثيرات سلبية تقود إلى الاعتياد عليها.
- شارك بأي نشاط رياضي جماعي أو فردي مدة 20 دقيقة باليوم وبشكل منظم.
- حاول أن تبقي التواصل مع الأصدقاء والأهل وزملاء العمل وحافظ على روح الدعابة وشجعها.
- اللجوء إلى الصلاة وتلاوة القرءان قال تعالى (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) صدق الله العظيم.
- ابتعد عن المنبهات (قهوة، سجائر..) وأكثر من شرب العصائر الطبيعية.
تذكروا أيها الأبطال من الكوادر الطبية والأمنية أنكم موضع تقدير واحترام وأنتم أمل الوطن وحُمَاتُه نفاخر بكم الدنيا.
ونحن في هذه المبادرة الوطنية " راحتي في منزلي" على يقين تام بأن المسؤولين في القطاعات الطبية العامة والخاصة على وعي ودراية بتأثير شدة ضغوطات العمل التي تواجهها الكوادر الطبية في تعاملها مع ضحايا كورونا ويدركون جلياً أن ظهور ردود الفعل النفسية السلبية لدى البعض أياً كان مسمى هذه الأعراض هو أمر ممكن حدوثه. ونحن واثقون بأن المسؤولين يقدمون كل الدعم لهذه الكوادر حتى يحافظوا على دوافعهم وأدائهم بشكل متميّز وإثبات جدارتهم المعتادة في الوقاية والتدخل.
بإذن الله ستمر هذه الأيام وتمضي الأوقات، لكن صور هؤلاء الأبطال ستبقى حية في وجدان كل مواطن وكل مريض، وستظل المواقف الإنسانية حية في ضمائر من عايشوا الأحداث مع هؤلاء، وأعظم من ذلك كله، هو الأجر والثواب العظيم من المولي عز وجل.
كل التقدير والاحترام لجميع الكوادر الطبية والأمنية في أردننا الحبيب وجزاكم الله كل خير.
حمى الله الأردن وطناً وملكاً وشعباً.
لقد ترك هؤلاء الأبطال أسرهم وأصدقائهم وجميع من يعرفون ليعايشوا ما يحدث واقعاً ملموساً، وممارسة عملية في المستشفيات، كل ساعة ودقيقة وثانية، يتصدون بأنفسهم وأرواحهم لعدو مجهول غادِر قد يتربّص بهم، لكن نداء الواجب ومعاني الوطنية التي فطروا عليها برزت بجلاء وقوة وعنفوان في هذه الأوقات بالذات لتؤكّد عمق إنسانيتهم وقوة انتمائهم لهذا الوطن العزيز ومليكه وشعبه.
لقد بيّنت الدراسات التي أُجرِيَت على الكوادر الطبية وخصوصاً في الأزمات ممن يعملون في الخط الأول وعلى تماس مع الخطر حيث يتَطَلّبَ عملهم التعامل مع المرضى والجرحى ويواجهوا خطر العدوى والمرض، يعملون ليل نهار تحت ضغط نفسي وجسدي شديد، مما قد يؤدي إلى استنزاف طاقاتهم الجسدية والعقلية ويرهقون مما قد ينتج عنه لدى البعض ردود فعل نفسية سلبية أسماها المختصون بالاحتراق الذاتي أو اكتئاب المهنة، وهذا ما أكدته عدد من الدراسات بشيوع هذه المتلازمة بين الأطباء والتمريض والكوادر الطبية الأخرى.
حديثاً، في العامين (2019-2020) تم نشر العديد من الدراسات في الصين حول التأثير النفسي لتعامل الكوادر الطبية مع فيروس كورونا في مدينة ووهان، حيث أشارت النتائج إلى وجود آثار نفسية سلبية لدى نسبة لا بأس بها من الكوادر الطبية.
ما هي متلازمة الاحتراق الذاتي أو اكتئاب المهنة؟
عرفت هذه المتلازمة منذ نهاية السبعينات حيث أجرى فرودنبرجر أبحاثاً على متلازمة الاحتراق النفسي (Burnout Syndrome) وشبهها بصورة الشمعة المحترقة، حيث أشار إلى نوع من أنواع الضغوط الخاصة المتعلقة بالعمل تحت مسمى الاحتراق النفسي وتوالت الدراسات والتعريفات من قبل العديد من العلماء وقد اختلفوا في تعريفها، ومن هذه التعريفات تعريف فرودنبرجر بأنها "حالة من الإرهاق المزمن، والكآبة والإحباط تنتج عن التفاني لقضية ما أو نمط حياة أو علاقة تفشل في تحقيق النتائج المتوقعة وتؤدي في نهاية الأمر إلى انخفاض الانخراط والأداء في العمل".
هذا واعتبرت محكات تشخيص الاضطرابات النفسية العالمية 2015 (International classification of Mental Disorder-10) و( Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders-5) أن هذه الأعراض ما هي إلا نوع من الاكتئاب المتعلق بطبيعة العمل (Job depression) وأياً كان مسماها فهي أعراض مؤثرة سلباً على الأداء والمعنويات.
إنّ كوادرنا الطبية البطلة الذين هم على تماس مع ضحايا جائحة كورونا و الأشخاص المشتبه بهم يدركون خطورة العمل في التعامل مع الضحايا ويدركون خطورة العدوى وعدم اكتشاف العلاج الفعال حالياً، مع ذلك يصرون على العمل ليل نهار ويبذلون قصارى جهدهم، وقد ينتابهم الإحباط أحياناً لعدم قدرتهم على مساعدة بعض الضحايا خصوصاً ممن استفحل المرض بهم ولم يتوفر لهم العلاج، يشاهدون الضحايا ومعاناتهم وموت البعض منهم يبذلون جهود جسدية وعقلية كبيرة، هم دائماً في حالة تأهب، ليس لديهم فترات راحة، منعزلون عن أسرهم، كل هذا يمثل مصادر ضغوطات مهما كان لديهم قدرة على التحمل ومع استمرار الضغط النفسي والجسدي قد تظهر لدى البعض منهم أعراض متلازمة الاحتراق الذاتي أو اكتئاب المهنة والذي يشتمل على الأعراض الرئيسية التالية وبدرجات متفاوتة الشدة:
الشعور بالإنهاك والضعف الجسمي، الشعور بأنه لا قيمة له ولما ينجزه، سرعة الاستثارة والغضب، ضعف التركيز، صعوبة النوم، الشعور بالإحباط، نقص الدافعية والحماس للعمل، الشعور بفقدان الأمل في الانتهاء من هذه المشكلة، الشعور بالملل وعدم السعادة، التذمر والجدال ولوم الآخرين.
إرشادات قد تساعد إذا ما ظهرت هذه الأعراض لديك أو لدى أحد زملائك أو زميلاتك بالعمل وهذا ما يجب على رؤساء الفرق الطبية تفعيلها
- عليك أن تتذكر أن هذه الأعراض هي ردود فعل طبيعية تظهر نتيجة الضغوطات التي تواجهها في عملك عليك تذكر أنك قادر على مواجهتها.
- يجب أن لا تزيد ساعات العمل عن 12 ساعة باليوم حتى لا تشعر بالإرهاق الجسدي.
- يجب أخذ فترات راحة خلال العمل وإجازة حسب ما ينظمه رئيس الفريق الطبي.
- ضرورة توفير بديل ليستلم عنك مهام العمل.
- يجب أن تواظب على تناول وجباتك بانتظام.
- حاول أن تسترخي ولو للحظات ومارس تمارين الاسترخاء وتنظيم النفس.
- إذا شعرت بالانزعاج عبر عن سبب انزعاجك لزملائك وعما تفكر به وتشعر به ولا تكبت مشاعرك فهم يفهمونك ويشاطرونك المعاناة، وهذا يساعد على تخفيف توترك، يفضل أن يشجع رئيس الفريق الطبي على الاجتماع وإجراء أسلوب التفريغ النفسي أسبوعياً
- قم بتهدئة نفسك وفكر بإيجابية وما قدمته لأبناء وطنك وفكر بنتائج عملك وإنجازك بشكل إيجابي وأبعد الأفكار السلبية عنك.
- عند زيارة الأسرة لا تنقل مشاكل العمل لهم.
- لا تحاول اللجوء إلى تناول أي من العقاقير المهدئة لما لها من تأثيرات سلبية تقود إلى الاعتياد عليها.
- شارك بأي نشاط رياضي جماعي أو فردي مدة 20 دقيقة باليوم وبشكل منظم.
- حاول أن تبقي التواصل مع الأصدقاء والأهل وزملاء العمل وحافظ على روح الدعابة وشجعها.
- اللجوء إلى الصلاة وتلاوة القرءان قال تعالى (أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) صدق الله العظيم.
- ابتعد عن المنبهات (قهوة، سجائر..) وأكثر من شرب العصائر الطبيعية.
تذكروا أيها الأبطال من الكوادر الطبية والأمنية أنكم موضع تقدير واحترام وأنتم أمل الوطن وحُمَاتُه نفاخر بكم الدنيا.
ونحن في هذه المبادرة الوطنية " راحتي في منزلي" على يقين تام بأن المسؤولين في القطاعات الطبية العامة والخاصة على وعي ودراية بتأثير شدة ضغوطات العمل التي تواجهها الكوادر الطبية في تعاملها مع ضحايا كورونا ويدركون جلياً أن ظهور ردود الفعل النفسية السلبية لدى البعض أياً كان مسمى هذه الأعراض هو أمر ممكن حدوثه. ونحن واثقون بأن المسؤولين يقدمون كل الدعم لهذه الكوادر حتى يحافظوا على دوافعهم وأدائهم بشكل متميّز وإثبات جدارتهم المعتادة في الوقاية والتدخل.
بإذن الله ستمر هذه الأيام وتمضي الأوقات، لكن صور هؤلاء الأبطال ستبقى حية في وجدان كل مواطن وكل مريض، وستظل المواقف الإنسانية حية في ضمائر من عايشوا الأحداث مع هؤلاء، وأعظم من ذلك كله، هو الأجر والثواب العظيم من المولي عز وجل.
كل التقدير والاحترام لجميع الكوادر الطبية والأمنية في أردننا الحبيب وجزاكم الله كل خير.
حمى الله الأردن وطناً وملكاً وشعباً.