القطامين يكتب: ولدي، كنْ رجلاً على الأهوالِ جلدا ..
د. نضال القطامين
القبة نيوز- مر زمن طويل، لم أقبّل جبهتك. مرت ليال طوال أحسب ساعاتها ودقائقها دهرا، لم تجلس فيها بين يدي، أقرأ عليك، درس الأمة الخالدة.
أعرف كيف تمر الدقائق عليك وزملائك، ثقيلة وبطيئة. أعرف كيف تمسي وتصبح ضجرا نزقا وقد غاظك أن تجد الحياة تقسو وقد حسبتها ضاحكة، أعرف أنك في بلاد الإنجليز حائراً تعتريك الهواجس، لكنني أتذكّر أنني أنشأتك، رابط الجأش قويا صبورا.
ماذا يمكنني أن أقول لك، وأنت رهين المحبسين؛ الغربة والوباء، عن وطنك الذي يصارع بكل إمكاناته هذا البلاء، ويتقدم في ذلك على الأمم التي كنّا نحسبها لم تترك لنا شيئا في العلم والمعرفة، عن هذا الوباء وقد أعاد العالم كله للتصنيف الأول، سواسية لا فضل لأحد على آخر.
ماذا يمكنني أن أحدثك عن منزلنا وقد أوحشه غيابك وطول الإياب، عن زمن حلّ لا أستطيع فيه الوصول إليك وليس بإمكانك مغادرة سكناك، زمن قاس سيعيد إنشاء الفتية من أقرانك، بشروط جديدة تتعلمون فيها معنى أن يكون لك وطنا، تعتب عليه ولا تغضب، ويجور عليك، ولا تملك شتمه.
حدثني أيها الفتى القوي عن بلاد الغرب، عن أنظمتها التي تداعت أمام مخلوق لا يرى، بعد أن كانت تملأ الدنيا صراخا، ثم استرق من النوافذ سمعا لهمسات القوم، في الندم المتأخر على الأموال التي أنفقت لتكديس المزيد من غلال السلاح، البيولوجي والنووي وكل أشكاله القذرة، عن تراخيهم في إنشاء نظام صحي يكلأ عن شعوبهم رماح المرض، عن نهمهم المفضوح لاشتعال مزيد من الحروب، وحسرات تبيت ليلها في قلوبهم وهم يرون مصارع أبناء جلدتهم ولا يملكون حيالها حولا ولا قوة، حدثني عن ذلك، ثم اقرأ على الناس هناك، آيات المباركة والشفاء من اجتماع الطغاة والوباء عليهم.
صف لي، من نافذة غرفتك، كيف يمكن للحضارات أن تتقهقر وتضعف، واقرأ لي من هناك، قصائد الغطرسة التي عبأت بها الأنظمة كتب التدليس وبيانات الجور والظلم، وقل لي أنك تراها تضرب كفّا بكف على مآلات التسليح وتراساناته وعن انحراف هذا المال عن أنظمة الوقاية وسبل النجاة، وعن نوايا هذه الأنظمة السافرة في إشغال العالم الثالث بحروب مدمرة، كي يتسنى لهم جمع المحصول المتراكم على غبار المعارك، تلك النوايا التي أوردتهم المهالك، وقد كانوا يختالون فيها على العالم كلّه غطرسة وكبرياء.
ولا تنسى، وأنت محكومٌ الآن بالصبر وبالإيمان، أن تقرأ على روح جدك أبو نضال فاتحة الكتاب الكريم، وأن تسترجع نزقه وحنقه الذي أتعب قلبه يوم كان يرى هذا العالم يقسو على دمشق وبغداد وصنعاء وغيرها، ويترك عواصم الدولة القومية تحت ضربات سياطهم، فتتمزق وحدتها ويتشتت أهلها لاجئين على بوابات الحدود، فتبتغي في كل ماتراه، شفاءً من كل هذا الموت الذي نقشوه على جسد العروبة والدين.
كن كما أنت وزملاؤك، رجلا صَبوراً جَلود، وعُدْ، كما هيأتك، جنديا للأمة، تعلي مع إخوتك البناء، وتذودوا عن أوطانكم العاديات.
"ولا تجزع لنازله الليالي...
فما لحوادث الدنيا بقاء
وكنْ رجلاً على الأهوالِ جلداً...
وشيمتكَ السماحة ُ والوفاءُ
ومن نزلت بساحته المنايا...
فلا ارض تقيه ولا سماء."
واعلم أنك وسط هذه النازلة، بمرتبة الجهاد في كفاحك من أجل دراستك، وأن الرجال منها يُصنعون، في منتصف القلق والمحن، وأن آية كريمة من القرآن العظيم جعلت العسر محفوف بيسرين، ثم اعلم، أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن هذا الليل البهيم سينجلي، لتعود الطيور تبني أعشاشها في أعالي السطوح، وتعود الريح تهادن أغصان الزيتون في القرية، وعلى امتداد السفوح.
وعليك السلام،،،
أعرف كيف تمر الدقائق عليك وزملائك، ثقيلة وبطيئة. أعرف كيف تمسي وتصبح ضجرا نزقا وقد غاظك أن تجد الحياة تقسو وقد حسبتها ضاحكة، أعرف أنك في بلاد الإنجليز حائراً تعتريك الهواجس، لكنني أتذكّر أنني أنشأتك، رابط الجأش قويا صبورا.
ماذا يمكنني أن أقول لك، وأنت رهين المحبسين؛ الغربة والوباء، عن وطنك الذي يصارع بكل إمكاناته هذا البلاء، ويتقدم في ذلك على الأمم التي كنّا نحسبها لم تترك لنا شيئا في العلم والمعرفة، عن هذا الوباء وقد أعاد العالم كله للتصنيف الأول، سواسية لا فضل لأحد على آخر.
ماذا يمكنني أن أحدثك عن منزلنا وقد أوحشه غيابك وطول الإياب، عن زمن حلّ لا أستطيع فيه الوصول إليك وليس بإمكانك مغادرة سكناك، زمن قاس سيعيد إنشاء الفتية من أقرانك، بشروط جديدة تتعلمون فيها معنى أن يكون لك وطنا، تعتب عليه ولا تغضب، ويجور عليك، ولا تملك شتمه.
حدثني أيها الفتى القوي عن بلاد الغرب، عن أنظمتها التي تداعت أمام مخلوق لا يرى، بعد أن كانت تملأ الدنيا صراخا، ثم استرق من النوافذ سمعا لهمسات القوم، في الندم المتأخر على الأموال التي أنفقت لتكديس المزيد من غلال السلاح، البيولوجي والنووي وكل أشكاله القذرة، عن تراخيهم في إنشاء نظام صحي يكلأ عن شعوبهم رماح المرض، عن نهمهم المفضوح لاشتعال مزيد من الحروب، وحسرات تبيت ليلها في قلوبهم وهم يرون مصارع أبناء جلدتهم ولا يملكون حيالها حولا ولا قوة، حدثني عن ذلك، ثم اقرأ على الناس هناك، آيات المباركة والشفاء من اجتماع الطغاة والوباء عليهم.
صف لي، من نافذة غرفتك، كيف يمكن للحضارات أن تتقهقر وتضعف، واقرأ لي من هناك، قصائد الغطرسة التي عبأت بها الأنظمة كتب التدليس وبيانات الجور والظلم، وقل لي أنك تراها تضرب كفّا بكف على مآلات التسليح وتراساناته وعن انحراف هذا المال عن أنظمة الوقاية وسبل النجاة، وعن نوايا هذه الأنظمة السافرة في إشغال العالم الثالث بحروب مدمرة، كي يتسنى لهم جمع المحصول المتراكم على غبار المعارك، تلك النوايا التي أوردتهم المهالك، وقد كانوا يختالون فيها على العالم كلّه غطرسة وكبرياء.
ولا تنسى، وأنت محكومٌ الآن بالصبر وبالإيمان، أن تقرأ على روح جدك أبو نضال فاتحة الكتاب الكريم، وأن تسترجع نزقه وحنقه الذي أتعب قلبه يوم كان يرى هذا العالم يقسو على دمشق وبغداد وصنعاء وغيرها، ويترك عواصم الدولة القومية تحت ضربات سياطهم، فتتمزق وحدتها ويتشتت أهلها لاجئين على بوابات الحدود، فتبتغي في كل ماتراه، شفاءً من كل هذا الموت الذي نقشوه على جسد العروبة والدين.
كن كما أنت وزملاؤك، رجلا صَبوراً جَلود، وعُدْ، كما هيأتك، جنديا للأمة، تعلي مع إخوتك البناء، وتذودوا عن أوطانكم العاديات.
"ولا تجزع لنازله الليالي...
فما لحوادث الدنيا بقاء
وكنْ رجلاً على الأهوالِ جلداً...
وشيمتكَ السماحة ُ والوفاءُ
ومن نزلت بساحته المنايا...
فلا ارض تقيه ولا سماء."
واعلم أنك وسط هذه النازلة، بمرتبة الجهاد في كفاحك من أجل دراستك، وأن الرجال منها يُصنعون، في منتصف القلق والمحن، وأن آية كريمة من القرآن العظيم جعلت العسر محفوف بيسرين، ثم اعلم، أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن هذا الليل البهيم سينجلي، لتعود الطيور تبني أعشاشها في أعالي السطوح، وتعود الريح تهادن أغصان الزيتون في القرية، وعلى امتداد السفوح.
وعليك السلام،،،