غسيل الأموال في العالم العربي... أماكن تواجده وطرقه وأساليب مكافحته
القبة نيوز-يسمع بين فترة والأخرى عن جريمة غسل أو تبييض الأموال، وعن فضائح واتهامات عن تورط شخصيات ومشاهير عالميين في قضايا من هذا النوع.
ووضع صندق النقد الدولي جريمة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في مصاف أولوياتها للأمور التي يعمل على مكافحتها،وبحسب التعريفالرسمي للمنظمة الدولية فإن عملية غسل الأموال هي عبارة عن إخفاء المصدر غير المشروع للأصول التي يتم الحصول عليها، ويؤكدبأن جريمةغسل الأموال تترتب عليها آثار اقتصادية تهدد استقرار القطاع المالي في البلد المتضرر.
في ظل العمليات المالية والاقتصادية والمصرفية المعقدة والكثيرة، والتي تحمل أسماء يصعب على المواطن البسيط فهمها واستيعابها، حاول الخبير الاقتصادي، عمار يوسف، وفي اتصال مع وكالة "سبوتنيك" تبسيط الأمر لأقصى درجة ممكنة، ويقول: العملية أولا يمكن تطبيقها فقط في الدول المتقدمة مصرفيا، ويمكن تلخيصها بعدم وجود "الكاش" بأيدي المواطنين، كمثال أن هناك شخص يملك مليون دولار "كاش" يريد تحويله من مال قذر إلى نظيف وإدخاله في النظام المصرفي.
ويتابع يوسف: بالتالي يحتاج إلى القيام بعدة عمليات مصرفية وإجراءات من بيع وشراء وأسهم ومضاربة، فيتحول المبلغ النقدي إلى مال موجود في المصارف، ويمكن استخدامه والتعامل به في الدول المتقدمة مصرفيا.
ويضرب الخبير الاقتصادي يوسف مثالا على ذلك شراء عقار بمبلغ كبير نقدي، وهو أمر غير مقبول في الدول المصرفية، بل يجب أن يتم الشراء عبر تحويل مصرفي من المصرف المعتمد لدى الشاري إلى مصرف البائع،ويوضح: لو كان لديك مبلغ كبير من المال لا يمكنك وضعها في المصرف دون الكشف عن مصدر هذا المال، وهنا تكون عملية الغسيل.
ويؤكد يوسف بأنه في البلاد غير المتطورة مصرفيا يمكنك أن تأخذ مبلغ كبير من المال نقديا وتودعها في البنك ببساطة، ويمكن الإجابة عن مصدر هذه الأموال بعملية بسيطة بأنك قمت ببيع عقار على سبيل المثال، وبذلك يتم تحويله إلى مال نظيف في البنوك يمكن تداوله والتعامل به.
أما الخبير الاقتصادي المقيم في بريطانيا أحمد ياسين وفي حديث مطول مع وكالة "سبوتنيك" يوضح معنى غسيل الأموال ويتناول الأمر بطريقة مختلفة، ويقول: غسيل الأموال هي عملية يقوم بها البعض سواء أفراد أم شركات، باستخدام أموال جاءت أو تم إنتاجها من خلال طرق غير مشروعة كتجارة المخدرات أو البشر أو أموال ناتجة عن التهرب الضريبي، ومثل هذه الأموال لا يمكن لها أن تمر عبر القنوات المالية الرسمية المعترف بها من قبل النظام المالي العالمي.
ويكمل ياسين: لذلك يتم اتباع طرق غير مشروعة لتبييض هذه الأموال، أي تشريعها، ويكون ذلك عن طريق شراء عقارات بالدرجة الأولى أو عن طريق القيام بمشاريع قد تكون خيرية فقط الهدف منها جعل هذه الأموال مشروعة وأن تتناسب مع النظام المالي العالمي، لكن المصدر يبقى غير شرعي.
ويواصل: دائما ما يتم التطرق في اجتماعات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وفي اجتماعات دول العشرين إلى موضوع غسيل الأموال لما له أضرار كبيرة على الاقتصاد العالمي، وآخر التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة تشير إلى أن 5% من الناتج الإجمالي المحلي العالمي هو قادم عن طريق الأموال غير المشروعة أو عن طريقة تبييض الأموال، ما يشير بوضوح إلى ضرورة إخضاع هذا الجانب إلى القوانين والإجراءات اللازمة للقضاء على هذه العمليات غير المشروعة.
بدوره يلقي الخبير الاقتصادي الكويتي أشرف فؤاد تناغو المزيد من الضوء على عملية غسل الأموال في لقاء مع وكالة "سبوتنيك"، ويتحدث: مبدئيا غسل الأموال يتم على عدة مراحل، حيث أولا يتم جني الأموال من مصادر غير مشروعة كتجارة السلاح والمخدرات والغش والفساد وغيره، ومن ثم محاولة إدخالهم في النظام المصرفي، وطبعا تطور نظام غسل الأموال عن السابق كثيرا، سابقا كان يتم ذلك عن طريق شركات صغيرة.
ويتابع تناغو: المرحلة الأصعب في غسل الأموال هو إدخال هذه الأموال في النظام المصرفي، وهناك عدة طرق لذلك إحداها كأن تقوم مثلا بشراء سيارات غالية جدا، كما يمكن في منطقة الخليج العربي أن تشتري إبل أو جمال بمبالغ خيالية، أو قطع تراثية يمكن اعتبارها أثرية، وبعد بيع أو شراء هذه الأشياء يتم إدخال هذه الأموال عن طريق البيع والشراء، وعندما يتم إدخال الأموال في المصرف فإن الأمر عمليا قد انتهى وتم اجتياز أخطر خطوة.
أين تتركز عملية غسل الأموال
وقدر صندوقالنقد الدوليحجم الأموال التي يتم غسلها سنويا ما بين 2-5% من الناتج الإجمالي العالمي ، 8% من إجمالي حجم التجارة العالمية، وهو ما يشكل 300-400 بليون دولار، وتتم خارج إطار الإحصاءات التي تنضوي تحت جناح الاقتصاد المعلن للدول، وبالتالي تتركز هذه العمليات عبر طرق وأساليب سرية، وعنها يقول الخبير الاقتصادي عمار يوسف: هناك مؤسسات كاملة وشركات عالمية لعملية تبييض الأموال وذلك بالنسبة للدول القوية في القطاع المصرفي، والتي تتم عبر آلية جدا معقدة عن طريق حسابات وهمية وإدخال وإخراج، بالإضافة إلى عمليات بيع وشراء وهمية ومضاربة بالأسهم، وأحيانا تصل النسبة إلى 60% أو 70%، حيث إذا كنت تملك مليون دولار كمال قذر، سيكون لديك منها فقط 400 ألف دولار أو أقل كمال نظيف، أما الفارق فيذهب إلى هذه المؤسسات أو الشركات التي تقوم بهذه العملية.
ويكمل يوسف: هناك دول عديدة اقتصادها قائم على غسيل الأموال، فيمكن أن ترى في دول مثل جزر كايمان ولايتس فيها مصرف واحد ميزانيته بين 5-6 تريليون دولار، ولكنك لو حاولت فتح حساب فيه فلن يقبلوا استقبال الأموال منك، لأنه مخصص فقط لعملية غسل الأموال،
ويضيف الخبير السوري: كذلك في دول مثل ليشتنشتاين ومالطة وقبرص وغيرها، والتي تسمى ثقوب سوداء لغسيل الأموال، حيث أنها تمتص آلاف التريليونات من الدولارات وتخرج مثلها، وتحول الأموال من قذرة إلى نظيفة.
فيما يقول الخبير أحمد ياسين أن هذه العمليات تتركز في الدول التي تملك نظاممتطور مصرفي، وبالنسبة للبلدان العربية يقول: بالنسبة للوضع لبعض الدول العربية التي تملك نظام مصرفي متطور وله تأثير وثقل مالي كبير مثال على ذلك لبنان، ولكن هذا لا يعني أبدا أن لبنان بلد رائد في غسيل الأموال، إذا أن السرية المصرفية هي تسجل مستويات عالية جدا، وهنا نرى أن المشاكل التي يعاني منها لبنان حاليا، مردها الأساسي هي السرية البنكية.
وعن أهم الأماكن التي يمكن أن تكون فيها يقول أشرف فؤاد: هذه العملية تتم في الدول المنفتحة على دول أخرى، وهناك بعض الدول في الخليج قد تكون من الدول الأولى في غسل الأموال، حيث أنها منفتحة ولديها سياحة ومنطقة تعتبر مركز مالي، كما يتواجد فيها مكاتب وشركات عديدة وكبيرة، فهذا ما يشكل فرصة أكبر لغسل الأموال.
ويواصل: فلو كنت أنا في مدينة كبيرة فيها حركة تجارية كبيرة وتم تحويل مبلغ 100 مليون دولار، هذا يعتبر أمر طبيعي ومبلغ عادي ليس كبيرا، لكن لو كنت في دولة صغيرة وتم تحويل 100 مليون دولار لشخص عادي فسيكشف فورا، وكلما كان حجم الأنشطة في الدولة أكبر، كلما كانت عملية كشف غسل الأموال أصعب.
غسل الأموال في العالم العربي
تعتبر البلاد العربية من الدول المتأخرة من حيث معيار الشفافيةومكافحة الفساد، ما يجعل معرفة الأرقام الدقيقة لعمليات غسل الأموال صعبة في هذه المنطقة، يقول الخبير الاقتصادي السوري عمار يوسف: بالنسبة للدول العربية موضوع تبييض الأموال يتم بحدود جدا ضيقة وقليلة، وتتركز أغلبها في لبنان، حيث أنه البلد الأكثر تطورا في القطاع المصرفي في العالم العربي، أما في دولة مثل سوريا لا نحتاج إلى شيء اسمه غسيل أموال، بسبب وجود الحرية المطلقة في التعامل بالمبالغ النقدية، ولا يتم السؤال عن مصادر هذه الأموال سواء كانت نظيفة أم قذرة، وآلية غسيل الأموال غير موجودة وغير متوفرة.
أما الخبير الاقتصادي أحمد ياسين فيرى أن الدول العربية تشهد الكثير من العمليات اللا مشروعة لغسل الأموال، ويوضح ذلك بقوله: قد تكون جميع الدول العربية نشطة في هذا المجال، ولكي أوضح كلامي يجب أن نتطرق إلى تقرير الشفافية الدولية الذي يصدر سنويا، وحسب هذا التقرير تأتي مجمل الدول العربية مع اختلاف بسيط في مستويات الشفافية، تأتي في مؤخرة هذه القائمة، وطالما أن الشفافية مضمحلة في هذه الدول، هذا يعني أن الإجراءات المتبعة لمكافحة غسيل الأموال تبقى أنشطة محدودة.
من يغسل أمواله في العالم العربي
تعتبر جميع القوانين والأنظمة القانونيةوالدولية غسلالأموال جريمة يعاقب مرتكبها، وهي تقوم على أساس جريمة سابقة درت الأموال، ومع ظهور مصادر متنوعة للأموال غير المشروعة كالفساد الإداري والمالي، تتنوع الجهات التي تقوم بهذه العمليات بين شخصيات سياسية ونافذة في الدول العربية، ومنظمات إجرامية تقوم بعمليات مختلفة من تجارة المخدرات وتهريب الآثار وغيرها.
وعن ذلك يقول الخبير السوري عمار يوسف: هناك الكثير من الشركات والأشخاص التي تقوم بغسل الأموال في لبنان مثلا، ويمكن القول أن 70% من المسؤولين العرب يغسلون أموالهم في لبنان، وبعد ذلك يتم تهريب هذه الأموال إلى أوروبا كمال نظيف.
وعن ذلك يقول أحمد ياسين ويوجه اتهامه للمسؤولين في الدول العربية: بشكل عام الأنظمة العربية متورطة في غسيل الأموال، والآن يمكن الحديث مثلا عن الأزمة المالية التي يعاني منها لبنان، والسبب الأساسي فيها هو قيام السياسيين بالقيام بغسيل وتبييض الأموال التي تم سرقتها من قوت الشعب اللبناني، وتم إخراجها إلى وجهات خارجية عبر قنوات غير قانونية وغير مشروعة.
ويتابع: هناك تقارير تشير إلى أن لبنان يعاني من سرقة وتبييض مليارات الدولارات من خزينة الدولة، ولكن هذه الأموال تم نقلها إلى وجهات استثمارية أخرى، ومثل هذه الأموال بالتأكيد لو تم إعادتها إلى لبنان لكان اللبنانيون وجدوا حلا لمشاكلهم.
ويعتقد الخبير الاقتصادي أشرف فؤاد أن من يغسل الأموال هي شخصيات كبيرة ومستفيدة ولها صلات لكي يغسل أموال بالملايين والمليارات أو أكثر، ويتابع: هؤلاء لا بد أن يكونوا متنفذين، حيث أن الدول التي فيها حروب في المناطق العربية تدخلها مليارات بالحقائب، فكيف يمكن أن تدخل هذه الأموال عبر المطارات، فلذلك يجب أن يكون هناك فساد، وعلى مستوى المسؤولين، بالإضافة إلى التجارة غير المشروعة في السلاح والمخدرات وغيرها من النشاطات الإجرامية الأخرى.
مخاطر غسل الأموال
يوجه صندوق النقد الدولي وغيره من المؤسساتالمالية الدوليةاهتماما كبيرا لعملية تبييض الأموال، لكونها تهدد سلامة واستقرار النظام المالي والاقتصادي بشكل عام، ولأنها تؤدي إلى التأثير على نزاهة واستقرار المؤسسات والنظم المالية، وتشويه التدفقات المالية وتثبيط الاستثمار الأجنبي.
وعن هذا يتحدث الخبير عمار يوسف ويقول: هناك مخاطر كبيرة تترتب على هذه العمليات، ومثال على ذلك الآثار السلبية التي حدثت للقطاع المصرفي في لبنان، والآزمة البنكية الحاصلة هناك، وهي نتيجة مباشرة لغسل الأموال هناك، حيث يمكن أن يحدث انهيارات مصرفية في البلد كنتيجة لذلك، فيقومون أحيانا بإنشاء بنك خاص لغسل الأموال، وبعد ذلك يتم انهيار هذا البنك وإشهار إفلاسه بشكل مقصود للتغطية على جميع التجاوزات المالية والاقتصادية من خلال إشهار إفلاسه أو انهياره.
ويشير الخبير أحمد ياسين إلى المخاطر الكبيرة على الاقتصادات الوطنية، ويوضح: المخاطر كبيرة لأن غسيل الأموال يعتبر الوجه الآخر للفساد المستشري في الدولة، وهو الطريق أمام المال الفاسد لكي ينتقل من البلد إلى وجهات أخرى، وبالتالي حرمان هذه الدولة من الخيرات المالية الكبيرة، فلو تم إدخال هذه الأموال عبر الطرق الرسمية، لفرض عليها ضرائب، وكانت هذه الضرائب ستدخل في خزينة الدولة، وترفع قدرة الحكومة على الإنفاق العام ودعم المشاريع التنموية.
ويكمل ياسين: لذلك موضوع غسيل الأموال خطير جدا وله تبعات كبيرة على هذه الدول التي تعاني من الفساد بشكل خاص، وفي نهاية المطاف الشعوب العربية بشكل عام هي المتضرر الأساسي من قضية تبيض الأموال وغسيلها والفساد في العالم العربي، وهنا أذكر أن الدول العربية هي في مؤخرة الدول من حيث الشفافية، وهذا يشير بوضوح إلى أن تبييض الأموال له مجال كبير.
ويعتقد الخبير الكويتي أشرف فؤاد بأن عمليات غسل الأموال في بعض الدول تشكل خطرا حقيقيا على الاقتصاد، ويفسر ذلك: هذا ما يسمى الاقتصاد الموازي أو السوق السوداء، وأحيانا يكون الاقتصاد النظامي يشكل 10% من الاقتصاد الموازي، وأعطي مثال على ذلك إحدى الدول العربية، حيث تملك اقتصاد موازي رهيب وتنتشر هناك تجارة الآثار مثلا، وفي هذه الدول تجد الاقتصاد ضعيف أحيانا لكن مع ذلك تجد حركة اقتصادية وحركة عمرانية وغيرها من هذه الأمور.
ويكمل كلامه فؤاد: هذه الأمور كلها تضعف الاقتصاد الوطني، لأنك لا تستطيع جني الضرائب عن هذه الأموال، فتقل مداخيل الدولة، ولا يمكنك إجراء رقابة على النظام المالي ما يؤدي إلى إضعاف النظام المصرفي، كما يؤدي إلى إضعاف العملة المحلية لأنك لا تحصل على النقد الأجنبي لتشكيل الاحتياطي.
مكافحة عمليات غسل الأموال
وعن الإجراءات التي يمكن أن تحد من هذه الجرائم يقول الخبير السوري عمار يوسف: ليس هناك أي اجراءات متبعة حقيقية في الدول ودول مثل سوريا، ولا ينتج عنها أصلا أي شيء حتى لو كانت موجودة في سوريا، لكن هناك منظمات عالمية عديدة وعلى رأسها صندوق النقد الدولي أو غيرها كالاحتياطي الأمريكي، يملكون شيئا اسمه التداول العالمي في العملات وعلى رأسها الدولار.
ويتابع: أي مبلغ يكون غير منطقي وفاق نسبة التعامل الخاص به، يعطي إشارة عن الاحتياطي المركزي أو غيره، فيتم إيقاف الحساب والتعامل به فورا، ولكن بالنتيجة النهائية نعرف أن الولايات المتحدة هي أهم دولة في العالم لغسيل الأموال، فيتم دفع نسبة معينة والعملية تسير بسلاسة.
ويرى يوسف أن الحل يكمن في حصر التعامل عن طريق البنوك والشراء والتحويلات، وبأنه طالما هناك شيء اسمه "كاش" وهناك قابلية للتعامل عن طريقه، لا يمكن أن يكون هناك شيء اسمه غسيل أموال، ويضرب مثالا ويقول: أنا تحصلت على رشوة بقيمة 10 مليون ليرة، وذهبت إلى المصرف وقمت بإيداعها، وفي حال سألت في المصرف من أين لي هذه الأموال، يمكنني القول أنني بعت عقار دون أي تعاملات بنكية، لن يكون هناك أي ضبط لعملية غسل الأموال.
وعن سبب وجود القوانين في البلاد العربية وإن كانت من دون نفع يوضح يوسف: تم سن هذه القوانين في بلادنا تماشيا مع القانون المصرفي العالمي، حتى تكون المصارف العربية متواكبة مع المصارف الدولية بناء على طلب الأخيرة التي تتعامل مع البنوك العربية، فيلزمون الدول العربية بإصدار قوانين لمحاربة موضوع غسيل الأموال.
ويواصل: لحد الآن في سوريا لم يتم إيقاف أي شخص في سوريا بجرم غسيل الأموال، رغم أن القانون موجود وهي جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن ومصادرة الأموال المراد غسيلها، حيث لا يوجد ما يستدعي غسيل الأموال، فإذا كان لأحد ما أموال قادمة من مصادر غير شرعية يمكن أن يفتح ببساطة حساب في البنك أو أن يشتري عقار أو سلعة ما، دون أي مشاكل، لذلك لا يوجد أي آلية حقيقة ليكون رادع لهذا الأمور.
ويضرب الخبير أحمد ياسين مثالا على الإجراءات التي اتخذتها بعض الدول والمؤسسات الدوليةلمكافحة الفساد، ويوضح: هناك تجارب دولية رائدة في هذا المجال، حيث كانت سويسرا قد أٌقرت عام 1938 قانون السرية البنكية، ومنذ ذلك الحين الاقتصاد هناك يحقق نموا اقتصاديا متطردا من دون أن يمر هذا الاقتصاد بأي أزمة اقتصادية، وذلك يعود بشكل أساسي إلى الأموال المهربة والمغسولة، والمسروقة وخاصة من الشعوب العربية من دون أي رقابة أو حساب.
ويشير ياسين إلى الأموال العربية التي ذهبت إلى البنوك السويسرية من دون أي محاسبة أو أي مراقبة، ويضرب مثالا على ذلك الصندوق السيادي الليبي قبل سقوط نظام معمر القذافي، والذي كان يتجاوز مستوى 160 مليار دولار، وأغلب استثمارات هذا الصندوق كانت في البنوك السويسرية، ويوضح بأنه حاليا ليس هناك أي جهة رسمية ليبيا يمكن التعامل معها لاستعادة هذه الأموال.
ويكمل ياسين حديثه: هذه الأموال تترتب عليها ضرائب من قبل البنوك السويسرية، لذلك يمكن القول أن هذهالأموال الكبيرةوبعد سقوط نظام القذافي، قد تكون واقعيا قد تبخرت من خلال الضرائب التي يتم فرضها على الاستثمارات الليبية، ما يشير بوضوح إلى أن حال الفساد في الأنظمة العربية، لذلك لا يمكن أن نرى قوانين أو حوكمة لمحاسبة من يقوم بتهريب مثل هذه الأموال وتبييضها وغسيلها، ونقلها إلى البنوك السويسرية أو إلى وجهات استثمارية أخرى.
ويتحدث فؤاد عن بعض الإجراءات المتخذة في المنطقة العربية ويقول: هناك إجراءات أقرتها منظمة (فاتز) يتم العمل فيها في معظم دول الخليج، ومن هذه القواعد أن يتم الحصول من العملاء في البنوك والمصارف على استمارة اسمها " كي واي سي" أو نموذج أعرف عميلك، حيث أصبح من الضروي أن تعرف مصدر المال الخاص به.
ويكمل فؤاد: كما تم تحديد الاشتراك في البنوك أو المحافظ التجارية بقيم 3000 دينار نقدي، ومن ثم بعد ذلك تم إلغاء موضوع الكاش تماما، بل يجب أن يكون إيداع بنكي معروف المصدر، بالإضافة إلى العديد من الإجراءات الأخرى.