لماذا لم تتهم إيران السعودية بتفجير ناقلة النفط؟
القبة نيوز- في وقت يتصاعد فيه الحديث عن مساعي التفاوض بين إيران والسعودية، التي تقودها عدة دول على رأسها باكستان، والذي يزور رئيس وزرائها طهران الآن، لم تتهم إيران السعودية في استهداف ناقلتها النفطية، والتي تعرضت لهجوم قبالة سواحل جدة.
وتعرضت ناقلة نفط إيرانية يوم أمس الاول الجمعة إلى ضربتين صاروخيتين مفترضتين قبالة سواحل السعودية، وفق الشركة المالكة لها، في أول حادثة استهداف لسفينة تابعة للجمهورية الإسلامية منذ سلسلة هجمات شهدتها منطقة الخليج وحمّلت واشنطن طهران مسؤوليتها.
ولم تتهم طهران أي جهة بالوقوف خلف الحادث، وقالت إن التحقيقات ما زالت قائمة، بيد أن مراقبين إيرانيين أكدوا لـ "سبوتنيك"، أن طهران تستبعد السعودية من هذه الهجمات، وتتهم أمريكاوإسرائيلبالتورط في هذا الحادث لتعطيل محاولات الوساطة للتقريب بين إيران والمملكة.
ناقلة النفط
وأكدت طهران، اليوم السبت، أن تحقيقاتها حول الهجوم على إحدى ناقلاتها النفطيةبالبحر الأحمرمؤخرا سيجري دون تسرع، واصفة الهجوم بأنه عمل شرير يهدف لخلق حالة توتر بالمنطقة.
وقال الناطق باسم الحكومة علي ربيعي، لوكالة "إرنا" إن "إيران تحقق في حريق ناقلة النفط دون تسرع"، مؤكدا أنه "سيتم الرد على من قام بالهجوم الجبان على ناقلة النفط الإيرانية دون تردد، لكننا سننتظر حتى تظهر جميع جوانب هذا المؤامرة".
وتابع ربيعي أنه "في وقت تحتاج فيه منطقتنا أكثر من أي وقت مضى إلى السلام والهدوء لعلاج الجروح بين الأخوة في المنطقة، يقوم طرف ما بأعمال شريرة ويشن هجوما على ناقلة النفط الإيرانية في البحر الأحمر، ويبدو أن هذا الطرف يسعى إلى خلق حالة جديدة من التوتر في المنطقة".
وأضاف قائلا:السؤال هنا هو لأولئك الذين وجهوا التهم إلى إيران في الهجوم على ناقلات النفط في منطقة الخليج دون أي دليل أو وثيقة، واتهموا طهران بالهجوم على منشآت النفط السعودية، هل هم مستعدون للدفاع مرة أخرى عن حرية الملاحة في الخليج والمياه الدولية ضد مثل هذه الهجمات؟ وهل سيدينون الهجوم على ناقلة النفط الإيرانية.
ورجحت وزارة النفط الإيرانية، إصابة ناقلة النفط "سينوبا" في هجوم صاروخي على بعد 60 ميلاً من ميناء جدة السعودي.
أمريكا وإسرائيل
الدكتور عماد آبشناس، الكاتب والمحلل السياسي الإيراني، قال إن "عملية استهدافالناقلة الإيرانيةلا إثبات إلى الآن بشأن الجهة التي تقف خلفها، وإيران أعلنت أنه ليس هناك معلومات عن الهجوم، واللافت أن تكون الصواريخ أطلقت من تجاه السعودية، وهذا يعني أن إيران لا تريد أن تستنتج تورط المملكة".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "البعض يرى في إيران أن أمريكا وإسرائيل يريدون إعاقة محاولات حل الخلافات بين إيران والسعودية، والوساطات التي تجرى الآن، سواء من باكستان أو العراق، أو خلال الزيارة التي سيقوم بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى السعودية، والمتوقع أن يعلن وساطته، نظرًا للعلاقات القوية والجيدة التي تجمعه مع المسؤولين في إيران".
محاولة توريط السعودية
الكاتب الصحفي والإعلامي الإيراني محمد غروي، قال إن "إيران في مرحلة التحقيقات، لكن يمكن القول بإن طهران ترفض جملة وتفصيلًا توجيه اتهامات الهجوم على ناقلتها النفطية للمملكة العربية السعودية".
وأضاف في تصريحات لـ "سبوتنيك"، أن "إيران تعتقد أن المستفيد الأكبر من هذه الضربة الإرهابية وفي هذا التوقيت بالتحديد، أمريكا ومن خلفها إسرائيل، والتي من مصلحتها تعطيل أي حوار أو تقارب بين طهران والمملكة".
وأكد أن "المجموعة باء التي أشار لها جواد ظريف من قبل (قال إنها تضم بنيامين نتنياهو وجون بولتون وبن سلمان وبن زايد وتدفع ترامب للحرب)، بدأت في التشتت بفعل خروج الإمارات وبولتون، ويبدو أن إسرائيل تخاف من خروج بن سلمان، لذلك تحاول عرقلة الجهود الرامية للتوسط والتفاوض بين المملكة وطهران، خاصة في ظل وجود عمران خان بإيران".
تعطيل جهود المصالحة
وتابع غروي: أمريكا وإسرائيل لهما مصلحة لعرقلة أي جهود لرأب الصدع بين الإيراني والسعودي، لذا طهران لديها شبه يقين بأن إسرائيل هي منفذة العملية من خلال زوارق مرت من إرتريا باتجاه الناقلة وتم استهدافها عن قرب.
وأشار الإعلامي الإيراني، إلى أن "إسرائيل استهدفت الناقلة الإيرانية بالقرب من جدة، كمحاولة لتوريط السعودية في هذه الضربة، وهي رواية لن تقبلها طهران، حيث تشهد وسائل الإعلام في إيران منذ الأسبوع الماضي تهدئة إعلامية تجاه المملكة، ربما لفتح باب للحوار".
وبشأن إمكانية التفاوض القريب بين المملكة وطهران، قال: "يبدو أن الأجواء تسير في هذا الاتجاه، خصوصًا وأن حديثًا منتشر مؤخرًا بأن النقاط الأخيرة توضع لوقف إطلاق النار في اليمن، وهو ما تطلبهالجمهورية الإيرانية".
ومضى قائلًا: "أي اتهام للسعودية بالوقوف وراء الحادث غير مقبول إيرانيًا، واستطاعت طهران أن تمتص صدمة الانفجار، ويغير الوجهة، لذلك لا أعتقد أن يكون هناك أي رد لهذا الهجوم، حيث تعتمد طهران دائمًا على الصبر في الأمور السياسية، وستتعامل أيضا هذه المرة بحنكة وسياسة ولن تتدحرج إلى رد ورد مقابل".
السعودية وإيران
وجاء الهجوم قبل يوم من زيارة مقررة لرئيس الوزراء الباكستاني عمران خان إلى كل من إيران والسعودية، حيث يتوقع أن يبذل جهوداً لنزع فتيل التوتر بين البلدين.
وأعرب ولي العهد السعودي، الأميرمحمد بن سلمان،عن أمله في أن يؤدي وقف إطلاق النار، الذي أعلنه الحوثيون من جانبهم، إلى حوار سياسي وإنهاء الحرب في اليمن، لكنه طالب أولا بأن توقف إيران دعمها للحوثيين.
فيما أكد وزير خارجية إيران، محمد جواد ظريف، أنه إذا طرحت المملكة العربية السعودية قضايا إقليمية من خلال التفاوض وليس قتل الناس فستكون إيران معها.
إنهاء الحرب في اليمن
وقال في تصريحات لمراسل وكالة أنباء الأمة: إذا كان السعوديون مهتمين بالتفاوض مع إيران، وإذا تابعوا القضايا الإقليمية من على طاولة المفاوضات وليس بقتل الناس، فبالتأكيد ستكون الجمهورية الإسلامية معهم.
وكانت الحكومة الإيرانية أكدت في وقت سابق، أن "هناك رسائل من الرياض وصلتها، لكنها تريد رسالة علنية يمكن أن تكون إحداها إنهاء الحرب في اليمن".
وقال المتحدث باسم الحكومة، علي ربيعي، في مؤتمر صحفي بثه التلفزيون الرسمي: "وصلتنا رسائل من السعودية، لكن يجب أن نشاهد رسالة علنية من قبلها، ويمكن أن تكون إحدى رسائل السعودية العلنية هي إنهاء الحرب على اليمن".
وأضاف ربيعي: "لقد طالبنا بإنهاءالحرب على اليمنمنذ البداية، ونرى أن الحل هو وقف إطلاق النار"، مشددا "نحن مستعدون للقيام بكل ما نستطيع في هذا الشأن".
وتبنت جماعة "أنصار الله" اليمنية، السبت 14 سبتمبر/ أيلول، هجوما بطائرات مسيرة استهدف منشأتين نفطيتين تابعتين لعملاق النفط السعودي "أرامكو" في "بقيق" و"هجرة خريص" في المنطقة الشرقية للسعودية.
إلا أن السعودية عرضت بقايا مما وصفته طائرات مسيرة إيرانية وصواريخ كروز استخدمت في الهجوم على المنشآت النفطية السعودية، قائلة إنها دليل "لا يمكن إنكاره" على العدوان الإيراني.
من جانبها، نفت إيران هذه الاتهامات، وقالت إن هذه التصريحات لا أساس لها من الصحة، ولا يوجد أي دليل على ضلوعها في استهداف شركة "أرامكو" السعودية.