مكانة المعلم بين الأمس واليوم
د. محمود الشوابكة
القبة نيوز-ظلت مكانة المعلم، و وظيفته في التربية والتعليم، تحتل مكانة سامية، لم تتزحزح على مر العصور، و قاسما مشتركا بين حضارات الأرض وشعوبها، وذلك هو ما أكد عليه رب العزة، جل و علا، حين بعث رسله للبشرية؛ هداة معلمين؛ وحين جعل فاتحة الوحي على قلب الحبيب المصطفى؛ أن: اقرأ، والقراءة تحتاج معلما، و ذاك محمد، عليه السلام؛ يقول: "إنما بعثت معلما'.
وإذا ما تجاوزنا سقطات الجاحظ التي تَنَدَّر فيها على المعلم، فقد حافظ التراث العربي، بالقول والتطبيق، وعلى نحو راسخ، على المكانة التي تتناسب مع قدسية الرسالة التي يؤديها.
لكن إذا ما نظرنا إلى مكانته في الوقت الحالي، فإننا نجد أنها قد تعرضت إلى تخريب ممنهج؛ أرى أن انعطافته الحادة كانت مع المسرحية الكارثة، التي أخذت من الشهرة مالم تأخذه غيرها من المسرحيات؛ وهي: " مسرحية مدرسة المشاغبين"، تلك المسرحية التي ألحقت بصورة المعلم و بمكانته، ضررا بالغا؛ حين جعلت منه مادة لعبث طُلاب الشهرة الرخيصة، وسخريتهم، في تجلٍ عميق لانفلات المسرح، ولغياب الضمير الواعي للأمة عن الإطلاع بدوره في الرقابة على المصالح الأساسية للمجتمع، و رفض كل ما يتناقض مع تلك المصالح، ما جعل من المسرح، في كثير من الأحيان، أداة للهدم والتخريب، بدلا عن يكون أداة للبناء وللتمكين.
ذلك بالتوازي مع الواقع الذي فرضته العولمة، في كل جوانبها، و في شقها الإقتصادي بالذات؛ المتمثل في اقتصاد السوق، وما نجم عنه ولا زال من آثار ثقافية غيرت أنماط الاستهلاك و جعلت من الشيء الذي كان كماليا بالأمس، أو من الشيء الذي لم يكن بالأمس موجودا، حاجةً أساسية في قائمة احتياجات اليوم "!!!"، ما أرهق الأسرة، وربها، وجعلها في لهاث مضنٍ وراء لقمة العيش؛ وهو الأمر الذي ترك أثرا كبيرا على قيم الفضيلة التي أُرهِقت، و َتزعزعت، في صراعها المرير مع قيم المادة( قيم الإستهلاك) التي اجتاحتنا عنوة؛ فطغت على الأولى و الحقت بها ضررا بالغاً شديدا.
وإذا كانت جميع القوى العاملة قد اكتوت بنار هذا النمط الاستهلاكي الرأسمالي المفروض فرضا على العالم، إلا أن الأشد خطورة هو أن يكون المعلمون من بين المتأثرين به، إن لم نقل من أشدهم، بالنظر إلى الدور الذي يطلعون به، الحالة التي تجعل من الثمن الذي يدفعه المجتمع؛ كنتيجة حتمية لعدم تهيئة الظروف الملائمة لهم لأداء الدور المنوط بهم، ثمنا باهظا ندفعه في النشء الذي يتشكل بين أيديهم؛ تماماً، كما يتشكل الصلصال بين يدي صانع الفُخار.
وإذا كان من المعروف، بداهة، أن الحديث عن قدسية المكانة، إنما مبعثه قدسية المهمة، فإن من البديهي، أيضا، القول: إن ذلك يتطلب أن يكون المعلم مهيأً لأداء تلك المهمة، وأن يبذل في سبيل تحقيقها ما هو ملقى عليه من مهام؛ على النحو الذي يجب أن يكون، وفق معادلة الحقوق والواجبات. وإن مما يقتضيه ذلك أن يتم إعادة تقويم تلك المعادلة، التي اختلت في كلا الجانبين، في ضوء المؤثرات الخارجية، التي تستدعي، علاوة على ما نعانيه من تحديات محض محلية، أن نقف وقفة جادة لإعادة صياغة العلاقة بين أطراف المعادلة، لوقف التدهور الحاصل في منظومتنا التربوية، التي نرى تجلياتها السلبية الخطيرة؛ رأي العين في كل مظهر من مظاهر حياتنا اليومية، وبخلاف ذلك ستتفاقم الأزمة التربوية، لا قدر الله، و تتعمق، ولعل ما جاءت به وثيقة اليونسكو، التي صدرت في العام ١٩٦٦، ما يغنينا عن البحث عن الحلول المنشودة، ذلك أنها قد وضعت الخطوط العريضة لتلك المعادلة التي توازن بين ما للمعلم وما عليه؛ وذلك في معرض تعريفها لمكانة المعلم؛ حيث قالت معرفة إياها بأنها:
"المنزلة والتقدير الممنوحين للمعلم، كما يستدل عليها من مستوى الإمتنان والتقدير لأهمية عملهم، ومن قدراتهم على القيام به، والظروف العملية والأجور والمنافع المادية الأخرى الممنوحة للمدرسين بالقياس إلى مجموعات المهن الأخرى".
وإذا ما تجاوزنا سقطات الجاحظ التي تَنَدَّر فيها على المعلم، فقد حافظ التراث العربي، بالقول والتطبيق، وعلى نحو راسخ، على المكانة التي تتناسب مع قدسية الرسالة التي يؤديها.
لكن إذا ما نظرنا إلى مكانته في الوقت الحالي، فإننا نجد أنها قد تعرضت إلى تخريب ممنهج؛ أرى أن انعطافته الحادة كانت مع المسرحية الكارثة، التي أخذت من الشهرة مالم تأخذه غيرها من المسرحيات؛ وهي: " مسرحية مدرسة المشاغبين"، تلك المسرحية التي ألحقت بصورة المعلم و بمكانته، ضررا بالغا؛ حين جعلت منه مادة لعبث طُلاب الشهرة الرخيصة، وسخريتهم، في تجلٍ عميق لانفلات المسرح، ولغياب الضمير الواعي للأمة عن الإطلاع بدوره في الرقابة على المصالح الأساسية للمجتمع، و رفض كل ما يتناقض مع تلك المصالح، ما جعل من المسرح، في كثير من الأحيان، أداة للهدم والتخريب، بدلا عن يكون أداة للبناء وللتمكين.
ذلك بالتوازي مع الواقع الذي فرضته العولمة، في كل جوانبها، و في شقها الإقتصادي بالذات؛ المتمثل في اقتصاد السوق، وما نجم عنه ولا زال من آثار ثقافية غيرت أنماط الاستهلاك و جعلت من الشيء الذي كان كماليا بالأمس، أو من الشيء الذي لم يكن بالأمس موجودا، حاجةً أساسية في قائمة احتياجات اليوم "!!!"، ما أرهق الأسرة، وربها، وجعلها في لهاث مضنٍ وراء لقمة العيش؛ وهو الأمر الذي ترك أثرا كبيرا على قيم الفضيلة التي أُرهِقت، و َتزعزعت، في صراعها المرير مع قيم المادة( قيم الإستهلاك) التي اجتاحتنا عنوة؛ فطغت على الأولى و الحقت بها ضررا بالغاً شديدا.
وإذا كانت جميع القوى العاملة قد اكتوت بنار هذا النمط الاستهلاكي الرأسمالي المفروض فرضا على العالم، إلا أن الأشد خطورة هو أن يكون المعلمون من بين المتأثرين به، إن لم نقل من أشدهم، بالنظر إلى الدور الذي يطلعون به، الحالة التي تجعل من الثمن الذي يدفعه المجتمع؛ كنتيجة حتمية لعدم تهيئة الظروف الملائمة لهم لأداء الدور المنوط بهم، ثمنا باهظا ندفعه في النشء الذي يتشكل بين أيديهم؛ تماماً، كما يتشكل الصلصال بين يدي صانع الفُخار.
وإذا كان من المعروف، بداهة، أن الحديث عن قدسية المكانة، إنما مبعثه قدسية المهمة، فإن من البديهي، أيضا، القول: إن ذلك يتطلب أن يكون المعلم مهيأً لأداء تلك المهمة، وأن يبذل في سبيل تحقيقها ما هو ملقى عليه من مهام؛ على النحو الذي يجب أن يكون، وفق معادلة الحقوق والواجبات. وإن مما يقتضيه ذلك أن يتم إعادة تقويم تلك المعادلة، التي اختلت في كلا الجانبين، في ضوء المؤثرات الخارجية، التي تستدعي، علاوة على ما نعانيه من تحديات محض محلية، أن نقف وقفة جادة لإعادة صياغة العلاقة بين أطراف المعادلة، لوقف التدهور الحاصل في منظومتنا التربوية، التي نرى تجلياتها السلبية الخطيرة؛ رأي العين في كل مظهر من مظاهر حياتنا اليومية، وبخلاف ذلك ستتفاقم الأزمة التربوية، لا قدر الله، و تتعمق، ولعل ما جاءت به وثيقة اليونسكو، التي صدرت في العام ١٩٦٦، ما يغنينا عن البحث عن الحلول المنشودة، ذلك أنها قد وضعت الخطوط العريضة لتلك المعادلة التي توازن بين ما للمعلم وما عليه؛ وذلك في معرض تعريفها لمكانة المعلم؛ حيث قالت معرفة إياها بأنها:
"المنزلة والتقدير الممنوحين للمعلم، كما يستدل عليها من مستوى الإمتنان والتقدير لأهمية عملهم، ومن قدراتهم على القيام به، والظروف العملية والأجور والمنافع المادية الأخرى الممنوحة للمدرسين بالقياس إلى مجموعات المهن الأخرى".