النظر بدستورية حبس المدين
أ. د. كامل السعيد
القبة نيوز- هلاّ قلّبنا النظر بدستورية حبس المدين إعمالاً لمنطق نص المادة (22/أ) من قانون التنفيذ؟؟
نستهل مقالنا هذا بالإشارة إلى النص المنوه عنه أعلاه في قوله " يجوز للدائن أن يطلب حبس مدينه إذا لم يسدد الدين أو يعرض تسوية تتناسب ومقدرته المالية خلال مدة الإخطار على أن لا تقل الدفعة الأولى بموجب هذه التسوية عن 25% من المبلغ المحكوم به .... الخ "
أن ما دعانا لهذه المداخلة أو ما حملنا عليها , هو وطيس الجدل الذي زال وما زال يثور حول ما إذا كان يحسن استمرار العمل بالنص المشار إليه أعلاه أم لا ؟ .
لا يُنكر احد , أن الرأي أو الجدل الذي ثار انقسم على نظرين : تَسلّح أولهما بالفوائد التي يجنيها المجتمع من جرّاء استمرار العمل بالقانون , في حين تسلّح ثانيهما بالمضار من جراء استمرار العمل به " .
ومع احترامي لحجج كل فريق , الا أنني أرى أن هذه الفوائد أو المضار لا تُبحث ولا يجب أن تُبحث الا في ضوء مبدأ سيادة القانون الذي يُمثل في هذا المقام , ما إذا كان نص المادة (22/أ) من قانون التنفيذ دستورياً أم لا ؟ , اسمح لنفسي بالانطلاق من مبدأ جوهري لا ينازِعني فيه احد , هو أن " لا جريمة ولا عقوبة الا بقانون " جسدته المادة الثالثة من قانون العقوبات لدينا في قولها " لا جريمة الا بنص ولا يُقضى بأي عقوبة أو تدبير لم ينص القانون عليهما حين اقتراف الجريمة " .( )
وهنا نتساءل , هل هذا المبدأ هو مجرد مبدأ قانوني أم هو مبدأ دستوري أيضاً ؟؟
لا نتردد في الإجابة على هذا السؤال , بأنه مبدأ دستوري ايضا نصت عليه المادة (8/1) من الدستور في قولها " لا يجوز أن يُقبض على احد أو يوقف أو يحبس أو تُقيّد حريته الا وفق أحكام القانون " فإجراءات القبض أو التوقيف أو - الحبس - كعقوبة جنحية أو تكديرية بمقتضى المادتين (15) و (16) من قانون العقوبات - لا يجوز القيام بها الا وفق أحكام القانون , والسؤال الذي يثور الآن , أيّ قانون عناه الدستور ؟
يتضح من صراحة النص المنوه عنه أعلاه , أن المشرع الدستوري لم يستخدم في المادة (8/1) كلمة " قانون " بشكل مجرد , وإنما استخدم كلمة القانون المحدد أو المعرف ب ال التعريف ,
فالمشرع الدستوري يعني ما يقول , ولا يجوز أن يُنسب إليه غير ذلك , فهو لسان الحق والعدل والصواب .
ولا يقولن احد بان المشرع الدستوري قد استخدم كلمة " القانون " بشكل مطلق , والمطلق يجري على إطلاقه ما لم يرد ما يُقيده , فهذا القول – مع الاحترام- ليس سديداً وفقا للطرائق الأصولية في التفسير , فتقييد المشرع الدستوري كلمة القانون بأل التعريف قيدت وحددت القانون المراد تطبيقه , وعليه فان الحبس كعقوبة جنحية أو تكديرية لا يجوز النص عليها الا وفق قانونٍ يعتبرها عقوبة جنحية أو تكديرية , وهو القانون الذي يحدد أن الحبس جريمة جزائية جنحية أو تكديرية , لا وفق أيَّ قانون لا يعتبر الحبس كذلك , والمقصود في هذا المقام , هو اما قانون العقوبات العادي – بفرعيه العام والخاص – أو اي قانون عقوبات خاص , وما اكثر قوانين العقوبات الخاصة لدينا .
بمعنى انه لا يجوز أن تكون عقوبة الحبس لدينا الا جزاء لجريمة جزائية جنحية أو تكديرية لا لعمل أو فعل آخر لا يشكل جريمة , فهل ما حصل من خلاف بين المدين ودائنه يشكل جريمة ؟ إن كان الأمر كذلك , فالمدين لا يستحق الحبس فقط , وإنما يستحق ما هو أكثر من ذلك كالاعتقال أو الأشغال , أما إن تمثل الخلاف أو تحصّل في معاملات أو علاقات مدنية , فلا مجال لتطبيق عقوبة الحبس على أفعال لا تعد جرائم .
فالحبس ليس كالتعويض المدني يمكن أن يكون ناجماً إما عن ضرر مَنشأهُ جرم جزائي أو عن فعل ضار لا يرقى إلى مصاف الجرم الجزائي .
اي أن الحبس ليس له طبيعتان جزائية ومدنية كالتعويض المدني , له وجه واحد فقط هو الوجه الجزائي .
وعليه , فان إيراد مصطلح " الحبس " في قانون لا يُعدهُ عقوبة على جريمة جزائية
– كقانون التنفيذ - لا يتفق أو ينسجم مع أحكام المادة (8/1) من الدستور .
لا يَخشيَّن أحد من ضياع حقوق الدائنين لان أبواب القضاء بجميع فروعه مشرعةً لإحقاق الحق وإنصاف المظلومين .
أقدم اعتذاري لكل من تقتضي مصلحته استمرار العمل بنص المادة (22/أ) من قانون التنفيذ ولكن عذري أنني قمت بهذه المداخلة , تطلباً أو استجابة للأمانة العلمية التي اقتضت مني هذا التحليل أو التأصيل .
نستهل مقالنا هذا بالإشارة إلى النص المنوه عنه أعلاه في قوله " يجوز للدائن أن يطلب حبس مدينه إذا لم يسدد الدين أو يعرض تسوية تتناسب ومقدرته المالية خلال مدة الإخطار على أن لا تقل الدفعة الأولى بموجب هذه التسوية عن 25% من المبلغ المحكوم به .... الخ "
أن ما دعانا لهذه المداخلة أو ما حملنا عليها , هو وطيس الجدل الذي زال وما زال يثور حول ما إذا كان يحسن استمرار العمل بالنص المشار إليه أعلاه أم لا ؟ .
لا يُنكر احد , أن الرأي أو الجدل الذي ثار انقسم على نظرين : تَسلّح أولهما بالفوائد التي يجنيها المجتمع من جرّاء استمرار العمل بالقانون , في حين تسلّح ثانيهما بالمضار من جراء استمرار العمل به " .
ومع احترامي لحجج كل فريق , الا أنني أرى أن هذه الفوائد أو المضار لا تُبحث ولا يجب أن تُبحث الا في ضوء مبدأ سيادة القانون الذي يُمثل في هذا المقام , ما إذا كان نص المادة (22/أ) من قانون التنفيذ دستورياً أم لا ؟ , اسمح لنفسي بالانطلاق من مبدأ جوهري لا ينازِعني فيه احد , هو أن " لا جريمة ولا عقوبة الا بقانون " جسدته المادة الثالثة من قانون العقوبات لدينا في قولها " لا جريمة الا بنص ولا يُقضى بأي عقوبة أو تدبير لم ينص القانون عليهما حين اقتراف الجريمة " .( )
وهنا نتساءل , هل هذا المبدأ هو مجرد مبدأ قانوني أم هو مبدأ دستوري أيضاً ؟؟
لا نتردد في الإجابة على هذا السؤال , بأنه مبدأ دستوري ايضا نصت عليه المادة (8/1) من الدستور في قولها " لا يجوز أن يُقبض على احد أو يوقف أو يحبس أو تُقيّد حريته الا وفق أحكام القانون " فإجراءات القبض أو التوقيف أو - الحبس - كعقوبة جنحية أو تكديرية بمقتضى المادتين (15) و (16) من قانون العقوبات - لا يجوز القيام بها الا وفق أحكام القانون , والسؤال الذي يثور الآن , أيّ قانون عناه الدستور ؟
يتضح من صراحة النص المنوه عنه أعلاه , أن المشرع الدستوري لم يستخدم في المادة (8/1) كلمة " قانون " بشكل مجرد , وإنما استخدم كلمة القانون المحدد أو المعرف ب ال التعريف ,
فالمشرع الدستوري يعني ما يقول , ولا يجوز أن يُنسب إليه غير ذلك , فهو لسان الحق والعدل والصواب .
ولا يقولن احد بان المشرع الدستوري قد استخدم كلمة " القانون " بشكل مطلق , والمطلق يجري على إطلاقه ما لم يرد ما يُقيده , فهذا القول – مع الاحترام- ليس سديداً وفقا للطرائق الأصولية في التفسير , فتقييد المشرع الدستوري كلمة القانون بأل التعريف قيدت وحددت القانون المراد تطبيقه , وعليه فان الحبس كعقوبة جنحية أو تكديرية لا يجوز النص عليها الا وفق قانونٍ يعتبرها عقوبة جنحية أو تكديرية , وهو القانون الذي يحدد أن الحبس جريمة جزائية جنحية أو تكديرية , لا وفق أيَّ قانون لا يعتبر الحبس كذلك , والمقصود في هذا المقام , هو اما قانون العقوبات العادي – بفرعيه العام والخاص – أو اي قانون عقوبات خاص , وما اكثر قوانين العقوبات الخاصة لدينا .
بمعنى انه لا يجوز أن تكون عقوبة الحبس لدينا الا جزاء لجريمة جزائية جنحية أو تكديرية لا لعمل أو فعل آخر لا يشكل جريمة , فهل ما حصل من خلاف بين المدين ودائنه يشكل جريمة ؟ إن كان الأمر كذلك , فالمدين لا يستحق الحبس فقط , وإنما يستحق ما هو أكثر من ذلك كالاعتقال أو الأشغال , أما إن تمثل الخلاف أو تحصّل في معاملات أو علاقات مدنية , فلا مجال لتطبيق عقوبة الحبس على أفعال لا تعد جرائم .
فالحبس ليس كالتعويض المدني يمكن أن يكون ناجماً إما عن ضرر مَنشأهُ جرم جزائي أو عن فعل ضار لا يرقى إلى مصاف الجرم الجزائي .
اي أن الحبس ليس له طبيعتان جزائية ومدنية كالتعويض المدني , له وجه واحد فقط هو الوجه الجزائي .
وعليه , فان إيراد مصطلح " الحبس " في قانون لا يُعدهُ عقوبة على جريمة جزائية
– كقانون التنفيذ - لا يتفق أو ينسجم مع أحكام المادة (8/1) من الدستور .
لا يَخشيَّن أحد من ضياع حقوق الدائنين لان أبواب القضاء بجميع فروعه مشرعةً لإحقاق الحق وإنصاف المظلومين .
أقدم اعتذاري لكل من تقتضي مصلحته استمرار العمل بنص المادة (22/أ) من قانون التنفيذ ولكن عذري أنني قمت بهذه المداخلة , تطلباً أو استجابة للأمانة العلمية التي اقتضت مني هذا التحليل أو التأصيل .