هل يستطيع "الاردن الشاب" مجاراة التطورات التقنية؟
القبة نيوز- جاكسون ليو، رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوروبا لدى "بيجو تكنولوجي"، يرى أن مشهد التقنية المتغير يدعو المعنيين إلى المسارعة لمضافرة الجهود من أجل بناء قوى العمل المستقبلية
إن الواقع المتمثل بكون العالم يتجه نحو مستقبل تحرّكه الإنترنت أصبح أوسع قبولاً، فالأدلّة على ذلك ملموسة في كل جانب من جوانب الحياة اليومية، ولكن عمق اختراق الإنترنت لهذه الجوانب ما زال بعيداً عن الاتساق. ومع ذلك، نجد اليوم أن أشياء لم يكن من الممكن تصوُّرها قبل بضع سنوات قد أصبحت شائعة. إذ لم يدُر في خَلَد معظم مستخدمي الهواتف الذكية أبدًا أنه سيكون باستطاعتهم استخدام تطبيقات مثل WhatsApp أو Maps، بانتظام، وهذه علامة على أن ثمّة أشياء أخرى قادمة تؤكد أن وتيرة الابتكار سريعة للغاية وأنه سوف يصبح من لا يقدر على مجاراتها متخلفاً عن الرَّكب.
لقد سمعنا جميعاً قصصاً عن بعض الشركات والعلامات التجارية الأكثر إبداعاً في العالم، والتي بدأها وأسسها مراهقون وطلبة جامعات وأصحاب مشاريع ريادية من غير التقنيين المختصين، وإذا ما فكّرنا لدقيقة واحدة في مصدر بعض أكثر الابتكارات تأثيراً فيما حولنا، لوجدنا أن الحقيقة تكمُن في أن مخترع الهاتف الذكي لم يكن يحظى بتأهيل مهني في "علوم الهواتف الذكية"، فيما لم يكن مؤسس أول تطبيق لتشارك المركبات حاصلاً على شهادة في "كفاءة النقل"!
هل يعني هذا أننا مجتمع يترك أبناء الجيل القادم لاكتشاف الأشياء بمفردهم؟ وهل من المنطق حتى توجيه أصحاب المواهب نحو مهارات معينة في حين أن بوسع كل شخص محاولة توقع المستقبل وافتراض الخبرات التي ستحتاجها الوظائف المستقبلية؟
ما هي وظائف المستقبل؟
ما من شكّ في أن وظائف المستقبل، مثل البث المباشر عبر تطبيقات التراسل الفوري، والتدوين على شبكات التواصل الاجتماعي، وهندسة الروبوتات، ما زالت غير معروفة بدقة بعد. لكن هذا لا يمنعنا من مساعدة الأجيال المقبلة على تطوير مجموعة من المهارات والقدرات التي ستكون مطلوبة في بيئة عمل جديدة تقودها الآلات وتقوم على قدرات الذكاء الاصطناعي، فمن المرجّح أن تصبح مهارات المستقبل غير متعلقة بالعمل على الآلات، وإنما بالعمل "مع الآلات".
ولطالما اعتُبر تطوير المهارات اختياراً شخصياً، وهذا مرتبط بحقيقة الحاجة إلى وجود علاقة بين المواهب والكفاءة في تأدية أية مهنة؛ ففيما مضى، كان ابن النجّار يصبح نجاراً، ولكن لم يعد الأمر كذلك. ومع وجود مجموعة واسعة من الدورات التدريبية المتاحة اليوم أمام الطلبة، قد يكون من الصعب على صاحب الموهبة اختيار واحدة تلقى اهتمامه وتحظى بالأهمية لديه. أما النصائح التي يُسديها كبار السن فغالباً ما تكون قاصرة عن المفيد، لمجرد أنهم يوصون بالمألوف المعروف لديهم، وقد يوصي غالبية من تجاوزوا سن الخمسين بامتهان وظيفة في مجال الهندسة الميكانيكية مفضلين إياها على وظيفة في هندسة الذكاء الاصطناعي، وذلك بالرغم من أن الطلب على المهندسين الميكانيكيين يُرجّح أن يتناقص في غضون سنوات قليلة في ظلّ زيادة الاعتماد على الروبوتات.
رسم المسارات الصحيحة
إذن لمن يلجأ إليه الشباب للحصول على المشورة أو التوجيه؟ وهنا نجد أن الحاجة تكمن في مضافرة الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص من أجل الحصول على قوّة مشتركة من المعلومات والمشورة والرؤى المستقبلية. ومن خلال وجهة نظر موحَّدة حول الاتجاه الذي تتجه إليه الدولة والمنطقة، يمكن للحكومة أن تبدأ العمل على سياسات ولوائح واستثمارات مستقبلية، في حين يقدّم القطاع الخاص الدعم المتمثل بالمعارف والمواد التدريبية وآراء الخبراء، وفي نهاية المطاف، فإن الجمع بين هذين المقوّمَين الاقتصاديَّين الرئيسين سيعود بالنفع على القطاع التالي في الأهمية، وهو الأوساط الأكاديمية.
ومما يُثلج الصدر حقاً، أن الأردن الذي يُعتبر سكانه من بين أصغر السكان سناً في العالم، يحرص على الاستثمار بعمق في إنشاء الأُطر البنيوية والفرص التي تتيح للشباب في المملكة، حيث تقلّ سنّ 63 بالمئة من سكانها عن الثلاثين عاماً، الاستعداد لمستقبل سوق العمل في البلاد، وكذلك للفرص الوظيفية بوصفهم مواطنين عالميين.
إن الحكومة الأردنية حريصة في إطار تحرّك تقوده وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، على بناء علاقات قوية مع الشركات المبتكِرة والمستقبلية في جميع أنحاء العالم، وتدعو هذه الشركات إلى تأسيس حضور محليّ يتيح تبادل المعرفة مع الشباب. ولقد استطاعت "بيجو"، في هذا السياق، أن تستفيد من هذه الرؤية، مؤكدة التزامها بتعيين 50 خبيراً في مجال الذكاء الاصطناعي في البلاد خلال العام 2019.
إن من المهم تكرار هذا النموذج في جميع أنحاء العالم، فالمنتجات والحلول ونماذج الأعمال المبتكرة تعني أنه ليس بالضرورة أن يكون النظام العالمي اليوم هو نفسه في المستقبل. ومع وجود إمكانيات مستقبلية مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالوعي والاستعداد والتماسك في جميع المجالات، نجد أننا قد عُدنا بالكامل إلى الحكمة القديمة المتمثلة في أن الأمر يتطلّب مجتمعاً كاملاً لتربية طفل.
لقد أظهرت الإجراءات والاستثمارات الصحيحة المعمول بها، أنها كفيلة بضمان أن يحتلّ شباب أمتنا الصدارة في اقتناص الفرص بالمستقبل.
إن الواقع المتمثل بكون العالم يتجه نحو مستقبل تحرّكه الإنترنت أصبح أوسع قبولاً، فالأدلّة على ذلك ملموسة في كل جانب من جوانب الحياة اليومية، ولكن عمق اختراق الإنترنت لهذه الجوانب ما زال بعيداً عن الاتساق. ومع ذلك، نجد اليوم أن أشياء لم يكن من الممكن تصوُّرها قبل بضع سنوات قد أصبحت شائعة. إذ لم يدُر في خَلَد معظم مستخدمي الهواتف الذكية أبدًا أنه سيكون باستطاعتهم استخدام تطبيقات مثل WhatsApp أو Maps، بانتظام، وهذه علامة على أن ثمّة أشياء أخرى قادمة تؤكد أن وتيرة الابتكار سريعة للغاية وأنه سوف يصبح من لا يقدر على مجاراتها متخلفاً عن الرَّكب.
لقد سمعنا جميعاً قصصاً عن بعض الشركات والعلامات التجارية الأكثر إبداعاً في العالم، والتي بدأها وأسسها مراهقون وطلبة جامعات وأصحاب مشاريع ريادية من غير التقنيين المختصين، وإذا ما فكّرنا لدقيقة واحدة في مصدر بعض أكثر الابتكارات تأثيراً فيما حولنا، لوجدنا أن الحقيقة تكمُن في أن مخترع الهاتف الذكي لم يكن يحظى بتأهيل مهني في "علوم الهواتف الذكية"، فيما لم يكن مؤسس أول تطبيق لتشارك المركبات حاصلاً على شهادة في "كفاءة النقل"!
هل يعني هذا أننا مجتمع يترك أبناء الجيل القادم لاكتشاف الأشياء بمفردهم؟ وهل من المنطق حتى توجيه أصحاب المواهب نحو مهارات معينة في حين أن بوسع كل شخص محاولة توقع المستقبل وافتراض الخبرات التي ستحتاجها الوظائف المستقبلية؟
ما هي وظائف المستقبل؟
ما من شكّ في أن وظائف المستقبل، مثل البث المباشر عبر تطبيقات التراسل الفوري، والتدوين على شبكات التواصل الاجتماعي، وهندسة الروبوتات، ما زالت غير معروفة بدقة بعد. لكن هذا لا يمنعنا من مساعدة الأجيال المقبلة على تطوير مجموعة من المهارات والقدرات التي ستكون مطلوبة في بيئة عمل جديدة تقودها الآلات وتقوم على قدرات الذكاء الاصطناعي، فمن المرجّح أن تصبح مهارات المستقبل غير متعلقة بالعمل على الآلات، وإنما بالعمل "مع الآلات".
ولطالما اعتُبر تطوير المهارات اختياراً شخصياً، وهذا مرتبط بحقيقة الحاجة إلى وجود علاقة بين المواهب والكفاءة في تأدية أية مهنة؛ ففيما مضى، كان ابن النجّار يصبح نجاراً، ولكن لم يعد الأمر كذلك. ومع وجود مجموعة واسعة من الدورات التدريبية المتاحة اليوم أمام الطلبة، قد يكون من الصعب على صاحب الموهبة اختيار واحدة تلقى اهتمامه وتحظى بالأهمية لديه. أما النصائح التي يُسديها كبار السن فغالباً ما تكون قاصرة عن المفيد، لمجرد أنهم يوصون بالمألوف المعروف لديهم، وقد يوصي غالبية من تجاوزوا سن الخمسين بامتهان وظيفة في مجال الهندسة الميكانيكية مفضلين إياها على وظيفة في هندسة الذكاء الاصطناعي، وذلك بالرغم من أن الطلب على المهندسين الميكانيكيين يُرجّح أن يتناقص في غضون سنوات قليلة في ظلّ زيادة الاعتماد على الروبوتات.
رسم المسارات الصحيحة
إذن لمن يلجأ إليه الشباب للحصول على المشورة أو التوجيه؟ وهنا نجد أن الحاجة تكمن في مضافرة الجهود بين الحكومة والقطاع الخاص من أجل الحصول على قوّة مشتركة من المعلومات والمشورة والرؤى المستقبلية. ومن خلال وجهة نظر موحَّدة حول الاتجاه الذي تتجه إليه الدولة والمنطقة، يمكن للحكومة أن تبدأ العمل على سياسات ولوائح واستثمارات مستقبلية، في حين يقدّم القطاع الخاص الدعم المتمثل بالمعارف والمواد التدريبية وآراء الخبراء، وفي نهاية المطاف، فإن الجمع بين هذين المقوّمَين الاقتصاديَّين الرئيسين سيعود بالنفع على القطاع التالي في الأهمية، وهو الأوساط الأكاديمية.
ومما يُثلج الصدر حقاً، أن الأردن الذي يُعتبر سكانه من بين أصغر السكان سناً في العالم، يحرص على الاستثمار بعمق في إنشاء الأُطر البنيوية والفرص التي تتيح للشباب في المملكة، حيث تقلّ سنّ 63 بالمئة من سكانها عن الثلاثين عاماً، الاستعداد لمستقبل سوق العمل في البلاد، وكذلك للفرص الوظيفية بوصفهم مواطنين عالميين.
إن الحكومة الأردنية حريصة في إطار تحرّك تقوده وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، على بناء علاقات قوية مع الشركات المبتكِرة والمستقبلية في جميع أنحاء العالم، وتدعو هذه الشركات إلى تأسيس حضور محليّ يتيح تبادل المعرفة مع الشباب. ولقد استطاعت "بيجو"، في هذا السياق، أن تستفيد من هذه الرؤية، مؤكدة التزامها بتعيين 50 خبيراً في مجال الذكاء الاصطناعي في البلاد خلال العام 2019.
إن من المهم تكرار هذا النموذج في جميع أنحاء العالم، فالمنتجات والحلول ونماذج الأعمال المبتكرة تعني أنه ليس بالضرورة أن يكون النظام العالمي اليوم هو نفسه في المستقبل. ومع وجود إمكانيات مستقبلية مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالوعي والاستعداد والتماسك في جميع المجالات، نجد أننا قد عُدنا بالكامل إلى الحكمة القديمة المتمثلة في أن الأمر يتطلّب مجتمعاً كاملاً لتربية طفل.
لقد أظهرت الإجراءات والاستثمارات الصحيحة المعمول بها، أنها كفيلة بضمان أن يحتلّ شباب أمتنا الصدارة في اقتناص الفرص بالمستقبل.