التسامح والقوة الناعمة النموذج والقدوة
د. موفق العجلوني
القبة نيوز-طالعتنا صحيفة الاتحاد الاماراتي يوم ٥/٨/٢٠١٩ بمقال " بعنوان التسامح و القوة الناعمة لدولة الامارات العربية المتحدة " لسعادة المدير العام لمركز الامارات للدراسات و البحوث الاستراتيجية الاستاذ الدكتور جمال سند السويدي ، حيث اشار الدكتور السويدي بأن هنالك ارتباط وثيق بين مفهومَي التسامح والقوة الناعمة " The Smart Power " بتعريفاتها المختلفة، فمصطلح القوة الناعمة الذي وضعه المفكر الأميركي جوزيف ناي، Joseph Nye ، استاذ العلوم السياسية في جامعة هارفرد و الذي شغل منصب مساعد وزير الدفاع لشؤون الأمن الدولي في عهد إدارة الرئيس بل كلينتون ومؤلف العديد من الكتب حول استراتيجية القوة الذكية ، يشير إلى أن الاستراتيجيات الأكثر فاعلية في السياسة الخارجية اليوم تتطلب مزيجًا من موارد القوة الصلبة واللينة. وتوظيف القوة الصلبة فقط أو القوة الناعمة فقط في موقف معين عادة ما يكون غير كافٍ. وخاصة في مواجهة التطرف والارهاب والفكر الظلامي حيث هنا لا بد من استخدام استراتيجية القوة الذكية.
يشير الدكتور السويدي بأن هذا المصطلح الذي يتناول العلاقات الدولية، عبارة عن مزيج من استراتيجيات القوة الصلبة واستراتيجيات القوة الناعمة. وهو منهج يؤكد ضرورة وجود جيش قوي، بنفس الوقت قدرة الدولة على التأثير في سلوك الآخرين بأساليب تقوم على الجذب والإقناع، وليس عبر الإكراه، وذلك من خلال امتلاك الخصائص والقيم التي تجعل الآخرين ينظرون إلى هذه الدولة بصفتها نموذجاً يحتذون به، ويحاولون تقليده. وهذا ما انتهجته دولة الامارات العربية المتحدة بانتهاج هذه الاستراتيجية بالتعامل مع العديد من القضايا المحلية والاقليمية والدولية.
نعم فان قيمة التسامح هي من أعظم القيم التي تعزز مكانة الدول والمجتمعات في نفوس الآخرين، وتعزِّز قوتها الناعمة لديهم، فالدول أو المجتمعات التي يسودها التسامح والوئام والتعاون وقبول الآخر، وترفض كل أشكال العنف والتطرُّف والكراهية، هي مجتمعات أو دول ينظر إليها الآخرون بإعجاب وتقدير، ويرون فيها النموذج الجذاب الذي يمكن الاقتداء به واقتفاء أثره. ودولة الامارات العربية المتحدة تقع ضمن هذا المفهوم والذي تربي علية ابناء زايد الخير زايد المحبة زايد الكرم زايد التسامح زايد الانسان.
يشير الدكتور السويدي أن القوة الناعمة لأي دولة تقوم في الأساس على آليات وأساليب معنوية، مثل ثقافة الدولة، بما تشمله من آداب وفنون وتراث وتقاليد ونظم تعليمية، ومنظومة القيم السائدة في هذه الدولة، كالتسامح والمحبة والتعاون والكرم وقبول الآخر والعدل والحكم الرشيد. وهذا ما يسعى مركز الامارات ومن خلال تجربتي الشخصية مع المركز وادارته العامة وما يحتضنه المركز من قامات وكفاءات فكرية مؤهلة ومن فعاليات ونشاطات عديدة ومتواصلة اسبوعياً لنشر هذا المفهوم الاماراتي النابع من حكمة وعقلانية وبعد نظر القيادة الاماراتية.
بنفس الوقت يشمل هذا المفهوم نماذج اخرى كالنموذج الاقتصادي والتنموي الناجح الذي تتبناه الدولة ودورها في تقديم المساعدات التنموية إلى المحتاجين أو حتى بعض السياسات الخارجية التي تتبناها الدولة عندما يراها الآخرون مشروعة وأخلاقية، مثل الدفاع عن قضايا الحق والعدل، أو الدفاع عن حقوق الإنسان، أو غير ذلك.
فمن خلال هذه الأساليب والآليات وغيرها تستطيع الدولة أن ترسم صورة ذهنية إيجابية عن نفسها لدى أبناء شعوب الدول الأخرى ومجتمعاتها، وتجعلهم يحاولون الاقتداء بها، أو حتى تبنِّي قيمها وثقافتها ومبادئها وطريقتها في الكثير من أوجه الحياة. حيث اصبحت دولة الامارات العربية المتحدة محجاً ومقصداً للملايين سواء بقصد الاستثمار او السياحة او اكتساب المعرفة، او الاطلاع على ما وصلت الية دولة الامارات من رقي وتقدم في كافة مجالات الحياة، والزيارات العديدة من القادة والزعماء وكبار المسؤولين واخرها زيارة قداسة بابا الفاتكان فرانسيس الاول والتوقيع على "وثيقة الاخوة الانسانية "والتي تؤكد على التسامح والعيش المشترك بين بني الانسان بغض النظر عن دينه او عرقه او لونه او عقيدته.
حقيقة ودون اي مبالغة او مصلحة شخصية تمثل دولة الإمارات العربية المتحدة أحد اهم دول العالم التي تمتلك القوة الناعمة، فهي تمثل نموذجاً تنموياً رائداً يشار إليه بالبنان، حيث استطاعت تحقيق تنمية شاملة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية وخلال فترة قصيرة لا تُقَاس بعمر التجارب التنموية للدول الاخرى والتي سبقت دولة الامارات بعشرات السنين، لتنتقل من دولة يعاني سكانها ندرة الموارد وشظف العيش إلى دولة تنافس على المراكز الاولى عالمياً في معظم المؤشرات التنموية العالمية.
من جهة اخرى فقد قدمت دولة الامارات إنموذجاً حياً وغير مسبوق من خلال تجربتها الاتحادية الناجحة، من خلال الاختيار الطوعي والقناعة التامة من قبل الآباء المؤسسين، رحمهم الله، بحتميَّة خيار الوحدة لتحقيق نهضة الإمارات، والتغلُّب على التحديات التي تواجهها. وقدمت ايضاً انموذجاً رائداً في الإدارة الحكومية الاستثنائية في فاعليتها، وفي طريقة إدارتها لشؤون الحكم، واعتمادها على التخطيط الاستراتيجي للمستقبل على أسس علمية، والعمل الدؤوب على تحقيق سعادة المواطنين ورفاهيتهم، ويأتي تشكيل وزارة للسعادة ضمن هذا الإطار. والأهم من ذلك كله امتلاك قيادة الامارات الرشيدة، الرؤية والطموح والإصرار على وضع دولة الإمارات العربية المتحدة في المركز الأول بجميع المؤشرات التنموية عالمياً.
كل هذا التقدم يعود بالفضل الى حكمة وبعد نظر اصحاب السمو شيوخ الامارات الذين لم يدخروا جهداً ودون كلا او ملل يعملون ليل نهار من أجل خدمة شعبهم ووطنهم، وها هم يسيرون على خطى الوالد الشيخ زايد رحمه الله الذي كان ولا يزال يمثل أحد أهم مصادر القوة الناعمة لدولة الإمارات العربية المتحدة، فأقوال زايد الخير وقيمه ومبادئه وأياديه البيضاء لا يزال صداها يتردَّد حتى يومنا هذا في مختلف أرجاء العالم العربي، وحتى على المستوى العالمي.
وهنا استذكر القيادات الثلاث رحمهم الله والذي شكلوا في عالمنا العربي والاسلامي قوة ناعمة ليس على مستوى بلدانهم وانما على مستوى العالم والمغفور لهم بأذن الله: جلالة الملك فيصل وسمو الشيخ زايد وجلالة لملك حسين طيب الله ثراهم جميعاً.
و يضيف الدكتور السويدي أن البعد الثقافي يشكل اهم عوامل القوة الناعمة ، وقد قدمت دولة الامارات إنموذجاً هاماً في الاهتمام بالبعد الثقافي والتحول لتكون مركزاً للثقافة العربية، وقبلة للمثقفين العرب والأجانب، من خلال معارض الكتب والفعاليات الفنية والثقافية والتراثية التي تنظمها باستمرار وتشكل جسوراً للتواصل الثقافي العالمي، والجوائز التي تقدمها لدعم الفنون والثقافة، مثل: جائزة البوكر للرواية العربية، وجائزة الشيخ زايد للكتاب ، إضافة إلى جهودها الرامية إلى نشر وترسيخ القيم الثقافية الإنسانية العالمية التي جسدها إنشاء متحف اللوفر أبوظبي ، و الدور الكبير في هذا السياق لمركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ، وغيرها الكثير من المظاهر والمؤشرات التي حولت دولة الامارات إلى منصة عالمية " Platform" للمبدعين والمثقفين من الشرق إلى الغرب ، ومنحتها مساحة مهمَّة من النفوذ والتأثير في المجال الثقافي العربي والاسلامي و العالمي.
علاوة على العديد من النماذج التي تقدمها دولة الامارات من منظور القوة الناعمة فهناك مجالات أخرى كثيرة تشكل فيها الدولة نموذجاً وقدوة للآخرين، وعلى رأسها التسامح والتعايش وقبول الآخر، والذي يمثل العنصر الأهم من بين عناصر القوة الناعمة، وذلك للاعتبارات التالية كما اشار الدكتور السويدي:
• النموذج الوحدوي الإماراتي والذي أسِّس على قيم التسامح وقبول الآخر، ولم يكن له أن ينجح دون سيادة هذه القيم التي وفرت أجواء التعاون والمحبة والاستقرار المجتمعي.
• ثقافة التسامح والوسطية والاعتدال، التي ميزت المجتمع الإماراتي وجعلت دولة الإمارات العربية المتحدة قبلة للسائحين والزائرين والمقيمين من مختلف أرجاء العالم، فلم يكن من المتصوَّر أن تحافظ الدولة على حالة التعايش الفريدة بين أبناء أكثر من 200 جنسية يقيمون على أرضها في وئام وسلام في غياب ثقافة التسامح. والأهم من ذلك هو الصورة الذهنية الإيجابية التي يحملها أبناء هذه الجنسيات عن أجواء التسامح في المجتمع الإماراتي، حيث يعودون إلى أوطانهم وهم محمَّلون بها، ما يعزز جاذبية نموذج التسامح الإماراتي عالمياً.
• نشر التسامح ومحاربة التطرف والإرهاب وخطابات العنف والكراهية على المستويَين الإقليمي والدولي، وليس على المستوى المحلي فقط، وهو الخطاب الذي يلقى ترحيباً إقليمياً ودولياً، ويضفي بعداً أخلاقياً مهماً على السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة، ويعزز من قوتها الناعمة. وبالتالي فان "نموذج التسامح الإماراتي " هو العنصر الأهم في تعزيز القوة الناعمة لدولة الإمارات العربية المتحدة، فالصورة الذهنية الإيجابية للدولة، بصفتها "دولة تسامح " تعمل على بناء جسور التعاون والتواصل بين الثقافات والأديان المختلفة، وتنبذ خطاب العنف والكراهية والتطرف ، الامر الذي جعل دول العالم المختلفة تشرع أبوابها أمام المواطنين الإماراتيين من دون خوف أو تردد، حتى أصبح جواز السفر الإماراتي هو الأقوى في العالم، وحصَد المركز الأول عالمياً بجدارة واستحقاق، في ترجمة حقيقية وقاطعة لقوة الإمارات الناعمة المتنامية عالمياً.
و يختتم الدكتور السويدي حديثه بالقول ان ما يميز نموذج التسامح الإماراتي أنه نموذج شامل يضرب بجذوره في عمق التاريخ الإماراتي، ويتغذَّى بالقيم الإماراتية الأصيلة التي تتوارثها الأجيال الإماراتية جيلاً بعد جيل ، ويتعزز ويترسخ أكثر فأكثر بسياسات حكيمة تضع القوانين التي تجرِّم أي مساس بثقافة التسامح، أو تحاول أن تنشر خطابات الكراهية والتطرف، وتنشئ أُطراً مؤسسية تحمي قيم التسامح وترسخها كثقافة مجتمعية لا ميل عنها، بالتوازي مع تحركات لا تهدأ للتصدِّي لجماعات التطرف والإرهاب، التي تمثل التهديد الأكبر لقيم التسامح والوسطية والاعتدال.
وهنا استذكر العديد من الفعاليات والاصدارات والمؤتمرات والندوات والمؤتمرات وتحالفات عاصفة الفكر التي عقدها مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية خلال الخمس والعشرون سنة من الانجاز، كانت تعبيراً صادقاً على قوة الامارات المتمثلة بالقوة الناعمة والتي تربى عليه الاماراتيون، هذه القوة الناعمة تمزج بين الفكر والاصالة بين القوة المادية والقوة المعنوية بين الجرأة والشجاعة وبين الكبرياء والتواضع. ويمكن القول ان النموذج الاماراتي في القوة الناعمة يمكن ان تكون استراتيجية عربية تتبناها الدول العربية في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية.
رسالة القوة الناعمة تضاف الى العديد من الرسائل التي بعث بها الدكتور السويدي " المرشح لنيل جائزة نوبل للآداب " الى عالمنا العربي والاسلامي بعدم الاستسلام ومواجه كل التحديات، وبالتالي ستكون القوة الناعمة هي العنوان الرئيس او الشعار الذي تتمسك به بلداننا العربية اقتداءً بهذه التجربة الاماراتية في منظومة القوة الناعمة.
يشير الدكتور السويدي بأن هذا المصطلح الذي يتناول العلاقات الدولية، عبارة عن مزيج من استراتيجيات القوة الصلبة واستراتيجيات القوة الناعمة. وهو منهج يؤكد ضرورة وجود جيش قوي، بنفس الوقت قدرة الدولة على التأثير في سلوك الآخرين بأساليب تقوم على الجذب والإقناع، وليس عبر الإكراه، وذلك من خلال امتلاك الخصائص والقيم التي تجعل الآخرين ينظرون إلى هذه الدولة بصفتها نموذجاً يحتذون به، ويحاولون تقليده. وهذا ما انتهجته دولة الامارات العربية المتحدة بانتهاج هذه الاستراتيجية بالتعامل مع العديد من القضايا المحلية والاقليمية والدولية.
نعم فان قيمة التسامح هي من أعظم القيم التي تعزز مكانة الدول والمجتمعات في نفوس الآخرين، وتعزِّز قوتها الناعمة لديهم، فالدول أو المجتمعات التي يسودها التسامح والوئام والتعاون وقبول الآخر، وترفض كل أشكال العنف والتطرُّف والكراهية، هي مجتمعات أو دول ينظر إليها الآخرون بإعجاب وتقدير، ويرون فيها النموذج الجذاب الذي يمكن الاقتداء به واقتفاء أثره. ودولة الامارات العربية المتحدة تقع ضمن هذا المفهوم والذي تربي علية ابناء زايد الخير زايد المحبة زايد الكرم زايد التسامح زايد الانسان.
يشير الدكتور السويدي أن القوة الناعمة لأي دولة تقوم في الأساس على آليات وأساليب معنوية، مثل ثقافة الدولة، بما تشمله من آداب وفنون وتراث وتقاليد ونظم تعليمية، ومنظومة القيم السائدة في هذه الدولة، كالتسامح والمحبة والتعاون والكرم وقبول الآخر والعدل والحكم الرشيد. وهذا ما يسعى مركز الامارات ومن خلال تجربتي الشخصية مع المركز وادارته العامة وما يحتضنه المركز من قامات وكفاءات فكرية مؤهلة ومن فعاليات ونشاطات عديدة ومتواصلة اسبوعياً لنشر هذا المفهوم الاماراتي النابع من حكمة وعقلانية وبعد نظر القيادة الاماراتية.
بنفس الوقت يشمل هذا المفهوم نماذج اخرى كالنموذج الاقتصادي والتنموي الناجح الذي تتبناه الدولة ودورها في تقديم المساعدات التنموية إلى المحتاجين أو حتى بعض السياسات الخارجية التي تتبناها الدولة عندما يراها الآخرون مشروعة وأخلاقية، مثل الدفاع عن قضايا الحق والعدل، أو الدفاع عن حقوق الإنسان، أو غير ذلك.
فمن خلال هذه الأساليب والآليات وغيرها تستطيع الدولة أن ترسم صورة ذهنية إيجابية عن نفسها لدى أبناء شعوب الدول الأخرى ومجتمعاتها، وتجعلهم يحاولون الاقتداء بها، أو حتى تبنِّي قيمها وثقافتها ومبادئها وطريقتها في الكثير من أوجه الحياة. حيث اصبحت دولة الامارات العربية المتحدة محجاً ومقصداً للملايين سواء بقصد الاستثمار او السياحة او اكتساب المعرفة، او الاطلاع على ما وصلت الية دولة الامارات من رقي وتقدم في كافة مجالات الحياة، والزيارات العديدة من القادة والزعماء وكبار المسؤولين واخرها زيارة قداسة بابا الفاتكان فرانسيس الاول والتوقيع على "وثيقة الاخوة الانسانية "والتي تؤكد على التسامح والعيش المشترك بين بني الانسان بغض النظر عن دينه او عرقه او لونه او عقيدته.
حقيقة ودون اي مبالغة او مصلحة شخصية تمثل دولة الإمارات العربية المتحدة أحد اهم دول العالم التي تمتلك القوة الناعمة، فهي تمثل نموذجاً تنموياً رائداً يشار إليه بالبنان، حيث استطاعت تحقيق تنمية شاملة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية وخلال فترة قصيرة لا تُقَاس بعمر التجارب التنموية للدول الاخرى والتي سبقت دولة الامارات بعشرات السنين، لتنتقل من دولة يعاني سكانها ندرة الموارد وشظف العيش إلى دولة تنافس على المراكز الاولى عالمياً في معظم المؤشرات التنموية العالمية.
من جهة اخرى فقد قدمت دولة الامارات إنموذجاً حياً وغير مسبوق من خلال تجربتها الاتحادية الناجحة، من خلال الاختيار الطوعي والقناعة التامة من قبل الآباء المؤسسين، رحمهم الله، بحتميَّة خيار الوحدة لتحقيق نهضة الإمارات، والتغلُّب على التحديات التي تواجهها. وقدمت ايضاً انموذجاً رائداً في الإدارة الحكومية الاستثنائية في فاعليتها، وفي طريقة إدارتها لشؤون الحكم، واعتمادها على التخطيط الاستراتيجي للمستقبل على أسس علمية، والعمل الدؤوب على تحقيق سعادة المواطنين ورفاهيتهم، ويأتي تشكيل وزارة للسعادة ضمن هذا الإطار. والأهم من ذلك كله امتلاك قيادة الامارات الرشيدة، الرؤية والطموح والإصرار على وضع دولة الإمارات العربية المتحدة في المركز الأول بجميع المؤشرات التنموية عالمياً.
كل هذا التقدم يعود بالفضل الى حكمة وبعد نظر اصحاب السمو شيوخ الامارات الذين لم يدخروا جهداً ودون كلا او ملل يعملون ليل نهار من أجل خدمة شعبهم ووطنهم، وها هم يسيرون على خطى الوالد الشيخ زايد رحمه الله الذي كان ولا يزال يمثل أحد أهم مصادر القوة الناعمة لدولة الإمارات العربية المتحدة، فأقوال زايد الخير وقيمه ومبادئه وأياديه البيضاء لا يزال صداها يتردَّد حتى يومنا هذا في مختلف أرجاء العالم العربي، وحتى على المستوى العالمي.
وهنا استذكر القيادات الثلاث رحمهم الله والذي شكلوا في عالمنا العربي والاسلامي قوة ناعمة ليس على مستوى بلدانهم وانما على مستوى العالم والمغفور لهم بأذن الله: جلالة الملك فيصل وسمو الشيخ زايد وجلالة لملك حسين طيب الله ثراهم جميعاً.
و يضيف الدكتور السويدي أن البعد الثقافي يشكل اهم عوامل القوة الناعمة ، وقد قدمت دولة الامارات إنموذجاً هاماً في الاهتمام بالبعد الثقافي والتحول لتكون مركزاً للثقافة العربية، وقبلة للمثقفين العرب والأجانب، من خلال معارض الكتب والفعاليات الفنية والثقافية والتراثية التي تنظمها باستمرار وتشكل جسوراً للتواصل الثقافي العالمي، والجوائز التي تقدمها لدعم الفنون والثقافة، مثل: جائزة البوكر للرواية العربية، وجائزة الشيخ زايد للكتاب ، إضافة إلى جهودها الرامية إلى نشر وترسيخ القيم الثقافية الإنسانية العالمية التي جسدها إنشاء متحف اللوفر أبوظبي ، و الدور الكبير في هذا السياق لمركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية ، وغيرها الكثير من المظاهر والمؤشرات التي حولت دولة الامارات إلى منصة عالمية " Platform" للمبدعين والمثقفين من الشرق إلى الغرب ، ومنحتها مساحة مهمَّة من النفوذ والتأثير في المجال الثقافي العربي والاسلامي و العالمي.
علاوة على العديد من النماذج التي تقدمها دولة الامارات من منظور القوة الناعمة فهناك مجالات أخرى كثيرة تشكل فيها الدولة نموذجاً وقدوة للآخرين، وعلى رأسها التسامح والتعايش وقبول الآخر، والذي يمثل العنصر الأهم من بين عناصر القوة الناعمة، وذلك للاعتبارات التالية كما اشار الدكتور السويدي:
• النموذج الوحدوي الإماراتي والذي أسِّس على قيم التسامح وقبول الآخر، ولم يكن له أن ينجح دون سيادة هذه القيم التي وفرت أجواء التعاون والمحبة والاستقرار المجتمعي.
• ثقافة التسامح والوسطية والاعتدال، التي ميزت المجتمع الإماراتي وجعلت دولة الإمارات العربية المتحدة قبلة للسائحين والزائرين والمقيمين من مختلف أرجاء العالم، فلم يكن من المتصوَّر أن تحافظ الدولة على حالة التعايش الفريدة بين أبناء أكثر من 200 جنسية يقيمون على أرضها في وئام وسلام في غياب ثقافة التسامح. والأهم من ذلك هو الصورة الذهنية الإيجابية التي يحملها أبناء هذه الجنسيات عن أجواء التسامح في المجتمع الإماراتي، حيث يعودون إلى أوطانهم وهم محمَّلون بها، ما يعزز جاذبية نموذج التسامح الإماراتي عالمياً.
• نشر التسامح ومحاربة التطرف والإرهاب وخطابات العنف والكراهية على المستويَين الإقليمي والدولي، وليس على المستوى المحلي فقط، وهو الخطاب الذي يلقى ترحيباً إقليمياً ودولياً، ويضفي بعداً أخلاقياً مهماً على السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة، ويعزز من قوتها الناعمة. وبالتالي فان "نموذج التسامح الإماراتي " هو العنصر الأهم في تعزيز القوة الناعمة لدولة الإمارات العربية المتحدة، فالصورة الذهنية الإيجابية للدولة، بصفتها "دولة تسامح " تعمل على بناء جسور التعاون والتواصل بين الثقافات والأديان المختلفة، وتنبذ خطاب العنف والكراهية والتطرف ، الامر الذي جعل دول العالم المختلفة تشرع أبوابها أمام المواطنين الإماراتيين من دون خوف أو تردد، حتى أصبح جواز السفر الإماراتي هو الأقوى في العالم، وحصَد المركز الأول عالمياً بجدارة واستحقاق، في ترجمة حقيقية وقاطعة لقوة الإمارات الناعمة المتنامية عالمياً.
و يختتم الدكتور السويدي حديثه بالقول ان ما يميز نموذج التسامح الإماراتي أنه نموذج شامل يضرب بجذوره في عمق التاريخ الإماراتي، ويتغذَّى بالقيم الإماراتية الأصيلة التي تتوارثها الأجيال الإماراتية جيلاً بعد جيل ، ويتعزز ويترسخ أكثر فأكثر بسياسات حكيمة تضع القوانين التي تجرِّم أي مساس بثقافة التسامح، أو تحاول أن تنشر خطابات الكراهية والتطرف، وتنشئ أُطراً مؤسسية تحمي قيم التسامح وترسخها كثقافة مجتمعية لا ميل عنها، بالتوازي مع تحركات لا تهدأ للتصدِّي لجماعات التطرف والإرهاب، التي تمثل التهديد الأكبر لقيم التسامح والوسطية والاعتدال.
وهنا استذكر العديد من الفعاليات والاصدارات والمؤتمرات والندوات والمؤتمرات وتحالفات عاصفة الفكر التي عقدها مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية خلال الخمس والعشرون سنة من الانجاز، كانت تعبيراً صادقاً على قوة الامارات المتمثلة بالقوة الناعمة والتي تربى عليه الاماراتيون، هذه القوة الناعمة تمزج بين الفكر والاصالة بين القوة المادية والقوة المعنوية بين الجرأة والشجاعة وبين الكبرياء والتواضع. ويمكن القول ان النموذج الاماراتي في القوة الناعمة يمكن ان تكون استراتيجية عربية تتبناها الدول العربية في مواجهة التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية.
رسالة القوة الناعمة تضاف الى العديد من الرسائل التي بعث بها الدكتور السويدي " المرشح لنيل جائزة نوبل للآداب " الى عالمنا العربي والاسلامي بعدم الاستسلام ومواجه كل التحديات، وبالتالي ستكون القوة الناعمة هي العنوان الرئيس او الشعار الذي تتمسك به بلداننا العربية اقتداءً بهذه التجربة الاماراتية في منظومة القوة الناعمة.