"الدستورية" تصدر منذ نشأتها 29 حكما و 11 قرارا تفسيريا
القبة نيوز- بلغ عدد الأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية منذ نشأتها في 6 تشرين الأول لعام 2012 ولغاية الآن، 29 حكما تتعلق بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة، فيما بلغ عدد طلبات تفسير النصوص الدستورية 13 طلبا، أنجزت المحكمة منها 11 قرارا تفسيريا، بينما تنظر حاليا في بحث اثنين من طلبات التفسير.
جاء ذلك في مقابلة لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) مع عضو المحكمة الدستورية الأستاذ الدكتور نعمان الخطيب، استعرض فيها طبيعة اختصاص المحكمة الدستورية كما جاءت في الفصل الخامس من الدستور، وخطة العمل المستقبلية للمحكمة، فضلا عن توضيحه لبعض المسائل المتعلقة بعمل المحكمة.
وأوضح الخطيب أن المحكمة الدستورية، التي تختص بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة، وتفسير نصوص الدستور؛ حماية للدستور في ظل دولة مدنية يعلو فيها الدستور ويتحقق في ظلها مبدأ سيادة القانون، هي من أهم النتائج التي تمخضت عنها التعديلات الدستورية التي تمت في الأول من تشرين الأول لعام 2011، وكانت جزءا من المنظومة الشاملة التي أرادها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، للإصلاح الشامل والمتكامل والمتدرج لجميع مؤسسات الدولة.
وبيّن أن رقابة المحكمة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة، تتحقق من خلال الطعن المباشر الممنوح حصريا لثلاث جهات، وهي: مجلس الوزراء، ومجلسي النواب والأعيان، والطعن غير المباشر من خلال حق الدفع بعدم الدستورية الممنوح لأي طرف من أطراف دعوى منظورة أمام المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، والتي عليها في هذا المجال إن وجدت الدفع جديا أن تحيله إلى محكمة التمييز لغايات البت في أمر إحالته إلى المحكمة الدستورية، موضحا أنه يحق لأي مواطن بشكل غير مباشر الدفع بعدم الدستورية، وفقا للإجراءات التي أشار لها الدستور ونظمها القانون.
أما تفسير نصوص الدستور، فقد أنيط لأول مرة في تاريخ الدولة الأردنية بهيئة قضائية مستقلة هي المحكمة الدستورية، لتتولى تفسير النصوص الدستورية إذا طُلب إليها ذلك، بقرار صادر عن مجلس الوزراء، أو بقرار يتخذه أحد طرفي مجلس الأمة بالأغلبية، ويكون قرارها في التفسير نافذ المفعول بعد نشره في الجريدة الرسمية، في حين أن الأحكام الصادرة عن المحكمة تصبح سارية المفعول ونافذة منذ تاريخ صدورها، ما لم تحدد المحكمة تاريخا آخر لنفاذه، باستثناء الحكم الذي يقضي بعدم دستورية نص جزائي يقرر عقوبة فيكون سريانه بأثر رجعي، وتوقف تنفيذ الأحكام التي قضت بالإدانة استنادا لذلك النص وتنتهي آثارها الجزائية، وفق الخطيب.
وبشأن الــ 29 حكما الصادرة عن المحكمة، قال الخطيب إن 22 دفع بعدم الدستورية ورد للمحكمة محالا إليها من قبل محكمة التمييز، في حين ورد 2 دفع بعدم دستورية، محالين من محكمة العدل العليا قبل إلغائها، وورد للمحكمة أيضا 5 طعون بعدم الدستورية من قبل مجلس النواب.
وتطرّق الخطيب إلى أن هناك العديد من الأحكام التي أصدرتها المحكمة وانتصرت فيها للدستور وقررت عدم دستورية نصوص متعددة وردت في بعض القوانين والأنظمة النافذة؛ فأكدت في أحكامها على حمايتها لحق المساواة والحرية الشخصية، وحق التقاضي، وحق الملكية الخاصة، وحرمة المال العام وحق إنشاء النقابات، ومبدأ الفصل بين السلطات وغيرها من الحقوق والحريات الواردة في الفصل الثاني من الدستور تحت عنوان "حقوق الأردنيين وواجباتهم".
وبما أن جميع أحكام المحكمة الدستورية نهائية وملزمة لجميع السلطات وللكافة وتصدر باسم جلالة الملك، ولكفالة التزام جميع السلطات والأشخاص بتنفيذها، تتولى المحكمة إرسال نسخة من الأحكام الصادرة إلى كل من مجلس الوزراء، ومجلسي النواب والأعيان، والمجلس القضائي، كما يجري نشرها في الجريدة الرسمية خلال 15 يوما من تاريخ صدورها، حسب ما أشار إليه الخطيب.
أمّا طلبات التفسير الــ 13، فورد منها 7 طلبات من مجلس الوزراء، و 4 طلبات من مجلس النواب، و 2 من مجلس الأعيان؛ وبين الخطيب أن العديد من القرارات التفسيرية التي أصدرتها المحكمة حرصت من خلالها على ضمانة سمو الدستور في نصه وروحه، والتأكد بعدم تأثير القوانين والأنظمة التي تصدر بموجب الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس اساسياتها؛ حماية لحقوق الوطن والمواطن.
وبيّن أن نظر الطعن بعدم الدستورية أو طلب تفسير نصوص الدستور عملية دقيقة جدا، وذات صبغة بحثية ومقارنة عميقة تتطلب جلسات متعددة، والاستماع إلى أراء أعضاء الهيئة العامة للمحكمة بكاملها، وتحليلها وتفسيرها؛ لذلك تأخذ وقتا طويلا للوصول إلى النتيجة التي ترتقي لمستوى وأهمية القضية.
وعزا الخطيب قلة القرارات والأحكام الصادرة عن المحكمة منذ نشأتها إلى اليوم لأسباب متعددة؛ منها أسباب تشريعية تتعلق باختصاصات المحكمة وكيفية تصدّيها للطعون بعدم الدستورية، وقد يكون سببها أيضا الثقافة القانونية للعاملين في القانون من ناحية والمواطنين من ناحية أخرى؛ ولذلك هناك خطة عمل مستقبلية للمحكمة الدستورية لتطوير عملها، مشجعا أي جهة بأن تنشط في مشاركة المحكمة في الرقابة على دستورية القوانين من خلال المبادرة بتفعيل دورها بالطعن بعدم دستورية أي قانون أو نظام نافذ مخالف للدستور؛ لأن ذلك يُشكل دعامة كبيرة للمحكمة في حماية الدستور وتقوية دعائم الدولة المدنية وسيادة القانون، كما أرادها جلالة الملك عبدالله الثاني في أوراقه النقاشية التي مثلت إطارا فكريا وحضاريا لدعم الدستور الأردني والمحافظة على مكتسبات الوطن والمواطن.
وقال الخطيب إن المطالبات بإنشاء محكمة دستورية في الأردن قديمة، ونادى بها القانونيون منذ ما يقارب الــ 30 عاما الماضية، وقد تحقق هذا المطلب في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، حيث باشرت المحكمة الدستورية مهامها في العام 2012، مضيفا أن المحكمة هي استحقاق دستوري بارز، فضلا عن أنها صرح حضاري أردني وعربي وعالمي، بكونها هيئة مستقلة بذاتها، وأحكامها نافذة، والقضاة فيها مستقلون، وهي تستمد قوتها من الدستور الذي يصونها وتصونه.
وتطّرق الخطيب للخطة المستقبلية للمحكمة وقال إنها تتناول جانبين: الأول توسيع اختصاصات المحكمة في الرقابة على دستورية القوانين وخاصة موضوع الإحالة المباشرة من قبل قاضي الموضوع دون المرور بمحكمة التمييز (الإحالة المنفردة)، بمعنى إلغاء دور محكمة التمييز كوسيط في الإحالة بين القضاء العادي والمحكمة الدستورية كما هو معمول به في دول العالم، إضافة إلى إعطاء قاضي الموضوع الحق في التصدي لعدم الدستورية، ولو لم يُثره أحد الأطراف، وهذا يتطلب تعديلا دستوريا، وتعديلا في قانون المحكمة الدستورية، وتحديدا المادة 60 الفقرة الثانية من الدستور الأردني.
وقال ان الجانب الثاني من الخطة المستقبلية، يتعلق بالجانب التوعوي، حيث تقوم المحكمة بدور هام جدا على هذا الصعيد من خلال علاقاتها مع المؤسسات الرسمية وغير الرسمية من خلال عقد الندوات والمؤتمرات والمحاضرات، أردنيا وعربيا ودوليا، ولها ما يزيد عن 100 مشاركة في مؤتمر أردني وعربي ودولي، لافتا إلى أن هذه المشاركات تفتح آفاقا كبيرة على مستوى ما يدور في العالم بشكل عام، وعلى ما تقوم به المحكمة الدستورية من عمل في الأردن بشكل خاص، فيزيد من فعاليتها كصرح أردني عربي عالمي كما أراده جلالة الملك عبدالله الثاني.
وأشار الخطيب في هذا الصدد، إلى أن رئيس المحكمة الدستورية الأردنية القاضي هشام التل هو الرئيس الحالي لاتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية، وقد دعا الى عقد اجتماع المكتب التنفيذي للاتحاد في شهر نيسان الماضي في البحر الميت، لوضع خطة شاملة لعمل الاتحاد وتفعيل دوره في خدمة القضاء الدستوري في الدول العربية وزيادة التعاون بين اعضائه وتبادل الأحكام والمعلومات ودعم المكتبة الإلكترونية للاتحاد في المقر الدائم في المحكمة الدستورية العليا في القاهرة.
وأضاف ان هناك مسارا لتطوير الجهاز الإداري في المحكمة، حيث تم إصدار نظامين هامين يزيدان من فعالية وعمل المحكمة، وهما: نظام رسوم الدفع بعدم الدستورية رقم 67 لسنة 2019، الذي خفض رسم الدفع بعدم الدستورية من 250 دينارا إلى 50 دينارا، وتدفع عند الإحالة للمحكمة الدستورية، وليس عند تقديم الطلب كما كان سابقا، كما وترد الرسوم إذا تبين أن مقدم الدفع بعدم الدستورية محق في دفعه.
أمّا النظام الثاني فهو نظام التنظيم الإداري للمحكمة الدستورية رقم 66 لسنة 2019، والذي ساهم في زيادة تفعيل الجهاز الإداري والارتقاء به ليتواءم أداؤه مع أداء وطموحات المحكمة الدستورية، وأهم ما جاء به أنه قسّم المحكمة إلى مديريات رئيسية، وأعطى رئيس المحكمة الحق بتشكيل لجان دائمة ومؤقتة لتمكين المحكمة من القيام بمهامها وواجباتها، اضافة إلى حق رئيس المحكمة بناء على تنسيب الأمين العام بإصدار التعليمات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا النظام، وفق الخطيب.
وبشأن الرأي القائل بإعطاء المواطن الحق بالطعن المباشر أسوة ببعض الدول الغربية والعربية؛ قال الخطيب إن الطعن المباشر مأخوذ به في بعض الدول الأوروبية مثل ألمانيا، وبولندا، وإسبانيا، وغيرها من الدول كالهند والأرجنتين والبرازيل، ومأخوذ به أيضا في بعض الدول العربية كالكويت حديثا، وفلسطين، والعراق والسودان، مبديا عدم تشجعه لفكرة إعطاء المواطن الحق بالطعن المباشر، مرحليا؛ نظرا لما يحدثه من إرباك كبير في عمل المحكمة الدستورية، وإهدار للوقت والجهد والمال خاصة في ظل غياب الثقافة القانونية المطلوبة لهذه الممارسة، علما بأن الدول التي أخذت بالطعن المباشر كدولة مثل ألمانيا، يصل محكمتها الدستورية في السنة الواحدة ما يقارب 6 آلاف شكوى أو دعوى دستورية (ما بين طعن وغيره من القضايا)، وفي النهاية لا يتمخض عنها في مجال الرقابة على دستورية القوانين ويصل للمحكمة للنظر فيها، سوى 30 قضية فقط، بعد غربلتها وتصفيتها من الدعاوي غير المنطقية والتي لا تستحق النظر فيها من قبل المحكمة الدستورية الألمانية بهيئتيها الاثنتين.
وفيما يتعلق بإعطاء قانون المحكمة الحق لمجلس الوزراء، ومجلسي النواب والاعيان، بالطعن المباشر بالقوانين والأنظمة، أوضح الخطيب أن الحياة السياسية والحزبية تغير وتبدل في تشكيلة مجلسي النواب والأعيان وكذلك مجلس الوزراء؛ بمعنى أن الظروف تتغير أيديولوجيا وسياسيا وثقافيا، والمصلحة الوطنية لها مرتكزات متحركة، فبالتالي أن تُعطى هذه المجالس الحق بالطعن المباشر هو حق مشروع وحقيقي وجدير بالاحترام لأنه يُعطي الفرصة لتحديث التشريعات وفقا للتطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وبما يتواءم مع نصوص الدستور وروحه.
وأكّد الخطيب أن المحكمة الدستورية شكّلت منذ نشأتها منعطفا بارزا في الحياة الدستورية والسياسية الأردنية، وحصنا قويا لحماية حقوق الأردنيين وواجباتهم، ودعما وتعزيزا لمنظومة حقوق الإنسان الأردنية والعالمية، موضحا أن التحام الشعب بالقيادة الهاشمية ورسالتها مكّن الأردن من احتلال مراكز متقدمة في معاني الإنسانية والاعتدال والحضارة، والنظر له كمثال يُحتذى به. (بترا)
جاء ذلك في مقابلة لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) مع عضو المحكمة الدستورية الأستاذ الدكتور نعمان الخطيب، استعرض فيها طبيعة اختصاص المحكمة الدستورية كما جاءت في الفصل الخامس من الدستور، وخطة العمل المستقبلية للمحكمة، فضلا عن توضيحه لبعض المسائل المتعلقة بعمل المحكمة.
وأوضح الخطيب أن المحكمة الدستورية، التي تختص بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة، وتفسير نصوص الدستور؛ حماية للدستور في ظل دولة مدنية يعلو فيها الدستور ويتحقق في ظلها مبدأ سيادة القانون، هي من أهم النتائج التي تمخضت عنها التعديلات الدستورية التي تمت في الأول من تشرين الأول لعام 2011، وكانت جزءا من المنظومة الشاملة التي أرادها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، للإصلاح الشامل والمتكامل والمتدرج لجميع مؤسسات الدولة.
وبيّن أن رقابة المحكمة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة، تتحقق من خلال الطعن المباشر الممنوح حصريا لثلاث جهات، وهي: مجلس الوزراء، ومجلسي النواب والأعيان، والطعن غير المباشر من خلال حق الدفع بعدم الدستورية الممنوح لأي طرف من أطراف دعوى منظورة أمام المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، والتي عليها في هذا المجال إن وجدت الدفع جديا أن تحيله إلى محكمة التمييز لغايات البت في أمر إحالته إلى المحكمة الدستورية، موضحا أنه يحق لأي مواطن بشكل غير مباشر الدفع بعدم الدستورية، وفقا للإجراءات التي أشار لها الدستور ونظمها القانون.
أما تفسير نصوص الدستور، فقد أنيط لأول مرة في تاريخ الدولة الأردنية بهيئة قضائية مستقلة هي المحكمة الدستورية، لتتولى تفسير النصوص الدستورية إذا طُلب إليها ذلك، بقرار صادر عن مجلس الوزراء، أو بقرار يتخذه أحد طرفي مجلس الأمة بالأغلبية، ويكون قرارها في التفسير نافذ المفعول بعد نشره في الجريدة الرسمية، في حين أن الأحكام الصادرة عن المحكمة تصبح سارية المفعول ونافذة منذ تاريخ صدورها، ما لم تحدد المحكمة تاريخا آخر لنفاذه، باستثناء الحكم الذي يقضي بعدم دستورية نص جزائي يقرر عقوبة فيكون سريانه بأثر رجعي، وتوقف تنفيذ الأحكام التي قضت بالإدانة استنادا لذلك النص وتنتهي آثارها الجزائية، وفق الخطيب.
وبشأن الــ 29 حكما الصادرة عن المحكمة، قال الخطيب إن 22 دفع بعدم الدستورية ورد للمحكمة محالا إليها من قبل محكمة التمييز، في حين ورد 2 دفع بعدم دستورية، محالين من محكمة العدل العليا قبل إلغائها، وورد للمحكمة أيضا 5 طعون بعدم الدستورية من قبل مجلس النواب.
وتطرّق الخطيب إلى أن هناك العديد من الأحكام التي أصدرتها المحكمة وانتصرت فيها للدستور وقررت عدم دستورية نصوص متعددة وردت في بعض القوانين والأنظمة النافذة؛ فأكدت في أحكامها على حمايتها لحق المساواة والحرية الشخصية، وحق التقاضي، وحق الملكية الخاصة، وحرمة المال العام وحق إنشاء النقابات، ومبدأ الفصل بين السلطات وغيرها من الحقوق والحريات الواردة في الفصل الثاني من الدستور تحت عنوان "حقوق الأردنيين وواجباتهم".
وبما أن جميع أحكام المحكمة الدستورية نهائية وملزمة لجميع السلطات وللكافة وتصدر باسم جلالة الملك، ولكفالة التزام جميع السلطات والأشخاص بتنفيذها، تتولى المحكمة إرسال نسخة من الأحكام الصادرة إلى كل من مجلس الوزراء، ومجلسي النواب والأعيان، والمجلس القضائي، كما يجري نشرها في الجريدة الرسمية خلال 15 يوما من تاريخ صدورها، حسب ما أشار إليه الخطيب.
أمّا طلبات التفسير الــ 13، فورد منها 7 طلبات من مجلس الوزراء، و 4 طلبات من مجلس النواب، و 2 من مجلس الأعيان؛ وبين الخطيب أن العديد من القرارات التفسيرية التي أصدرتها المحكمة حرصت من خلالها على ضمانة سمو الدستور في نصه وروحه، والتأكد بعدم تأثير القوانين والأنظمة التي تصدر بموجب الدستور لتنظيم الحقوق والحريات على جوهر هذه الحقوق أو تمس اساسياتها؛ حماية لحقوق الوطن والمواطن.
وبيّن أن نظر الطعن بعدم الدستورية أو طلب تفسير نصوص الدستور عملية دقيقة جدا، وذات صبغة بحثية ومقارنة عميقة تتطلب جلسات متعددة، والاستماع إلى أراء أعضاء الهيئة العامة للمحكمة بكاملها، وتحليلها وتفسيرها؛ لذلك تأخذ وقتا طويلا للوصول إلى النتيجة التي ترتقي لمستوى وأهمية القضية.
وعزا الخطيب قلة القرارات والأحكام الصادرة عن المحكمة منذ نشأتها إلى اليوم لأسباب متعددة؛ منها أسباب تشريعية تتعلق باختصاصات المحكمة وكيفية تصدّيها للطعون بعدم الدستورية، وقد يكون سببها أيضا الثقافة القانونية للعاملين في القانون من ناحية والمواطنين من ناحية أخرى؛ ولذلك هناك خطة عمل مستقبلية للمحكمة الدستورية لتطوير عملها، مشجعا أي جهة بأن تنشط في مشاركة المحكمة في الرقابة على دستورية القوانين من خلال المبادرة بتفعيل دورها بالطعن بعدم دستورية أي قانون أو نظام نافذ مخالف للدستور؛ لأن ذلك يُشكل دعامة كبيرة للمحكمة في حماية الدستور وتقوية دعائم الدولة المدنية وسيادة القانون، كما أرادها جلالة الملك عبدالله الثاني في أوراقه النقاشية التي مثلت إطارا فكريا وحضاريا لدعم الدستور الأردني والمحافظة على مكتسبات الوطن والمواطن.
وقال الخطيب إن المطالبات بإنشاء محكمة دستورية في الأردن قديمة، ونادى بها القانونيون منذ ما يقارب الــ 30 عاما الماضية، وقد تحقق هذا المطلب في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، حيث باشرت المحكمة الدستورية مهامها في العام 2012، مضيفا أن المحكمة هي استحقاق دستوري بارز، فضلا عن أنها صرح حضاري أردني وعربي وعالمي، بكونها هيئة مستقلة بذاتها، وأحكامها نافذة، والقضاة فيها مستقلون، وهي تستمد قوتها من الدستور الذي يصونها وتصونه.
وتطّرق الخطيب للخطة المستقبلية للمحكمة وقال إنها تتناول جانبين: الأول توسيع اختصاصات المحكمة في الرقابة على دستورية القوانين وخاصة موضوع الإحالة المباشرة من قبل قاضي الموضوع دون المرور بمحكمة التمييز (الإحالة المنفردة)، بمعنى إلغاء دور محكمة التمييز كوسيط في الإحالة بين القضاء العادي والمحكمة الدستورية كما هو معمول به في دول العالم، إضافة إلى إعطاء قاضي الموضوع الحق في التصدي لعدم الدستورية، ولو لم يُثره أحد الأطراف، وهذا يتطلب تعديلا دستوريا، وتعديلا في قانون المحكمة الدستورية، وتحديدا المادة 60 الفقرة الثانية من الدستور الأردني.
وقال ان الجانب الثاني من الخطة المستقبلية، يتعلق بالجانب التوعوي، حيث تقوم المحكمة بدور هام جدا على هذا الصعيد من خلال علاقاتها مع المؤسسات الرسمية وغير الرسمية من خلال عقد الندوات والمؤتمرات والمحاضرات، أردنيا وعربيا ودوليا، ولها ما يزيد عن 100 مشاركة في مؤتمر أردني وعربي ودولي، لافتا إلى أن هذه المشاركات تفتح آفاقا كبيرة على مستوى ما يدور في العالم بشكل عام، وعلى ما تقوم به المحكمة الدستورية من عمل في الأردن بشكل خاص، فيزيد من فعاليتها كصرح أردني عربي عالمي كما أراده جلالة الملك عبدالله الثاني.
وأشار الخطيب في هذا الصدد، إلى أن رئيس المحكمة الدستورية الأردنية القاضي هشام التل هو الرئيس الحالي لاتحاد المحاكم والمجالس الدستورية العربية، وقد دعا الى عقد اجتماع المكتب التنفيذي للاتحاد في شهر نيسان الماضي في البحر الميت، لوضع خطة شاملة لعمل الاتحاد وتفعيل دوره في خدمة القضاء الدستوري في الدول العربية وزيادة التعاون بين اعضائه وتبادل الأحكام والمعلومات ودعم المكتبة الإلكترونية للاتحاد في المقر الدائم في المحكمة الدستورية العليا في القاهرة.
وأضاف ان هناك مسارا لتطوير الجهاز الإداري في المحكمة، حيث تم إصدار نظامين هامين يزيدان من فعالية وعمل المحكمة، وهما: نظام رسوم الدفع بعدم الدستورية رقم 67 لسنة 2019، الذي خفض رسم الدفع بعدم الدستورية من 250 دينارا إلى 50 دينارا، وتدفع عند الإحالة للمحكمة الدستورية، وليس عند تقديم الطلب كما كان سابقا، كما وترد الرسوم إذا تبين أن مقدم الدفع بعدم الدستورية محق في دفعه.
أمّا النظام الثاني فهو نظام التنظيم الإداري للمحكمة الدستورية رقم 66 لسنة 2019، والذي ساهم في زيادة تفعيل الجهاز الإداري والارتقاء به ليتواءم أداؤه مع أداء وطموحات المحكمة الدستورية، وأهم ما جاء به أنه قسّم المحكمة إلى مديريات رئيسية، وأعطى رئيس المحكمة الحق بتشكيل لجان دائمة ومؤقتة لتمكين المحكمة من القيام بمهامها وواجباتها، اضافة إلى حق رئيس المحكمة بناء على تنسيب الأمين العام بإصدار التعليمات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا النظام، وفق الخطيب.
وبشأن الرأي القائل بإعطاء المواطن الحق بالطعن المباشر أسوة ببعض الدول الغربية والعربية؛ قال الخطيب إن الطعن المباشر مأخوذ به في بعض الدول الأوروبية مثل ألمانيا، وبولندا، وإسبانيا، وغيرها من الدول كالهند والأرجنتين والبرازيل، ومأخوذ به أيضا في بعض الدول العربية كالكويت حديثا، وفلسطين، والعراق والسودان، مبديا عدم تشجعه لفكرة إعطاء المواطن الحق بالطعن المباشر، مرحليا؛ نظرا لما يحدثه من إرباك كبير في عمل المحكمة الدستورية، وإهدار للوقت والجهد والمال خاصة في ظل غياب الثقافة القانونية المطلوبة لهذه الممارسة، علما بأن الدول التي أخذت بالطعن المباشر كدولة مثل ألمانيا، يصل محكمتها الدستورية في السنة الواحدة ما يقارب 6 آلاف شكوى أو دعوى دستورية (ما بين طعن وغيره من القضايا)، وفي النهاية لا يتمخض عنها في مجال الرقابة على دستورية القوانين ويصل للمحكمة للنظر فيها، سوى 30 قضية فقط، بعد غربلتها وتصفيتها من الدعاوي غير المنطقية والتي لا تستحق النظر فيها من قبل المحكمة الدستورية الألمانية بهيئتيها الاثنتين.
وفيما يتعلق بإعطاء قانون المحكمة الحق لمجلس الوزراء، ومجلسي النواب والاعيان، بالطعن المباشر بالقوانين والأنظمة، أوضح الخطيب أن الحياة السياسية والحزبية تغير وتبدل في تشكيلة مجلسي النواب والأعيان وكذلك مجلس الوزراء؛ بمعنى أن الظروف تتغير أيديولوجيا وسياسيا وثقافيا، والمصلحة الوطنية لها مرتكزات متحركة، فبالتالي أن تُعطى هذه المجالس الحق بالطعن المباشر هو حق مشروع وحقيقي وجدير بالاحترام لأنه يُعطي الفرصة لتحديث التشريعات وفقا للتطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وبما يتواءم مع نصوص الدستور وروحه.
وأكّد الخطيب أن المحكمة الدستورية شكّلت منذ نشأتها منعطفا بارزا في الحياة الدستورية والسياسية الأردنية، وحصنا قويا لحماية حقوق الأردنيين وواجباتهم، ودعما وتعزيزا لمنظومة حقوق الإنسان الأردنية والعالمية، موضحا أن التحام الشعب بالقيادة الهاشمية ورسالتها مكّن الأردن من احتلال مراكز متقدمة في معاني الإنسانية والاعتدال والحضارة، والنظر له كمثال يُحتذى به. (بترا)