facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

ترشيق القطاع العام وفاتورة التقاعد

ترشيق القطاع العام وفاتورة التقاعد

زيد محمد النوايسة

القبة نيوز-یمكن تفھم القرارات الحكومیة الأخیرة بإحالة كل من أمضى ثلاثین عاماً تحت مظلة التقاعدة المدني -بالرغم من أن الأصل وحسب كل قوانین التقاعد في العالم ھو بلوغ الموظف عمر 60 عاماً؛ بھدف إیجاد مظلة واحدة للتقاعد تتمثل في مؤسسة الضمان الاجتماعي باعتبار أن التوجھ بدأ منذ العام 1995 بتحویل كل الموظفین المدنیین للضمان الاجتماعي ولاحقاً العام 2003 العسكریین.


یندرج ھذا ضمن سیاسة ترشیق الجھاز الحكومي التي تتبناھا الحكومة وھي متطلب للمؤسسات الدولیة، وأیضاً إیجاد فرص عمل تخفف من البطالة التي تؤرق الحكومة بالإضافة لتخفیض فاتورة رواتب الموظفین الحكومیین في الوزارات والدوائر الحكومیة والتي رصد لھا في الموازنة العامة للعام 2019 مبلغ أربعة ملیارات وتسعة وأربعین ملیون دینار في زیادة واضحة عن كلفة الرواتب في العام 2018 إذ بلغت ثلاثة ملیارات وتسعمائة وثمانیة عشر ملیون دینار.

الحكومة تتوقع أن یشمل ھذا القرار الذي یتضمن حوافز تشجیعیة لیس فقط لمن أمضى ثلاثین عاماً بل یمتد لیشمل من مضى على خدمتھ خمسة وعشرون عاماً وھي تتوقع أن یدخل ضمن ھذا الوصف ما یقارب أحد عشر الف موظف یتقاضون ما یقارب مائة وثمانیة ملایین دینار في حین أن كلفة التقاعد ستبلغ حوالي خمسة وسبعین ملیون دینار أي أن ھناك وفرا یصل لمبلغ اثنین وثلاثین ملیون دینار، بالرغم من أن الحكومة تعلم أن ھذا ینعكس سلباً على فاتورة التقاعد في الموازنة العامة والمؤشرات الرقمیة تقول إن ھذه الفاتورة في تزاید مستمر إذ بلغت حتى أواخر شھر أیار 2019 خمسمائة وواحد وسبعین ملیون دینار مقابل خمسمائة وسبعة وأربعین ملیون دینار لنفس الفترة من العام الماضي بالإضافة أن الحكومة ملزمة بالوفاء بتعھداتھا بتعبئة الشواغر التي حدثت بفعل ھذه الموجة الكبیرة من الإحالات على التقاعد وھذا یعني عملیا ارتفاع فاتورة الرواتب بفعل التعیینات الجدیدة التي لا تستطیع الحكومة القفز علیھا خاصة في قطاعات حكومیة حیویة مثل وزارة التربیة والتعلیم والصحة والاوقاف والزراعة.

من الواضح أن مبررات القرار الحكومي ھي غیر تلك المعلنة ولو أرادت أن تقنع الناس أنھا تسعى للترشیق وتوفیر فرص عمل جدیدة كان علیھا أن تبدأ بموظفي الفئات العلیا الذین تجاوز بعضھم الثلاثین عاماً وتجاوز عمر بعضھم الستین عاماً وترك الاستثناءات فقط لوزارة الصحة التي تستدعي الحاجة فیھا لبقاء الأطباء الاستشاریین والاختصاصیین وبعض الوظائف المھمة.

إذا كان ھناك بعض الإیجابیات لھذا القرار وأھمھا توفیر فرص عمل جدیدة وھو أمر غیر مؤكد على ما نسمع من تصریحات إلا أن التداعیات السلبیة لھذا القرار الحكومي كثیرة وأھمھا خسارة كفاءات إداریة مؤھلة ما تزال قادرة على العطاء، التمیز، والاستثناءات التي أعطت لكل وزیر أن یستثني من یرید وخاصة الأمناء العامین وموظفي الفئة العلیا، لكن الخطورة تكمن فیما إذا استمر المشروع الحكومي لیشمل الموظفین الحكومیین ممن أمضى عشرین إلى خمسة وعشرین عاماً تحت مظلة الضمان الاجتماعي لأن ھذا یعني عملیاً كارثة على مؤسسة الضمان الاجتماعي
أولاً من ناحیة ارتفاع فاتورة التقاعد ونسف كل الحسبة الاكتواریة التي بنیت على أساسھا معادلة التقاعد، وكارثة على المتقاعدین نتیجة الفروق الكبیرة بین الراتب الفعلي وراتب التقاعد المتحصل وبالتالي تداعیات اقتصادیة واجتماعیة ستطال آلاف الموظفین.

ھذه القرارات یجب ألا تكون متسرعة لأنھا ستصطدم بالتطبیق الفعلي ویجب ألا یغامر بمستقبل موظفي الإدارة العامة الأردنیة المشھود لھم بالتمیز، فالتریث وقراءة الارتدادات الاقتصادیة والاجتماعیة في غایة الأھمیة.

الغد

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير