facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

"المحروقات والمقاومة المدنية"

المحروقات والمقاومة المدنية
القبة نيوز -

جميل النمري
اسعار المحروقات عندنا عالية والتسعير أكثر اعمال الحكومة غموضا وهي بعد كل الحاح تقدم للنواب والرأي العام آلية افتراضية كاريكاتيرية والحكومة كانت تدعي دعم المحروقات والآن تجاهر بتقاضي نسبة عالية من الضرائب وعليها ان تجيبنا كيف يكون سعر الأوكتان 95 في لبنان هو تقريبا نصف سعره عندنا (11,96 دينار في لبنان مقابل 20,20 دينار في الاردن) هذا مع انهم لا يملكون مصفاة ويستوردون المشتقات كلها بسعر السوق.

السيطرة الرسمية على تسعير المشتقات هو اكثر اعمال الحكومة اثارة للشبهات، وبعد عجز النواب عن الوصول الى مفاصلة مع الحكومة تكرس الشفافية وتظهر الحقيقة فمن حق الناس ان تلجأ الى الاحتجاج الشعبي السلمي أو ما يطلق عليه المقاومة المدنية.

حملة "صف سيارتك" تنتتمي الى اشكال المقاومة المدنية السلمية الحضارية التي لا تكسر القوانين ولا تتجاوزعلى النظام العام بل تقوم على التعاون الطوعي من المواطنين لدعم موقف او افشال قرار وهو يوجه رسالة قوية أقوى من المناشدات اللفظية الى السلطات بالتزام الناس بسلوك معين يجبر السلطات او القطاع الخاص على التجاوب على غرار حملات مقاطعة سلع معينة بسبب الاحتكار والاسعار العالية. والحملة من حيث فلسفتها تنتمي الى مفهوم المجتمع المدني والمواطنة الفعالة التي لا تنعكس في الحقول الاحتجاجية فحسب بل قبل ذلك ومعه في حقول العمل التطوعي والتبرع بالمال او الجهد لمصلحة عامّة أو لنجدة فئات وأفراد يحتاجون المساندة وخاصّة في مناسبات الكوارث والأزمات، انها تدريب على تنظيم المشاركة المجتمعية الايجابية، ولذلك نأسف ان ترى السلطات في حملة صف سيارتك تمردا يهدد النظام العام.

يجب رؤية البعد الايجابي الاستراتيجي في حملات تمتحن المواطنة الفعالة التي تحتاجها الدولة للتنمية وتعميق الانتماء ورفع الانتاجية بل وتعزيز مفهوم سيادة القانون لأن هذا النوع من الحملات يندرج من حيث لا ينتبه المسؤولون في اطار التربية على مفهوم سيادة القانون اذ تبحث الناس عن وسائل احتجاج فعّالة لا تكسرق القانون وتهدد النظام العام. ان الخضوع الدائم لا يبني مواطنة جيدة وفعّالة بل ان فرض الخضوع ينشر القيم الأكثررداءة في المجتمع .. النفاق والكذب والانتهازية واحتقار الصالح العام والتنفع على حساب الدولة والغير وقبول الفساد والافساد.

التصريحات التي اوردها مندوب الغد أمس على لسان مسؤول تهدد بسحب كل سيارة توقف عمدا على جوانب الطرق تجاوبا مع الحملة استغربتها لأنها تتجاوز على القانون، فاذا اوقف مواطن سيارته "عمدا" على جانب طريق حيث لا توجد اشارة ممنوع الوقوف او التوقف فبأي حق يتم سحبها او حتى مخالفتها؟! البيان الرسمي من الأمن العام في الحقيقة كان اكثر دقة وحرصا على التزام القانون فتوعد باشد الاجراءات بحق من يخالف القانون ويعطل حركة السير بإطفاء المركبات في الطرق العامة اذ سيتم سحبها وحجزها لمدة اسبوعين وتدفيع اصحابها الكلفة اضافة الى الغرامات. وقد يكون الأمن استنفر الونشات بما في ذلك إستئجار المتوفر بالقطاع الخاص خوفا من ان يصف الناس سياراتهم في عرض الشوارع واعتقد ان الناس اكثر وعيا من ان يقوموا باعمال رعناء كهذه.

على كل حال قد لا تكون الحملة نجحت أمس ونكتب قبل الاطلاع على اي تقييمات أو نتائج لكن سندافع عن الحق في هكذا حملات للمقاومة مدنية وأمس ليس آخر المطاف في موضوع المحروقات ما دامت الحكومة تفشل في تقديم الحقيقة الشفافة للاسعار والتسعير.


تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )