القطامين يكتب: حزيران .. مولد الحكيم ورحيله
د. نضال القطامين
القبة نيوز-يا أيها الغافي في سفح يا ما أنهكه جيئة وذهابا، كيف ترى رحيلك عن المبادىء والمعتقل والتبغ؟ هل تفتقد صخب الشوارع في الكرك، شمس المعتقل في الجفر، فواكه الزيارة اللذيذة، طلّة أم نضال، هدوء الأزبكية، قلق الكويت، اسفلت اريحا؟ أم تراك تستلذ مضغ الذكريات وطهوها على نار الصبر وجمر الحكمة ؟ لا تُجبْ.
أعرف كلماتكَ جيداً. بالمناسبة، ما زلتُ أستحضرُ ذهنكَ الرائق في كل شؤوني. ما زلتَ كاملَ الحضور في كل الأحوال. لكنها أحوالٌ لا تسرّك غالباً أيها الثائر، المناضل، الحكيم.
ربما كان رحيلك خياراً صائبا بالمطلق. لم تكن تودُ أن تشهدَ انهياراتِ أحلامك السريعة في الوحدة والحريّة. أعرفُ خلقك النزق جيّدا، أدرك تماما انصرافك المهذب عن الصغائر، وأعلم ماذا كان يحمل جسدك النحيل من همة وجسارة. لكنها الحياة يا صديقي وقد مارست فيها الرجولة ورسمت فيها المبدأ كما زيّنهُ لك عقلك الراجح. فعشتها تجاهد لعلوِّ عقيدتك، وما لانت لك قناة.
لا بأس ببعض كلماتٍ أختزل فيها سنوات الرحيل:
خاصرة الأمة الموجوعة، ومبادىء الفرسان الخجولة. صفقات خائبة، وحلقات من طقوس الإلهاء متتابعة تلعب في الأفئدة وفي العقول.
تعلم أن الناس ، حين يتعلق الامر بالخبز، يفضّلون استمراء الركون لشروطه المذلّة. وكذا، لم تعد هناك عقائر لترتفع، ولا شوارع تستوعب فيضان لن يأتِ.
لا يمكنني الجزم بموقفك من هذه الفوضى. وبالطبع، لا يمكنك إسقاط نفوسكم التي بها أنف أن تسكن اللحم والعظما، على حاضرٍ بائس مرير. لم يعد خبز الشعير مقنعاً للفتية ولا للرعاة. ما عاد السهل يطلع قمحاً ولا حبوبا بالمجمل. صار ملاعب وميادين.
وإذا كنتُ قد أثرت فيك بعض الشجن، فيسعدني أن أبلغك أنه ما زال في "مكافر" المور، عين الماء الصافية، متسع لقراءة كتاب وقنص طائر.
لكن الأحوال لا تسرُّ أبدا. وإذا كانت المسافة بين النمتة والقدس لا تقاس بالمتر قدر ما تقاس بالموقف، فيؤلمني القول أن فضاءها ملبّد بمحاولات اغتيال الأحلام والمبادىء.
لكننا، أيها الحكيم، ما زلنا نقرأ لامرىء القيس، بكى صاحبي لمّا رأى الدرب دونه، وأيقن أنّا لاحقان بقيصرا.
دون اللحاق بأحد القياصرة، ما زلنا نتفيأ ظلك الظليل، ونهتف في السر، في المنام، عندما يطلع القمر صافيا على تلال قريتك، قريتنا، بما كنت تقوله وتكتبه وتخطب به، أننا نحاول موقفاً أو نموت فنعذرا.....
أعرف كلماتكَ جيداً. بالمناسبة، ما زلتُ أستحضرُ ذهنكَ الرائق في كل شؤوني. ما زلتَ كاملَ الحضور في كل الأحوال. لكنها أحوالٌ لا تسرّك غالباً أيها الثائر، المناضل، الحكيم.
ربما كان رحيلك خياراً صائبا بالمطلق. لم تكن تودُ أن تشهدَ انهياراتِ أحلامك السريعة في الوحدة والحريّة. أعرفُ خلقك النزق جيّدا، أدرك تماما انصرافك المهذب عن الصغائر، وأعلم ماذا كان يحمل جسدك النحيل من همة وجسارة. لكنها الحياة يا صديقي وقد مارست فيها الرجولة ورسمت فيها المبدأ كما زيّنهُ لك عقلك الراجح. فعشتها تجاهد لعلوِّ عقيدتك، وما لانت لك قناة.
لا بأس ببعض كلماتٍ أختزل فيها سنوات الرحيل:
خاصرة الأمة الموجوعة، ومبادىء الفرسان الخجولة. صفقات خائبة، وحلقات من طقوس الإلهاء متتابعة تلعب في الأفئدة وفي العقول.
تعلم أن الناس ، حين يتعلق الامر بالخبز، يفضّلون استمراء الركون لشروطه المذلّة. وكذا، لم تعد هناك عقائر لترتفع، ولا شوارع تستوعب فيضان لن يأتِ.
لا يمكنني الجزم بموقفك من هذه الفوضى. وبالطبع، لا يمكنك إسقاط نفوسكم التي بها أنف أن تسكن اللحم والعظما، على حاضرٍ بائس مرير. لم يعد خبز الشعير مقنعاً للفتية ولا للرعاة. ما عاد السهل يطلع قمحاً ولا حبوبا بالمجمل. صار ملاعب وميادين.
وإذا كنتُ قد أثرت فيك بعض الشجن، فيسعدني أن أبلغك أنه ما زال في "مكافر" المور، عين الماء الصافية، متسع لقراءة كتاب وقنص طائر.
لكن الأحوال لا تسرُّ أبدا. وإذا كانت المسافة بين النمتة والقدس لا تقاس بالمتر قدر ما تقاس بالموقف، فيؤلمني القول أن فضاءها ملبّد بمحاولات اغتيال الأحلام والمبادىء.
لكننا، أيها الحكيم، ما زلنا نقرأ لامرىء القيس، بكى صاحبي لمّا رأى الدرب دونه، وأيقن أنّا لاحقان بقيصرا.
دون اللحاق بأحد القياصرة، ما زلنا نتفيأ ظلك الظليل، ونهتف في السر، في المنام، عندما يطلع القمر صافيا على تلال قريتك، قريتنا، بما كنت تقوله وتكتبه وتخطب به، أننا نحاول موقفاً أو نموت فنعذرا.....