البحث عن الإنسان
حسين الرواشدة
القبة نيوز-في مطلع الشباب، أُعجبت بكتاب «قصة الايمان»، فقرأته عشرات المرات حتى كدت ان احفظه، كان حيران بن الاضعف، التلميذ الذي طرده «مشايخه» من بلدته بعد ان عجزوا عن اجابة اسئلته «الحائرة» حول الوجود، قد التقى الشيخ نديم الجسر مفتي طرابلس - لبنان، فبدأ بينهما حوار طويل عن التوحيد والكون والانسان في اطار «الفلسفة والعلم والقرآن» انتهى الى اقتناع التلميذ بمنطق استاذه.. وايمانه بدعوته..
صورة «حيران» - منذ ذلك - ظلت تطاردني لكنها في هذه الايام اصبحت اكثر الحاحا، لا بحثا عن «الايمان» فقط، هذا الذي نسعى الى تجديده في كل لحظة، وانما -ايضا - للبحث عن «الانسان» هذا الذي انحدرت قيمته -للأسف - حتى اصبحت «ارخص» من اي شيء اخر.
مشكلة «حيران» الجديد انه يسأل كثيرا ولا يجد من يُجيبه، يبحث -طويلا - ولا يصل الى الحقيقة، يشكو - مفزوعا - دون ان يسمعه احد، يهرب من زاوية الى اخرى ولا يعثر على من يدله على الطريق، او يشعره بالدفء، او يطفئ حرارة «الشك» داخله بقطرة من يقين.
قصة «الانسان» مع حيران تبدو غامضة بامتياز، والسؤال الذي يحيره هو سؤال «الكرامة» كرامة الانسان العربي الذي هشمته خيارات «السياسة» واضطرابها، واخجلته دعوات «المحاصصة» واشتباكاتها، وتناوشته سهام التقسيم والتضييق وضربات الاقصاء والتخويف واصطفافات الترهيب التي انتهت من تفكيك الدول فبدأت بتفكيك الانسان.
يسأل حيران عن الايمان فيصغي اليه الشيخ بهدوء، ويتدرج بالاجابة عن اسئلته واحدا بعد الآخر، ويسأل حيران الجديد عن «الانسان» وعن «الاوطان» وعن نبوءات هذا «الزمان» وعن العبث الذي يجري في كل مكان، فترتد اسئلته اليه على شكل صدى لا يفهمه، واجوبة غامضة لا يستطيع التقاطها وحروف مبعثرة لا تصلح لتشكيل جملة مفيدة.
يتابع حيران اخبار الساعة، ثمة حروب تشتعل واخرى قادمة، ثمة زيارات لمسؤولين اجانب تجتاح المنطقة للتحشيد ضد الجيران، ثمة بلاد كثيرة تتغطى بجلباب الخوف، وثمة من يقايض على «المواقف».. ثمة قضية «كبرى» تقرر شطبها من «جدول» الاعمال الدولي، وثمة عالم عربي مفزوع يكاد يلفظ انفاسه الاخيرة.
ما يهم حيران، وسط كل هذه الاخبار المخجلة، هو الانسان؟ قصة الانسان العربي الذي تحول الى «ملطشة» هي التي احيت في قلب حيران اسئلة الواجبات والحقوق، اسئلة الدولة والمواطنة، اسئلة الحرية والخوف، الديمقراطية والاستبداد، والتنمية والفقر، التخلف والنهضة، الجهل والتعليم، وهي اسئلة «الوجود» على هذه الحياة كما يراها حيران الجديد، اسئلة الحاضر والمستقبل بالنسبة للانسان.. اي انسان.
ترى، من يستطيع ان يلتقط هواجس حيران وشكوكه او ان يأخذها - على محمل الجد - فيرد عليها بدون انفعال؟ من يستطيع ان يبددها ويعيد لهذا الشقي ما افتقده من امل وسكينة.. او ان يدله على طريق «اليقين» من يستطيع؟؟
الدستور
صورة «حيران» - منذ ذلك - ظلت تطاردني لكنها في هذه الايام اصبحت اكثر الحاحا، لا بحثا عن «الايمان» فقط، هذا الذي نسعى الى تجديده في كل لحظة، وانما -ايضا - للبحث عن «الانسان» هذا الذي انحدرت قيمته -للأسف - حتى اصبحت «ارخص» من اي شيء اخر.
مشكلة «حيران» الجديد انه يسأل كثيرا ولا يجد من يُجيبه، يبحث -طويلا - ولا يصل الى الحقيقة، يشكو - مفزوعا - دون ان يسمعه احد، يهرب من زاوية الى اخرى ولا يعثر على من يدله على الطريق، او يشعره بالدفء، او يطفئ حرارة «الشك» داخله بقطرة من يقين.
قصة «الانسان» مع حيران تبدو غامضة بامتياز، والسؤال الذي يحيره هو سؤال «الكرامة» كرامة الانسان العربي الذي هشمته خيارات «السياسة» واضطرابها، واخجلته دعوات «المحاصصة» واشتباكاتها، وتناوشته سهام التقسيم والتضييق وضربات الاقصاء والتخويف واصطفافات الترهيب التي انتهت من تفكيك الدول فبدأت بتفكيك الانسان.
يسأل حيران عن الايمان فيصغي اليه الشيخ بهدوء، ويتدرج بالاجابة عن اسئلته واحدا بعد الآخر، ويسأل حيران الجديد عن «الانسان» وعن «الاوطان» وعن نبوءات هذا «الزمان» وعن العبث الذي يجري في كل مكان، فترتد اسئلته اليه على شكل صدى لا يفهمه، واجوبة غامضة لا يستطيع التقاطها وحروف مبعثرة لا تصلح لتشكيل جملة مفيدة.
يتابع حيران اخبار الساعة، ثمة حروب تشتعل واخرى قادمة، ثمة زيارات لمسؤولين اجانب تجتاح المنطقة للتحشيد ضد الجيران، ثمة بلاد كثيرة تتغطى بجلباب الخوف، وثمة من يقايض على «المواقف».. ثمة قضية «كبرى» تقرر شطبها من «جدول» الاعمال الدولي، وثمة عالم عربي مفزوع يكاد يلفظ انفاسه الاخيرة.
ما يهم حيران، وسط كل هذه الاخبار المخجلة، هو الانسان؟ قصة الانسان العربي الذي تحول الى «ملطشة» هي التي احيت في قلب حيران اسئلة الواجبات والحقوق، اسئلة الدولة والمواطنة، اسئلة الحرية والخوف، الديمقراطية والاستبداد، والتنمية والفقر، التخلف والنهضة، الجهل والتعليم، وهي اسئلة «الوجود» على هذه الحياة كما يراها حيران الجديد، اسئلة الحاضر والمستقبل بالنسبة للانسان.. اي انسان.
ترى، من يستطيع ان يلتقط هواجس حيران وشكوكه او ان يأخذها - على محمل الجد - فيرد عليها بدون انفعال؟ من يستطيع ان يبددها ويعيد لهذا الشقي ما افتقده من امل وسكينة.. او ان يدله على طريق «اليقين» من يستطيع؟؟
الدستور