صفقة «الحرب» أيضًا
حسين الرواشدة
القبة نيوز-تلّوح واشنطن بالحرب ضد طهران، ثمة اساطيل حربية تحتشد في مياه الخليج، وتهديدات تتزامن مع عقوبات وشروط لتجنب اقتراب ساعة الصفر، وثمة على الجهة الاخرى رسائل مفخخة بالسياسة والنار: اغلاق باب المندب، وتخريب السفن، وقطع النفط، والضرب في كل اتجاه.
هل تصدقون ان الحرب قادمة، وهل من مصلحة واشنطن التي خرجت من كابوس الحروب الخارجية ان تسقط «الفزاعة» الايرانية التي تستخدمها لفرض الاتاوات السياسية والمالية، او ان تخوض حربا بالنيابة عن شعوب تتقاتل باسم الدين والمذهب، وتدفع الثمن من دمائها، ام ان ما يجري مجرد «تهويش» سياسي بعباءة عسكرية، والهدف منه هو عنوان آخر غير طهران، على قاعدة «اياك اعني واسمعي يا جارة» !
تاريخيا، ومنذ قيام الثورة الايرانية (1979) مرت الازمات التي طبعت العلاقة بين واشنطن وطهران، واولها « ازمة الرهائن في السفارة «، بكثير من التهديد والقليل من الفعل وصولا الى التفاهم، وهكذا ظل الفقية والشيطان الاكبر متفقين على ان لا يتفقوا، لكن في حدود تضمن لكل طرف اقل ما يمكن من تعاون وتفاهم وتقاسم للادوار والنفوذ في المنطقة.
منذ خروج العراق من المعادلة، ثم ما جرى بعد ذلك من سقوط للعواصم والحواضر العربية، وتفكك للنظام السياسي العربي، وقفت طهران تخاطب العالم من فوق برج «ميلاد»، فقد اصبحت حاضرة في خمس عواصم عربية، وتمددت بما يكفي لفرض «كلمتها « على المنطقة، ليس كشرطي في الخليج فقط، وانما كمشروع يتغلغل على امتداد هلال يحاصر المصالح الغربية والامريكية -تحديدا - في خطوط الغاز والنفط والممرات البحرية وبؤر التوتر و»الارهاب».
لا يسعد واشنطن -بالطبع - ان تمد طهران « لسانها « العلمي والنووي والعسكري بهذا الشكل، كما لا يسعدها ان ينافس مشروعها المشروع الصهيوني، خاصة بعد اجهاض المشروع العربي تماما، وانكفاء المشروع التركي، لكن في المقابل لا يوجد لدى واشنطن اي رغبة - حتى الان - في المجازفة باعلان الحرب على طهران، ولا حتى بقطع «اذرعتها» في المنطقة، هذا الخيار مكلف سياسيا وعسكريا، وربما يكون البديل هو الاستمرار في الحصار والعقوبات، او توجيه ضربات محددة لدفع طهران الى تعديل سلوكها، لكن دون الوصول الى خيار الصفر.
بوسعنا الان ان ندقق في المشهد بصورة اعمق، هنالك صفقة القرن التي تشهره واشنطن لاعادة ترتيب المنطقة وتتويج (اسرائيل) حاكما عليها، هنالك عالم عربي يقف بعضه متفرجا ( واحيانا متواطئا) بانتظار المفاجأة، وحدها طهران من يملك «الحيلة» للتعامل مع الحدث من موقع قوة وبمنطق الصفقة ذاتها، هنا يمكن فهم «التهديد» بالحرب من زاوية انضاج الصفقة، بحيث تتنازل طهران عن جزء من نفوذها الذي يمكن ان يشكل عائقا امام ما تريده واشنطن وتل ابيب، مقابل ضمان حصة لها في الكعكة، ربما يشكل غبار الحرب - ايضا - ما يلزم من تغطية لاقناع بعض الاطراف بالاقتراب من تل ابيب اكثر نكاية بطهران، او كعربون لواشنطن لابقاء طهران دائما تحت التهديد.
باختصار، طهران تحت التهديد هي الرسالة ( الهدية ان شئت ) التي تريد واشنطن ان تصل الى عالمنا العربي لاقناعه بتمرير الصفقة والقبول بها، في المقابل ستظل «مدافع» آيات الله جاهزة للرد على واشنطن وحلفائها قي اكثر من مكان، وعلى هذا تبدو معادلة الخاسرين والرابحين واضحة، نحن العرب نخسر دائما صفقة الحرب.
الدستور
هل تصدقون ان الحرب قادمة، وهل من مصلحة واشنطن التي خرجت من كابوس الحروب الخارجية ان تسقط «الفزاعة» الايرانية التي تستخدمها لفرض الاتاوات السياسية والمالية، او ان تخوض حربا بالنيابة عن شعوب تتقاتل باسم الدين والمذهب، وتدفع الثمن من دمائها، ام ان ما يجري مجرد «تهويش» سياسي بعباءة عسكرية، والهدف منه هو عنوان آخر غير طهران، على قاعدة «اياك اعني واسمعي يا جارة» !
تاريخيا، ومنذ قيام الثورة الايرانية (1979) مرت الازمات التي طبعت العلاقة بين واشنطن وطهران، واولها « ازمة الرهائن في السفارة «، بكثير من التهديد والقليل من الفعل وصولا الى التفاهم، وهكذا ظل الفقية والشيطان الاكبر متفقين على ان لا يتفقوا، لكن في حدود تضمن لكل طرف اقل ما يمكن من تعاون وتفاهم وتقاسم للادوار والنفوذ في المنطقة.
منذ خروج العراق من المعادلة، ثم ما جرى بعد ذلك من سقوط للعواصم والحواضر العربية، وتفكك للنظام السياسي العربي، وقفت طهران تخاطب العالم من فوق برج «ميلاد»، فقد اصبحت حاضرة في خمس عواصم عربية، وتمددت بما يكفي لفرض «كلمتها « على المنطقة، ليس كشرطي في الخليج فقط، وانما كمشروع يتغلغل على امتداد هلال يحاصر المصالح الغربية والامريكية -تحديدا - في خطوط الغاز والنفط والممرات البحرية وبؤر التوتر و»الارهاب».
لا يسعد واشنطن -بالطبع - ان تمد طهران « لسانها « العلمي والنووي والعسكري بهذا الشكل، كما لا يسعدها ان ينافس مشروعها المشروع الصهيوني، خاصة بعد اجهاض المشروع العربي تماما، وانكفاء المشروع التركي، لكن في المقابل لا يوجد لدى واشنطن اي رغبة - حتى الان - في المجازفة باعلان الحرب على طهران، ولا حتى بقطع «اذرعتها» في المنطقة، هذا الخيار مكلف سياسيا وعسكريا، وربما يكون البديل هو الاستمرار في الحصار والعقوبات، او توجيه ضربات محددة لدفع طهران الى تعديل سلوكها، لكن دون الوصول الى خيار الصفر.
بوسعنا الان ان ندقق في المشهد بصورة اعمق، هنالك صفقة القرن التي تشهره واشنطن لاعادة ترتيب المنطقة وتتويج (اسرائيل) حاكما عليها، هنالك عالم عربي يقف بعضه متفرجا ( واحيانا متواطئا) بانتظار المفاجأة، وحدها طهران من يملك «الحيلة» للتعامل مع الحدث من موقع قوة وبمنطق الصفقة ذاتها، هنا يمكن فهم «التهديد» بالحرب من زاوية انضاج الصفقة، بحيث تتنازل طهران عن جزء من نفوذها الذي يمكن ان يشكل عائقا امام ما تريده واشنطن وتل ابيب، مقابل ضمان حصة لها في الكعكة، ربما يشكل غبار الحرب - ايضا - ما يلزم من تغطية لاقناع بعض الاطراف بالاقتراب من تل ابيب اكثر نكاية بطهران، او كعربون لواشنطن لابقاء طهران دائما تحت التهديد.
باختصار، طهران تحت التهديد هي الرسالة ( الهدية ان شئت ) التي تريد واشنطن ان تصل الى عالمنا العربي لاقناعه بتمرير الصفقة والقبول بها، في المقابل ستظل «مدافع» آيات الله جاهزة للرد على واشنطن وحلفائها قي اكثر من مكان، وعلى هذا تبدو معادلة الخاسرين والرابحين واضحة، نحن العرب نخسر دائما صفقة الحرب.
الدستور