facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

الأردن: الاقتصاد «ينكمش» وعائدات الخزينة تتقلص ورهانات الحكومة «غير دقيقة»

الأردن: الاقتصاد «ينكمش» وعائدات الخزينة تتقلص ورهانات الحكومة «غير دقيقة»
القبة نيوز يلتقط 33 نائبا في البرلمان الأردني لحظة مواتية للضغط على الحكومة وإظهار خطأ حساباتها الرقمية عبر مذكرة تطالب بالتراجع عن قرار سابق بزيادة كبيرة للضرائب على السيارات الهجينة تحديدا والتي تعتمد على الكهرباء والمحروقات في الوقت نفسه. المذكرة التي ارسلت لرئيس المجلس عاطف طراونة تكشف عن الحقيقة الموجعة بالنسبة لوزير المالية عمر ملحس، حيث ان عوائد الخزينة من التخليص الجمركي على السيارات الهجينة تحديدا وفي الربع الأول من العام الحالي كانت صفرا، مع ان هذا النوع من السيارات وقبل رفع الضريبة عليه بنسبة تزيد على 300 في المئة أدخل للخزينة العام الماضي 400 مليون دينار. الفكرة هنا ان الحسابات الرقمية التي بنيت على أساسها الميزانية التي أقرها مجلس النواب أصلا اتضح مبكرا أنها خاطئة. ذلك نبأ سيئ جدا بالنسبة للوزير ملحس، لأنه يثبت وجهة نظر النواب الخبراء التي قاومها سابقا عندما حذرته من المبالغة في الحديث عن زيادة بنحو 900 مليون دينار على الأقل على بند الواردات للخزينة. ما تقوله المذكرة البرلمانية هنا وهي ترفع أصبعها في وجه وزير المالية هو أن الحكومة أخطأت في المعادلة. رغم ان الغرق في الأرقام يمكن ان يؤدي إلى تفسيرات سياسية حمالة أوجه، إلا ان أرقام الحكومة نفسها في بند الواردات للربع الأول من العام الحالي تقر بهذه الهزيمة الساحقة لمعادلة التصعيد الضريبي على أساس زيادة موارد الخزينة. النائب المخضرم ورئيس اللجنة المالية سابقا في مجلس النواب خليل عطية أحد أبرز الذين تبنوا المذكرة الجديدة حيث عاد لاستذكار ما قاله في هذا السياق عندما حذر من المبالغة في الحديث عن عوائد الاعتماد فقط على فكرة الزيادة في الضرائب. لم يوضح الوزير ملحس موقفه من هذه المفارقة، ولا رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي، لأن الفريق الاقتصادي للحكومة لا يريد الإقرار بخطأ الحسابات إلا إذا كان المقصود سياسيا وليس رقميا الالتزام الحرفي بمقررات وتوصيات صندوق النقد الدولي بصرف النظر عن نتائجها الفعلية على الأرض بخصوص عائدات الخزينة. تلك في رأي عطية ورفاقه مسألة أخرى. لكن الواضح وحسب نص المذكرة ان مجموعة من البرلمانيين يريدون الضغط على الحكومة جزئيا حتى تعالج الخطأ الذي اقترفته عندما اعتمدت في رسم خطتها المالية عموما على التصعيد الضريبي ورفع الأسعار ودورهما في زيادة واردات الخزينة العامة. يشرح النواب في مذكرتهم أسباب مطالبهم التي لا تقف عند خطأ الحسابات والوقائع الرقمية حيث لم تبع ولا سيارة واحدة من هذا النوع الذي ارتفعت جماركه في الربع الأول من العام الحالي مما يعني ان السوق ينكمش وان المواطن الأردني عندما ترتفع الضرائب والأسعار يحجم عن الإنفاق، وهو ما قاله خبير اقتصادي محنك سبق ان ترأس الطاقم الاقتصادي في حكومة الملقي نفسها من وزن الدكتور جواد العناني. المذكرة تتحدث عن معارض سيارات أغلقت وعن قطاع تجاري كامل تم توجيه ضربة قوية له وعن خسائر بالملايين لتجار السيارات تأثرت بها المناطق الحرة وبالتالي انخفضت توريداتها للخزينة من قطاع المتاجرة بالسيارات ليس فقط بسبب رفع ضريبة سيارات الهايبرد الهجينة من 12 إلى أكثر من 50 في المئة، ولكن أيضا بسبب الوصفة المالية العبقرية التي ربطت بين رسوم التخليص على السيارات وبين وزنها. ذهنية المحاسب وليس الفكر المالي هي التي اتضحت هنا حسب رئيس اللجنة المالية الأسبق في البرلمان يوسف القرنة الذي حاول مجددا التحدث للحكومة وعنها بالفارق الكبير بين التفكير بعقلية المحاسب والجابي وبين المنهج العلمي المالي الذي يستهدف توسيع آفاق التجارة والحركة والنمو الاقتصادي. كل ذلك والحكومة لا تقر بالخطأ مع ان غالبية رموز القطاع الخاص صرخت من البداية ضد وصفات التسعير المالي بالضرائب والرسوم التي يقترحها طاقم الوزير ملحس وكانت الصرخة على أساس يقول الخبراء انه يشكل أبسط تفكير في معادلة الاقتصاد والمال وهو انحسار عائدات الخزينة من بند الضرائب في حال رفع الضرائب والرسوم والأسعار. تلك أصلا كانت سياسة عقيمة كما ردد نقيب تجار المواد الغذائية خليل الحاج توفيق عدة مرات محذرا من ان إخراج القطاع التجاري من السوق بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطن لا يمكنه ان يكون حلا مفيدا لأي مشكلة. تبدو المعادلة عليه عقيمة هنا، لأن الفكرة التي استندت عليها فلسفة حكومة الملقي في الإصلاح الاقتصادي تتعلق بجمع مال سريع للخزينة وبأسرع وقت لخفض العجز. لإنجاز ذلك اختارت الحكومة رفع الضرائب والأسعار على كل شيء في قطاعي الخدمات والسلع فكانت النتيجة ان تضرر في التطبيق الأول حتى الآن قطاع تجارة السيارات وهو قطاع حيوي ومهم يكاد يخرج تماما من السوق ويتعرض حاليا لأزمة خانقة كما يؤكد التاجر الخبير في القطاع أكرم ابو الريش. ويبدو ان مبيعات المخازن الكبيرة في قطاع المواد الغذائية تقلصت عن المأمول مما يعني في النتيجة تقليص هوامش ضريبة المبيعات التي ترد للخزينة خلافا للتوسع في التهريب والتجارة غير الشرعية. موجة انحسار واردات الخزينة قد تطال فيروساتها قريبا قطاع الاتصالات وقد حذرت مسبقا من ذلك وزيرة الاتصالات مجد شويكة قبل ان يصر الرئيس الملقي شخصيا على تجاهل الأمر. المحصلة اليوم تسقط بالتدريج فكرة زيادة واردات الخزينة عبر التصعيد الضريبي ورفع الأسعار، وهي الفكرة التي تمأسست عليها خطوات الحكومة الخشنة في مجال ما تسميه بالإصلاح الاقتصادي. سقطت ذريعة مهمة في منطق الحكومة وثبتت عملية الحسابات والأرقام الخاطئة وغـيـر الاحـتــرافية فيما لم تعترف الحكومة بعد وتقر بالواقع حتى اللحظة على الأقل.
تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير