جذور الخير... الشيخ عودة عيد الرملة بني خالد رمز الصحراء وعبق الأصالة

القبة نيوز - جذور الخير تبقى متواصلة، وقطوفها دانية، تمتد عبر الأجيال لتشهد على أصالة الأرض ونقاء الإنسان. هكذا كان الشيخ عودة عيد الرملة بني خالد، شخصية مشبعة بالإنسانية، تنبض بعبق التاريخ الأصيل وعراقة البداوة المتجذرة في الصحراء الأردنية الطيبة.
لقد كان ـ رحمه الله ـ من طينة التراب النقي، يحمل في قلبه محبة الناس، وفي سلوكه أخلاق الفرسان وكبرياء الصحراء. رجل كريم، حكيم، شهم، شجاع، ذو نظرة ثاقبة وبصيرة نافذة، يزن الرجال بميزان العدالة والحق، ويقدرهم حق قدرهم، فكان أبًا وقائدًا وأخًا لكل من حوله.
نشأ الشيخ عودة في بيوت الشعر، حيث البساطة والصفاء، في بلدة الزعتري بالبادية الشمالية. هناك تشكلت ملامحه الأولى، وتربى على قيم النقاء والكرم والإيثار. عاش حياته قريبًا من هموم الناس وأوجاعهم، مساندًا لهم، رحيمًا متسامحًا، بعيدًا عن الأضواء والشهرة، مكتفيًا بالسمعة الطيبة والمكارم الأصيلة التي جعلها نهجًا في حياته.
لقد كان بيته مأوى للضعفاء والمساكين، وصوته نصيرًا للمظلوم، لا يعرف المهادنة في كلمة الحق. صديق الأقوياء وأخ الضعفاء، عطاؤه لا ينقطع وكرمه لا يجف، حتى غدا سيرته العطرة كالمسك الذي يفوح في ذاكرة الناس.
على الصعيد العملي، أمضى أبو محمد أحد عشر عامًا رئيسًا لمجلس قروي الزعتري، مؤسسًا حقيقيًا للبلدة، حيث نظم شوارعها، وجلب لها خدمات الصحة والتعليم والبريد والكهرباء والهاتف والنقل، وأسهم في بناء مؤسساتها والتخطيط لمستقبلها. لقد جعل من الزعتري نموذجًا في التنظيم والعمران والخدمات، فكان عطاؤه متجددًا لا يعرف التوقف.
ورغم رحيله، بقي الشيخ عودة حيًا في قلوب الناس، يذكرونه بصفاته الطيبة وإنجازاته التي ما زالت شاهدة للعيان. لقد سجل سجلًا مشرفًا في العمل الوطني المخلص، لأنه الأردني الحر الغيور المنتمي لأهله ووطنه.
واليوم، يواصل ابنه الشيخ محمد عودة (أبو هاني) المسيرة، ليحمل راية الطيب والكرم وخدمة الناس، شاهدةً على إرث عظيم تركه والده، وما زالت تذكره محافظة المفرق وأهالي الزعتري بالخير والوفاء.
رحم الله الشيخ عودة عيد الرملة بني خالد، وأسكنه فسيح جناته، وسيبقى اسمه خالدًا في ذاكرة الأوفياء، رمزًا للعطاء والكرم والشهامة، وأثرًا طيبًا لا يزول على مر العصور.