حالة الأنهار الجليدية تنذر بالخطر!

القبة نيوز- حذرت دراسة علمية حديثة من أن ذوبان الأنهار الجليدية يسهم في ارتفاع مستويات سطح البحر بمعدلات متسارعة. وأفاد فريق دولي من الباحثين بأن الأنهار الجليدية على الأرض تفقد كميات هائلة من الجليد، تصل إلى 273 مليار طن سنويًا، مما يؤدي إلى زيادة مستوى المحيطات بشكل ملحوظ.
وأظهرت الدراسة أن الأنهار الجليدية العالمية فقدت في المتوسط 5% من كتلتها، في حين تقلصت الأنهار الجليدية في أوروبا الوسطى بنسبة تقارب 40%. ومنذ عام 2000، تسبب هذا الذوبان في رفع مستوى سطح البحر العالمي بمقدار 1.8 سم، مما يجعل الأنهار الجليدية ثاني أكبر مساهم في ارتفاع منسوب المياه بعد المحيطات.
وبالمقارنة مع الصفائح الجليدية في غرينلاند وأنتاركتيكا، تُعد الأنهار الجليدية من أسرع الاحتياطيات الجليدية اختفاءً، حيث فقدت خلال الربع الأخير من القرن 18% أكثر من جليد غرينلاند، وأكثر من ضعف الكمية المفقودة في أنتاركتيكا.
ويؤكد العلماء أن هذه الظاهرة ستزداد سوءًا مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة العالمية. ووفقًا للدكتور صموئيل نوسباومر، عالم الجليد بجامعة زيورخ: "تشير التقديرات إلى أن فقدان الكتلة الجليدية سيستمر وربما يتسارع حتى نهاية القرن الحالي".
بقيادة خدمة مراقبة الأنهار الجليدية العالمية (WGS)، تعاون 35 فريقًا علميًا لجمع 233 تقديرًا للتغيرات في كتلة الأنهار الجليدية، مستندين إلى بيانات الأقمار الصناعية التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، بالإضافة إلى القياسات الميدانية. وأسفرت هذه الجهود عن صورة دقيقة لحجم وسرعة الذوبان على مستوى العالم.
وفي عام 2010، كانت الأنهار الجليدية تغطي مساحة 705,221 كيلومترًا مربعًا، وتحتوي على 121,728 مليار طن من الجليد. لكن بحلول عام 2023، خسرت هذه الأنهار 6,542 مليار طن من الجليد، بمعدل 237 مليار طن سنويًا، ما أدى إلى ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار 0.75 ملم سنويًا في المتوسط.
وأوضحت الدراسة أن ذوبان الأنهار الجليدية يسهم في ارتفاع مستوى سطح البحر أكثر من الصفائح الجليدية في غرينلاند أو أنتاركتيكا، حيث كانت زيادة حرارة المحيطات العامل الأكبر في هذه الظاهرة بين عامي 2000 و2023. وتشير الدكتورة إينيس دوسايان، عالمة الجليد بجامعة زيورخ، إلى أن "المناطق القطبية الشمالية والجنوبية هي المساهم الرئيسي في ارتفاع مستوى سطح البحر، حيث يأتي نحو ربع هذا الارتفاع من ألاسكا وحدها".
إذا استمر هذا الاتجاه، فإن المناطق الساحلية المنخفضة ستتعرض لخطر الفيضانات والعواصف. وأظهرت دراسة حديثة أجرتها جامعة نانيانغ التكنولوجية في سنغافورة أن مستوى سطح البحر قد يرتفع بمقدار 1.9 متر بحلول عام 2100 إذا لم يتم الحد من انبعاثات الكربون.
ولا يقتصر تأثير ذوبان الأنهار الجليدية على ارتفاع مستوى البحر فقط، بل يشكل أيضًا تهديدًا لإمدادات المياه العذبة، خاصة للمجتمعات في آسيا الوسطى وجبال الأنديز، حيث تتحكم الأنهار الجليدية في تدفق المياه خلال المواسم الجافة. وأشارت الدراسة إلى أن الأنهار الجليدية في جبال الأنديز الجنوبية فقدت 12.8% من كتلتها، بينما فقدت تلك في "آسيا الجبلية العالية" 8.8% منذ عام 2000.
ووفقًا للبروفيسور مايكل زيمب، قائد الدراسة، فإن "273 مليار طن من الجليد المفقود سنويًا تعادل استهلاك سكان العالم من المياه لمدة 30 عامًا، بمعدل 3 لترات للفرد يوميًا". ومع استمرار هذا الذوبان، يواجه العالم تهديدًا حقيقيًا بنضوب مصادر المياه العذبة، ما قد يؤثر على ملايين البشر في المستقبل.