facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

حسين المجالي يكتب : التعديلات الدستورية.. لماذا الان؟

حسين المجالي يكتب : التعديلات الدستورية.. لماذا الان؟
* تجاذبات او سجالات بين اطراف معادلة السلطات يدفع ثمنه الوطن والمواطن * التعديلات تُقرأ من زاوية أن العام الحالي لن ينتهي دون ان تكون هنالك انتخابات نيابية مُبكّرة أو في موعدها الدستوري * يجب تعظيم ايجابيات التعديلات الدستورية اذ انها تحضّر لترسيخ مبدأ الحكومات البرلمانية  القبة نيوز: ما زال طريق الإصلاح بحاجة إلى تعبيد ليكون سالكاً ولنتمكن من الوصول إلى المحطة النهائية، وهي التنمية السياسية والإجتماعية والإقتصادية الناجزة التي ستشكل القاعدة الراسخة للحكومات البرلمانية.  فالمصلحة الوطنية العليا تستدعي المحافظة على العنصر الأهم في معادلة الدولة الأردنية، وهو جلالة الملك بوصفه صمام أمان وضابطاً ومنظماً لمجمل أداء العملية الإصلاحية التي تجري في بلادنا. فالتعديلات الدستورية الأخيرة هي إستكمال لحلقة الإصلاح السياسي الذي نطمح إليه جميعا، وهي الضامن بأن يتواصل الانسجام والتناغم بين مؤسسات الدولة كافة، بحيث لا تتعارض أو تتنافر هذه الجهود وتتضارب على غرار ما حدث مؤخرا بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، لأن أية تجاذبات أو سجالات بين أطراف معادلة السلطات يدفع ثمنه الوطن والمواطن. إن التعديلات الدستورية التي تقدم بها مجلس الوزراء إلى مجلس النواب بصفة الاستعجال يمكن أن تقرأ من زاوية أن العام الحالي لن ينتهي دون أن تكون هناك انتخابات نيابية مبكرة أو في موعدها الدستوري، لكنها وإن كانت كذلك فإن من الممكن قراءتها على ما يطمح إليه جلالة الملك في ترسيخ مبدأ الحكومات البرلمانية وفي تلك الحال فإن هذه التعديلات هي ضمانة حقيقيّة في مجال التعيينات نحو عدم خضوعها للتجاذبات السياسية والحزبية والجهوية باعتبار ان اي حكومة برلمانية ستكون وفقا لنهج جديد.   من هذه الزاوية يمكن النظر إلى التعديلات الدستورية بإيجابية من منطلق إبعاد المؤسسات الأمنية والقضائية عن التأثر والتأثير في السياسة فكنّا أمام إضافة مريحة هي أن تتبع إدارة الدرك والمخابرات وقيادة الجيش إلى جلالة الملك، باعتبار جلالته يمثل الموقف المتوازن والموضوعي الخالي من شوائب السياسة التي غالباً ما تتدخل فيها الأهواء الحزبية والبرلمانية والاصطفافات السياسيّة. فإن كان لقوات الدرك مهام قريبة من مهام جهاز الأمن العام، إلا أن لها مهام أكثر تعقيدا وحساسية عندما يتعلق الأمر بالقضاء على الإرهاب. فهي قوات شبه عسكرية دورها القيام بإسناد جهاز الامن العام ومكافحة الارهاب والشغب وحماية المنشآت الحساسة وحفظ النظام العام. من هنا كان لا بد من أن يكون تعيين قائد الدرك بيد الملك حتى لا يكون هذا المنصب الحساس عرضة للتأثر والتأثير في السياسة بعد أن يترسخ مبدأ الحكومات البرلمانية. في الأيام الأخيرة، كان ثمة رأيان فيما يتعلق بإلغاء شرط الجنسية الأجنبية لتولي المناصب العليا، وإن كانت كل الآراء تحترم إلا أن الأردني الذي درس وتعلم في أوروبا وأمريكا ونال جنسيتها سواء بالزواج أو غير ذلك يبقى أردنيا وليس هناك معنى لحرمانه من حقه السياسي في تولي المناصب.   الكل يعرف أن واحدة من اشكاليات العرب بشكل عام عدم قدرتهم على الاندماج أو الانصهار الكامل في المجتمعات الأوروبية والأمريكية حتى ولو كانوا يحملون جنسيتها، فإن ولاءهم دائما يبقى إلى بلدانهم الأصلية، والأردني حاله كحال هؤلاء في ولائه للأردن وقيادته. ثم، هل من المعقول أن نتجاهل أصحاب خبرة وعلم ومعرفة لأنهم فقط يحملون جنسية أخرى؟ بالتأكيد ذلك ليس معقولا، وهذا بكل تأكيد ليس معناه توزير كل أصحاب الجنسيات الأجنبية أو تقليدهم مناصب، ففي مجتمعنا الكثير من أصحاب العلم والمعرفة والخبرة، وبغض النظر عن الجدل السياسي في هذا الشأن، الأهم في ذلك أن تكون سيادة القانون هي الفيصل.   ورغم معقولية ذلك وانسجامه مع حق المواطنة الاردنية، إلا انه من الضروري ان يتم التعامل بشكل مختلف مع بعض الجنسيات واليات الحصول عليها، بحيث يستثنى مزدوجو الجنسية الذين يؤدون قسم الولاء للدولة الثانية التي يحملون جنسيتها من تولي المناصب السيادية والحساسة مع عدم حرمانهم من خدمة وطنهم في مواقع اخرى. فمن يقسم على الاخلاص للملك والوطن الاردني, يجب ان لا يكون قد ادى قسما مماثلا لدولة ثانية. أما ما يتعلق بالقضاء، فإن الكثير من المطالبات السابقة بربط تعيين رؤساء السلطات القضائية بجلالة الملك، تعزى لاستقلاية الجهاز الأهم في المملكة، وإبعاده عن مزاجية رؤساء الحكومات وتأثير الحكومات. إن تعديل رئاسة مجلس النواب، لتصبح عامين بدلا من عام واحد من شأنه أن يساهم في استقرار اللجان ومن شأنه أن يزيد من الانتاجية والمهنية عندما يُعطى لرئيس المجلس واللجان النيابية مدة كافية لتنفيذ برامجها والاطلاع عن كثب على العطاءات التي تُعنى بها، ومن شأنه أن يقلل من جهد خوض الانتخابات بما فيها من شد وتنافس قد تؤثر على سير العمل داخل المؤسسة التشريعية.   أما التعديل الدستوري المتعلق بأن تستمر الحكومة في حال وفاة رئيس الوزارء، فهو تعديل في غاية الأهمية، ومن شأنه أن يبعد المملكة عن عنصر المفاجأة بشغور منصب الرئيس، وهو المنصب الذي يحتاج من صاحب القرار لاجراء مشاورات وما إلى ذلك لاختيار خلف للرئيس المتوفي، كما ومن الممكن أن يكون جلالة الملك خارج البلاد إن قضى أمر الله بوفاة رئيس الوزراء.   على الرغم من أن هناك بعض المعارضين للتعديلات الدستورية، فإن المدقق فيها يجد الكثير من الايجابيات التي يجب تعظيمها وعلى الأخص أنها تحضير وتأسيس لما يطمح به جلالة الملك من ترسيخ مبدأ الحكومات البرلمانية. فالوقت حان لتشكيل مثل هذه الحكومات لا سيما وقد اصبحنا على ابواب انتخابات برلمانية جديدة ستجري وفق قانون عصري جديد من المؤمل ان يفرز برلمانا قادرا على ترسيخ وتجذير فكرة الحكومات البرلمانية. كما ان التعديلات تاتي في وقتها لجهة فصل المؤسسات الامنية والقضائية عن معتركات السياسة وتجذاباتها.
تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير