تقرير: الاقتصاد العالمي لم يتباطأ بما يكفي لانهيار أسعار النفط
القبة نيوز- عانتْ سوق النفط من عمليات بيع شرسة هذا الأسبوع، مما أثار القلق بشأن تكرار دورة الازدهار والكساد لعام 2008. ففي ذلك الوقت، قفز خام برنت إلى مستوى قياسي بلغ نحو 150 دولاراً للبرميل في يوليو، إلا أنه أنهى العام دون 40 دولاراً مع تفاقم الأزمة المالية العالمية. لكن هذه المرة، يتعارض الضعف في السوق النفطي المالي مع سوق الخام الفعلي القوي.
من حيث القيمة المطلقة، كان الانخفاض الذي سُجِّل يوم الثلاثاء بقيمة 10.73 دولار للبرميل ليوم واحد هو ثالث أكبر انخفاض منذ إطلاق سوق العقود الآجلة لنفط برنت في عام 1988. وحتى لو كان الانخفاض بنسبة 9.45% فقط من حيث النسبة المئوية، فقد احتل المرتبة العشرين في أكبر انخفاض خلال جلسة تداول واحدة، وقد كان محطِّماً لأعصاب المضاربين على ارتفاع النفط. كما امتدت الخسائر يوم الأربعاء مع انخفاض خام برنت إلى ما دون 100 دولار للبرميل، بانخفاض 17% عن ذروة بلغت 122 دولاراً قبل شهر تقريباً.
آفاق النفط
مما لا شك فيه أن آفاق النفط للأشهر المقبلة وحتى عام 2023 قد تدهورت خلال الشهر الماضي أو نحو ذلك. ومن المحتمل أن تكون أوروبا في حالة ركود، وصحة قاطرتها الاقتصادية الألمانية معرضة للخطر بسبب ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي والكهرباء. كما أنَّ احتمال تقنين الطاقة هذا الشتاء في القارة أمرٌ حقيقي للغاية. في الوقت نفسه، بدأت أسعار وقود التجزئة المرتفعة في التأثير على نمو الطلب على النفط، وذلك كما هو واضح من خلال مبيعات البنزين الأولية في الولايات المتحدة خلال عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة ليوم الاستقلال.
كذلك أصبحت صورة العرض مشرقة قليلاً؛ حيث انخفض إنتاج النفط الروسي بأقل من المتوقع، وألمحت واشنطن إلى أنها غير مهتمة بدفعه إلى الانخفاض.
هذا وحده من شأنه أن يُبرِّر تصحيح السعر؛ إلا أنَّ التباطؤ الاقتصادي يجب أن يُثبت أنّه أكثر حدة بكثير لدفع خام برنت إلى ما دون 80 دولاراً إلى 90 دولاراً للبرميل بشكل مستدام، ناهيكم عن السعر البالغ 65 دولاراً الذي اقترحته بعض البنوك. وما تزال هناك جاذبية قوية عند الرقم التقريبي 100 دولار.
أكبر الرابحين
كان النفط أحد أكبر الرابحين خلال النصف الأول من العام للعديد من المستثمرين، وقد استفاد البعض منهم مع بدء النصف الثاني، مستخدمين أرباح السلع لتغطية الخسائر في أسواق الأسهم والسندات.
في الوقت الحالي على الأقل، ما يزال السوق الفعلي قوياً. حيث عزّز تحالف "أوبك+" الإنتاج إلى ما يقرب من الحد الأقصى، مع كون المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة الوحيدتين القادرتين على زيادة الإنتاج أكثر. في الوقت نفسه، يتعافى الطلب الصيني على النفط بسرعة من عمليات الإغلاق في أبريل ومايو. كما تزدحم طرق شنغهاي مرة أخرى.
يعود السبب وراء عدم كون سوق النفط الفعلي أكثر ضيقاً إلى أن واشنطن تبيع كميات ضخمة من النفط الخام من احتياطياتها البترولية الاستراتيجية، وتضع حداً للأسعار. وعند حوالي مليون برميل في اليوم، تكون المبيعات أكبر من إنتاج بعض دول أوبك. إلا أن هذا الإفراج عن الكميات سينتهي إما بحلول أكتوبر، أو سيتم تقليل حجمه.
مكائد موسكو
علاوةً على ذلك، يمكن لروسيا تسليح صادراتها النفطية - أو صادرات كازاخستان المجاورة - في أي يوم، مما يُقلّل الإمدادات لسوق الطاقة العالمي الجائع. ويبدو أن مستثمري النفط غافلين عن المكائد في موسكو، تماماً كما كان الحال في سوق الغاز في أبريل ومايو وأوائل يونيو. ففي ذلك الوقت، انخفضت العقود الآجلة للغاز الطبيعي في أوروبا إلى أقل من 100 يورو (101 دولار) لكل ميغا واط / ساعة، وتحدث البعض عن زيادة العرض. لكن منذ ذلك الحين، خفّضت روسيا بشكل حاد صادرات الغاز إلى ألمانيا والنمسا وإيطاليا والعديد من الدول الأخرى في أوروبا. وفي يوم الثلاثاء، قفزت أسعار الغاز الأوروبية إلى 175 يورو. كما أن افتراض أن روسيا لن تستخدم صادراتها النفطية في حرب اقتصادية هو تجاهل لكل ما حدث حتى الآن هذا العام في سوق الطاقة.
وبينما بيعت أسواق المشتقات النفطية بأسعار أخفض يوم الثلاثاء، صمدت أسواق الخام الفعلية بشكل جيد. حيث تُباع أصناف النفط الخام من بحر الشمال والبحر الأبيض المتوسط وغرب أفريقيا بسعر قياسي، أو قريب من الارتفاع القياسي، مقابل سعر خام برنت القياسي. وفي مثال آخر على القوة، حدّدت أرامكو السعودية سعر البيع الرسمي لخامها العربي الخفيف الرائد إلى شمال غرب أوروبا بعلاوة قياسية عالية على خام برنت. وبالنسبة لآسيا، أكبر أسواقها، سجّل السعر ثاني أعلى مستوى على الإطلاق.
عقود النفط القريبة
على الرغم من عمليات البيع، ما تزال الهوامش الزمنية للنفط قوية للغاية. كما تستمر عقود النفط القريبة في التداول بعلاوة كبيرة على العقود للتسليم في وقت لاحق. فضلاً عن ذلك، فإن منحدر المنحنى الهابط، المعروف باسم التراجع، هو السمة المميزة لسوق النفط الفعلي الضيق للغاية. فعند حوالي 4 دولارات للبرميل، يكون التراجع في الشهر الأقرب والشهر الذي يليه بالقرب من أقوى مستوياته على الإطلاق. وبالعودة إلى يوليو 2008، كانت الفوارق الزمنية للنفط في الحالة المعاكسة: حيث السعر الفوري للسلعة أقل من السعر الآجل، والبراميل الفورية بسعر مخفض للعقود الآجلة، وهي علامة على زيادة العرض في السوق.
فلماذا انخفضت أسعار النفط كثيراً يوم الثلاثاء؟ السيولة في العقود الآجلة لأسواق النفط ضعيفة للغاية، مما يجعلها عرضة لأي شخص يُلغي مركزاً كبيراً أو يبيع العقود الآجلة، وكلاهما حدثا هذا الأسبوع. وخلال الصيف، من المحتمل أن يكون هناك العديد من صفقات التحوط الكبيرة للمنتجين، بما في ذلك الصفقة السنوية التي تستخدمها الحكومة المكسيكية لتأمين الأسعار للعام التالي. وفي يوم الثلاثاء، أفاد متداولو النفط بأن بنوك وول ستريت تشتري خيارات طرح لعام 2023 بحجم كبير - على الأرجح إشارة إلى أن عميلاً كبيراً كان في السوق للتحوط من أسعار النفط. لذلك لا تسيئوا تفسير انخفاض الأسعار في يوم من الأيام على أنه يُنذِر بتخفيف الضغط الذي دفع برنت للارتفاع بأكثر من 50% في العام الماضي.
"asharqbusiness"
من حيث القيمة المطلقة، كان الانخفاض الذي سُجِّل يوم الثلاثاء بقيمة 10.73 دولار للبرميل ليوم واحد هو ثالث أكبر انخفاض منذ إطلاق سوق العقود الآجلة لنفط برنت في عام 1988. وحتى لو كان الانخفاض بنسبة 9.45% فقط من حيث النسبة المئوية، فقد احتل المرتبة العشرين في أكبر انخفاض خلال جلسة تداول واحدة، وقد كان محطِّماً لأعصاب المضاربين على ارتفاع النفط. كما امتدت الخسائر يوم الأربعاء مع انخفاض خام برنت إلى ما دون 100 دولار للبرميل، بانخفاض 17% عن ذروة بلغت 122 دولاراً قبل شهر تقريباً.
آفاق النفط
مما لا شك فيه أن آفاق النفط للأشهر المقبلة وحتى عام 2023 قد تدهورت خلال الشهر الماضي أو نحو ذلك. ومن المحتمل أن تكون أوروبا في حالة ركود، وصحة قاطرتها الاقتصادية الألمانية معرضة للخطر بسبب ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي والكهرباء. كما أنَّ احتمال تقنين الطاقة هذا الشتاء في القارة أمرٌ حقيقي للغاية. في الوقت نفسه، بدأت أسعار وقود التجزئة المرتفعة في التأثير على نمو الطلب على النفط، وذلك كما هو واضح من خلال مبيعات البنزين الأولية في الولايات المتحدة خلال عطلة نهاية الأسبوع الأخيرة ليوم الاستقلال.
كذلك أصبحت صورة العرض مشرقة قليلاً؛ حيث انخفض إنتاج النفط الروسي بأقل من المتوقع، وألمحت واشنطن إلى أنها غير مهتمة بدفعه إلى الانخفاض.
هذا وحده من شأنه أن يُبرِّر تصحيح السعر؛ إلا أنَّ التباطؤ الاقتصادي يجب أن يُثبت أنّه أكثر حدة بكثير لدفع خام برنت إلى ما دون 80 دولاراً إلى 90 دولاراً للبرميل بشكل مستدام، ناهيكم عن السعر البالغ 65 دولاراً الذي اقترحته بعض البنوك. وما تزال هناك جاذبية قوية عند الرقم التقريبي 100 دولار.
أكبر الرابحين
كان النفط أحد أكبر الرابحين خلال النصف الأول من العام للعديد من المستثمرين، وقد استفاد البعض منهم مع بدء النصف الثاني، مستخدمين أرباح السلع لتغطية الخسائر في أسواق الأسهم والسندات.
في الوقت الحالي على الأقل، ما يزال السوق الفعلي قوياً. حيث عزّز تحالف "أوبك+" الإنتاج إلى ما يقرب من الحد الأقصى، مع كون المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة الوحيدتين القادرتين على زيادة الإنتاج أكثر. في الوقت نفسه، يتعافى الطلب الصيني على النفط بسرعة من عمليات الإغلاق في أبريل ومايو. كما تزدحم طرق شنغهاي مرة أخرى.
يعود السبب وراء عدم كون سوق النفط الفعلي أكثر ضيقاً إلى أن واشنطن تبيع كميات ضخمة من النفط الخام من احتياطياتها البترولية الاستراتيجية، وتضع حداً للأسعار. وعند حوالي مليون برميل في اليوم، تكون المبيعات أكبر من إنتاج بعض دول أوبك. إلا أن هذا الإفراج عن الكميات سينتهي إما بحلول أكتوبر، أو سيتم تقليل حجمه.
مكائد موسكو
علاوةً على ذلك، يمكن لروسيا تسليح صادراتها النفطية - أو صادرات كازاخستان المجاورة - في أي يوم، مما يُقلّل الإمدادات لسوق الطاقة العالمي الجائع. ويبدو أن مستثمري النفط غافلين عن المكائد في موسكو، تماماً كما كان الحال في سوق الغاز في أبريل ومايو وأوائل يونيو. ففي ذلك الوقت، انخفضت العقود الآجلة للغاز الطبيعي في أوروبا إلى أقل من 100 يورو (101 دولار) لكل ميغا واط / ساعة، وتحدث البعض عن زيادة العرض. لكن منذ ذلك الحين، خفّضت روسيا بشكل حاد صادرات الغاز إلى ألمانيا والنمسا وإيطاليا والعديد من الدول الأخرى في أوروبا. وفي يوم الثلاثاء، قفزت أسعار الغاز الأوروبية إلى 175 يورو. كما أن افتراض أن روسيا لن تستخدم صادراتها النفطية في حرب اقتصادية هو تجاهل لكل ما حدث حتى الآن هذا العام في سوق الطاقة.
وبينما بيعت أسواق المشتقات النفطية بأسعار أخفض يوم الثلاثاء، صمدت أسواق الخام الفعلية بشكل جيد. حيث تُباع أصناف النفط الخام من بحر الشمال والبحر الأبيض المتوسط وغرب أفريقيا بسعر قياسي، أو قريب من الارتفاع القياسي، مقابل سعر خام برنت القياسي. وفي مثال آخر على القوة، حدّدت أرامكو السعودية سعر البيع الرسمي لخامها العربي الخفيف الرائد إلى شمال غرب أوروبا بعلاوة قياسية عالية على خام برنت. وبالنسبة لآسيا، أكبر أسواقها، سجّل السعر ثاني أعلى مستوى على الإطلاق.
عقود النفط القريبة
على الرغم من عمليات البيع، ما تزال الهوامش الزمنية للنفط قوية للغاية. كما تستمر عقود النفط القريبة في التداول بعلاوة كبيرة على العقود للتسليم في وقت لاحق. فضلاً عن ذلك، فإن منحدر المنحنى الهابط، المعروف باسم التراجع، هو السمة المميزة لسوق النفط الفعلي الضيق للغاية. فعند حوالي 4 دولارات للبرميل، يكون التراجع في الشهر الأقرب والشهر الذي يليه بالقرب من أقوى مستوياته على الإطلاق. وبالعودة إلى يوليو 2008، كانت الفوارق الزمنية للنفط في الحالة المعاكسة: حيث السعر الفوري للسلعة أقل من السعر الآجل، والبراميل الفورية بسعر مخفض للعقود الآجلة، وهي علامة على زيادة العرض في السوق.
فلماذا انخفضت أسعار النفط كثيراً يوم الثلاثاء؟ السيولة في العقود الآجلة لأسواق النفط ضعيفة للغاية، مما يجعلها عرضة لأي شخص يُلغي مركزاً كبيراً أو يبيع العقود الآجلة، وكلاهما حدثا هذا الأسبوع. وخلال الصيف، من المحتمل أن يكون هناك العديد من صفقات التحوط الكبيرة للمنتجين، بما في ذلك الصفقة السنوية التي تستخدمها الحكومة المكسيكية لتأمين الأسعار للعام التالي. وفي يوم الثلاثاء، أفاد متداولو النفط بأن بنوك وول ستريت تشتري خيارات طرح لعام 2023 بحجم كبير - على الأرجح إشارة إلى أن عميلاً كبيراً كان في السوق للتحوط من أسعار النفط. لذلك لا تسيئوا تفسير انخفاض الأسعار في يوم من الأيام على أنه يُنذِر بتخفيف الضغط الذي دفع برنت للارتفاع بأكثر من 50% في العام الماضي.
"asharqbusiness"