تحديات جائحة كورونا تلقي بظلالها على المشهد الثقافي
القبة نيوز- يتوارى عام 2020 في الاردن مخلفًا وراءه ظلالًا القت بها جائحة كورونا على المشهد الثقافي في المملكة، وفاقمت من التحديات التي يواجهها الوسط الثقافي والفني، إذ فرض الانتشار الواسع للفيروس في العديد من دول العالم ومنها الاردن واقعًا وتحديًا جديدًا دفع المؤسسات
والأفراد لابتكار طرق ووسائل جديدة تمكنهم من المواءمة بين سلامة الأفراد واستمرارية الأعمال بوتيرة أقل.
وفي الأردن، كما في دول العالم، اضطر عدد من الفاعليات الثقافية والفنية منذ النصف الثاني من آذار الماضي إلى اللجوء للحلول التقنية الحديثة عبر منصات الوسائط الرقمية لاستدامة فعالياتها ونشاطاتها وتواصلها مع الجمهور وكانت الابرز محليًا واتخذت وزارة الثقافة الدور الريادي في ذلك، فيما تعطلت نشاطات اخرى لم تستطع التغلب على تحدياتها خصوصًا تلك التي تعاني من ضعف الإمكانيات ونخبوية الجمهور وفي مقدمتها تلك التي تعنى بالفنون الابداعية الكتابية؛ فغابت الأمسيات القصصية والشعرية والندوات النقدية والفكرية بشكل عام. فيما شهد الربع الأول من العام الحالي العديد من الفعاليات أسهمت فيها معظم الفاعليات الثقافية، وكان أبرزها احتضان الأردن لفعاليات مهرجان المسرح العربي بدورته 12 (دورة عمان) والذي افتتح في 11 كانون الثاني الماضي على مسرح قصر الثقافة في مدينة الحسين للشباب بعمان، بتنظيم من الهيئة العربية للمسرح بالتعاون مع وزارة الثقافة ونقابة الفنانين الأردنيين وبمشاركة عروض مسرحية من 9 دول عربية شقيقة وما يزيد على 650 مسرحيًا واعلاميًا اردنيًا وعربيًا، وقدمت فعالياته على مسارح مركز الحسين الثقافي والمركز الثقافي الملكي بعمان.
وعلى صعيد العروض السينمائية أطلقت الهيئة الملكية الأردنية للأفلام عروض مهرجان الاسماعيلية الدولي للافلام التسجيلية والقصيرة في بداية شباط الماضي على شاشة مسرح الرينبو بعمان، وأسبوع أفلام المرأة بتنظيم من هيئة الأمم المتحدة للمرأة والهيئة الملكية الأردنية للأفلام في دورته الثامنة في شهر آذار الماضي، واسبوع الافلام الوثائقية بتنظيم الهيئة الملكية الاردنية للافلام بالشراكة مع مهرجان "PriMed" الدولي للأفلام الوثائقية، والريبورتاج من منطقة البحر المتوسط في ذات الشهر، فيما شهد فيلم "سلام" للمخرجة الاردنية الشابة زين الدريعي الفائز بجائزة مهرجان الجونة الذهبية لأفضل فيلم عربي قصير، حضورا مميزا في المهرجانات الاقليميمة والدولية.
وفي مجال الموسيقا والغناء أحيت فرقة (دارة) ومجموعتها الموسيقية أمسية فنية غنائية وموسيقية في كانون الثاني الماضي في منتدى عبدالحميد شومان. وفي الشهر ذاته أحيت فرقة المعهد الوطني للموسيقا امسية غنائية على مسرح مركز الحسين الثقافي بعمان والذي كان باكورة الامسيات الموسيقية للمعهد في العام الحالي، وحالت الجائحة دون إتمام المعهد لبرنامج فعالياته الفنية، فيما قدمت فرقة صالون الاتحاد للموسيقا الشرقية حفلا موسيقا في شباط الماضي. وعلى مسرح حليم السلفيتي بعمان، قدمت أوركسترا حجرة الاتحاد في مستهل آذار الماضي على المسرح الرئيس بالمركز الثقافي الملكي بعمان، حفلا موسيقيا استعادت فيه أعمال المؤلفين الأردني عامر ماضي والعالمي بيتهوفن.
وعلى صعيد النشر، ورغم تراجع مبيعات الكتب بسبب تداعيات كورونا والاجراءات الاحترازية التي وضعتها الحكومة وإلغاء معرض عمان الدولي للكتاب لهذا العام، إلا أن دور النشر الاردنية استطاعت الابقاء على حركة النشر واستقطاب عدد كبير من الكتاب والمبدعين العرب لنشر إبداعاتهم ومؤلفاتهم من خلالها.
وعلى صعيد الفنون التشكيلية كانت من أبرز الفعاليات افتتاح معرض الزهور الاحتفالي في المتحف الوطني للفنون الجميلة في آذار الماضي، ومع دخول المشهد في تداعيات الجائحة في النصف الثاني من آذار الماضي، والتي احدثت إرباكا لمختلف الفعاليات الثقافية، أدى ذلك لاعادة برمجة نالشاطات الوزارة وفعالياتها وفق تصورات دفعتها للجوء الى المنصات الالكترونية، في الوقت الذي توقفت هيئات ثقافية عديدة عن تنفيذ برامجها ونشاطاتها.
وكان من ابرز المؤسسات التي استطاعت الصمود ومواجهة هذه التحديات وابتكار حلول وافكار ابداعية استطاعت من خلالها التعامل مع ظروف الجائحة سيما في مرحلة الحظر؛ الهيئة الملكية الأردنية للافلام وكانت رائدة في اجتراح الافكار إذ اطلقت مسابقتين للافلام القصيرة؛ "متر وأبعد" على المستوى المحلي، و"في الحجر مواهب" وموضوعها مرتبط بالفن في مواجهة كورونا وبمشاركة عربية، تلتها مؤسسة عبدالحميد شومان التي باشرت فعالياتها المختلفة والمتنوعة من مسابقات وامسيات وندوات وعروض أفلام وتوفير المكتبة الالكترونية لروادها على منصات التواصل الاجتماعي وعبر وسائط الاتصال المرئي. ومع الانفتاح التدريجي سارعت العديد من الفاعليات الثقافية والفنية للتأقلم مع الظروف المستجدة ضمن الاشتراطات الصحية التي وضعتها الحكومة، ومنها المتحف الوطني الاردني للفنون الجميلة الذي نظم معرضًا للفن الافريقي المعاصر في صالاته بعمان خلال شهر تموز الماضي، كما نظمت في تشرين الثاني الماضي بالتعاون مع سفارة جمهورية كوريا الجنوبية في الأردن ومؤسسة "المسافة الفاصلة" في سنغافورة، الدورة الرابعة لمهرجان فن الوسائط الحديثة 2020 تحت عنوان: "البجعة السوداء: مستقبل لا يمكن التنبؤ به".
وفي شهر آب الماضي انطلقت فعاليات مهرجان عمّان السينمائي الدولي – أوّل فيلم في ظروف استثنائية وهو الأّوّل من نوعه يُنظّم في سينما للسيارات (درايف-ان) في الأردن والمنطقة، لإتاحة الوصول لأكبر عدد من محبي الأفلام، علاوة على المنصات الرقمية، فيما تم إختيار فيلم "00 متر"، إخراج وكتابة أمين نايفة، لتمثيل المملكة رسميّا عن فئة الأفلام الطويلة الدولية لسنة 2021 لجوائز الأوسكار في دورتها الـ 93.
وفيما لجأت المراكز والمعاهد الثقافية الاجنبية للفضاء الالكتروني في تنفيذ عدد من نشاطاتها الفنية والثقافية خلال فترة الحظر، أطلقت هيئة المعاهد الثقافية الاوروبية مهرجان الفيلم الاوروبي في دورته الــ32 خلال ايلول الماضي على شبكة الانترنت.
كما انطلقت فعاليات الدورة 9 لمهرجان عمان جاز خلال شهر تشرين الثاني الماضي عبر الانترنت بتنظيم شركة أورانج ريد وتمويل من الاتحاد الأوروبي، وهيئة المعاهد الثقافية الأوروبية في الأردن والمعهد الثقافي الفرنسي وبالشراكة مع أمانة عمان الكبرى، ومؤسسة محمد وماهر ابو غزالة.
وأطلقت جمعية تجلى للموسيقا والفنون مهرجان الغناء التراثي من الشباب والاطفال خلال شهر تشرين الثاني الماضي عبر صفحتها على فيسبوك وقناتها على يوتيوب، فيما اختتم مهرجان كرامة لأفلام حُقوق الإنسان في دورته الحادية عشرة عبر منصات المهرجان على مواقع التواصل الاجتماعي أبرز فعاليات العام الحالي 2020. وعلى صعيد العروض المسرحية الخاصة قدمت المخرجة الدكتورة مجد القصص عرضا مسرحيا بعنوان "إلا أنت" في تشرين الثاني الماضي على المسرح الرئيس بالمركز الثقافي الملكي لتختتم العروض المسرحية لهذا العام بمسرحية "بكرة وبعد" للمخرج الدكتور عبدالسلام قبيلات والتي عرضت في 27 كانون الاول الحالي على مسرح الشمس، وضمن الاشتراطات الصحية التي وضعتها الحكومة لينسدل ستار العام على المشهد الثقافي بعد ان راكمت الجائحة من معاناة أبناء هذا الوسط واثقلت عليه من تراكمات.
--(بترا)