facebook twitter Youtube whatsapp Instagram nabd

منحةٌ في قلب محنةٍ

منحةٌ في قلب محنةٍ

د. ربيع خالد الفرجات

القبة نيوز-"الكورونا" لعنة السماء في أعين الكثير، والموت المترقب بالأرواح، بات كابوساً يؤرق هواجس المفكرين والمحللين أينما ولينا وجهنا، ولعلنا لا نرى إشراقةَ القدر في هذا الابتلاء كما لا يرى من في حُلْكة الدجى النصف الآخر المشرق من الأرض.


نقّلت بصري وفكري في كتابات كثيرة وجُلْتُ فيها، فمُعْطٍ لرأيه وناقدٍ لغيره، فمنها ما قارب الحقيقة ولامسها ومنها من خُيّل لصاحبها أنه يكتب سيناريو لفيلم خيالي، ومنهم من طاردته نظرية شبح المؤامرة فأراد للجميع أن يكون تحت عباءتها.

ورأيتُ اليوم أن أُدْلِيَ بدلوي في هذا المُصاب متأدباً أمام قدر أراده الله، وأن ننظر في هذه المحنة على أنها في بعضها منحة.

فالمساجد أُغلقت وصدحَ بكاءُ مَن تعلّقت قلوبُهم بممشاها ومسراها، فعادوا إلى بيوتهم لينفضوا الغبار عن مصاحف رُكنت على أرفف البيوت طويلاً وكفكفت عن قلوبهم ما ألَمّ بها من هَمٍّ وحزن. وتحلّق أهلهم من حولهم يرددون كلام الله جازماً لهم أنْ بعد عسرِ يسرا، فطاب جمعهم وحفّت ملائكة الرحمن مجلسهم.

كما أكسب هذا المُصاب المؤسسة التعليمية خبرةً ما كانت لتكون حاضرة لولا هذا الجلل، فانتظم الطلبة من بيوتهم دون نشيد وطني معلنين هم هذا النشيد بانتظامهم وحرصهم مدركين أن العلم هو سفينة النجاة وشريان الحياة.

ونُلقي نظرة في ردهات المستشفيات التي اكتظت بالمرضى متعلقين بأملٍ في طبيب على يديه شفاؤهم بإذن الله، فما خيّبوا أملاً عُلق بهم، وما نكثوا قسماً أخذوه على أنفسهم ببذل قُصارى جَهدهم ووقتهم في خدمة البشرية، مستعينين بملائكة الرحمة الذين ما عرفوا طعم النوم تاركين أهلهم وبيوتهم.

وكم سُرّ القلب حين رأى أبهى صور التكافل بين أفراد هذا الشعب الكريم، فتسابقوا في الخيرات والعطاء فهذا يرفضُ أخذَ أجرة بيته، وذاك سدّ دَيناً ما طاق صاحبُه له حملاً، وهذا غوْرُنا سلة الخيرات وقف وِقْفةَ عزٍّ وإباء فمدّ الأردن بغَلّتِه وكان السخاء عنوان.

ورأيتُ ثَمّ رأيتُ في عِطاف هذه المحنة منحةً عظيمة إذ أبو الحسين قائدنا، الذي اختار فأحسن الاختيارَ وجعل لكل مكانٍ رجلَه المناسب، فرأينا كيف تظافرت جهود المؤسسات المدنية والعسكرية، وكيف وقف رجالات الأردن على قلب رجل واحد: قلبِ عبد الله الثاني، فكان خير قائد لخير شعب وخير وطن، وسلّم الله هؤلاء جميعاً من كل سوء ورفع عنهم البلاء وأعاد ضحكات الأطفال ولعبهم في ربوع الأردن ليعلو علمه فوق هذه الأرض المباركة.

تابعوا القبة نيوز على
 
جميع الحقوق محفوظة للقبة نيوز © 2023
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر ( القبة نيوز )
 
تصميم و تطوير