الملف الاقتصادي أم السياسي؟
د. ابراهيم سيف
القبة نيوز-يبدو أن الجدل حول أي الملفات يجب أن يعالج أولا السياسي أم الاقتصادي، لم يعد ملفا محليا، بل بات إقليميا، فمؤتمر البحرين، وكما أشيع، سيناقش الأبعاد الاقتصادية وسبل تحسين مستوى المعيشة في عدد من الدول العربية ذات الصلة المباشرة بتطورات ما يوصف بـ صفقة القرن ، وهذا بكلمات أخرى ما كان يتم المناداة به على الدوام بـ السلام الاقتصادي .
وللتذكير، فهذا ليس جديدا إطلاقا، ومنطق هذه الحجة يقوم على أن تحقيق تقدم في المجال الاقتصادي، يعني تحسنا في مستوى المعيشة، واستعادة للأمل في منطقة حبلى بالخلافات والنزاعات، ولم تشهد بريقا من الأمل منذ سنوات، ومن شأن تنفيذ عدد من المشاريع في المنطقة تأخذ البعد الإقليمي تعزيز مبدأ الاعتمادية المتبادلة ، وبهذا تتشكل شبكة من المصالح الناشئة في المنطقة، وهذه الشبكة هي التي ستدافع عن عملية السلام، وستصبح فاعلة لتحقيق السلام المنشود والمفقود منذ عقود بسبب غياب تلك المصالح ومن يدافع عنها.
في الحقيقة، كانت هذه وجهة نظر الرئيس الإسرائيلي الراحل شيمون بيريس عندما انطلقت عملية السلام بعد اتفاقية أوسلو، وعلى ذلك الأساس، نظمت اجتماعات متتالية في العديد من العواصم العربية منها عمان والقاهرة ومراكش، واعتبرت في حينه تلك المؤتمرات هي الحصيلة الأولى لعملية السلام لأنها ستمهد وتمزج بين فوائض المال العربي، والتكنولوجيا والعقل الإسرائيلي، ولم يكن يقال هذا الكلام صراحة، لكن مضمون الشراكة الحقيقي كان يقوم على عنصر رأس المال الخليجي، فائض العمالة عند العديد من الدول العربية، والتطور التكنولوجي وامكانية الوصول الى الأسواق الأميركية والأوروبية والذي كانت ستوفره إسرائيل.
لا نعتقد أن مؤتمر البحرين سيخرج عن هذه الصيغة المجتزأة، وكان على الدوام الموقف الأردني أنه وفي ظل غياب حلول سياسية بعيدة المدى، فإن استعادة الأمل والثقة بالمستقبل لن تتحقق، فالحل الذي لا يضمن الإطار السياسي يبقى ناقصا، ومسألة تحسين الدخول ومستويات المعيشة لن تفضي إلى سيادة الاستقرار، والتجربة على مدى العقدين الماضيين أثبتت ذلك، بل بالعكس، فإن القفز عن الصيغ السياسية زعزع الإيمان بجدبة كافة الأطراف التي فاوضت كثيرا، وأدت الحروب العدوانية التي شنتها إسرائيل في أكثر من مناسبة إلى تدمير مرافق البنية التحتية وسبل العيش في العديد من المناطق الفلسطينية، وكان على الدوام المسبب الحقيقي لتلك الحروب هو الاحتلال الإسرائيلي وغياب الأفق السياسي والحديث الملتبس عن صيغ غير واضحة لإنهاء صراع عميق.
إن التركيز على مسار دون الآخر يعني تكرار تجربة الماضي، والمشاريع القديمة التي كان من المفترض أن تشكل جسرا للمستقبل كانت تتعلق بالبنية التحتية، والسياحة والبيئة والطاقة كبديل لإنهاء الاحتلال. ولن يتغير شيء في الصيغ الجديدة المقترحة، فهذه قطاعات حيوية وبدونها من الصعب السير إلى الأمام، ولكن ما هو الشكل السياسي والترتيبات الإقليمية التي سترافق ذلك، في ظل التغيرات السياسية الكبيرة التي يشهدها العالم، وصعود النزعات الشعبوية القائمة على تهديد الهوية، يطل علينا من يتبنى أفكارا حتى في بلده يعرف أنها غير صالحة، وهذه مفارقة لا تبشر بخير، فإذا لم يتم تناول الأولويات بالشكل الصحيح وفي مقدمتها إنهاء الاحتلال، ومخاطبة مخاوف وطموحات المعنيين بالتوصل إلى صيغة للحل النهائي، فإن طرح أفكار بصيغ جديدة، لا يعني أنها كذلك، فالملف السياسي في الصراع العربي الإسرائيلي هو الأساس، وصيغة الحل تبدأ من حقيقة أن هناك احتلالا لا بد من زواله.
الغد
وللتذكير، فهذا ليس جديدا إطلاقا، ومنطق هذه الحجة يقوم على أن تحقيق تقدم في المجال الاقتصادي، يعني تحسنا في مستوى المعيشة، واستعادة للأمل في منطقة حبلى بالخلافات والنزاعات، ولم تشهد بريقا من الأمل منذ سنوات، ومن شأن تنفيذ عدد من المشاريع في المنطقة تأخذ البعد الإقليمي تعزيز مبدأ الاعتمادية المتبادلة ، وبهذا تتشكل شبكة من المصالح الناشئة في المنطقة، وهذه الشبكة هي التي ستدافع عن عملية السلام، وستصبح فاعلة لتحقيق السلام المنشود والمفقود منذ عقود بسبب غياب تلك المصالح ومن يدافع عنها.
في الحقيقة، كانت هذه وجهة نظر الرئيس الإسرائيلي الراحل شيمون بيريس عندما انطلقت عملية السلام بعد اتفاقية أوسلو، وعلى ذلك الأساس، نظمت اجتماعات متتالية في العديد من العواصم العربية منها عمان والقاهرة ومراكش، واعتبرت في حينه تلك المؤتمرات هي الحصيلة الأولى لعملية السلام لأنها ستمهد وتمزج بين فوائض المال العربي، والتكنولوجيا والعقل الإسرائيلي، ولم يكن يقال هذا الكلام صراحة، لكن مضمون الشراكة الحقيقي كان يقوم على عنصر رأس المال الخليجي، فائض العمالة عند العديد من الدول العربية، والتطور التكنولوجي وامكانية الوصول الى الأسواق الأميركية والأوروبية والذي كانت ستوفره إسرائيل.
لا نعتقد أن مؤتمر البحرين سيخرج عن هذه الصيغة المجتزأة، وكان على الدوام الموقف الأردني أنه وفي ظل غياب حلول سياسية بعيدة المدى، فإن استعادة الأمل والثقة بالمستقبل لن تتحقق، فالحل الذي لا يضمن الإطار السياسي يبقى ناقصا، ومسألة تحسين الدخول ومستويات المعيشة لن تفضي إلى سيادة الاستقرار، والتجربة على مدى العقدين الماضيين أثبتت ذلك، بل بالعكس، فإن القفز عن الصيغ السياسية زعزع الإيمان بجدبة كافة الأطراف التي فاوضت كثيرا، وأدت الحروب العدوانية التي شنتها إسرائيل في أكثر من مناسبة إلى تدمير مرافق البنية التحتية وسبل العيش في العديد من المناطق الفلسطينية، وكان على الدوام المسبب الحقيقي لتلك الحروب هو الاحتلال الإسرائيلي وغياب الأفق السياسي والحديث الملتبس عن صيغ غير واضحة لإنهاء صراع عميق.
إن التركيز على مسار دون الآخر يعني تكرار تجربة الماضي، والمشاريع القديمة التي كان من المفترض أن تشكل جسرا للمستقبل كانت تتعلق بالبنية التحتية، والسياحة والبيئة والطاقة كبديل لإنهاء الاحتلال. ولن يتغير شيء في الصيغ الجديدة المقترحة، فهذه قطاعات حيوية وبدونها من الصعب السير إلى الأمام، ولكن ما هو الشكل السياسي والترتيبات الإقليمية التي سترافق ذلك، في ظل التغيرات السياسية الكبيرة التي يشهدها العالم، وصعود النزعات الشعبوية القائمة على تهديد الهوية، يطل علينا من يتبنى أفكارا حتى في بلده يعرف أنها غير صالحة، وهذه مفارقة لا تبشر بخير، فإذا لم يتم تناول الأولويات بالشكل الصحيح وفي مقدمتها إنهاء الاحتلال، ومخاطبة مخاوف وطموحات المعنيين بالتوصل إلى صيغة للحل النهائي، فإن طرح أفكار بصيغ جديدة، لا يعني أنها كذلك، فالملف السياسي في الصراع العربي الإسرائيلي هو الأساس، وصيغة الحل تبدأ من حقيقة أن هناك احتلالا لا بد من زواله.
الغد